يا أصحاب الفِتَن الأُسَريَّة.. اتقوا الله.. !!
تاريخ النشر: 8th, September 2025 GMT
لا تشْعِلوا فِتَنًا في المجتمع تُفَكِّكهُ أكثرَ مِمَّا هو عليه بفعلِ العَوْلَمة، ومُحاكاة الغرب في أفكارهِ، وعاداته.
فإلي من يزعُمُون أن الزوجة ليست مُلْزَمة بخِدمةِ زوجها نَرُدُّ بما جاء في "فقه السنة" أن أساس العلاقة بين الزوج والزوجة هي المساواة في الحقوق والواجبات، وأصل ذلك قول الله تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (البقرة: ٢٢٨).
فالرجل أقْدَرُ على العملِ والكَدْحِ والكَسْب خارج المنزل، والمرأة أقدر على تدبير المنزل، وتربية الأولاد، وتيسير أسباب الراحة البيتية، والطمأنينة، فيُكَلَّف الرجل بما هو مناسب له، وتُكَلَّفُ المرأة بما يناسبُ طبيعتها.
وعن "أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها" قالت: "كنتُ أخْدِم "الزُّبَيْر" خِدمَة البيت كله، وكان له فَرَسٌ فكنت أسوسَهُ، وأحتَشُّ له، وأعلِفهُ، وأسقي الماء، وكنت أعجن الطَّحين.. ".
وقد شَكَت السيدة "فاطمة" رضي الله عنها، وهي أشرف نساء العالمين ما كانت تلقاهُ مِنْ خدمة بيتها فَلَم يسمع رسول الله- ﷺ- شكايتها، ولم يقُلْ لِعَليٍّ: لا خدمة عليها، بل أَقَرَّ ذلك، وأقر سائر أصحابه على خدمة أزواجهن، مع عِلْمِه بأن مِنْهُن الكارهة والرَّاضية.
وهذا من حسن التَّبعُل الذي يشمل إلى جانب الأمانةِ والطاعةِ، والتَّجمُلِ وهدوء النفْس خِدمة الزوج لِمَا فيها من إظهار الحُبِّ والتضحية، وزيادة في الترابط بالمودة والرحمة، وهذه الأمور أيضًا يجب توفُّرها عند الزوج لزوجته بجانب العمل والإنفاق عليها.
ولإيضاح تفضيل خدمة الزوجة لزوجها وأبنائها لنا أن نفترض حاجة الرجل إلى طعامٍ في وقتٍ متأخر، أو حاجته إلى أمرٍ يلزَم كشف أجزاءٍ من جسمه من قبيل التمريض مثلاً (إذا كان بإمكانها) فإن الزوجة بدافع الغيرة الغريزية ترفض قيام امرأة أجنبية بذلك لزوجها بشكل مباشر، ودائم.
* ويا من تزعُمُون عَدَم إلزام الزوجة بإرضاع وليدها، وتحرضونها على مطالبة زوجها ليُحضِر مُرضِعَة مهما كلَّفه ذلك: اتقوا الله، فالإرضاع كان مهنة بعض النِّساء، ومصدرًا للرزق قبل الإسلام، وحتى في سنواته الأولى إلا أنها كانت تُمارَسُ مِنْ قبيل الاضطرار، لوفاة أم الرَّضيع، أو لاعتِلالِها بمرضٍ يَمْنَعُها مِنَ الإرضاع، أو لعدم كفاية ما يُشْبِعُ الوليد من لبَنِها.
وارتباط الابن بأمِّهِ بما يضَعهُ اللهُ في قلبهِ من حُبٍ غَريزي ينمو داخله منذ الرَّضاعة فهي تُشعِرَه بدفء الأمومة، وحنانها عندما تَضُمُّه لصدرها..
* فبين وقتٍ وآخر تصْدِمُنا أصوات شاذة مُحَرِّضَة على ما يزيدُ حالات الطَّلاق لزيجاتٍ بعضُها لم تُكْمِل عامًا، مستندين إلى فتاوى من يُخالِفون ليُعْرَفوا، ومؤخرًا قالت إحداهن: "لمَّا بنتي اتولدِت مرضعتهاش لإني مُشْ بَقَرَة".
