الخليج الجديد:
2025-06-13@23:22:29 GMT

حرب غزة: إبادة وليست تطهيراً عرقيّاً

تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT

حرب غزة: إبادة وليست تطهيراً عرقيّاً

حرب غزة: "إبادة" وليست "تطهيراً عرقيّاً"

من الأفضل استخدام "جرائم ضد الإنسانية" و"جرائم حرب" لوجودهما في صلب نظام المحكمة، على مصطلح "التطهير العرقي".

تصريحات مسؤولين إسرائيليين تصف الفلسطينيين بـ"حيوانات بشرية" ودعت لقتل جميع سكان غزة، تثبت "نية" إسرائيل بإبادة أهلها بصفتهم الجماعية.

في حال تجنّب استخدام "الإبادة الجماعية" قانونيا، يستحسن عدم استخدام مبدأ "التطهير العرقي"، لأنه لا يقع في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية التي انضمت إليها فلسطين.

الغرب يصرّ على أن أعمال إسرائيل "دفاع عن النفس"، في حين قال خبراء أمميون إنه "تطهير عرقي" رغم أن المصطلح يصف جريمة لم يشملها نظام المحكمة الجنائية الدولية.

حرص غربي على تبرئة "إسرائيل" من "الإبادة" لأنها "جريمة الجرائم" في القانون الدولي ومع وجودها في نظام المحكمة الجنائية الدولية فهي الجريمة خصصها القانون الدولي، مبكراً، باتفاقية خاصة.

* * *

رغم أنّ كلّ ما تفعله "إسرائيل" في غزة اليوم، ينطبق عليه وصف "إبادة" بجميع المعايير القانونية الدولية، ما زال الغرب يصرّ على أن هذه الأعمال هي "دفاع عن النفس"، في حين قال بعض الخبراء في الأمم المتحدة إنه "تطهير عرقي"، علماً أن هذا المصطلح يصف جريمة لم يشملها نظام المحكمة الجنائية الدولية والتي دخلت فلسطين عضواً في نظامها.

ويأتي الحرص الغربي على تبرئة "إسرائيل" من تهمة "الإبادة"، لأنها تعتبر "جريمة الجرائم" في القانون الدولي، ولأنه إضافة إلى وجودها في نظام روما الأساسي (نظام المحكمة الجنائية الدولية)، فهي الجريمة التي خصصها القانون الدولي، مبكراً، باتفاقية خاصة لمنعها عام 1951.

1. جريمة الإبادة

أوّل من صاغ مصطلح "الإبادة الجماعية" هو المحامي البولندي اليهودي رافائيل ليمكين عام 1944 من خلال الجمع بين كلمة geno، من الكلمة اليونانية التي تعني العرق أو القبيلة، مع كلمة -cide، المشتقّة من الكلمة اللاتينية وهي مرادف للقتل.

طوّر ليمكين مفهوم الإبادة الجماعية جزئياً ليصف الهولوكوست، ولكن أيضاً ليشير إلى الجرائم السابقة التي اعتبر فيها أن أمماً ومجموعات عرقية ودينية قد تمّ تدميرها بشكل كامل أو جزئي، ومنها مذبحة الأرمن.

وبعدها، باتت جريمة الإبادة الجماعية جريمة مستقلة يعاقب عليها القانون الدولي، وذلك في اتفاقية خاصة أقرّت عام 1948، والتي دخلت حيّز النفاذ عام 1951، وذلك لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. ثم أقرّ نظام روما الأساسي تجريمها وكذلك في النظام الأساسي لمحكمة رواند ومحكمة يوغسلافيا السابقة وغيرها.

وذكرت محكمة العدل الدولية في عدّة قرارات، أن أحكام "اتفاقية الإبادة الجماعية" تجسّد المبادئ التي تشكّل جزءاً من القانون الدولي العرفي العام، ما يعني أنه سواء كانت الدول صدّقت على اتفاقية الإبادة الجماعية أم لا، فهي ملزمة من الناحية القانونية بمبدأ اعتبار الإبادة الجماعية جريمة بموجب القانون الدولي، وعليها بالتالي التزام قانوني بمنعها والمعاقبة عليها.

وتتضمّن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 (المادة 2) تعريفاً للإبادة الجماعية بأنها "أياً من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية ..."، بما في ذلك:

- قتل أعضاء من الجماعة؛

- إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة؛

- إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً؛

- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة؛

- نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.

