ينحدر المغول كمجموعة عرقية مسلمة من آسيا الوسطى، وبعد أن طردوا منها، أسسوا دولة لهم متأثرين ببلاد فارس، وحكموا شبه القارة الهندية لما يقرب من 3 قرون عاشت فيها تلك البلاد عصرا ذهبيا فنيا وثقافيا واقتصاديا.

من هذه المقدمة التعريفية المختصرة، تنطلق مجلة لوبوان في وصف الأبهة والثروة والعمارة والصناعة والزراعة، ولكن أيضا هناك العدالة والسلام في هذه المملكة المسلمة التي قضى عليها البريطانيون، ويحاول أتباع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إخفاء كونها رأت الشمس ذات يوم في شبه القارة الهندية.

وتبدأ المجلة -في تقرير بقلم فرانسوا غيوم لورين- بوصف الأشياء الأكثر فخامة، وعلى رأسها ما يسمى بعرش الطاووس، وهو بالأحرى منصة منصوبة في القصر الإمبراطوري في دلهي، وسط قاعة الاستقبال العامة، حيث كان الإمبراطور المغولي أورنغزيب يقيم العدل، وهذا ما أذهل طبيب بلاطه الفيلسوف فرانسوا بيرنييه، وقارنه بملك فرنسا لويس الرابع عشر.

نصب هذا العرش في نهاية سلسلة من الأفنية الرخامية البيضاء المطعمة بالأحجار شبه الكريمة، وهو بحجم سرير وله أقدام ذهبية عالية، وتحيط به 4 أعمدة تحاكي أشجار السرو، مرصعة بالزمرد لإبراز بنية الشجرة، وقد دُعّمت هذه المظلة المرصعة بالماس لتمثل قبة السماء.

وفي صيف عام 1665، كان جان بابتيست تافيرنييه، ذلك التاجر وخبير الأحجار الكريمة، الذي شجعه لويس الرابع عشر على جلب الماس من الهند، أول مسافر أوروبي يُسمح له برؤية هذا العرش المغطى بالكامل بالأحجار الكريمة التي قدر ثمنها بحوالي 160 مليون جنيه إسترليني، أي بـ3 سنوات من ميزانية مملكة فرنسا أو ما يعادل المبلغ اللازم لبناء قصر فرساي، ووصفه في كتابه "الرحلات الست" الذي نُشر عام 1676 وأذهل العقول الغربية.

وقد عاد جان بابتيست تافيرنييه بما يقرب من مليون جنيه إسترليني من الماس إلى لويس الرابع عشر في 47 قطعة كبيرة وألف قطعة صغيرة، أكبرها 112 قيراطا، لونها أزرق يميل إلى اللون الأرجواني، وهي اليوم في معهد سميثسونيان في واشنطن.

كنز العالم

ومع أن البحّارة البرتغاليون انبهروا عام 1509 بكريشنا ديفا رايا حاكم مملكة فيجاياناغارا الهندوسية -الذي يجلس على عرش من الماس، ويرتدي تاجا متلألئا تحت المظلات، وهو يحكم مدينة ضخمة يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 500 ألف نسمة، وتحرسها أفيال مهيبة- فإن المغول الذين كانوا أول من حقق ما يشبه الوحدة بعد غزوهم لشمال الهند، تفوقوا كثيرا في الثروة على سلاطين الممالك الهندية أو المهراجا الهندوس.

وفي عام 1616، وصف السفير الإنجليزي السير "توماس رو" إمبراطورَ المغول قائلا "يلبس أو بالأحرى يحمل الألماس والياقوت واللؤلؤ وغيرها من الروائع على رأسه وفي رقبته، وعلى صدره وذراعيه وفي أصابعه، إنه كنز العالم، يشتري كل ما هو موجود، ويكدّس الحجارة وكأنه يريد استخدامها كمواد بناء".

السفير البريطاني في وصف إمبراطور المغول: يلبس أو بالأحرى يحمل الماس والياقوت واللؤلؤ وغيرها من الروائع على رأسه وفي رقبته، وعلى صدره وذراعيه وفي أصابعه، إنه كنز العالم، يشتري كل ما هو موجود، ويكدّس الحجارة وكأنه يريد استخدامها كمواد بناء.

