إياك أن تتعجل الإجابة فلا يقصد الكاتب هنا الأمراض العادية والتى نعرفها، بل يقصد الأمراض التى خُلق الموتُ من أجلها، ولأجلها كان العذاب، فالموت خُلق من أجل أن يستأصل أمراضاً لا حيلة لنا بها، فلا يبقى له ذكر، ولأننا حتى الآن لم نعرف إنساناً تكبّر على الموت أو استطاع منه فكاكاً أو رده، بل إن هناك من الناس من ظن بُعده وهو كان أقرب إليه من حيث لا يدري.
والعلاقة بين المرض والموت علاقة غير معلومة وإن كان التفقه فيهما مطلوب، فالإفتاء فيهما غير مرغوب فهناك أمراضاً لا نعلمها حتى الان وبطبيعة الحال الموت لا فقه لنا فيها.
وما زلت أذكر زميلاً حدثت له حادثة فى سيارته ولكنه خرج منها سليماً تماماً وأجرى بعض الاتصالات لكى يطمئن الذى تأخر عليهم فى الشغل، ولكنه نسى أو لم يعرف أن الموت قد أتى وساعته حانت وكان الموت بجانبه ولم يتركه وإن كان لم يمت لحظتها فى حادث السيارة فقد كُتب أنه مع الموتى فى هذا «الحين» وليس فى هذا المكان فسيدركه الموت دون مبرر ودون استئذان ولذلك بعد أن عاد الى بيته نام فلم يقم وأنا كنت أعرفه جيداً وأعرف أنه مثلى فى العمل ينتقل من هنا إلى هناك بحثاً عن الرزق وقد يحدث لنا ما حدث له فلذلك لا تتعجب من موت الصالحين وتتعجب من استمرار ظالمين فلا نملك لذلك أى اجابة الا قول الله سبحانه وتعالى «أَينَمَا تَكُونُواْ يُدرِككُّمُ المَوتُ وَلَو كُنتُم فِى بُرُوج مُّشَيَّدَة وَإِن تُصِبهُم حَسَنَة يَقُولُواْ هَذِهِ مِن عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبهُم سَيِّئَة يَقُولُواْ هَذِهِ مِن عِندِكَ قُل كُلّ مِّن عِندِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ لقَومِ لَا يَكَادُونَ يَفقَهُونَ حَدِيثًا».
أمراض الخسة والنذالة:
فهناك من الأمراض ما لم يتم تصنيفه أو كتابته أو ذكره حتى الآن وهناك من الأمراض ما لا يظهر على صاحبه فهو دفين فى عقله أو فى جسده ولا يظهر فى صورة حرارة أو التهاب ولكن عين المؤمن تستطيع أن تقرأ وجهه وتجد الكراهية فى نبرات صوته أو على الجبين الذى لا يكذب.
وقد يسأل سائل ما علاقة المقالات الطبية بالموت إن كان الأخير غير معلوم وأجيبه أننا فى بعض الأمراض نجد أن المريض يسلك مسلكاً عكسياً مع العلاج وفى العلاج كأنه يريد أن يدمر نفسه أو يضر نفسه.
وما زلت أذكر طبيباً أخطأ فى حقى كثيراً ثم أصابه المرض وجلس فى بيته لا يراه أحد وطلب منى البعض أن أذهب إليه ولكننى كنت أرفض لما فعله بى ولى ولكن يوماً ما صليت العصر ثم ساقتنى قدماى إلى بيته فسلمت عليه وقبلت رأسه دون كلام آخر وتمنيت له الشفاء وكان هذا آخر لقاء ثم توفاه الله ولا أعرف لماذا يأتى الانسان ليعتذر متأخراً فى أغلب أحواله ولا أعرف لماذا يصر الناس على أذى الآخرين دون مبرر ثم يطلبون منهم أن يسامحوهم ولعل هكذا هى الدنيا؟؟
أسئلة أخرى عن الأمراض التى لا تموت فأين موقع الأذى فى العقل وأين يكون بعد أين يموت الناس؟ هل يتبخر أم يتنقل الى آخرين أم تراه يُورث مع المال والمتاع والخوف كل الخوف أن تورث هذه الأمراض فتنقل من جيل الى جيل وتضيف الى الأمراض الوراثية «لستة» أخرى من الأمراض التى لا طاقة لنا بعلاجها.
