في إطار قيام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، برصد وتحليل أبرز التجارب الرائدة على المستوى الدولي في المجالات والقطاعات المختلفة للاستفادة منها، قام المركز بإصدار تحليل حول واقع وآفاق صناعة الإلكترونيات في الهند، والذي أشار خلاله إلى تحقيق الاقتصاد الهندي نموًا استثنائيًّا في الفترة الماضية على الرغم من التأثيرات الناتجة عن الأزمات العالمية والتي أثرت بالسلب على معظم اقتصادات العالم.

معدل النمو الاقتصادي في الهند  بلغ نحو 7.2% خلال العام المالي 2022/ 2023

ولفت المركز إلى أن  معدل النمو الاقتصادي في الهند  بلغ نحو 7.2% خلال العام المالي 2022/ 2023، بالإضافة إلى ذلك توقعت الحكومة الهندية أن يصل الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 5 تريليونات دولار، كما تشير التقديرات إلى وصول معدل النمو في عام 2024 إلى نحو 7%، علمًا بأن السنة المالية في الهند تبدأ في أبريل وتنتهي في مارس.

الهند تتبنى برنامجًا اقتصاديًّا طموحًا يهدف في المقام الأول إلى جعلها في مصاف الدول المتقدمة

وبالإضافة إلى هذا الأداء، فإن الهند تتبنى برنامجًا اقتصاديًّا طموحًا، يهدف في المقام الأول إلى جعلها في مصاف الدول المتقدمة، وقد انعكس ذلك في التوقعات العالمية للاقتصاد الهندي؛ حيث توقعت وكالة "ستاندرد آند بورز" بأن يتجاوز الاقتصاد الهندي نظيره الياباني بحلول عام 2030 من حيث حجم الإنتاج، ويرجع ذلك بالأساس إلى عدة عوامل في مقدمتها: زيادة حجم الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري الخاص، وزيادة حجم القطاع الصناعي، بالإضافة إلى نمو قطاعي التصنيع والخدمات. وبالنظر إلى التوقعات بعيدة المدى؛ فقد توقع بنك "جولدمان ساكس" أن تصبح الهند ثاني أكبر اقتصاد عالمي بحلول عام 2075 متجاوزة الولايات المتحدة الأمريكية.

 الهند تعتزم خفض التعريفة الجمركية على واردات مكونات أجهزة المحمول والإلكترونيات

واستعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في تحليله الجهود الحكومية الهندية نحو صناعات التكنولوجيا والرقائق والأجهزة الإلكترونية، والتي تهدف إلى توطين صناعة الإلكترونيات في إطار السعي لأن تصبح الهند قاعدة صناعية عالمية في مجال صناعة الإلكترونيات؛ حيث تعتزم خفض التعريفة الجمركية على واردات مكونات أجهزة المحمول والإلكترونيات، بهدف جذب الشركات العالمية لإنشاء مصانع محلية لها لإنتاج تلك الأجهزة، وتُعَد تلك الإجراءات استمرارًا لسياسات حكومية هندية في هذا الشأن.

زيادة صادرات الهند من الهواتف الذكية إلى  11 مليار دولارفى 2023

ومن المنتظر أن تسهم تلك التخفيضات في التعريفات الجمركية في جعل تجميع الأجهزة أكثر كفاءة ولا سيما جانب التكلفة. وتتضمن تلك الخطة ليس فقط الإنتاج بغرض الاستهلاك المحلي وإنما أيضًا الاتجاه نحو التصدير، وقد انعكس ذلك في زيادة صادرات الهند من الهواتف الذكية والتي وصلت إلى نحو 11 مليار دولار في السنة المالية الهندية المنتهية في مارس 2023.

كما استعرض المركز خلال تحليله النمو المتصاعد للهند وسط الأزمات العالمية، فبعد أزمة كورونا والصدمات التي تلقتها الاقتصادات العالمية، وكذلك التطورات الجيوسياسية الناتجة عن الأزمة الروسية الأوكرانية، وكذا الصراع الدائر بين حماس وإسرائيل في الشرق الأوسط، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وما نتج عن تلك الأزمات من اضطراب في سلاسل الإمداد وقطاعات التوريد والإنتاج والتوزيع العالمية، وما ترتب عليها من ارتفاع في معدلات التضخم في معظم دول العالم؛ اتجه العالم نحو النظر في حلول بديلة مستدامة لتجنب تلك المشكلات، وتمثلت أهم تلك الحلول في إمكانية الاعتماد على الذات أو تقصير سلاسل الإمداد لتكون في إطار إقليمي، وبالتالي تصبح سلاسل الإمداد إقليمية بدلًا من عالمية. وقد أتاح ذلك للهند فرصة للدخول كبديل للصين في بعض من تلك الصناعات، وذلك في إطار سعي الهند لتكون الدولة صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2030.

