ميدان عمر بن الخطاب ساحة واسعة تضم العديد من المعالم التاريخية والمباني القديمة، وتقع بالبلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة.

سمي الميدان بهذا الاسم نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي يُعتقد أنه دخل منه عندما فتح المدينة المقدسة سنة 15 هجرية.

الموقع

يقع ميدان عمر بن الخطاب بجانب باب الخليل (باب يافا) الذي يعد من الأبواب الأربعة الأصلية لسور القدس التاريخي، غرب البلدة القديمة.

تاريخ الميدان

ميدان عمر بن الخطاب من أهم الساحات الأثرية في القدس، وسمي بهذا الاسم بسبب الروايات التي تقول إن الخليفة جاء من جنوب جبل المكبر، وعبر باب الخليل إلى كنيسة القيامة.

تقول الروايات التاريخية إن عمر بن الخطاب دخل من هذا الميدان إلى بيت المقدس عام 15 هجرية، ليتسلم مفاتيح المدينة من البطريرك صفرونيوس، بعد معارك ضارية لفتح ديار الشام.

وكتب الخليفة آنذاك عهدا لأهل القدس يؤمِّن بموجبه أرواحهم وأموالهم، عُرِف باسم "العهدة العمرية"، وبعد ذلك تتابع بناء المساجد بأمر منه رضي الله عنه في مدن فلسطين.

ميدان عمر بن الخطاب تحيط به معالم تاريخية مثل قلعة القدس وفندق إمبريال وكنيسة المسيح (الجزيرة)معالم تحيط بالميدان

يطل الميدان على الفتحة التي فتحها السلطان العثماني عبد الحميد الثاني عام 1898 في سور القدس التاريخي لتسهيل دخول عربة الإمبراطور الألماني وليام الثاني وزوجته أوغستا فكتوريا للمدينة المقدسة.

توجد قلعة على يمين الداخل من باب الخليل نحو ميدان عمر بن الخطاب بنيت في بدايات القرن الأول الهجري على يد الملك هيرودوس، وسبق بناؤها بناء السور بحوالي 1500 سنة.

ومن المعالم التاريخية الأخرى أيضا خندق يعود للحقبة الأيوبية، ويوجد على يسار الداخل إلى الميدان "مقام ووقف" تختلف الروايات بشأنه، فإحداها تقول إنه قبر لمهندسَين أعدمهما السلطان العثماني سليمان القانوني، وتقول رواية أخرى إنه يمثل ما يُعرف بـ"التربة الصفدية"، ويقصد بها قبر حاكم صفد في العهد العثماني، وقبور أولاده الذين أوصوا بأن يدفنوا في القدس.

إعلان

يجاور "المقام" فندق إمبريال، وهو من أوائل الفنادق التي بنيت في مدينة القدس أواخر القرن التاسع عشر، وكذلك فندق البترا الذي بني في الفترة نفسها.

وبجانب الفندقين مدخل إلى شارع داود والبريد النمساوي الذي أصبح فيما بعد مركز الاستعلامات المسيحي، وهو أقدم بريد في مدينة القدس، وإلى جانبه البريد البريطاني وأول قنصلية بريطانية في المدينة.

وتوجد في الميدان أيضا كنيسة المسيح التي بنيت عام 1850 وفي العهد العثماني كان يوجد في ميدان عمر بن الخطاب سوق خضار.

أغلق الميدان من 1948م إلى 1967م لأنه كان منطقة مواجهة بين قوات الجيش العربي الأردني والجيش الإسرائيلي في غرب المدينة.

وبعد 1967 بنى الاحتلال منشآت سياحية ومراكز للاستعلامات، وشبابيك لبيع التذاكر مقابل دخول السياح إلى الميدان.

كما يعد ميدان عمر بن الخطاب مدخلا إلى الأسواق الرئيسية مثل سوق البازار وسوق العطارين وسوق اللحامين.

كنيسة المسيح المطلة على ميدان عمر بن الخطاب والتي بُنيت عام 1859 (الجزيرة)صفقة البيع

عام 2005 اشترى مستثمرون يهود فندقي إمبريال والبترا وبعض الأراضي والمباني في ميدان عمر بن الخطاب، وتقول بعض الروايات إن للبطريركية اليونانية الأرثذوكسية علاقة بهذه الصفقة.

وكشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية في تقرير لها أن الذي كان وراء الصفقة هو نيكولاس باباديموس المكنى "نيكو"، وكان الساعد الأيمن للبطريرك إيريناوس الأول، وكان مكلفا بإدارة ممتلكات الكنيسة وشؤونها المالية.

ويضيف التقرير أن باباديموس وقع الصفقة السرية الكبرى التي باعت بموجبها الكنيسة المباني المذكورة.

