في ظل تسارع التطور التكنولوجي وتغلغل الهواتف الذكية والتطبيقات في تفاصيل حياتنا اليومية، أصبحت الخصوصية الرقمية من أكثر القضايا إثارة للجدل والمخاوف. فبينما يستمتع المستخدمون بخدمات مجانية أو شبه مجانية تقدمها التطبيقات المختلفة، يتم في الخلفية جمع كمّ هائل من بياناتهم الشخصية دون وعي أو موافقة صريحة منهم في كثير من الأحيان.

تتنوع الأسباب التي تدفع الشركات المطورة للتطبيقات إلى جمع بيانات المستخدمين. فمن منظور تجاري، تُعد هذه البيانات مورداً إستراتيجياً بالغ الأهمية، تُستخدم لتحسين تجربة المستخدم، وتطوير الخدمات، والأهم من ذلك، لتحقيق الأرباح من خلال الإعلانات الموجهة أو بيع البيانات لطرف ثالث.
لا تقتصر البيانات التي تُجمع على المعلومات السطحية كالبريد الإلكتروني أو الاسم فحسب، بل تمتد إلى بيانات دقيقة تشمل الموقع الجغرافي، عادات التصفح، تفضيلات الشراء، وحتى الأنشطة اليومية. وغالباً ما تُجمع هذه البيانات بصيغة لا يشعر بها المستخدم، كأذونات غير مبررة عند تثبيت التطبيق، أو أدوات تتبع خفية تعمل في الخلفية.

ورغم أن العديد من الشركات تتبع ممارسات مشابهة، إلا أن شركة جوجل، بإعتبارها إحدى أضخم شركات التكنولوجيا عالمياً، وجدت نفسها في مرمى النيران القانونية أكثر من مرة بسبب ما اعتُبر انتهاكاً صريحاً لخصوصية المستخدمين.

•    في عام  2022، دفعت جوجل 391.5 مليون دولار لتسوية قضية في 40 ولاية أمريكية بسبب تتبع الموقع الجغرافي للمستخدمين دون إذن مسبق وحتى بعد تعطيلهم لهذه الخاصية.
•    وفي عام 2023، وافقت الشركة على تسوية دعوى قضائية جماعية بمبلغ تجاوز 5 مليارات دولار، بعد اتهامها بتتبع أنشطة المستخدمين أثناء استخدامهم وضع التصفح الخفى (incognito mode)  في متصفح كروم.

•    غرامات أخرى طالت جوجل في دول مثل فرنسا، ألمانيا، وكوريا الجنوبية، لأسباب مشابهة تتعلق بعدم الشفافية في جمع البيانات وإستخدام "الأنماط المظلمة" لدفع المستخدمين إلى مشاركة بياناتهم دون وعي.
هذه العقوبات لم تكن مجرد غرامات مالية، بل تسببت في أضرار كبيرة لسمعة الشركة، كما دفعت المستخدمين ومؤسسات حقوق الإنسان الرقمية إلى المطالبة بقوانين أكثر صرامة وشفافية.

ما تكشفه هذه القضايا هو أن إستخدام التطبيقات "المجانية" ليس مجانياً في الحقيقة، بل يُدفع ثمنه من خلال الخصوصية. ويثير ذلك تساؤلاً جوهرياً: هل يمكن الوثوق بالشركات التكنولوجية في حماية بياناتنا؟ وإذا لم يكن بالإمكان، فهل نمتلك الوسائل للدفاع عن أنفسنا؟
في المقابل، هناك صحوة قانونية وتشريعية بدأت تتبلور، مثل قوانين "اللائحة العامة لحماية البيانات" (GDPR) في أوروبا، وقوانين خصوصية المستهلك في كاليفورنيا، والتي تمنح المستخدمين مزيداً من التحكم في بياناتهم، وتفرض على الشركات الإفصاح الكامل والشفاف عن كيفية إستخدام المعلومات الشخصية.

وأنصح المستخدمين باتباع عدة خطوات عملية لحماية بياناتهم، منها:
•    قراءة أذونات التطبيقات بعناية قبل الموافقة عليها.
•    تقييد الوصول غير الضروري إلى الموقع الجغرافى أو الكاميرا أو الميكروفون.
•    استخدام متصفحات ومحركات بحث لا تنتهك الخصوصية، مثل DuckDuckGo أو  .Brave
•    ضبط إعدادات الخصوصية بانتظام داخل التطبيقات وحسابات جوجل أو فيسبوك.
•    استخدام أدوات حظر التتبع أو شبكات VPN موثوقة.

ختاماً أُؤكد أن انتهاك الخصوصية الرقمية لم يعد افتراضاً أو نظرية مؤامرة، بل واقع مدعوم بالأدلة والبراهين والأحكام القضائية، كما يظهر جلياً في قضايا جوجل الأخيرة. ومع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا، بات من الضروري أن يكون المستخدمون أكثر وعياً، وأن تتحمل الشركات مسؤولية أكبر، مدفوعة بتشريعات واضحة وعقوبات صارمة.