2. التطهير العرقي

أصبح "التطهير العرقي" المصطلح السائد المستخدم لوصف جرائم الإبادة الجماعية لتجنّب استخدام كلمة "إبادة جماعية". وعلى النقيض من "الجرائم ضد الإنسانية" المتمثّلة في الترحيل أو النقل القسري للسكان، وجريمة "الإبادة الجماعية" و"جرائم الحرب"، فإن هذا المصطلح لا يظهر في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ولا توجد معاهدة تجرّم "التطهير العرقي".

3. توصيف قانوني لما ترتكبه "إسرائيل" في غزة

عملياً، إنّ استخدام مصطلحات "التطهير العرقي" أو "الإبادة الجماعية" أو "الجرائم ضد الإنسانية" لا علاقة له بعدد الأشخاص الذين قتلوا، بل بمعايير قانونية محدّدة. وينطلق الإثبات القانوني للقول إن هناك فعل "إبادة جماعية" والفرق بينها وبين الجرائم الأخرى، وهو إثبات "النية" لدى مرتكبي الجرم، بإهلاك تلك الجماعة كلياً أو جزئياً بوصفها جماعة (وهو عنصر يصعب غالباً تحديده).

على سبيل المثال، في قضية دارفور(السودان)، قالت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة بقيادة القاضي أنطونيو كاسيزي إن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين في دارفور، لا يمكنها اعتباره جريمة "إبادة" لأنها لم تجد دليلاً كافياً على "نية" حكومة السودان بإهلاك الجماعة بصفتها "جماعة".

ولكن، هذا لا يعني تبرئة المتهمين من حكومة السودان بارتكاب جرائم دولية، بل تمّ اتهامهم بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" وذلك بحسب المعطيات القانونية المتوافرة.

أما في الموضوع الإسرائيلي، فمن الواضح أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي وصفت الفلسطينيين بأنهم "حيوانات بشرية"، وتلك التي دعت إلى قتل جميع سكان غزة، وإلى ترحيلهم جماعياً بالقوة إلى سيناء، وغيرها... تثبت "النية" الإسرائيلية بإبادة أهل غزة كلياً أو جزئياً بصفتهم الجماعية.

وبما أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية يشمل جميع الأراضي الفلسطينية، فإن المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، يستطيع أن يباشر بنفسه التحقيقات ضد الحكومة الإسرائيلية، ومن دون أن تكون "إسرائيل" عضواً في تلك المحكمة، وذلك لأن تلك الجرائم وقعت على أرض "دولة" عضو.

هذا وكانت الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة، أصدرت حكمها في 5 شباط/فبراير 2021، ورأت "أن المحكمة تملك اختصاصاً في حالة فلسطين، وأن المنطقة المعنية تشمل غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية".

في النتيجة، ورغم أنه لن يكون متعذّراً إثبات "النية" الإسرائيلية في إهلاك أهل غزة جزئياً أو جماعياً، ولكن في حال تمّ تجنّب استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" قانونياً لسبب ما، فمن المستحسن عدم استخدام مبدأ "التطهير العرقي"، لأنه جريمة لا تقع في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية التي انضمت إليها فلسطين، ومن الأفضل استخدام "جرائم ضد الإنسانية" و"جرائم حرب" على مصطلح "التطهير العرقي"، لوجودهما في صلب نظام المحكمة.

*د. ليلى نقولا أستاذة العلاقات الدولية بالجامعة اللبنانية

المصدر | الميادين نت

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين غزة حرب غزة التطهير العرقي الإبادة الجماعية المقاومة الفلسطينية طوفان الأقصى نظام روما الأساسي المحكمة الجنائية الدولية نظام المحکمة الجنائیة الدولیة جرائم ضد الإنسانیة الإبادة الجماعیة التطهیر العرقی القانون الدولی جریمة الإبادة فی نظام

إقرأ أيضاً:

صاروخ إسرائيلي بتر رجليه ويده... قصة ناجي من إبادة غزة وصل إلى المغرب- فيديو

« شهيد… شهيد… إلحكو »، هكذا صرخ طفل فلسطيني بعد عثوره في منطقة سكنية مدمرة شرق خان يونس، في قطاع غزة، على جثمان  ينزف مقطع الأطراف مصاب بحروق بليغة لشاب فلسطيني، مغربي تعرض بيته لقصف بصاروخ إسرائيلي.

