لجريدة عمان:
2025-08-11@21:57:16 GMT

حزن على سفينة.. ومديح لمطار

تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT

(1)

الشِّعار التَّاريخي الذي رفعه الطُّلاب والعمَّال الفرنسيون في أحداث العام 1968: «كونوا واقعيين. اطلبوا المستحيل» لم يعد واقعيًا، ولا وجيهًا، ولا مُلهِمًا.لذلك، يجب أن يكون الشِّعار الجديد: كونوا استحاليِّين. اذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك.

(2)

لا تؤهِّل الليلةُ البارحةَ (حتى وإن فعلتْ).

(3)

أنجاسٌ هُم الذين هؤلاء.

وأنجاسٌ هُم الذين أولئك.

(4)

الصَّدى في الصَّحراء مع المعلَّقات الجاهليَّة. التَّقتقة في الممر نصف المضاء إلى غرفة الضُّيوف. الصَّليل في الطَّريق الذي يصعد ويهبط إلى حجرة النَّوم: خلخالكِ الذي ضاع رنينه في السَّرمد.

(5)

أيتها الفضيحة: أيمكن أن نقيم حفلة تنكريَّة هنا، مرة أخرى؟

(6)

لا تلتَبِسْ، فالشُّهداء سوف ينادون الجثامين في يوم ما.

(7)

من يقدر على السُّرَّة في شهوات الطَّاحونة؟

(8)

أدَّخركِ في الوحشة. أقتَصِدُك في فيض رحلات سيارتنا بين مدينتي سان دييغو وسان فرانسيسكو.

لا أدري إلى أين سأذهب بنا بعد ذلك.

(9)

كل هذه الصَّحراء، التي أتت منها كل تلك الرِّسالات والخزعبلات، تنجرف وتُجَدِّف في غزَّة.

(10)

الصُّورة أصل الأظلاف.

(11)

لا أريدكِ في قصيدة طويلة (الموتُ قَزْمٌ متوحِّش صار يغزو المدينة).

(12)

كم من الأسئلة بعد هذا البرزخ؟

(13)

أمضي نحو بطؤك في النَّوم، والضَّحك، وافتعال الشِّجارات في الوقت السيئ تمامًا. ولا أستغيث بالحنَّاء.

(14)

لو كنتُ أحسِن الغَزَل لكنتِ قد صرتِ الغياب.

(15)

لا أستطيع أن أراكِ قبل أن يفعلنا الضَّباب.

(16)

البلاغة أسوأ المقامرات (وإلا كيف يحدث لنا ما يحدث)؟.(17)

ليسوا في هذه النَّجدة، ولا في الوشاية القادمة.

(18)

دمي على حصاة لا تعرف أمَّها.

(19)

كلُّ نجاة هروب ناقص من البيت. كل بيت تَسَلُّل. كل البيت جريمة. كل حجرة شناعة. كلُّ باب صدأ. كلُّ ذكرى فزع. كل موت مجرَّد منفعة.

(20)

خطيئته الأكبر هي أنه يموت بقصد النِّسيان.

(21)

الحب، مثل التَّجريد، من العواطف المعقَّدة التي لا ينبغي أن تُنَاط بأكثر من شخص واحد (على أقصى تقدير).

(22)

تورَّموا في الكلام، والقول بعيد مثل قميص العذراء.

(23)

يسير السَّراب بمعيَّتهم، مع دبَّابابتهم، وطائراتهم، وتصريحاتهم للصَّحافة المحليَّة والعالميَّة، وحواراتهم في أروقة مبنى الأمم المتَّحدة، وراجمات صواريخهم (مثل المشهد الأخير من فيلم لويس بونويل «سحر البورجوازيَّة الخفي»، تقريبًا). ثُمَّ ما الذي يستطيعوا أن يفعلوا بعد ذلك؟

(24)

مريم في العيد، ومريم في الأضاحي. لكن لم تعد مريم قريبة من النجوم، وصار بئر البيت بعيدًا من مريم.

(25)

يحدث الحب (دومًا) لدى شخصٍ آخر كنتُ أعتقد أنه أنا.

(26)

يستحق الأصدقاء القليل، ويستأهل الأعداء الكثير.

(27)

السّّعادة تجويفٌ.

(28)

كم جئتُ من نوركِ الكبير، وكم لا أغادر ضياءكِ الصَّغير.

(29)

الهواء اقتفاءٌ وتنَصُّت، والرُّكبة إصغاءٌ ضعيف.

(30)

لا أحد عند المصب، والسَّحابات البيض والسُّود والزُّرق لم يذهبن إلى الفَلَج، ولا إلى الحتف.

(31)

وجدوا الضَّرير، أخيرًا، في بيت القابلة.

(32)

رصاصةٌ واحدةٌ وستموت. رصاصتان ولن تنسى.

