علي جمعة: كل ما نصف به رسول الله هو أقل من الحقيقة
تاريخ النشر: 30th, August 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن العقول حارت في تقدير فضل النبي، وخرست الألسن دون وصفٍ يحيط بذلك أو ينتهي إليه.
ونوه ان كل ما نصف به سيدنا رسول الله ﷺ هو أقل من الحقيقة:
كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ .. والبحر في كرمٍ والدهر في هِمَمِ
فقد ضاقت العبارة في مدحه :
دَعْ مَا ادَّعَتْهُ النَّصَارَى فيِ نَبِيِّهِمِ .
وَانْسُبْ إِلىَ ذَاتِهِ مَا شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ .. وَانْسُبْ إِلىَ قَدْرُهُ مَا شِئْتَ مِنْ عِظَم
فَإِنَّ فَضْلَ رَسُولِ اللهِ لَيْسَ لَهُ .. حَدٌّ فَيُعْرِبَ عَنْهُ نَاطِقٌ بِفَم
وكأنه أغلق باب اللغة؛ فكل مَن سيأتي بمدح فهو أدنى من الواقع مع سيدنا رسول الله ﷺ:
* في حلمه واحتماله وعفوه.
* في جوده وكرمه وسخائه وسماحته.
* في شجاعته ونجدته؛ وكان ﷺ إذا اشتد الوطيس احتمينا برسول الله.
* في حيائه وإغضائه: ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ﴾.
* في حسن عشرته وآدابه وبسط خلقه مع الخلق.
* في شفقته ورأفته ورحمته.
* في وفائه وحسن عهده وصِلته للرحم.
* في تواضعه ﷺ.
* في عدله وأمانته وعفته وصدق لهجته.
* في وقاره وصمته.
* في زهده؛ كانت الدنيا في يده ولم تكن في قلبه.
* في خوفه من ربه وطاعته وشدته في عبادته ﷺ.
وكيف يُدْرِكُ في الدنيا حقيقتـَه .. قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحُلُــــــمِ
فمبلغ العلمِ فيه أنه بشــــــرٌ .. وأنه خيرُ خلقِ الله كلهــــــمِ
وتابع: حتى إن الله لما أغرى به السفهاء؛ لينال المرتبة العليا عند ربه، أغرى به السفهاء إلى يوم الدين، ولا يزالون يسبونه ويشتمونه، وهو يأخذ الأجر على ذلك مستمرًّا حتى بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى.
ولفت إلى ان لكل إنسانٍ سقفًا لا يتعدّاه، ولكن ربنا سبحانه وتعالى رفع السقف عن نبيه ﷺ، فجعله يترقى في مراقي العبودية والفضل والشرف إلى يوم الدين، إلى ما لا نهاية له في الشرف والمجد ﷺ. ﴿وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ﴾. والنبي ﷺ لا وِزر له بمعنى الإثم، إنما بمعنى السقف الذي كان يمنعه من الترقي في الكمالات، فرفعه ربنا سبحانه وتعالى حتى لا يصطدم ظهره به في أثناء علوه وصعوده في مراقي العبودية.
فالرسول ﷺ يتقلَّب في شرفٍ إلى شرفٍ إلى يوم القيامة، وهكذا يقول الناس: الفاتحة زيادة في شرف النبي ﷺ، فكل صلاةٍ، وكل دعاءٍ، وكل قراءةٍ، وكل ثوابٍ يذهب إلى النبي ﷺ منه نصيب؛ لأنه دالٌّ على الخير، والدال على الخير كفاعله.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النبي رسول الله الله الفاتحة علي جمعة رسول الله علی جمعة
إقرأ أيضاً:
كيف يتفكر الإنسان ويكون الفكر لله؟..على جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن طريقنا هذا مقيد بـ «الذكر والفكر»، فما هو الفكر؟ الفكر لله سبحانه وتعالى، أي إن مقصده ووجهته إلى الله، وينبغي أن يكون في ملكوت الله، وفي ملك الله؛ في السماوات والأرض، وفي النفس، وفي الحيوان، وفي النبات، وفي كل ما يتأتى للإنسان أن يستشعره، ويدركه، ويفهمه، ويعلمه، ويطلع عليه، ويحصل معناه؛ أي أن يتفكر الإنسان في كل شيء.
هدف الفكر
ولا بد أن يؤدي هذا الفكر إلى علم، وهذا العلم يؤدي إلى يقين، وهذا اليقين يؤدي إلى مشاهدة، وهذه المشاهدة تؤدي إلى حضور، وفي الحضور أنس بحضرة القدس؛ فهذه مراتب متتابعة، غاية الفكر فيها أن يسوق صاحبه إلى حضرة القدس سبحانه وتعالى، فهذا هو هدف الفكر.
وليس هدف الفكر التكبر والتعالي على الناس، ولا الضلال، ولا الإيذاء، بل إن هدف الفكر دائمًا هو الله.
فينبغي علينا أن نوجه فكرنا ليدفعنا إلى الله؛ فكل شيء حولناه في نفوسنا إلى دلالة على الله صار علمًا، وكل ما لم يكن كذلك لا يكون علمًا، وإنما يكون معرفة لا تنفع، أي إدراكًا لا يثمر قربًا من الله، والجهل بها لا يضر.
قال رسول الله ﷺ: «العلم ثلاثة، وما سوى ذلك فهو فضل: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة». فهذا هو العلم الذي نقصده في طريقنا إلى الله سبحانه وتعالى؛ لا الذي يؤدي إلى التفاخر بين الناس، ولا إلى التكبر والتعالي، ولا إلى الإيذاء والفساد في الأرض. فكل علم وصل بصاحبه إلى الله، ووجد الإنسان نفسه بعده يسبح ربه ويقول: سبحان الله الخالق العظيم، ويرى أن كل شيء في الكون وراءه قدرة الله سبحانه وتعالى، كما قال قائلهم:
وفي كل شيء له آية
تدل على أنه واحد
كيف يتفكر الانسان
وعليه، فإن السالك في سيره إلى الله تعالى ينظر، ويتأمل، ويتفكر، ويستنبط من هذا الترتيب العجيب في العالم العلوي والعالم السفلي ما يوقن معه بالله سبحانه وتعالى يقينًا لا يتزعزع، لا يكون بعده ريب، ويتفكر في مخلوقات الله تعالى، ويتفكر في نفسه، وقديمًا قالوا: «من عرف نفسه فقد عرف ربه».
فالإنسان يتفكر في نفسه: في مولده، وفي حياته، وفي مماته، وفي كل ما يحيط به؛ فإذا فعل ذلك رأى الله سبحانه وتعالى في مقابل ذلك كله.
فإذا صحّ هذا الفكر، لم تعتره الريبة، ولم تهجم على قلبه الشكوك، وتراه مطمئنًا بذكر الله.
فـ «الذكر والفكر» هما الدعامة الأساسية لهذا الطريق إلى الله تعالى.