وبالتالي، فقد قادت تلك الأزمات العالمية المتلاحقة العالم نحو التخلي عن فكرة تجزئة العملية الصناعية في عدد من الدول ليتم تجميع المنتج في النهاية؛ لأن ذلك النمط من الإنتاج ظهر ضعفه مع انتشار التوترات العالمية على الساحة الدولية والتي أثرت بالسلب على تكاليف الإنتاج وبالتبعية على معدلات التضخم وصولًا إلى أسعار الفائدة العالمية والتي أثرت بشكل ملحوظ على تكاليف الاقتراض وخاصة في الدول النامية.

وانبثاقًا من ذلك؛ تسعى الهند للاستفادة من التوجُّه العالمي المتمثل في الحد من تأثيرات مشكلات سلاسل الإمداد العالمية الناتجة عن تلك الأزمات الجيوسياسية، خاصة بعد التطورات السياسية بين بكين وواشنطن واتجاه كثير من الشركات للتخارج من بكين.

وتُعَد الهند الوجهة المُحبذة لتلك الشركات في ظل توافر العوامل الاستثمارية الجاذبة، وتوفر سوق محلية ضخمة للاستهلاك، مع وجود بنية تحتية قوية.

وصل إنتاج أجهزة "آيفون" في الهند خلال عام 2022 إلى أكثر من 7%

تناول مركز المعلومات بمجلس الوزراء في تحليله توجه الشركات الكبرى إلى الهند نتيجة الحوافز الحكومية، حيث تتلاقى التحركات الهندية مع رغبة كثير من الشركات الأمريكية وفي مقدمتها شركة "أبل"، من حيث الرغبة في تقليل الاعتماد على الصين؛ الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع المخاطرة، وقد أدت التسهيلات التي قدمتها الهند إلى زيادة إنتاج تلك الشركات بالفعل فيها، وعلى رأسها شركة "أبل"؛ حيث قد وصل إنتاج أجهزة "آيفون" في الهند خلال عام 2022 إلى أكثر من 7% من الإنتاج العالمي للشركة.

هذا، وقد أعلنت الهند في وقت سابق عن حزمة حوافز بقيمة تصل إلى نحو 2 مليار دولار لزيادة إنتاج أجهزة تكنولوجيا المعلومات؛ حيث يُعَد ذلك من ضمن المُخطط الذي أُعدَّ لتصبح الهند قوة كبيرة في سلسلة توريد الإلكترونيات العالمية في إطار هدفها المتمثل في وصول الإنتاج السنوي من تلك الصناعات إلى نحو 300 مليار دولار بحلول عام 2026، وأوضحت الحكومة الهندية أنه من المتوقع أن يصل إنتاج هذه الشركات إلى نحو 41 مليار دولار من منتجات تكنولوجيا المعلومات وأن تخلق أكثر من 75 ألف فرصة عمل.

وتُعتبر شركة "أبل" من أكثر الشركات التي تخطط للاستفادة من تلك الحوافز المقدمة في الهند؛ حيث تتطلع الشركة إلى زيادة الإنتاج في الهند لأكثر من خمسة أضعاف خلال السنوات الخمس المقبلة ليصل إلى ما يقرب من 40 مليار دولار، وتتطابق تلك الرغبة من شركة "أبل" مع خطط دولة الهند التي تسعى إلى زيادة حجم صناعة الإلكترونيات، كذلك تمتلك شركة "أبل" خططًا طموحة للبدء في تصنيع مُكوِّنات سماعات الأذن "إيربودز" خلال العام المقبل.

23 شركة جاهزة لبدء التصنيع في الهند

هذا، وقد أشار المسؤولون الحكوميون إلى أن نحو 23 شركة جاهزة لبدء التصنيع في الهند، ومن المتوقع أن تستثمر الشركات مجتمعة نحو 360 مليون دولار، وأن تخلق نحو 200 ألف فرصة عمل، منها 50 ألف فرصة عمل مباشرة، و150 ألف فرصة عمل غير مباشرة، وكذلك من المتوقع أن تنمو سوق أجهزة تكنولوجيا المعلومات الهندية إلى 22.77 مليار دولار في عام 2027 من 15.52 مليار دولار في عام 2022.