ويقول العارفون بالموت إنه لمقيت وإن ظننت أنك عنه بعيد لست بسعيد ولا تكن للموت عنيد فإنه شديد وفيه ألمٌ وشراب صديد لكل صنديد.
استشارى القلب - معهد القلب
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د طارق الخولي الأمراض الموت
إقرأ أيضاً:
الطفيلة محافظة تصارع الموت..
#الطفيلة محافظة تصارع الموت..
د. #فلاح_العريني
الطفيلة ليست تعاني فقط…
الطفيلة تُستهدف بالإهمال، ويُدار واقعها بطريقة تُبقيها تحت #الفقر عمداً أو تجاهلاً لا يمكن تبريره.
الطفيلة اليوم تُداس… ولا أحد يجرؤ أن يقولها بصوتٍ صريح.
ما يحدث في الطفيلة ليس نتيجة صدفة ولا سوء حظ.
إنه نتيجة منظومة كاملة قررت أن تتعامل مع المحافظة باعتبارها ملفاً ثانوياً، لا قيمة لخدماتها ولا كرامة لأهلها.
الطفيلة تُدار اليوم بعقلية “إسكات لا إصلاح”… “تجميل لا معالجة”… “ستر لا مواجهة”.
نعم، هناك جهات تنفيذية وأمنية وإدارية تتحمل مسؤولية مباشرة عن عزل صوت الطفيلة عن أصحاب القرار، وتقديم صورة مختلفة تماماً عن الواقع.
يُخفون الحقائق، يحجبون سوء الأوضاع، ويتعاملون مع #معاناة_الناس وكأنها عبء يجب التخلص منه— وليس حلّه.
والأخطر؟؟
أن هذه الجهات تصنع ممثلين مزيفين للشارع:
أشخاص يُمنحون ألقاب “وجيه” و“شيخ” فقط لأنهم يقبلون لعب الدور المطلوب دور تضليل المركز عن حقيقة ما يجري، وتقديم الطفيلة كأنها بخير، بينما أهلها يواجهون الفقر والبطالة والضياع بلا سند.
هذا ليس مجرد تقصير… هذا تعمّد لعزل الصوت الحقيقي.
تعمّد لدفن الحقائق.
تعمّد لتغليف المأساة بورق هدايا.
أهل الطفيلة يعرفون تماماً من يقف وراء هذا المشهد:
من يخفون الواقع، من يصنعون وجهاء للتغطية، من يغلقون الطريق على وصول شكوى الناس إلى أعلى المستويات.
الطفيلة اليوم تدفع ثمن شبكة مصالح صغيرة تتحكم بمصير محافظة كاملة.
ولذلك…
على أحرار الطفيلة أن يرفعوا الصوت، ليس احتجاجاً فقط، بل اتهاماً صريحاً للمنظومة التي حولت المحافظة إلى مساحة صبرٍ لا نهاية له.
صوت الطفيلة يجب أن يصل إلى عمان مباشراً، لا عبر السماسرة ولا عبر زوّار الطقوس ولا عبر من ترتديهم المؤسسات ألقاباً زائفة.
لقد صمتنا سنوات…
والمشهد ازداد سوءاً…
والإهانات أصبحت يومية…
آن الأوان أن نقولها بوضوح:
الطفيلة تُظلَم… ومن يزوّر صوتها شريك في الظلم.
لقد صبرنا بما يكفي…
والإذلال الذي نعيشه لم يعد يحتمل دقيقة إضافية.
الطفيلة تُختنق… ومن يخفي الحقيقة شريك في هذا الاختناق.