وقد خصص "رو" عدة صفحات من مذكراته لمجموعة الإمبراطور جهانجير من الأحجار الكريمة، وذكر أنه كان على جميع نبلاء بلاطه أن يمطروه بالأحجار الكريمة، ولم يكن هو أيضا بخيلا، وفي المقابل وزّع وزنه من الذهب والأحجار الكريمة على الناس، وقد ورث هذا الكرم لابنه شاه جهان، باني تاج محل في منتصف القرن الـ17.

ويعتبر عرش الطاووس الذي صنع لشاه جهان عام 1635، قمة هذا الإبهار المذهل، وقد اكتسب اسمه من زينة على شكل طائرين مرصعين بالحجارة يرمزان للحياة التي تنشر أجنحتها فوق الملك محاطة بزخارف نباتية وحيوانية، مشيرا إلى التوفيق الثقافي لهؤلاء الملوك بالإضافة إلى دور التهدئة الذي لعبه المغول؛ وهو ما أعاد إرساء السلام والعدالة على الأرض، بحسب الكاتب.

ثروة لا تقدر بثمن

كانت الهند قديما تُصدِّر إلى الشرق للتجار الآسيويين، وإلى الغرب للتجار العرب والأوروبيين، وفيها مناطق النسيج الرئيسية، ولمّا جاء المغول شجعوا زراعة أشجار التوت وصناعة الحرير والأقمشة المطرزة والمخمل، وبفضل نقل المعرفة، وخاصة من بلاد فارس، أصبح الهنود متخصصين في الصباغة.

وبغض النظر عن المنافذ الخارجية، كان البلاط الإمبراطوري الهائل هو السوق الرئيسي، و"لقد استهلك المغول كل شيء"، كما أشار التاجر الفلورنسي فيليبو ساسيتي في نهاية القرن الـ16، ويكفي أن نتخيل الحريم مع الآلاف من العبيد الذين يرتدون أقمشة متعددة الألوان، وإسطبلات الإمبراطور شاه جهان التي تضم ما يقرب من 200 ألف حصان و8 آلاف فيل، والأعداد الهائلة من الأحزمة والأحذية والصنادل الجلدية.

والغريب -كما يقول الكاتب- أن الملك شاه جهان أقل شهرة من النعش الجنائزي الذي أهداه لزوجته المتوفاة "تاج محل" الذي بني عام 1632 في إحدى العواصم المغولية، والذي يعد تحفة فنية ويقدم فسيفساء من ثروات الهند، كالرخام الأبيض من راجاستان واليشب من البنجاب، والملكيت من التبت، واللازورد من سريلانكا، والعقيق اليماني من الهند، وعقيق نهر الغانج.

غنيمة

وبعد غزو قندهار، وصل نادر شاه من بيشاور برفقة قوات لا تعرف الرحمة، فذبح 30 ألفا من سكان دلهي، وتم استعباد 10 آلاف، وتحولت المدينة إلى رماد ونهبت لمدة 3 أسابيع، وكتب المؤرخ الرسمي لنادر شاه: "ظهرت محيطات من اللؤلؤ والمرجان، وأكوام من الأحجار الكريمة، وأواني الذهب والفضة بكميات لم يتمكن المحاسبون والكتبة من تسجيلها في قوائم جردهم".

وقد تم نقل هذه الغنيمة غير المسبوقة على ظهور "700 فيل و4 آلاف جمل و12 ألف حصان تحمل صناديق مملوءة كليا"، وقد ضاعت بعض الصناديق على الممرات الجبلية، ولكن تم استقبال أغلبها في أصفهان، وامتنع نادر شاه الذي حصل كل هذه الثروة عن جمع الضرائب في جميع أنحاء الإمبراطورية الفارسية لمدة 3 سنوات.

