جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-14@00:04:17 GMT

"هيئة الوثائق" والتنمية السياحية

تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT

'هيئة الوثائق' والتنمية السياحية

 

مدرين المكتومية

 

أيام قليلة تفصلنا عن تظاهرة ثقافية ومعرفية بالغة الأهمية، تدعم جهود عدد من الجهات ذات الصلة بالعمل المُتحفي والثقافي والوثائقي؛ حيث يستضيف مُتحف عُمان عبر الزمان بولاية منح في محافظة الداخلية، أعمال المؤتمر الدولي "المتاحف ودورها في التنمية السياحية"، ولمدة ثلاثة أيام خلال الفترة من 18 إلى 20 من مايو الجاري، وهو الحدث الذي سيسلط الضوء على الأدوار المهمة للمتاحف في تعزيز نمو القطاع السياحي.

المؤتمر الدولي ينعقد بتنظيم من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع مُتحف عُمان عبر الزمان ووزارة التراث والسياحة، ويشهد مشاركة ما يزيد عن 42 باحثًا وأكاديميًا وخبيرًا من 21 دولة، فضلًا عن عدد من المعنيين بقطاعي التراث والسياحة من داخل عُمان وخارجها.

ما يُميِّز هذا المؤتمر المرتقب أنه يتضمن استعراض العديد من الأوراق العملية، التي أعدها باحثون وأكاديميون ومهتمون بالشأن المُتحفي، وتتناول دور المؤسسات المُتحفية والتراثية في تنمية السياحة وصون المكوّن الثقافي، والسياحة المُتحفية والاقتصاد الثقافي، والفرص الاستثمارية المرتبطة به، بجانب الدور التعليمي والمعرفي للمتاحف من خلال الشراكات الأكاديمية، وكذلك جهود توظيف التقنيات الرقمية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في إثراء تجربة الزائر.

المؤتمر ثمرة تعاون بين 3 جهات، أولها متحف عُمان عبر الزمان، ذلك الكيان المتحفي الرائد الذي يروي تاريخ عُمان على مر العصر ويسلط الضوء على أبرز المحطات التاريخية الفاصلة في حياة الإنسان العُماني الذي عاش منذ القدم على هذه الأرض الطيبة.

إلى جانب دور هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وهي أكبر أرشيف وطني في عُمان، يزخر بالعديد من الوثائق والمخطوطات التي توثق بكل دقة العديد من المراحل التاريخية، بما فيها من شخصيات رائدة وسِيَر إنسانية مُلهمة، تبرهن مدى عِظم الإنسان العُماني، في مسيرته الحضارية الممتدة عبر آلاف السنين، وفي شتى الحقب الزمانية.

أما الجهة الثالثة التي تشارك في تنظيم هذا الحدث المحوري، فهي وزارة التراث والسياحة، والتي تتولى مهمة النهوض بالقطاع السياحي وتوفير كافة السبل الكفيلة ببناء قطاع سياحي مُزدهر، يُسهم في رفد الخزانة العامة بالإيرادات التي تدعم التنويع الاقتصادي، وتساعد في توفير فرص العمل، وتُعزز الازدهار الاقتصادي.

ولا ريب أن للمتاحف دورًا مؤثرًا في تنشيط الحركة السياحية، ودعم نمو القطاع، بفضل ما توفره من تجارب بصرية ومعارف تعليمية مميزة؛ الأمر الذي يساعد على تعزيز الهوية الثقافية، وجذب المزيد من السياح إلى البلد، والمساهمة في نمو اقتصادنا الوطني. وهذه المتاحف ليست فقط صالات عرض للكنوز الثمينة، لكنها نوافذ عملاقة يُطل من خلالها الزائر على مراحل التاريخ، بما فيها من عراقة وثراء معرفي وثقافي وحضاري، وهي في ذلك تصبح جزءًا أصيلًا من أي استراتيجية للتنمية السياحية؛ إذ لا سياحة دون متاحف. والدليل على ذلك، أننا عندما نشارك في أية فعاليات خارج الدولة، تحرص الجهات المُنظمة للفعاليات على تنفيذ جولات وزيارات ميدانية للوفود المشاركة إلى عدد من المتاحف؛ بهدف تعريف هذه الوفود بتاريخ وحضارة البلد الذي يزورونه.

