هل المشروع الصهيوني يحتضر بالفعل أم هي أزمات عابرة؟
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
لم تكن تصريحات المؤرخ اليهودي المعروف، إيلان بابيه حول بداية نهاية المشروع الصهيوني، وزوال دولة إسرائيل هي الأولى من نوعها، فقد سبقه إلى ما مثلها أو ما يقاربها شخصيات أكاديمية وسياسية من أبرزها المؤرخ الإسرائيلي الشهير، بيني موريس، والسياسي الإسرائيلي، رئيس الكنيست السابق، إبراهام بورغ، وهي هواجس تثير قلقا وجوديا على مستقبل المشروع.
المؤرخ بابيه أكدّ في ندوة عُقدت في مدينة حيفا، يوم السبت الثالث عشر من الشهر الجاري، أن "بداية نهاية هذا المشروع هي مرحلة طويلة وخطيرة، ولن نتحدث عن المستقبل القريب للأسف، بل عن المستقبل البعيد، لكن يجب أن نكون جاهزين لذلك" معربا عن تفاؤله بـ"أننا في مرحلة بداية نهاية المشروع الصهيوني، ويجب أن نكون جزءا من الجهود لتقصير هذه الفترة"ز
واستعرض المؤرخ الإسرائيلي، وأستاذ كلية العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية بجامعة "إكستير" البريطانية، ومدير المركز الأوروبي للدراسات الفلسطينية، خمسة مؤشرات تدل على بداية نهاية المشروع الصهيوني، يتمثل أولها بـ"الحرب الأهلية التي شهدناها قبل السابع من أكتوبر بين المعسكر العلماني والمعسكر المتدين في المجتمع اليهودي في إسرائيل".
أما المؤشر الثاني فهو "الدعم غير المسبوق للقضية الفلسطينية في العالم فهو الدعم غير المسبوق للقضية الفلسطينية في العالم واستعداد معظم المنخرطين في حركة التضامن لتبني النموذج المناهض للفصل العنصر الذي ساعد في إسقاط هذا النظام في جنوب أفريقيا..".
والمؤشر الثالث هو العامل الاقتصادي فهو "يضم أعلى فجوة بين من يملك ومن لا يملك.. بالكاد يستطيع أي شخص شراء منزل، وفي كل عام يجد الكثيرون أنفسهم تحت خط الفقر.." لافتا إلى وجود "رؤية قاتمة لمستقبل الصلابة الاقتصادية لدولة إسرائيل".
ويرتبط المؤشر الرابع، حسب بابيه بـ"عدم قدرة الجيش على حماية المجتمع اليهودي في الجنوب والشمال"، ولفت إلى أن "هناك 120 ألف نازح من الشمال، كلهم من اليهود في الجليل.. ولا يوجد أي لاجئ فلسطيني بينهم..".
والمؤشر الأخير يتمثل بموقف "الجيل الجديد من اليهود، بما في ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يأتي على عكس الأجيال السابقة، التي حتى أثناء انتقادها لإسرائيل اعتقدت أن هذه الدولة كانت تأمينا ضد محرقة أخرى أو موجات من معاداة السامية".
ما تحدث عنه المؤرخ الإسرائيلي بابيه من بداية نهاية المشروع الصهيوني، وأنها "مرحلة طويلة وخطيرة، ولن نتحدث عن المستقبل القريب للأسف، بل عن المستقبل البعيد" يفتح باب الأسئلة لتحديد الزمن المتوقع لحدوث ذلك، وما هي دلالات تصريحاته حسب معايير وتقنيات الدراسات المستقبلية.
أجاب عن ذلك أستاذ العلوم السياسية بجامعة اليرموك الأردنية سابقا، والخبير في الدراسات المستقبلية، الدكتور وليد عبد الحي، بالقول "بخصوص توقعات إيلان بابيه، فهو يتحدث عن نهاية المشروع الصهيوني (على المدى البعيد).. وطبقا لتقسيمات الدراسات المستقبلية للزمن (تقسيم مينيسوتا)، هناك الزمن المباشر (من سنة إلى 3)، والزمن القريب (من أكثر من 3 إلى 5 سنوات).
وليد عبد الحي، أستاذ العلوم السياسية وخبير الدراسات المستقبلية.