الخصوصية ليست رفاهية، بل حق أساسي لا يجب التنازل عنه مقابل "تطبيق مجاني". 

طباعة شارك التطور التكنولوجي الهواتف الذكية الخصوصية الرقمية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التطور التكنولوجي الهواتف الذكية الخصوصية الرقمية

إقرأ أيضاً:

محمد غنيم يتصدر تريند جوجل بعد القبض عليه لتنفيذ حكم بالسجن 3 سنوات في قضية تهديد طليقته

 

تصدر الفنان المصري محمد غنيم محركات البحث خلال الساعات الماضية، بعدما تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض عليه لتنفيذ الحكم القضائي الصادر ضده بالسجن لمدة 3 سنوات، على خلفية اتهامه بتهديد طليقته بسبب خلافات بينهما.

وكشفت مصادر مطلعة أن الفنان محمد غنيم يتواجد حاليًا داخل مقر نيابة مصر القديمة، تمهيدًا لإنهاء إجراءات إعادة محاكمته، وذلك بعد أن تم القبض عليه لتنفيذ الحكم الغيابي الصادر بحقه في القضية. ومن المقرر أن يتم ترحيله إلى قسم شرطة مصر القديمة لحبسه مؤقتًا، لحين تحديد جلسة لإعادة محاكمته.

وكانت المحكمة قد أصدرت في وقت سابق حكمًا غيابيًا بمعاقبة الفنان بالسجن 3 سنوات، بعد توجيه تهم تتعلق بتهديد طليقته رانيا نبيل ذكي خليفة، ما دفع فريق الدفاع القانوني عنه إلى التقدم بطلب لإعادة إجراءات المحاكمة، مستندًا إلى أن الحكم صدر في غياب المتهم.

وتعود تفاصيل القضية إلى عام 2022، حين وجهت النيابة العامة للفنان محمد غنيم، البالغ من العمر 63 عامًا ويعمل طبيبًا بشريًا إلى جانب نشاطه الفني، اتهامات تتعلق بالتهديد بالقتل والإفشاء بأمور خادشة للشرف ضد طليقته.

وجاء في أوراق التحقيقات أن غنيم قام بتهديد المجني عليها شفهيًا وكتابيًا من خلال إحدى السيدات وتُدعى زينب حسن، كما أنه طالب بالحصول على مبلغ مالي منها، ما اعتبرته النيابة العامة جريمة مكتملة الأركان.

وحملت القضية رقم 15486 لسنة 2022 جنايات قسم مصر القديمة، والمقيدة برقم 2307 لسنة 2022 كلي جنوب القاهرة، وتضمنت أدلة تؤكد ممارسة غنيم ضغوطًا نفسية وتهديدات ضد طليقته، بهدف الابتزاز المادي.

ومع انتشار خبر القبض عليه، تصدّر اسم محمد غنيم قوائم الأكثر بحثًا على "جوجل" ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل الجمهور بشكل واسع ما بين متعاطف ومندهش، لا سيما أن الفنان عُرف بتقديم أدوار طيبة وبسيطة على الشاشة، ما شكّل صدمة لدى البعض.

جدير بالذكر أن محمد غنيم له مسيرة فنية طويلة شارك خلالها في العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية، وغالبًا ما كان يظهر في أدوار ثانوية مؤثرة، جعلته يحظى بمكانة خاصة لدى الجمهور، وهو ما ضاعف من الاهتمام بقضيته الحالية التي يُنتظر أن تُعاد جلساتها في الأيام المقبلة.

مقالات مشابهة

  • محمد غنيم يتصدر تريند جوجل بعد القبض عليه لتنفيذ حكم بالسجن 3 سنوات في قضية تهديد طليقته
  • ولي العهد: الشركات الأميركية تمثل ما يقارب ربع حجم الاستثمار الأجنبي بالمملكة
  • بعد ساعات من وفاته.. شريف ليلة يتصدر تريند "جوجل"
  • حمدان بن محمد يزور مكاتب «جوجل» في دبي ويطّلع على أحدث مبادراتها في مجال الذكاء الاصطناعي
  • د. محمد بشاري يكتب: الذكاء الاصطناعي .. وسيلة مساعدة أم سلطة بديلة
  • غرامة 1.375 مليار دولار على جوجل بسبب تتبع المستخدمين دون إذن
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: مراقبة التحول الرقمي
  • جوجل تدفع 1,4 مليار دولار لولاية تكساس.. أغلى تسوية في تاريخ الخصوصية
  • مصطفى شعبان يتصدر تريند "جوجل".. لهذا السبب