ومن المميز في هذا المؤتمر الدولي أنه يتضمن تنظيم 3 حلقات عمل تخصصية، إضافة إلى معرض تشارك فيه مؤسسات حكومية وخاصة، وعدد من الباحثين والأكاديميين، لإبراز الأبعاد الثقافية والاقتصادية للمتاحف ودورها المجتمعي والسياحي.

هذه الجهود الحثيثة تواكب بلا أدنى شك مُستهدفات رؤية "عُمان 2040"، لا سيما فيما يتعلق بتعزيز التنمية السياحية وترسيخ الجوانب الثقافية، فيما بات يُعرف بالاقتصاد البنفسجي، وهو فرع الاقتصاد القائم على الجوانب الثقافية والفكرية، والتي تستهدف تحقيق نمو اقتصادي قائم على المقومات الثقافية والحضارية.

ولذلك فإن أدوار المتاحف متعددة في دعم القطاع السياحي، منها ترسيخ الهوية الثقافية من خلال ما تقدمه من تجارب تعليمية مميزة للزوار؛ سواءً كانوا مواطنين أو سياح أجانب؛ إذ تعرض المتاحف القطع الأثرية والمخطوطات التاريخية. كما تُسهم المتاحف في جذب السياح المهتمين بالثقافة والتاريخ؛ حيث نلاحظ اهتمام السياح الأجانب بزيارة متاحفنا للاطلاع على الجوانب التاريخية المُشرقة في حضارتنا على مر العصور.

ولعل من أبرز أدوار المتاحف أنها تعزز التعاون مع المتاحف الأخرى حول العالم، بما يساعد على تبادل الخبرات والترويج للتراث العماني عالميًا، وأكبر مثال على ذلك تعاون المتحف الوطني العُماني مع متحف الإرميتاج الروسي.

ومن هذا المنطلق، نؤكد أن متاحفنا العُمانية بمثابة منارات تشع نور المعرفة وضياء الثقافة، وتمنح زوارها تجربة ثقافية وحضارية لا تُنسى، بفضل الإمكانيات المتطورة والثراء الحضاري الذي تزخر به. والجمع بين الثقافة والسياحة، يمثل سموًا حضاريًا جديرًا بالاحترام والتقدير؛ حيث تتحول السياحة من كونها نشاط ترفيهي، إلى منظومة اقتصادية وثقافية متكاملة، تدعم خطط الدولة على أكثر من صعيد.

وإنني لأدعو جموع المهتمين بالشأن المُتحفي والباحثين في مجال الثقافة وعلاقتها بالتنمية السياحية، أن يحرصوا على متابعة أعمال هذا المؤتمر الدولي، والذي أسعد بالمشاركة فيه وتغطيته صحفيًا، انطلاقًا من أدوار الصحافة والإعلام الرائدة في مثل هذه المناسبات.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

دار الوثائق القطرية تطلق برنامج "أسس" لتأهيل الكفاءات الوطنية في إدارة الوثائق

أعلنت دار الوثائق القطرية عن إطلاق الدورة الأولى من البرنامج التدريبي الوطني "أسس"، يوم "الأحد" المقبل، وذلك في إطار جهود الدار لتطوير منظومة وطنية متكاملة ومستدامة لإدارة الوثائق.

ويعد البرنامج جزءا من المبادرات التنفيذية ضمن استراتيجية دار الوثائق القطرية (2025 - 2030)، ويهدف إلى بناء وتأهيل كفاءات وطنية متخصصة ومجتمع واع بالممارسات الوثائقية.

وتم تصميم البرنامج ليخدم أربعة محاور مترابطة، تشمل تطوير قدرات الكوادر في دار الوثائق القطرية، وتأهيل الموظفين في الوحدات الإدارية المعنية بإدارة الوثائق، وتقديم فرص ابتعاث أكاديمي في مجالات استراتيجية مثل إدارة الوثائق والمحفوظات والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، إلى جانب تنظيم ورش عمل وندوات معرفية تستهدف رفع الوعي المجتمعي بأهمية هذا المجال الحيوي.

وقال الدكتور أحمد عبدالله البوعينين الأمين العام لدار الوثائق القطرية، في تصريحات بهذه المناسبة، "نؤمن في دار الوثائق القطرية بأن بناء ذاكرة وطنية قوية لا يتحقق فقط من خلال حفظ الوثائق، بل عبر الاستثمار المستدام في الكفاءات الوطنية، وتطوير القدرات المؤسسية القادرة على التعامل مع الوثيقة كعنصر استراتيجي ضمن منظومة اتخاذ القرار".