وتقول تقارير أخرى إن عائلتي قرش والدجاني الفلسطينيتين استأجرتا فندقي البترا وإمبريال منذ الخمسينيات، وبموجب القانون فهما ليستا ملزمتين بإخلائهما، رغم أن الكنيسة اشترتهما.

وتواجه العائلتان ضغوطا من جمعيات استيطانية ومحامين إسرائيليين يسعون للعثور على ثغرات قانونية تسهل الاستيلاء على العقارين التاريخيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

حضرموت اليمنية… كيف تحولت من مملكة تاريخية إلى ساحة تنافس إقليمي؟

تصاعد التوتر في حضرموت شرقي اليمن خلال الأيام الماضية، ما أدى إلى توقف محدود في إنتاج النفط.

 

وانتهت الاشتباكات بانتشار قوات النخبة الحضرمية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي داخل مواقع نفطية في منطقة المسيلة، عقب انسحاب قوات "حلف قبائل حضرموت" بموجب اتفاق تهدئة رعته السعودية.

 

وتبرز خلف هذه التطورات منافسة نفوذ بين قوى محلية مدعومة من أطراف إقليمية، إذ يحظى المجلس الانتقالي بدعم إماراتي، بينما تربط الحلف القبلي علاقات وثيقة بالسعودية.

 

وتعكس هذه المواجهات التوتر المتصاعد بين الإمارات والسعودية، اللتين كانتا شريكتين في تحالف عسكري ضد الحوثيين قبل أن تختلف أولوياتهما خلال السنوات الأخيرة، مع دعم كل منهما لقوى متنافسة في اليمن والسودان، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

 

ونقلت الصحيفة عن المحلل اليمني المقيم في الولايات المتحدة محمد الباشا قوله إن "السباق بدأ لتحديد خريطة مستقبل اليمن"، مشيراً إلى أن المجلس الانتقالي يرى أن السعودية تتجه نحو تسوية مع الحوثيين في الشمال، ويسعى لضمان نفوذه الكامل في الجنوب قبل أي اتفاق محتمل.

 

ولكن ماذا نعرف عن حضرموت؟

 

حضرموت منطقة واسعة تقع في شرق ووسط اليمن وتطل على خليج عدن. وتضم مرتفعات جبلية قرب الساحل، إضافة إلى واد داخلي يشغله مجرى موسمي يعرف بوادي حضرموت، الذي يمتد موازياً للساحل قبل أن يتجه إلى الجنوب الشرقي نحو البحر. وتشير دائرة المعارف البريطانية إلى أن المجرى يتحول في مراحله السفلى إلى تدفق مائي دائم على مدار العام يعرف باسم وادي المسيلة.

 

وتتميز المرتفعات بتربة فيضية تسمح بزراعة واسعة تشمل القمح والشعير، إلى جانب محاصيل أخرى مثل الفواكه والتمر والبرسيم والتبغ. وتعد المكلا المدينة الرئيسية وميناء المحافظة، فيما تضم حضرموت مدناً بارزة أخرى مثل شبام، المعروفة بمبانيها الطينية متعددة الطوابق التي يعود عمر بعضها إلى نحو خمسة قرون، وكذلك تريم والغرف والريان، ويضم بعضها مطارات محلية.

 

وتصدّر حضرموت عدداً من المنتجات، أبرزها الأسماك والعسل والجير والتبغ. وشهدت عبر التاريخ هجرات واسعة لسكانها إلى شرق أفريقيا وإندونيسيا وشبه الجزيرة العربية سعياً لتحسين ظروف المعيشة. وتعد حضرموت، وفق المصدر ذاته، واحدة من أقدم المناطق المأهولة في جنوب الجزيرة العربية، وتمثل إقليماً تاريخياً يمتد عمقه الحضاري إلى آلاف السنين، بما في ذلك حضارة مستقلة ومعالم أثرية وثقافية كان لها أثر بارز في تاريخ اليمن القديم والإسلامي.

 

تشير دائرة المعارف البريطانية إلى أن حضرموت كانت في العصور القديمة مملكة عربية جنوبية واسعة النفوذ، وتمتد في ما يعرف اليوم بالجنوب والجنوب الشرقي من اليمن، إضافة إلى أجزاء مما يشكّل حالياً سلطنة عمان.

 

وتقول إن المملكة حافظت على استقلالها السياسي حتى أواخر القرن الثالث الميلادي حين غزتها مملكة سبأ، وقد أثبتت النقوش المسندية مكانتها ككيان سياسي واقتصادي مؤثر في المنطقة.