نَحمِد الله أن الأبقار، والأغنام، والحيوانات التي سخَّرها للإنسان ليس بينها من يُحرِّضُها على عدم إرضاع وليدها، ومطالبة (العِجْل) بتوفير بَقَرةٍ مُرْضِعَة.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
هل يقع طلاق القاضي غير المسلم في بلاد الغرب؟
إذا حصل خلاف بين الزوجين المسلمين في بلاد الغرب واستحال الحل بين الطرفين، فاللزوجة رفع الأمر إلى القاضي الشرعي إن وجد ليلزم الزوج بالطلاق، فإن لم يوجد القاضي الشرعي فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه، فيقنعوا الزوج بالطلاق، أو تطلب الزوجة الخلع، فإن تلفظ الزوج بالطلاق أو كتبه بنية الطلاق وقع تطليق الزوج، وانبنت عليه أحكام الطلاق من حين طلاقه، ويجوز أن توثق هذا الطلاق الشرعي بعد ذلك في المحكمة الوضعية للحاجة لهذا التوثيق، أما لو لم يفعل بل حكمت المحكمة المدنية والقاضي غير المسلم، فإن الطلاق لا يقع عند عامة الفقهاء المتقدمون، فالفقهاءالسابقون رحمهم الله اتفقوا على تحريم التحاكم لغير المسلمين وعلى اشتراط الإسلام في القاضي، وبالتالي عدم وقوع الطلاق الصادر من القاضي غير المسلم، إلا إذا تلفظ الزوج بالطلاق، أو كتبه بنية الطلاق، أما المعاصرون فلهم اتجاهان في هذه المسألة:
الاتجاه الأول: عدم وقوع الطلاق الصادر من القاضي غير المسلم، وهذا ما ذهب إليه عامة المعاصرين، وصدر به قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وعليه الفتوى في دائرة الإفتاء بالمملكة الأردنية، وفتوى شيخ الأزهر، لقوله تعالى: (وَلَن يَجۡعَلَ ٱللَّهُ لِلۡكَٰفِرِينَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ سَبِيلًا)، وجه الدلالة: أن القضاء نوع ولاية، ولا ولاية لكافر على مسلم، قال ابن فرحون في تبصرة الحكام: "قال القاضي عياض رحمه الله: وشروط القضاء التي لا يتم القضاء إلا بها ولا تنعقد الولاية ولا يستدام عقدها إلا معها عشرة: الإسلام والعقل والذكورية والحرية والبلوغ والعدالة والعلم وكونه واحداً وسلامة حاسة السمع والبصر من العمى والصمم وسلامة اللسان من البكم، فالثمانية الأول هي المشترطة في صحة الولاية والثلاثة الأخر ليست بشرط في الصحة، لكن عدمها يوجب العزل، فلا تصح من الكافر اتفاقاً، ولا المجنون"، ولقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)، وجه الدلالة: دلت الآية على وجوب أن يكون ولاة الأمر من المؤمنين ومن ذلك القضاة، إذ لهم نوع ولاية.
الاتجاه الثاني: وقوع الطلاق الصادر من القاضي غير المسلم، كما جاء هذا في قرارات المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث، ومجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، ودليلهم: أن المسلم الذي أجرى عقد زواجه وفق القانون غير الإسلامي قد رضي ضمناً بنتائجه، ومنها أن هذا العقد لا يحل عروته إلا القاضي، وهو ما يمكن اعتباره تفويضاً من الزوج جائزاً له شرعاً عند الجمهور، ولو لم يصرح بذلك، ولأن تنفيذ أحكام القضاء ولو كان غير إسلامي جائز من باب جلب المصالح ودفع المفاسد، وحسماً للفوضى، والضرورة داعية لذلك، جاء في قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته التاسعة عشرة في القرار الثالث: مشروعية قيام المراكز الإسلامية وما في حكمها بتطليق زوجات المسلمين اللاتي ترافعن إليها أو النظر في ذلك ممن حصلن على الطلاق من محاكم غير إسلامية، وفيه:
ثانياً: التأكيد على أن المصلحة تستدعي تضمين عقود الزواج شرط التحكيم عند النزاع وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
ثالثاً: عند حصول إنهاء الزواج لدى المحاكم المدنية في تلك البلاد، فعلى الزوجين مراجعة المراكز الإسلامية المعتمدة لاتخاذ اللازم حسب الأصول الإسلامية.
رابعاً: إذا كانت إجراءات التفريق بين الزوجين المدنية تسمح بتحويل القضية إلى المركز الإسلامي، أو محام مسلم، أو محكم يفصل في النزاع فإن الواجب قبول هذا التحويل والحرص عليه، وجاء في نص البيان الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا على: "أنه يرخص في اللجوء للقضاء الوضعي عندما يتعين سبيلاً لاستخلاص حق أو دفع مظلمة في بلد لا تحكمه الشريعة، شريطة اللجوء إلى بعض حملة الشريعة لتحديد الحكم الشرعي الواجب التطبيق في موضوع النازلة، والاقتصار على المطالبة به والسعي في تنفيذه"، وجاء في قرارات المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث: "الأصل أن المسلم لا يرجع في قضائه إلا إلى قاضٍ مسلم أو من يقوم مقامه، غير أنه بسبب غياب قضاء إسلامي حتى الآن يتحاكم إليه المسلمون في غير البلاد الإسلامية، فإنه يتعين على المسلم الذي أجرى عقد زواجه وفق هذا القانون غير الإسلامي، فقد رضي ضمناً بنتائجه، ومنها أن هذا العقد لا يحل عروته إلا القاضي، وهو ما يمكن اعتباره تفويضاً من الزوج جائزاً له شرعاً عند الجمهور، ولو لم يصرح بذلك، لأن القاعدة الفقهية تقول: المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، وتنفيذ أحكام القضاء ولو كان غير إسلامي جائز من باب جلب المصالح ودفع المفاسد وحسماً للفوضى، كما أفاده غير واحد من حذاق العلماء كالعز بن عبدالسلام وابن تيمية والشاطبي".
والقول الأول لعله هو الأقرب: من أن طلاق القاضي غير المسلم لا يقع، إلا إذا كتبه الزوج ونواه، أو تلفظ به، والواجب على الزوجين في بلاد الغرب أن يحتكموا إلى المراكز الإسلامية للفصل بينهم في هذه المسائل، والله أعلى وأعلم.