وتم تفكيك عرش الطاووس وتم تحويله لاحقا إلى صورة رمزية، وبدأت الماسة كوه نور محنتها عندما قدّمت هدية لأمير السيخ في عام 1814، ليصادرها الإنجليز عام 1849 قبل أن تهدى إلى الملكة فيكتوريا في الذكرى الـ250 لتأسيس شركة الهند الشرقية البريطانية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ما یقرب من

إقرأ أيضاً:

تقدر بـ100 مليون جنيه.. ضبط أكبر واقعة سرقة في الكهرباء بأكتوبر

كتب- محمد صلاح:

كشف مصدر مسؤول بالشركة القابضة لكهرباء مصر، أن حملة تفتيش مسائية مكبرة بقيادة المحاسب أحمد المصري، مدير عام الضبطية القضائية بشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، قامت بالمرور على المنطقة الصناعية بأكتوبر في تمام الساعة الثانية صباح اليوم الثلاثاء.

قامت الحملة بالتفتيش على بعض المصانع كثيفة الاستهلاك؛ في مقدمتها مصانع البلاستيك الموجودة بالمنطقة الصناعية، وعلى إثرها تم ضبط أكبر واقعة تلاعب في عدادات الكهرباء داخل أحد المصانع بالمنطقة التي تقوم بصناعة البلاستيك.

يأتي ذلك في إطار تنفيذ تعليمات وتوجيهات الدكتور مهندس محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، لرؤساء شركات التوزيع، بتكثيف حملات الضبطية القضائية على كل المناطق .

وقال المصدر، في تصريحات خاصة لـ"مصراوي"، إن العاملين بالمصنع حاولوا منع حملة الضبطية القضائية من القيام بمهام عملها؛ إلا أنه فشل ذلك، وتمت مداهمة المصنع لضبط المخالفات التي تبين التلاعب في توصيلات واستهلاكات العدادات؛ خصوصًا أن المصنع يوجد به ٢ محول، قدرة الواحد فيهما ميجاوات.

وأوضح المصدر أنه تم إجراء حصر كامل على كل التوصيلات الخاصة بالمصنع التي ثبت التأكد من مخالفاتها وتلاعبها في الكميات، مشيرًا إلى أن التقرير المبدئي للمحضر يتضمن تحديد الغرامة لأكثر من 100 مليون جنيه.

اقرأ أيضًا:

الحكومة تعلن موعد إصدار تعديلات قانون الإيجار القديم

الرئيس السيسي يوجه بتعزيز قدرات قناة السويس وتوطين الصناعات البحرية

نتمسك بامتداد العقد.. نص مذكرة المستأجرين بشأن تعديلات الإيجار القديم

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

سرقة كهرباء ضبط أكبر واقعة سرقة كهرباء شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء المنطقة الصناعية بأكتوبر

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة 3 قيادات يتنافسون على شغل رئاسة قطاعات الشؤون التجارية بـ"جنوب القاهرة" أخبار حركة تنقلات موسعة بقيادات التجاري ومديري الإدارات بجنوب القاهرة للكهرباء أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

تقدر بـ100 مليون جنيه.. ضبط أكبر واقعة سرقة في "الكهرباء" بأكتوبر

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • من هم «أولو الأمر»؟ .. دار الإفتاء تُوضّح مدلول الآية الكريمة من سورة النساء
  • مجلة لوبوان الفرنسية: إسرائيل لاتزال عالقة في فخ غزة
  • تقدر بـ100 مليون جنيه.. ضبط أكبر واقعة سرقة في الكهرباء بأكتوبر
  • لوبوان: إسرائيل عالقة في فخّ غزة الذي نصبه يحيى السنوار
  • صفات برج الثور وما هي أحجاره الكريمة
  • الصحة: الحياة الكريمة للمواطنين هو المشروع الأكبر للرئيس السيسي
  • أكبر صندوق ثروة بالعالم يقطع علاقته بأهم شركات الطاقة الإسرائيلية.. فما السبب؟
  • استجابة سريعة من وزارة البترول لشكاوى المواطنين حول جودة البنزين.. فيديو
  • مشروع لتوطين زريعة ثروة الصفيلح في ظفار
  • التمليك بثمن السوق.. البصريون يواجهون قرار مجلس الوزراء بتظاهرة حاشدة (صور)