عربي21:
2025-05-14@03:11:26 GMT

غزة وانقشاع الوهم الكبير

تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT

لليوم السادس والأربعين يتواصل العدوان على غزة، بحجم دمار وأعداد ضحايا غير مسبوقين في الحروب، ما عدا الحربين العالميتين الأولى والثانية، وكما يقال اليوم فإن غزة قُصفت بقنابل وذخائر تعادل ثلاث قنابل نووية حتى الآن، وفي منطقة مكتظة بالسكان المدنيين المحاصرين وبدون أدنى مقومات للحياة؛ تجري ملاحقتهم بالقنابل في كل مكان، لتخرج المشاهد في الأحياء المدمرة والمستشفيات المستهدفة، وتكدس الجثث بالشكل المرعب في الشوارع وفي باحات ما تبقى من المستشفيات مع مشاهد آخرى أكثر قسوة للدلالة على جرائم الإبادة الإنسانية.



ضخامة هذا العدوان، يقابَل عربيا ودوليا بغيظ مكتوم من شوارع عربية ودولية، وغضب رسمي لا يرقى لفعل المواجهة المطلوبة للضغط لوقف العدوان. غدت المطالب العربية بهذا الباب دون معنى ولا وزن في القاموس السياسي الحالي بعد هذه الجرائم، وكل حديث عن ضرورات وأهمية العودة لمفاوضات سلام في هذا المشهد الدموي أو ترتيب المشهد بعده، عبثٌ كلامي يجعل الجرأة الصهيونية تستمر بالتمادي والعنجهية.

فحين يسخر بنيامين نتنياهو في آخر ظهور له السبت الماضي في المؤتمر الصحفي من المطالب والضغوط الدولية ويقول: "قالوا لنا لا تدخلوا غزة فدخلنا، ولا تدخلوا المشافي فدخلنا"، أي ما الذي حدث بعد كل هذه الجرائم؟ فإسرائيل يدها غير مغلولة ولا تواجه محيطا عربيا يشكل تهديدا وضغطا بشكل رسمي على مصالحها ومواقفها لتدفعها للتراجع وحساب الحسابات، هذا انتهى فعليا بعد الضمانة الأمريكية لإسرائيل بالمضي بالجريمة.

انتهت فعليا هنا سياسة رسمية عربية بالمعنى الواسع للكلمة بما يخص جرائم الإبادة في غزة وبما يخص القضية الفلسطينية، والكلام عن دعم الحق الفلسطيني وشجب وإدانات السلوك الإسرائيلي دون إسناد حقيقي يصد العدوان، يُسقط الديباجة العربية المرتبطة حرفيا بفلسطين، على الأقل من زاوية القراءة الإسرائيلية للمواقف العربية التي تحسب بينها وبين شعبها بأنها وازنة وأن العالم يحسب حسابها.

فلا يُعقل أن تتفرج الزعامات العربية على عواجل المذابح في المدارس والمستشفيات والبيوت والطرقات، وأن تخرج هذه الزعامات في أحاديث رسمية أو صحفية لتطالب المجتمع الدولي بوقف العدوان، فإذا أين هي السياسة ما لم يكن النظام والسياسة العربية جزءا من المجتمع المحلي والدولي المعني برسم مصالحه الوطنية والأمنية التي انتهكت قواعدها؟ ومن غير المعقول بعد هذه الحرب المدمرة أن تطل سياسة عربية برأسها لتدعي امتلاكها أوزان وأخلاقيات الانحياز للشعب الفلسطيني، فهذه الجرأة الصهيونية الساخرة من ردة الفعل العربية والدولية تُفصح دون مواربة عن أن كل عواطف التأييد لها فضحت وعرّت مضامين سياسة عربية تعيش عصر ما بعد الاهتراء الذاتي الذي كشفت عنه ثورات عربية في العقد الأخير، ويقدمه اليوم العدوان على غزة في إضفاء طابع المواجهة بالكشف عن الغاية الإسرائيلية من ورائه بإحداث نكبة جديدة على الفلسطينيين.

والسؤال المطروح: ما الذي يمنع إسرائيل من الإقدام مجددا على جريمة التهجير لسكان غزة باتجاه سيناء أو الاستمرار بالمذابح؟ هل هي سياسة عربية مطأطئة رأسها للإبادة، أم التواطؤ الدولي على هذه الجريمة؟ وحسبما تنقل صحيفة هآرتس العبرية فإن الولايات المتحدة طلبت من الاحتلال تأجيل القصف الشامل على جنوب غزة حتى يتم تحديد مصير النازحين هناك والطلب منهم النزوح جنوبا باتجاه سيناء، أي أن استكمال المذابح سيتم في الجنوب على المناطق التي نزح إليها الغزيون من الشمال.

وقد جرب العالم اختبار هذه الجرائم ولم يعد هناك في القاموس الصهيوني ما يشير لخطوط حمراء أو التمسك بالقانون الدولي الإنساني، ولا حتى الالتزام بقوانين الحرب، وقد جربت إسرائيل اختبار الحساسية العربية الرسمية تجاه الإبادة الفعلية، وعلى نحو "عادي" اتسم المشهد الكارثي في غزة بردة الفعل التي نحصيها منذ سبعة أسابيع؛ والتي تضمن مبادئ ترتقي للانحطاط الأخلاقي وسقوط أوراق العمل والفعل العربي والدولي لوقف الإبادة الفلسطينية.

ولعل ما ورد في القمة العربية الإسلامية الاستثنائية قبل عشرة أيام، ما يؤشر على موت هذه الفاعلية غير القادرة على اتخاذ قرار واحد وتنفيذه أيا كان شكله ولونه في كسر الحصار، مع أنهم اتخذوا قرارا بالإجماع لهذه المهمة.