وأضاف لـ"عربي21": "والزمن المتوسط (من 6 إلى 15)، والزمن المنظور (من 16 إلى 25)، والزمن غير المنظور أو البعيد أكثر من ربع القرن، ما يعني أن بابيه يتحدث عن الزمن غير المنظور" لافتا إلى أنه خلص في ورقة علمية له منشورة بعنوان "الحروب الأهلية في المجتمع اليهودي بين التاريخ والآفاق المستقبلية" إلى أن "المجتمع الإسرائيلي ليس محصنا من الصراع الداخلي وصولا للحرب الأهلية".
وتابع: "وهو ما ظهر في مقالات ودراسات عن تزايد هذا الاحتمال وخصوصا مع حكومة بنيامين نتنياهو، والقوى الدينية المساندة له، وخلال الفترة من أول آذار/ مارس 2023 توالت التحذيرات من قادة عسكريين وسياسيين ومفكرين إسرائيليين من الحرب الأهلية، والتي كان البروفيسور ديفيد باسيج قد حذر من احتمالاتها في سنة 2021.. ".
وذكر الخبير في الدراسات المستقبلية، عبد الحي في ورقته أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن 35% من الإسرائيليين يعتقدون باحتمال نشوب حرب أهلية، بينما يرى 60% أن احتمالات وقوع أي عمل عنف بين اليهود هو أمر ممكن"، لافتا إلى أن "مشكلة إسرائيل تكمن في حل الدولتين.. فأغلب دول العالم تريد هذا الحل، ومن ثم ستواجه إسرائيل مشكلة".
وأردف "فإذا قبلت بهذا الحل فاحتمال انفجار الصراع الداخلي بخاصة مع المستوطنين في الضفة الغربية (حوالي 750 ألف، أي بمقدار عدد سكان إسرائيل عند قيامها سنة 1948، وإذا لم تقبل به فستواجه ضغوطا دولية لأن انعكاسات الاضطراب في الشرق الأوسط على العالم اقتصاديا سيزداد سوءا في المستقبل".
وبحسب توضيح البروفيسور عبد الحي لتقسيمات الدراسات المستقبلية للزمن، فإن توقعات المؤرخ إيلان بابيه حول بداية نهاية المشروع الصهيوني، واحتمالات انهيار إسرائيل من داخلها ليس من الوارد وقوعها في القريب العاجل، بل هو أمر مشكوك فيه، وهذا ما أكدّه الباحث المصري في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، محمد سيف الدولة.
وعلل رأيه في تصريحات صحفية منشورة بالقول "لأن إسرائيل ليست دولة طبيعية، وليست مجتمعا طبيعيا، وإنما هي كيان وظيفي، ودولة وظيفية لحماية مصالح الغرب وخدمته.. وهي مخلب قط، وقاعدة استراتيجية، وحاملة طائرات أمريكية كما نعلم جميعا منذ عقود طويلة، وهو ما يفسر هذا الاستنفار العسكري الأمريكي والبريطاني لحماية إسرائيل استنفارا يفوق ما فعلوه مع أوكرانيا مع الفارق" حسب قوله.
وتابع "بالتالي فإن الغرب دائما ما سيحرص على بقاء الدولة رغم كل تناقضاتها، إلا إذا توفرت عدة شروط أهمها نجاح تواصل ضربات المقاومة في إجبار الإسرائيليين على الهجرة العكسية والعودة من حيث أتوا، وأيضا زيادة تكلفة حماية إسرائيل بشكل يدفع الغرب إلى رفع يده عنها، وهو ما لا يمكن أن يحدث بدون توجيه ضربات موجعة لمصالحه في المنطقة".
وخلص الباحث محمد سيف الدولة إلى القول "الخلاصة هي أن إنهاء إسرائيل والمشروع الصهيوني لن يتم إلا بأيدي فلسطينية وعربية، وليس بأيدي الإسرائيليين أنفسهم، ولكن هذا لا يقلل من أهمية توظيف التناقضات داخل المجتمع الإسرائيلي وتعميقها، لإضعاف الكيان، وتسهيل مهمتنا في مواجهته ومقاومته، وإنهاء وجوده على المدى المتوسط والبعيد".
من جهته وصف الكاتب والباحث المغربي، المتخصص في الشأن الفلسطيني، الدكتور هشام توفيق تصريحات المؤرخ بابيه بأنها "توقعات أكيدة، لأنها تعتمد على منظار الواقع من شخص خبير داخل الدولة الإسرائيلية، فهو يعلم حجم الكوارث التي أصابت إسرائيل قبل طوفان الأقصى، والثغرات التي نخرت جسم أهم ركائز أي دولة، ثغرات في الجيش الإسرائيلي، ثغرات في الحكومة الإسرائيلية، وثغرات في الاستخبارات".