كان  الضحية شبه فاقد للوعي، لا يرى شيئا وسط الركام والغبار بعدما قذفته قوة الانفجار عشرات الأمتار، لكنه فيما يشبه معجزة، سمع صراخ الطفل، فبدأ يئن مناديا « أنا مصاب إلحكو… إلكحو ». انتبه الطفل إليه ونادى على الجيران ليتم نقله من وسط الركام إلى مستشفى ناصر الطبي، لتبدأ رحلة علاج طويلة في مصر وقطر لمدة سنة ونصف، أجريت له خلالها عشرات العمليات الجراحية، قبل أن يعود إلى المغرب بتدخل ملكي يوم الإثنين 9 يونيو 2025… « اليوم24 » التقته في بيت أسرته في سلا الجديدة، لتروي قصته.

اسمه إبراهيم قديح 22 عاما، من مواليد غزة، لأم مغربية وأب فلسطيني. كان رفقة أخته وزوجها حين التقته « اليوم 24 » في بيتهم في سلا الجديدة. على كرسي كهربائي متحرك كان يتحدث بثقة وحيوية بلغة عربية فصيحة. رجلاه مبتورتان وكذا ذراعه، وأجزاء من أصابع يده، وآثار الحروق لازالت بادية على يديه، لكن معنوياته مرتفعة.

من أنقذوه ونقلوه إلى المستشفى في غزة لم يتوقعوا أنه سيعيش، ويعود من جديد إلى الحياة، ليلتقي عائلته في المغرب. في المطار كانت عائلته في انتظاره. أخته، كانت سعيدة لعودته، فآخر مرة رأته في صيف 2023، يقول « اعتدت أن أزور بيتنا في سلا لأقضي العطلة ثم أعود إلى غزة عبر القاهرة ». حين وصل إلى مطار محمد الخامس قادما من الدوحة التي قضى فيها أكثر من سنة في رحلة علاج طويلة، حظي باستقبال أفراد عائلته، قائلا « هذا من أعظم أيام حياتي أن أعود إلى المغرب… أريد لقاء جلالة الملك لأشكره ».

والده فلسطيني وأمه مغربية. وبينما استقرت أسرته في المغرب، قرر هو استكمال دراسته في غزة. يقول « ولدت في غزة ونشأت فيها، ولي فيها أصدقاء، ولهذا قررت الدراسة فيها مع التردد بين الفينة والأخرى على المغرب ».

في شتنبر 2023 سافر من المغرب إلى غزة بعد انقضاء عطلته، وكان يستعد لاجتياز مباراة في معهد للتمريض تابع لجامعة الأزهر، وهو الذي كان يتدرب في مستشفى ناصر الطبي في خان يونس.

بعد أسابيع على عودته وقعت أحداث 7 من أكتوبر، بعد العملية التي أطلقت عليها حركة حماس « طوفان الأقصى ». استفاق  إبراهيم  في ذلك اليوم على أصوات الطائرات في سماء خان يونس، والأحزمة النارية. بدأت الطائرات ترمي مناشير تحث السكان على الانتقال إلى مناطق في مركز خان يونس، وبدأ القصف العشوائي، الذي خلف مئات الآلاف من الضحايا،  في حرب وحشية ضد المدنيين مستمرة إلى اليوم.

يقول إبراهيم إنه رفض في البداية ترك بيته والانتقال إلى  مكان آخر. ولكن بعد حوالي أسبوع قرر النزوح وترك البيت بسبب خطورة القصف، لينتقل للعيش مع أحد أصدقاء العائلة في خان يونس المركز.

وفي 17 أكتوبر 2023، بينما كان جالسا في حديقة البيت سيقع حدث قلب حياته رأسا على عقب. استهدفت طائرة إسرائيلية في ذلك اليوم على الساعة  الواحدة والنصف ظهرا، بشكل عشوائي، بيتا مجاورا للبيت الذي كان يقطنه إبراهيم، بصاروخ يزن حوالي طنا، وأدى الانفجار إلى تدمير المكان بالكامل، وقذف إبراهيم في الهواء لمسافة بعيدة عن المنزل، مع بتر فوري لرجليه، وذراعه، وأجزاء من أصابع يده، إضافة إلى حروق خطيرة، ونزيف.