وأضاف أن برنامج "أسس" يعد أحد المسارات التنفيذية المحورية لاستراتيجية دار الوثائق القطرية (2025 / 2030)، كما يمثل انطلاقة فعلية نحو تأسيس مسار وطني متكامل في إدارة الوثائق، لافتا إلى أن أثر البرنامج يمتد ليشمل مختلف الفئات المؤسسية والمجتمعية، حيث يعمل على تطوير الكفاءات داخل دار الوثائق القطرية، وتأهيل وحدات إدارة الوثائق في الجهات الحكومية، وتوفير فرص أكاديمية في التخصصات ذات الصلة، مع فتح المجال أمام المجتمع من خلال ورش العمل والندوات التوعوية.

وأكد الأمين العام لدار الوثائق القطرية أن الدار تنظر إلى إطلاق هذا البرنامج كبداية عملية لتطوير منظومة وطنية موحدة لإدارة الوثائق، تستند إلى إطار قانوني وتنظيمي محدث، وتستجيب لحاجة واقعية في بيئة العمل الحكومي، مشيرا إلى أن البرنامج يمثل خطوة تأسيسية نحو تحول مؤسسي شامل، تطمح دار الوثائق القطرية من خلاله إلى ترسيخ ثقافة وثائقية مستدامة تواكب متطلبات الحوكمة والتطوير في الدولة.

وردا على سؤال لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، قال الدكتور أحمد عبدالله البوعينين الأمين العام لدار الوثائق القطرية إن ابتعاث الطلاب القطريين في مجال الوثائق يعد أحد أهم المحاور الرئيسية التي يبني عليها البرنامج، وذلك بالتعاون مع كل من وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي وديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي، مشيرا إلى أن دور الدار يكمن في هذا السياق في تدريب الكوادر الفنية في دولة قطر فيما يتعلق بالوثائق.

وأضاف أنه على مدى ستة شهور، تم إعداد محتوى تدريبي لهذا البرنامج، يركز على التدريب الفني لإدارة الوثائق العامة في دولة قطر، وذلك على أيدي خبراء في دار الوثائق القطرية، وبالتعاون مع منظمات عالمية، مضيفا أن التدريب سيكون وفق أعلى المعايير الدولية في مجال الوثائق، وأن البرنامج في دورته الأولى سيشهد مشاركة أكثر 150 موظفا من العاملين في الوحدات الإدارية المكلفة بإدارة الوثائق في الجهات المعنية.

وأكد أن دار الوثائق القطرية تركز على تأهيل كوادر متخصصة في دولة قطر، ما جعلها تضيف للبرنامج مسارا مجتمعيا يتضمن ندوات وورش سيتم تنظيمها على مدار العام الجاري وما بعده، وسيشرف على هذه الورش أكثر من 30 خبيرا في مجال الوثائق بدولة قطر والعديد من دول العالم.

من جانبها، أكدت السيدة عائشة خالد آل سعد مساعد الأمين العام لدار الوثائق القطرية أن البرنامج التدريبي الوطني "أسس" تم تصميمه ليؤدي دورا محوريا في تطوير البنية الإدارية للدولة، وذلك بإعداد كفاءات وطنية قادرة على مواكبة التحولات الإدارية والرقمية وتطبيق أفضل الممارسات.

وأضافت آل سعد، في تصريحات لها، أن البرنامج يمثل فرصة عملية لبناء جيل من المختصين القادرين على إدارة الوثائق بفعالية وفهم عميق للتشريعات والإجراءات والأنظمة التقنية ذات الصلة، لافتة إلى أن الدار لا تؤهل موظفين فقط، بل تعد كفاءات تسهم في تطوير البنية المؤسسية للدولة، وضمان مواءمتها مع التوجهات الحديثة في إدارة المعلومات.

بدوره، أكد الشيخ حمد بن محمد بن سعود آل ثاني مدير إدارة التدريب والتوجيه المؤسسي في دار الوثائق القطرية أن الإدارة تعمل على دعم وتطوير إدارات حفظ الوثائق في الجهات الحكومية المشمولة بقانون الوثائق والمحفوظات، مشيرا إلى أن من أبرز أوجه الدعم الفني تدريب الموظفين على أسس إدارة الوثائق وحفظها بشكل سليم.