هشام توفيق كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني.
وتابع: "وحين نتحدث عن ثغرات فهي فجوات كبيرة استغلتها المقاومة، التي سبرت أغوار هذه الأزمات من خلال أجهزة رصد علمية وبحثية واستخباراتية، وفقهت مدى البناء الهش الصهيوني الذي بدأ ينهار، مما جعل خبراء المقاومة يحددون عنوان المرحلة المقبلة بعد سيف القدس، وهي بلفظ المؤرخين (مرحلة انتهاز الفرصة التاريخية)، وبلفظ وتعريف المقاوم الاستراتيجي (مرحلة الثقب العسكري)".
وواصل حديثه لـ"عربي21" بالقول "وهذا ما نشرته بعد سيف القدس في مقال بعنوان (فقه الثقوب)، يستشرف مستقبل إحداث المقاومة لثقب كبير بعد سيف القدس في جسم الكيان الصهيوني، ورصدته في كتابي (الاستراتيجية الصهيونية والتطبيع الجديد من الاختراق إلى الاحتراق) الذي قدم له الدكتور اليهودي جاكوب كاهوين، وكشفت فيه عن معركة بعد سيف القدس، وعن وجود ثغرات كبيرة في جسم الكيان الصهيوني ستفضي إلى ضربة كبيرة من المقاومة تحدث ثقبا كبيرا وخللا".
ونبّه الباحث المغربي، توفيق إلى أن "المؤرخ اليهودي بابيه، فضلا عن اعتماده لمنظار الواقع، فقد اعتمد على منظار التاريخ كذلك، وهي قراءة تفضي إلى نتائج شبيهة بمنظار ومسوغات الواقع، وهو حين وصل إلى أن المشروع الصهيوني يحتضر، وأن الحركة التحررية الفلسطينية ستملأ الفراغ، فإنه اعتمد على مؤشرات مهمة من خلال المقاربتين (الواقعية والتاريخية)".
وأردف "لكنه لخص نتائج هذه الأزمات في استعداد الحركة التحررية (لملء الفراغ) وهو تعبير مهم وظفه هذا المؤرخ اليهودي، لنفس الهدف الذي رفعه بايدن بعد ترشحه وزيارته للرياض حين صرح أن إدماج إسرائيل في المنطقة شعاره هو (ملأ الفراغ) في المنطقة، لكن طوفان الأقصى غيرت الموازين".
وختم كلامه بالقول "ورشح في كتابات المؤرخين والباحثين أن المقاومة ربما هي من (سيملأ الفراغ) مستقبلا في المنطقة، وهو ما قد يفضي إلى تغيرات في الشعوب والمنطقة، ما جعل القوى الغربية تتدخل لإنقاذ شعار بايدن، وشعار معسكر الغرب وأمريكا، وهو ملء الفراغ من قوى أخرى بعد تهديد المشروع الصهيوني بالزوال في المنطقة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير المشروع الفلسطينية احتلال فلسطين مشروع مصير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بدایة نهایة المشروع الصهیونی الدراسات المستقبلیة عن المستقبل فی المنطقة عبد الحی وهو ما إلى أن
إقرأ أيضاً:
قديروف: «زيلينسكي» تحول بالفعل إلى قاطع طريق
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أن مسؤولين أميركيين وأوكرانيين سيواصلون المباحثات، اليوم السبت، بشأن خطة تهدف إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وجاء الإعلان في ختام اليوم الثاني من الاجتماعات في فلوريدا، التي شارك فيها المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف.
وقال بيان الوزارة إن الطرفين اتفقا على أن أي تقدم حقيقي نحو الاتفاق يعتمد على استعداد روسيا لإظهار التزام جاد بالسلام طويل الأمد، بما في ذلك اتخاذ خطوات لخفض التصعيد ووقف أعمال القتل.
وأضاف البيان أن الجانبين اتفقا أيضاً على إطار الترتيبات الأمنية وناقشا قدرات الردع اللازمة للحفاظ على سلام دائم.