(33)

لا شيء ولا أحد في ذمَّتي غير البحر.

(34)

لا تطهرني من الحنين كي أكون نسيًا منسيًّا في الصَّالحين والمارقين.

(35)

ليس مصارع ثيران إسبانيًّا، ولا مزارعًا أو بحَّارًا في الباطنة، ولا حارس مقبرة الفراشات الذي تمكَّن اليوم من أن يكتب عنها ثلاث كلمات لن يقولها لأي أحد.

ليس ممن يمكن أن يقصده أي أحد.

(36)

القماش أكثر نأيًا من الشاطئ، والنَّوارس أكبر من البحَّارة الذين تتقلَّب عليهم، و«سمحة» لا تزال في الطريق إلى القاع أو السَّحاب*، والزَّبد أكثر من الجميع، وأنا لا أكتب عما لم أرَ بل أنتظر رؤاه، وسأنتظر أكثر، إذ لا يعذبني أكثر من الغرقى.

(37)

بعد تجارب السَّفر من عدد لا بأس به من مطارات الدُّنيا وإليها، فإنه، إن كان ينبغي أن أمدح أي مطار في هذا العالم، فلن يكون ذلك سوى مطار جزيرة ساموي في تايلند (وهو، بالمناسبة، مطار محليٌّ ضئيل مختبىء في المكان الصغير، وليس دوليًّا في جهر الموقع الكبير، وإن كان بإمكانك أن تنهي إجراءات السفر الدولي فيه)؛ ليس فحسب لأن مطار جزيرة ساموي مفتوح من الجهات الأربع، في العديد من مبانيه الخارجيَّة، على الهواء الطَّازج الطَّلق، بحيث تشعر أنك موجود في عصر ما قبل الطائرات وما بعد اكتشاف قوانين ضغط الهواء (فلنقل، كما في محطة قطارات مهجورة في صحراء بعيدة، ومحاطة بالحانات، ولا تزال تؤمها العربات والخيول)، ولكن كذلك لأن ذلك المطار الصغير يُشعرك أنك لا تزال ممعنًا لدرجة النِّسيان في جولتك الرَّاجلة على الهضاب الخضراء والأحراش التي تحيط به في حريَّة تؤهلك للتَّلكؤ والمماطلة.

مطار جزيرة ساموي يجعل من السَّفر تجربة صغيرة جدًا قابلة للتّكرار أو التّراجع مثل قميصٍ خفيفٍ قصير الكُمَّين أبيض يغسل نفسه بنفسه بين الأحراش والدَّراجات الهوائيَّة والنَّاريَّة وما تيسَّر من أعمال. إنه مطار خاضع لمواعيد إقلاع وهبوط الطائرات بالطبع، ولكنه لا يستعجلك في الإقامة، أو السَّفر، أو النوم، أو الخمر، أو الحليب. وحين تكون فيه فإن شعورك بوجودك في مكانٍ غريب، أو أليف، يتفاوض مع نفسه بحيث لا يؤدي بك إلى أي جزم.

أريد أن أذهب إلى ذلك المطار، أو أعود منه، مرة أخرى، هذا ناهيكم عن أنني لا أزال فيه رغبة في هواء المغادرة أو العودة.

------------------------------------------

سمحة: سفينة تجاريَّة عُمانيَّة غرقت ليلًا (لأسباب تتعدد الرِّوايات حولها) مع جميع أفراد طاقمها وركابها وعددهم أكثر من مائة وسبعين شخصًا قبالة ساحل الشُّويميَّة في بحر عُمان، وذلك في رحلة العودة من زنجبار إلى صور في العام 1959.

عبدالله حبيب كاتب وشاعر عُماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

أنس الشريف .. صوت غزة الذي فضح جرائم الاحتلال

أنس الشريف .. صوت غزة الذي فضح جرائم الاحتلال

مقالات مشابهة

  • ركاب سفينة تركية يعيشون لحظات عصيبة وسط البحر بعد اصطدامها بصخرة.. فيديو
  • عمال إيطاليون يعترضون سفينة سعودية في ميناء جنوة
  • أنس الشريف .. صوت غزة الذي فضح جرائم الاحتلال
  • إيطاليا.. اعتراض سفينة سعودية تنقل أسلحة إلى الكيان الصهيوني
  • اعتراض سفينة سعودية تمد الكيان الصهيوني بالأسلحة
  • خطوة نحو بيئة أكثر توازنا.. تحديث غرف التدخين بـ مطار القاهرة الدولي
  • اعتراض سفينة سعودية محملة بالأسلحة لإسرائيل
  • مصر وتركيا تتصدران إسناد إسرائيل .. حركة نشطة لـ 19 سفينة
  • تسببت بإصابة راكب.. انشقاق زلاقة مائية على متن أكبر سفينة سياحية بالعالم