وأوضح أن البرنامج التدريبي الذي تقدمه الإدارة في هذا السياق، سيقام على مدى خمسة أيام، ويتضمن محاور تهدف إلى رفع كفاءة الموظفين وتعزيز وعيهم بدور الوثائق في حفظ الذاكرة المؤسسية، ويتناول اليوم الأول التطور التاريخي للأرشيف والمقاربات النظرية والمفهوم التقليدي له في العالم العربي، بينما يركز اليوم الثاني على علم الوثائق والمحفوظات وموقعه ضمن علوم المعلومات والتمييز بين الوثائق الأرشيفية وغيرها، وطرق تصنيفها.

وأضاف أن اليوم الثالث سيخصص للسياسة الوطنية لإدارة الوثائق، عبر استعراض المنظومة التشريعية والتنظيم الهيكلي والبرنامج الوطني المعني بالوثائق، فيما يناقش اليوم الرابع إدارة الوثائق الجارية والوسيطة وأفضل السبل لحفظها، بينما يتناول اليوم الخامس والأخير الإتلاف الآمن للوثائق، من حيث آلياته وإجراءاته والتشريعات المنظمة له، إلى جانب الاشتراطات الأمنية لضمان سرية البيانات.

ويمثل البرنامج التدريبي الوطني "أسس" منصة وطنية تهدف إلى التكامل والامتثال ويمتد أثره ليشمل مختلف الفئات المؤسسية والمجتمعية، ويعمل على تطوير الكوادر البشرية من موظفي دار الوثائق القطرية، بالإضافة إلى تأهيل موظفي الجهات المعنية العاملين في الوحدات الإدارية المكلفة بإدارة الوثائق، كما يهدف البرنامج إلى توفير فرص أكاديمية في التخصصات ذات الصلة، مع فتح المجال أمام المجتمع من خلال ورش العمل والندوات التوعوية والتثقيفية.

ويشكل "أسس" نقطة التقاء بين الجوانب القانونية والتقنية والتنظيمية، مستهدفا بناء فهم موحد للسياسات الوطنية وفق أفضل المعايير، علاوة على إعداد بنية معرفية قادرة على التطوير والتحديث المستمر، ويأتي البرنامج استجابة لتحديات واقعية تواجه المؤسسات في ظل تسارع التحول الرقمي، وتزايد الاعتماد على الوثائق والمعلومات في دعم عمليات صنع القرار.

وتسعى دار الوثائق القطرية، من خلال هذا البرنامج، إلى تمكين الجهات الحكومية من تطبيق أنظمة وثائقية متقدمة، ترسخ ثقافة تنظيمية قائمة على المعرفة والدقة والشفافية، كما تطمح الدار إلى دعم بناء قواعد معرفية حقيقية داخل الجهات الحكومية وتوثيق الإرث الإداري والتشريعي والتنموي للدولة بطريقة منهجية.

ويمثل البرنامج أساسا لإطلاق مبادرات مستقبلية أكثر تخصصا، تستهدف رفع جاهزية الجهات في مواجهة تحديات التوثيق الرقمي وحوكمة البيانات وتكامل البنية المعلوماتية للدولة.

مقالات مشابهة

  • تعزيز كفاءة الموظفين في إدارة الوثائق بالشارقة
  • المتاحف والتنمية السياحية
  • كلمة وزير الخارجية خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع نظيريه التركي والأردني
  • بازل.. وجهة مثالية تمزج بين جمال النهر وروح المتاحف وسحر الشوارع القديمة
  • مصدر: قريبا افتتاح المتحف الآتوني بـ المنيا
  • دار الوثائق القطرية تطلق برنامج "أسس" لتأهيل الكفاءات الوطنية في إدارة الوثائق
  • تعاون بين دائرة الاقتصاد والسياحة و”مالية دبي” لإطلاق برنامج “قيمة دبي” للارتقاء بواقع التصنيع المحلي
  • تعاون بين «الاقتصاد والسياحة» و«مالية دبي» لإطلاق برنامج «قيمة دبي»
  • اعتماد نظام إدارة الوثائق بجنوب الباطنة