 

وخلال العصور السبئية والحميرية، شهدت حضرموت علاقات متقلبة مع الممالك اليمنية الأخرى، إذ دخلت في صراعات على النفوذ وتبادلت السيطرة على الطرق التجارية والمناطق الحدودية.

 

وتشير النقوش المسندية إلى أن ملوك حضرموت شيدوا السدود وشقوا القنوات وأداروا نظاماً زراعياً متقدماً سمح باستثمار الواحات الخصبة في الوادي.

 

ومن أبرز مراكز تلك المملكة مدينة شبوة القديمة، التي كانت عاصمة حضرموت ومقراً لملوكها، وقد اكتشفت فيها نقوش ومعابد وآثار تكشف طبيعة الحياة السياسية والدينية والاقتصادية في تلك الحقبة.

 

وظلت حضرموت، بحسب المصدر ذاته، كياناً مستقلاً حين خضعت عدن للسيطرة الساسانية عام 571 ميلادية، واستمرت كذلك حتى دخولها في الإسلام عام 630 ميلادية.

 

دخول الإسلام

 

مع دخول الإسلام إلى اليمن في القرن السابع الميلادي، أصبحت حضرموت مركزاً مهماً لنشر الدعوة الإسلامية، إذ اعتنق سكانها الإسلام مبكراً وأسهم علماؤها ودعاتها وتجارها في نشره خارج الجزيرة العربية، ولا سيما في شرق أفريقيا والهند وماليزيا وإندونيسيا.

 

ولعب موقعها البحري وخبرة أهلها في الملاحة وصناعة السفن دوراً أساسياً في هذا الانتشار، ما جعلهم قوة تجارية مؤثرة في المحيط الهندي.

 

وأقام التجار الحضارمة تجمعات واسعة في سواحل شرق أفريقيا، وأسهموا في نشر اللغة العربية والثقافة الإسلامية، وتركوا تأثيراً ما يزال ملموساً حتى اليوم في المجتمعات الساحلية في كينيا وتنزانيا وجزر القمر.

 

وفي العصور الإسلامية اللاحقة، شهدت حضرموت بروز أسر دينية وقيادات علمية أسهمت في تشكيل الحياة الفكرية في اليمن والجزيرة العربية.

 

وكان للمدرسة الصوفية، خصوصاً الطريقة العلوية، حضور بارز في تاريخ الإقليم، إذ انتشر علماؤها في بلدان عدة وارتبط اسم حضرموت بالتصوف المعتدل والتعليم الديني.

 

وأسهم هذا النشاط الفكري في تأسيس مراكز علمية بارزة، أبرزها مدينة تريم، التي تعد إحدى أهم مدن العلم الديني في اليمن وتضم عشرات المساجد والمدارس التي استقبلت آلاف الطلاب عبر القرون.

 

العصور الوسطى والحديثة

 

في العصور الوسطى، تبعت حضرموت الدول الصليحية والرسولية والطاهرية التي حكمت اليمن من القرن الثالث عشر إلى منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، لكنها احتفظت بقدر من الاستقلال بسبب امتدادها الجغرافي الواسع وصعوبة إخضاعها لسلطة مركزية واحدة.

 

ومع مرور الزمن، ظهرت في الإقليم سلطنتان بارزتان: السلطنة الكثيرية التي قامت في أواخر القرن الخامس عشر في وادي حضرموت، والسلطنة القعيطية التي تأسست في القرن التاسع عشر على الساحل.

 

وقد أدارت كل منهما شؤونها الداخلية ووسعت نفوذها عبر القبائل والمدن، وظلت في الوقت نفسه خاضعة شكلياً للقوى الكبرى التي تعاقبت على حكم اليمن.

 

ولعبت القبائل الحضرمية دوراً مهماً في حفظ التوازنات الاجتماعية والسياسية، إذ كانت تتحكم في موارد المياه والزراعة والرعي، وتفرض حضورها عبر الأعراف القبلية التي شكلت أساس السلطة المحلية في المنطقة.

 

مع تزايد الاهتمام العالمي بالمحيط الهندي في القرن التاسع عشر، اكتسبت حضرموت وزناً أكبر بحكم موقعها الساحلي، وتشير دائرة المعارف البريطانية إلى أن هذا الموقع جعل بريطانيا تسعى لعقد معاهدات حماية مع عدد من السلاطين في جنوب الجزيرة العربية، ومنها السلطنتان الكثيرية والقعيطية في حضرموت.

 

ومع استمرار النفوذ البريطاني في المنطقة، أسست لندن عام 1962 اتحاد إمارات الجنوب العربي الذي ضم 12 سلطنة ومشيخة، غير أن سلطنتي حضرموت ظلتا خارج هذا الاتحاد بحسب الوثائق الرسمية البريطانية.