في كل الأحوال كما أسلفنا، لم يعد الكلام عن الفعل والاجتماعات العربية (استثنائية واعتيادية) في ضوء المستجدات التي حدثت وتحدث في غزة من عدوان والتصدي له، غير الإقرار بأنها نقطة فاصلة بتاريخ العرب والفلسطينيين، ولأنها حسمت مسألة الحليف والشقيق وقت العدوان، وحسمت أيضا المعاني التي تُخرس وللأبد عسكر النظام العربي وتبطل الشعارات بما يخص الشجاعة والبطولة والفداء، وبطلان الوهم وانتظار "الأمل" بأن تغير أمريكا موقفها، بعد انقشاع الوهم الكبير بأن غزة والفلسطينيين يحاربون إسرائيل وحدها.

والسؤال الأخير: هل النظام الرسمي العربي بشكله الحالي حليف لفلسطين أم لإسرائيل وأمريكا؟ والجواب أن فلسطين اكتفت من الدروس العربية والدولية المنقشع عنها الوهم الكبير، وبأن هذا الاحتلال يمكن هزيمته بكل الوسائل غير الرسمية وغير المتاحة في المشهدين العربي والدولي، والتي ستبقى مفتوحة على ما راهنت عليه الشوارع العربية وثوراتها يوما ما، والإيمان بعودتها هو اليقين من دروس الخذلان العربي ونفاق المجتمع الدولي.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة جرائم الفلسطينية الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال جرائم العالم العربي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

إلى جانب مصر.. 5 دول عربية تشعر بالزلزال

كشف مركز أبحاث علوم الأرض الألماني، أن الزلزال الذي شعر به سكان القاهرة وضرب جزيرة كريت اليونانية، شعر به سكان دول عربية أخرى.

زلزال كريت

وفي الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، أفاد مركز أبحاث علوم الأرض الألماني بأن زلزالا شدته 6.3 درجة ضرب جزيرة كريت اليونانية على عمق 83 كيلومترا.

تعليق مثير من محمد رمضان بعد حدوث زلزال البحر المتوسط | ماذا قال ؟معهد البحوث الفلكية يطمئن المصريين: لا توابع قوية بعد زلزال البحر المتوسط

وفي نفس السياق، كشف المركز الأورومتوسطي للزلازل أن الزلزال ضرب منطقة شرق البحر المتوسط، على عمق ١٤ وعلى مسافة ١٨١ كم شرق منطقة هيراكليون باليونان.

وتأثر سكان القاهرة وعدد من مدن الجمهورية بالزلزال الذي ضرب جزيرة كريت اليونانية.

وأفادت وسائل إعلام بأن سكان عدد من الدول العربية إلى جانب مصر، بالزلزال القوي، حيث امتد تأثيره ليشمل سوريا ولبنان والأردن وليبيا وفلسطين.

دعاء الزلزال

وتفاعل عدد كبير من رواد مواقع التواصل الإجتماعي مع أنباء الزلزال، حيث تسبب في قلق كبير لدى عموم الشعب المصري، وبدأوا البحث عن دعاء الزلزال.

رئيس البحوث الفلكية يحذر: زلزال اليوم له توابع ونعمل على رصدهاقوته مثل زلزال 92.. إبراهيم فايق يعلق على حدوث الهزة الأرضية

واستحب الفقهاء رحمهم الله الإكثار من الاستغفار والدعاء والتضرع والتصدق عند وقوع الزلازل، كما هو المستحب عند حصول الكسوف والخسوف، ويستحب لكل أحد أن يتضرع بالدعاء ونحوه عند الزلازل ونحوها من الصواعق والريح الشديدة، وأن يصلي في بيته منفردا لئلا يكون غافلا، لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا عصفت الريح قال: «اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به».

طباعة شارك أبحاث علوم الأرض الألماني سكان القاهرة جزيرة كريت اليونانية جزيرة كريت دعاء الزلزال زلزال اليونان زلزال كريت

مقالات مشابهة

  • إلى جانب مصر.. 5 دول عربية تشعر بالزلزال
  • وزير المالية الدكتور محمد يسر برنية لـ سانا: نشكر أشقاءنا وأصدقاءنا، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ودولة قطر وجمهورية تركيا، وغيرهم، الذين وقفوا وساهموا في القرار الأمريكي، كما نشكر الإدارة الأمريكية على تفهمها للتحديات التي تواجهنا، والشكر موصول ل
  • وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني: أتقدم بجزيل الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية قيادةً وحكومةً وشعباً، على الجهود الصادقة التي بذلتها في دعم مساعي رفع العقوبات الجائرة عن سوريا، هذه الخطوة تمثل انتصاراً للحق وتأكيداً على وحدة الصف العربي
  • إشادة عربية بتنظيم مصر البطولة العربية للجولف على ملاعب مدينتي وقطامية ديونز.. فيديو
  • إطلاق الدورة الخامسة لمسابقات الأسبوع العربي للبرمجة بعنوان “الذكاء الاصطناعي والبرمجة في خدمة الثقافة العربية”
  • القمة العربية في بغداد والتعاون الاقتصادي العربي المشترك
  • اليمن يُذيق أمريكا مرارةَ الفشل
  • حين تصمت النخبة ويتكلم الوهم
  • مركز السينما العربية يناقش الإنتاج العربي المشترك في مهرجان كان
  • 5 ميداليات إماراتية في «عربية الجولف»