يروي أنه بقي حوالي ساعة ونصف ينزف، شبه فاقد للوعي، قبل أن يعثر عليه طفل، كان يبحث وسط الركام… ما إن شاهده الطفل حتى نادى « شهيد… شهيد… إلحكو » باللهجة الفلسطينية، « الحقو » أي تعالوا لإنقاذه. يقول إبراهيم إنه كان يسمع ما يجري رغم أنه لم يكن يرى شيئا وسط الركام، فنادى على الطفل: « ألحكو أنا مصاب ».

يحتفظ إبراهيم بفيديو  مصور بالهاتف يوثق لهذه اللحظة، حيث بدا محمولا من طرف مجموعة من الشبان وهم يرددون وسط الركام « شهيد… الله أكبر ولله الحمد »… لم يكن حينها أحد يعتقد أنه سيعيش بسبب جروحه البليغة.

في مستشفى ناصر الطبي في خان يونس خضع لعلاج أولي لوقف النزيف، لكن حالته الصعبة كانت تتطلب تدخلا جراحيا معقدا. عائلته في المغرب تابعت بقلق حالته. تواصلت مع الخارجية المغربية للتدخل للمساعدة على إخراجه من غزة، وتم إرسال صوره وهو مصاب ومبتور الساقين والذراع، إلى السلطات، التي تدخلت لإخراجه.

يقول إبراهيم: « بفضل جلالة الملك وجهود وزارة الخارجية التي نسقت مع السلطات المصرية، تم إخراجي من غزة إلى مستشفى العريش العام في بداية نونبر 2023 ». وقد أمضى في هذا المستشفى حوالي شهرا، حيث أجريت له حوالي 42 عملية جراحية، قبل أن ينقل إلى مستشفى « السلام » في القاهرة المتخصص في علاج الحروق، والذي بقي فيه حوالي ثلاثة أشهر ونصف.

بعدها تم نقله إلى قطر في 22 فبراير 2022، وفيها واصل العلاج، والترويض، وتركيب أطراف صناعية، وتحسنت صحته. في رحلة علاجه التقى المئات من الجرحى الفسلطينيين، منهم من فقدوا أطرافهم أو أعينهم  وأجريت لهم عمليات. يقول « هناك حوالي 2500 فلسطيني مصاب ومرافقيهم في قطر، لتلقي العلاج، معظمهم مروا من  مستشفيات مصر ».

حين غادر إبراهيم المغرب في شتنبر 2023، كانت صحته جيدة كما يظهر من الصور التي يحتفظ بها. كان يمشي على رجليه، ويداه سليمتان، ولكنه اليوم عاد فاقدا ثلاثة أطراف، رجليه ويده، ويتنقل على كرسي متحرك، وأحيانا يستعمل أطرافا اصطناعية، ومع ذلك يقول « هذا يوم عظيم بالنسبة لي،  لأنني عدت إلى بلدي ». حين سألته « اليوم 24 »: هل أنت مستعد للعودة إلى غزة إذا توقفت الحرب؟ فرد دون تردد « إذا استقرت الأوضاع أمنيتي أن أرجع إلى قطاع غزة، وأتجول فيها من الشمال إلى الجنوب، فذكرياتي وحياتي كلها هناك ».

كلمات دلالية إبادة غزة فلسطيني مغربي

مقالات مشابهة

  • جريمة حرب.. السويد تدين استخدام الاحتلال التجويع سلاحًا ضد سكان غزة
  • “المجاهدين الفلسطينية”: عملية “حرميش” رد شعبي طبيعي على جريمة الإبادة الصهيونية
  • حماس : قطع الإتصالات بغزة خطوة عدوانية في سياق حرب الإبادة الجماعية
  • أبرز المقابر الجماعية المكتشفة في المحافظات السورية
  • بيرو تلاحق جنديا إسرائيليا بقضية الإبادة الجماعية في غزة
  • إبادة ديموغرافية
  • صاروخ إسرائيلي بتر رجليه ويده... قصة ناجي من إبادة غزة وصل إلى المغرب- فيديو
  • كاميرون يهدد المحكمة الجنائية لأجل نتنياهو.. هل يعرقل العدالة الدولية؟
  • بينهم 39 طفلا.. إسرائيل تعتقل 488 فلسطينيا بالضفة في شهر
  • مستشفى أن أم سي رويال – مجمع دبي للاستثمار يحدث ثورة في جراحة سرطان الثدي في دولة الإمارات باستخدام نظام “سينتيماغ”