وفي سياق متصل، فقد وقَّع الرئيس الأمريكي "جو بايدن" ورئيس الوزراء الهندي مذكرة تفاهم بشأن شراكة سلسلة توريد أشباه الموصلات والابتكار؛ بهدف تنسيق برامج حوافز أشباه الموصلات في الهند والولايات المتحدة؛ حيث أعلنت شركة "ميكرون تكنولوجي" الأمريكية لصناعة الرقائق الإلكترونية أنها ستستثمر ما يصل إلى 825 مليون دولار لبناء منشأة لتجميع واختبار أشباه الموصلات مستفيدة من الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة الهندية؛ حيث ستتلقى شركة "ميكرون" دعمًا ماليًّا بنسبة 50% من إجمالي تكلفة المشروع من الحكومة المركزية الهندية وحوافز تمثل 20% من إجمالي تكلفة المشروع من ولاية جوجارات الهندية، ومن المتوقع أن تصبح المنشأة جاهزة للعمل في أواخر عام 2024.

الهند تحاول تحويل الأزمات العالمية إلى فرص اقتصادية

وأوضح التحليل أنه يمكن القول بأن الهند تحاول تحويل الأزمات العالمية إلى فرص اقتصادية، وقد ظهر ذلك جليًّا في سياساتها، والتسهيلات التي تقدمها لمحاولة الاستفادة من الأزمات الجيوسياسية، لتهيئة البيئة الاستثمارية بها.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أجهزة المحمول أجهزة تكنولوجيا أسعار الفائدة اقتصاد الهند الأجهزة الإلكترونية الأزمة الروسية الاقتصادات العالمية البيئة الاستثمارية صناعة الإلکترونیات الأزمات العالمیة سلاسل الإمداد من المتوقع أن ألف فرصة عمل ملیار دولار بحلول عام فی الهند فی إطار إلى نحو أکثر من من تلک

إقرأ أيضاً:

معلومات الوزراء: الكهرباء ستحسم مصير سباق الذكاء الاصطناعي

سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء على التقرير الصادر عن منظمة بروجيكت سينديكيت بعنوان "الكهرباء ستحسم مصير سباق الذكاء الاصطناعي"، حيث أشار التقرير إلى أن السباق العالمي في الذكاء الاصطناعي يتحوّل من معركة الخوارزميات والرقائق إلى معركة الكهرباء، وهو ما يمنح الصين تفوقًا واضحًا؛ ففي حين تركّز شركات التكنولوجيا الغربية على نماذج مغلقة تتطلب استثمارات ضخمة وقدرات حوسبة هائلة، تتبنى الصين الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر وتوسّع بشكل غير مسبوق في قدراتها من الطاقة المتجددة والنووية، ما يتيح لها تشغيل تقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة على نطاق واسع بتكاليف منخفضة.

ووفقًا للتقرير فإن هذا الاختلاف يعكس انقسامًا جوهريًا في نهج الصين والغرب؛ إذ يتعامل الغرب وخاصة الولايات المتحدة مع الذكاء الاصطناعي باعتباره تكنولوجيا تسعى للحفاظ على ريادتها فيها، بينما تنظر إليه الصين كبنية تحتية عامة تعتمد على التبني الواسع والتكرار السريع وتقليص التكلفة باستمرار، حيث تُظهر النماذج الصينية مثل "ديب سيك" (DeepSeek) و"كوين" (Qwen) و"كيمي" (Kimi) هذا النهج بوضوح؛ إذ تضاهي قدرات الأنظمة الأمريكية المتقدمة بتكلفة حوسبة أقل كثيرًا، حيث تنخفض تكلفة التشغيل إلى عُشر ما تتكلفه أنظمة مثل "جي بي تي-4" (GPT-4) من شركة "أوبن آيه آي" (OpenAI) ومع انخفاض تكلفة الفكر الرقمي، يتضاعف الاستهلاك العالمي للذكاء الاصطناعي، مما يزيد الطلب على الطاقة.

أشار التقرير إلى توقعات "الوكالة الدولية للطاقة" بأن يتضاعف استهلاك الكهرباء من مراكز البيانات بحلول عام 2030 مدفوعًا بعمليات الذكاء الاصطناعي، إذ استهلك تدريب نموذج واحد مثل "جي بي تي-4"  ملايين الكيلووات/ساعة، وهي تكفي لتشغيل مدينة بحجم سان فرانسيسكو لعدة أيام،  وبينما تتحول المنافسة إلى سباق على الكهرباء، تسابق الصين بخطى سريعة للفوز؛ ففي عام 2024، أضافت 356 جيجاوات من الطاقة المتجددة، أي أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والهند مجتمعين، وجاء 91% منها من الطاقة الشمسية والرياح والطاقة المائية، مع تضاعف سعة تخزين البطاريات ثلاث مرات عن مستويات 2021.