 

وفي ستينيات القرن الماضي، أثّر انقلاب عبد الله السلال في شمال اليمن على الأجواء السياسية في جنوبه الخاضع للحماية البريطانية، بما في ذلك حضرموت التي شهدت اضطرابات محدودة في المكلا.

 

وتختلف تفسيرات المؤرخين لهذه الأحداث، إذ يربط بعضها ذلك بموجة التحولات السياسية والقومية التي شهدها جنوب اليمن آنذاك، فيما ترى قراءات أخرى أنها جاءت في سياق الاضطرابات التي رافقت تلك المرحلة في مناطق النفوذ البريطاني.

 

بعد الجلاء البريطاني وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب عام 1967، انتهى حكم السلطنات في حضرموت وبقية مناطق الجنوب، وأصبحت المحافظة جزءاً من الدولة الجديدة التي شهدت تحولات اقتصادية واجتماعية، ولا سيما في مجالات التعليم وتحديث الإدارة وتنظيم الحياة القبلية.

 

ومع إعلان الوحدة اليمنية عام 1990، أصبحت حضرموت إحدى المحافظات الرئيسية في الجمهورية اليمنية، مستندة إلى ثرواتها الطبيعية، خصوصاً النفط الذي يُعد من أهم مواردها.

 

تعد حضرموت مركزاً مهماً للتراث المعماري اليمني، وتشكل عمارتها الطينية أحد أبرز معالمها، خصوصاً في مدينة شبام التي تعرف بـ"مانهاتن الصحراء" بسبب مبانيها الطينية الشاهقة.

 

وصنّفتها منظمة اليونسكو مدينة تراث عالمي لما تمثله من نموذج معماري نادر يظهر قدرة البناء الطيني على مقاومة المناخ القاسي، ويعكس تطوراً حضرياً متراكماً عبر قرون. ويعد وادي حضرموت اليوم من أكبر الوديان المأهولة في اليمن، وتبرز مدينة سيئون فيه كمركز إداري مهم، وتشتهر بقصر السلطان الكثيري، أحد أكبر المباني الطينية في العالم.

 

وتمثل مدينة تريم الوجه الديني والثقافي لحضرموت، إذ ارتبط اسمها بالعلم الشرعي وبشخصيات دينية كان لها حضور واسع في العالم الإسلامي، بينما تحتفظ مدينة الشحر بتاريخ بحري عريق بوصفها ميناء نشطاً لتصدير السلع عبر البحر العربي.

 

الحرب في اليمن: قصر سيئون المبني من الطوب اللبن "مهدد بالانهيار"

 

وعلى الصعيد الاقتصادي، تعد حضرموت من أهم المناطق النفطية في اليمن، وتحتضن منطقة المسيلة عمليات استخراج وإنتاج النفط منذ تسعينيات القرن الماضي، ما منح المحافظة وزناً اقتصادياً وفر فرص عمل في بعض المدن، رغم استمرار تحديات البنية التحتية والخدمات.

 

وبفضل تاريخ طويل من الهجرة نحو شرق أفريقيا وجنوب آسيا ودول الخليج، ترك الحضارمة أثراً ثقافياً وتجارياً بارزاً في المجتمعات التي استقروا فيها، وأسهموا في نشر اللغة العربية والثقافة الإسلامية.

 

كما قدّمت حضرموت شخصيات بارزة في مجالات العلم والدين والأدب والتاريخ، ما جعلها خزاناً معرفياً وثقافياً يمتد أثره داخل اليمن وخارجه. ومع استمرار التحولات السياسية في البلاد، تبقى حضرموت محافظة ذات أهمية استراتيجية تجمع بين إرث تاريخي وثقافي عميق وثروات اقتصادية مؤثرة.

 

 


مقالات مشابهة

  • أصوات إطلاق نار تُسمع في عكار… وهذا ما تبيّن
  • إضاءة شجرة الميلاد في ساحة الشهداء
  • خبيرة للجزيرة نت: أهم التحديات التي تواجه المرأة في القدس
  • ميدان سباقات الخيل بنجران يُنظّم اليوم حفل سباقه الـ11 للموسم الحالي
  • حملة شيطنة الإسلام
  • حضرموت اليمنية… كيف تحولت من مملكة تاريخية إلى ساحة تنافس إقليمي؟
  • خطاب قاسم: تثبيت السقف الدفاعي قبل اتّساع المسار التفاوضي
  • مصر.. اكتشاف استثنائي في مقبرة أثرية عمرها 2800 عام
  • حسن خليل: نرفض الخطاب الطائفي وندعو للاستفادة من مناخات زيارة البابا
  • تعرف على الطرق البديلة بعد الغلق الكلي لشارع 26 يوليو تجاه ميدان لبنان