قديروف يهاجم زيلينسكي ويدعو الأوكرانيين إلى التعبير عن موقفهم
صرّح حاكم جمهورية الشيشان رمضان قديروف أن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي “لم يعد رئيساً، بل تحول إلى قاطع طريق”، داعياً الشعب الأوكراني إلى الخروج والتعبير عن موقفه مما يجري في البلاد.
وقال قديروف في مقطع فيديو نشره عبر قناته في منصة تلغرام إن الأوكرانيين يتعرضون لـ”التمزيق واحداً تلو الآخر”، مضيفاً أن “أطفالكم يُقتلون ويُدمرون، اخرجوا وقولوا كلمتكم”.
وأكد أن استمرار الصراع يهدد بفقدان البلاد وتدميرها، داعياً السكان إلى الحذر واتخاذ موقف واضح إزاء التطورات.
وجاءت تصريحات قديروف بعد ساعات من إعلان السلطات في الشيشان أن القوات الأوكرانية استهدفت أحد مباني مجمع “غروزني-سيتي” الشاهق، دون تسجيل إصابات، فيما لم تكشف التفاصيل الرسمية عن حجم الأضرار أو طبيعة الهجوم.
الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يبعد أندريه يِرماك من مواقع الأمن والدفاع بعد فضيحة فساد كبرى
أصدر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي مرسوماً يقضي بإزالة أندريه يِرماك، مدير مكتبه السابق، من عضوية مجلس الأمن والدفاع القومي الأوكراني، وفق ما جاء في وثيقة رسمية نُشرت على موقع الرئاسة الأوكرانية.
ونصّ المرسوم على إزالة يِرماك من تشكيلة مجلس الأمن والدفاع القومي، فيما أشار مرسوم آخر إلى استبعاده من هيئة أركان القائد العام، في خطوة تعمّق الإطاحة به من مواقع النفوذ الأمني والسياسي داخل الدولة.
وتأتي هذه القرارات بعد أسبوع من إقالة يِرماك في 28 نوفمبر، عقب مداهمة منزله من قبل مكتب مكافحة الفساد الأوكراني (NABU)، ضمن فضيحة فساد واسعة النطاق طالت قطاع الطاقة، وتورط فيها عدد من المقربين من الرئيس.
وشهد نوفمبر تفجّر واحدة من أكبر قضايا الفساد في تاريخ أوكرانيا، إذ كشف NABU عن مخطط فساد ضخم في قطاع الطاقة تورط فيه تيمور مينديتش، أحد أقرب حلفاء زيلينسكي، ووُجهت اتهامات لسبعة أشخاص ضمن الشبكة الإجرامية المفترضة، وردّ زيلينسكي بفرض عقوبات على مينديتش ومموله البارز أولكسندر تسوكيرمان، كما شملت تداعيات الفضيحة اعتقال نائب رئيس الوزراء الأوكراني السابق أليكسي تشيرنيشوف، وإقالة وزيرة الطاقة سفيتلانا غرينتشوك ووزير العدل هيرمان غالوشينكو، في إطار حملة تطهير تهدف إلى مواجهة الفساد المتجذر داخل مؤسسات الدولة.
السويد توقف المساعدات التنموية لعدد من الدول وتخصصها بالكامل لأوكرانيا
أعلنت وزارة الخارجية السويدية أن الحكومة قررت إيقاف تقديم المساعدات الإنمائية تدريجياً لعدد من الدول، بهدف إعادة توجيه الموارد المالية من أجل زيادة الدعم المخصص لأوكرانيا خلال السنوات المقبلة.
وذكرت الوزارة في بيان أن قرار الإنهاء التدريجي يشمل زيمبابوي وتنزانيا وموزمبيق وليبيريا وبوليفيا، مؤكدة أن الأولوية في المرحلة الحالية ستكون لتقديم دعم موسع لأوكرانيا.
وأوضحت أن عملية إعادة توزيع الميزانية ستتيح رفع حجم المساعدات الموجهة لكييف إلى عشرة مليارات كرونة سويدية، أي ما يعادل نحو مليار دولار، بحلول عام 2026.
وأضافت الخارجية السويدية أنها ستغلق سفاراتها في بوليفيا وليبيريا وزيمبابوي بالتزامن مع التوقف التدريجي لبرامج التنمية مع هذه الدول.
وكانت ستوكهولم قد حولت في يوليو الماضي نحو 180 مليون دولار لأوكرانيا بعد إغلاق برامج مساعدة في أفغانستان وعدد من دول آسيا وأوقيانوسيا.