أشار التقرير إلى أن الصين استثمرت بكثافة في الطاقة النووية؛ إذ تبلغ ميزانيتها البحثية في هذا المجال خمسة أضعاف نظيرتها الأمريكية، وتعمل على تشغيل مفاعلاتها من الجيل الرابع والتصاميم المعيارية الصغيرة لتأمين مصدر طاقة مستقر ومستدام، ووفقًا للتقرير فإن هذا المزيج يجمع بين النماذج المفتوحة والطاقة النظيفة والرخيصة لتكوين ما يشبه "عجلة طاقة-حوسبة" متكاملة؛ حيث تُغذي الطاقة النظيفة الحوسبة التي بدورها تُحسّن كفاءة الشبكة الكهربائية عبر أنظمة تعلم آلي تتنبأ بالإنتاج الشمسي وتدير التخزين وتوازن الأحمال في الوقت الحقيقي. وتؤدي هذه العملية إلى إعادة تنظيم الصناعة؛ فمراكز البيانات أصبحت محطات طاقة جديدة، ومعالجات الرسومات توربينات العصر الرقمي؛ إذ لا تكتفي الصين بالكهرباء الصناعية بل تنتج "كهرباء فكرية".

ذكر التقرير أنه على الرغم من أن الصين تصدر المكونات الأساسية للنظام الطاقي الجديد - من الألواح الشمسية إلى بطاريات الشبكات والمركبات الكهربائية - تواجه الدول الغربية قيودًا حادة في الطاقة بسبب شبكاتها المتهالكة وتأخر التصاريح وارتفاع الأسعار، ما يعوق توسع مراكز البيانات في مناطق مثل فيرجينيا ودبلن. وتاريخيًا، كانت الثورات الصناعية دائمًا لصالح المجتمعات التي تُحوّل الطاقة إلى إنتاجية بأعلى كفاءة؛ ففي القرن التاسع عشر كان الفحم مفتاح القوة، وفي القرن العشرين كان النفط، أما في القرن الحادي والعشرين فالقوة لمن يمتلك الطاقة النظيفة المقترنة بالحوسبة.

وعلى هذا الأساس فإن انتشار الذكاء الاصطناعي الرخيص والطاقة النظيفة يمكن أن يفتح الباب أمام الدول النامية لدخول عصر الحوسبة المتقدمة، تمامًا كما فعلت الكهرباء والإنترنت سابقًا، غير أن الوفرة لا تعني الاستقرار؛ فارتفاع الطلب على الطاقة دون استثمار كافٍ في الإنتاج والتخزين النظيف قد يرهق الشبكات ويقوّض أهداف خفض الانبعاثات.

أكد التقرير في ختامه على أنه وكما في الثورة الصناعية، قد يتحول التقدم إلى فائض غير مستدام ما لم تُدار العلاقة بين الوفرة والانضباط بحكمة. فاليوم، كما كان قبل قرنين مع المحرك الذي يعمل بالبخار، من يمتلك القدرة على تحويل الكهرباء إلى تفوق تكنولوجي سيعيد صياغة قواعد التقدم البشري من جديد.

مقالات مشابهة

  • ترامب يلوح بفرض رسوم جديدة على واردات زراعية من الهند وكندا
  • معلومات الوزراء يرصد تطورات المشهد الاقتصادي العالمي خلال عام 2025
  • كامل الوزير: خطوات قوية لتوطين صناعة مكونات السيارات في مصر
  • فائض الصين التجاري يتجاوز تريليون دولار لأول مرة رغم الرسوم الجمركية
  • صناديق الاستثمار الخليجية تتجه نحو الهند وشرق إفريقيا (1- 2)
  • اتفاقية الشراكة مع الهند على طاولة "الشورى".. الأربعاء
  • التجارة الخارجية للصين ترتفع إلى 5.82 تريليون دولار خلال الأشهر الـ11 الأولى
  • إدارة ترامب تعتزم إطلاق برنامج مساعدات زراعية بقيمة 12 مليار دولار
  • معلومات الوزراء: الكهرباء ستحسم مصير سباق الذكاء الاصطناعي
  • دراجة على شكل حصان.. شركة كاواساكي تعتزم طرح روبوت عام 2035