ظهور هشام المشيشي.. لماذا الآن؟ ولماذا على قناة الجزيرة؟
تاريخ النشر: 6th, October 2025 GMT
أثار الظهور الإعلامي الأخير لهشام المشيشي، رئيس آخر حكومة في المسار الديمقراطي، ردود فعل واسعة ومتباينة، خاصة بسبب توقيت الظهور بعد صمت طويل وأيضا بسبب المنبر الذي ظهر فيه وهو قناة الجزيرة.
1- مفاجأة الظهور
كان الظهور الإعلامي مفاجئا لكون الرجل لازم الصمت لمدة تزيد عن أربعة أعوام، مع أنه معنيّ بحدث مهم في تاريخ تونس السياسي الحديث لكونه كان آخر رئيس حكومة في مرحلة التدرّب الديمقراطي، ولكونه من وقع عليه فِعلُ العزل دون أن يُسمَح له بمخاطبة التونسيين حول ما حدث وحول ما فُعِل به وحول من كان حاضرا ليلة الواقعة في القصر.
لقد كان صمت المشيشي سببا لظهور روايات كثيرة لا أحد يملك دليلا على صحتها أو زيفها، ولا أحد يستطيع تأكيد مساهمة المشيشي في الحدث أو براءته منه.
ثم كيف استطاع المشيشي مغادرة البلاد؟ وما هي "الصفقة" التي أُبرِمت معه؟ وما هي الأطراف التي "ضمنت" في خروجه، أو طمأنت السلطة بكونه سيلتزم واجب التحفّظ ولن يتكلم في أسرار الدولة؟
لقد تراكمت أحداث ووقائع بعد 25 تموز/ يوليو 2021، حيث أقدمت السلطة على تفكيك عدة مؤسسات دستورية، وعلى اتخاذ خطوات متسارعة في إعادة هندسة "معمار الدولة"، وحيث ازدحم قاموس الخطاب الرسمي بمفردات طارئة على الثقافة السياسية التونسية، وحيث تشكل "ائتلاف" مواطنون ضد الانقلاب، الذي قاد "الشارع الديمقراطي" في عدة تظاهرات شعبية، ثم خلفته "جبهة الخلاص الوطني" التي نظمت عدة وقفات للمطالبة بعودة المسار الديمقراطي وبإطلاق سراح المساجين السياسيين، وحيث شهدت السلطة نفسها عدة تغيرات وواجهت عدة أزمات، وحيث حصلت استشارات وانتخابات، وحيث تكلم معارضون في الداخل وفي الخارج، ومع ذلك فإن هشام المشيشي ظل ملازما الصمت لم يُدل بأي تصريح قد يساعد في فهم ما حصل أو في استشراف ما سيحصل.
لماذا تكلم المشيشي الآن؛ وتونس تمر بزمن سياسي "تتضافر" فيه كثير من عوامل "القلق"، عوامل داخلية متمثلة في الصعوبات الاجتماعية وفي غياب حوار وطني وفي اتساع تشققات المعمار الاجتماعي، وأيضا عوامل خارجية تبدو فيها تونس في دائرة الاستهداف؛ استهداف السلطة بسبب "غموض" سياساتها الخارجية، واستهداف البيئة التونسية باعتبارها جزءا من بيئة مغاربية داعمة بقوة للحق الفلسطيني وللمقاومة الفلسطينية، واستهداف عراقة الهوية التي ما زالت تبدي مقاومة لمختلف أشكال الاختراق الناعم.
ما نتابعه من دعوات خارجية لاستعادة المسار الديمقراطي، تجد في ممارسات السلطة الكثير أو القليل مما يبرره، وعلى السلطة أن تتخذ من الإجراءات العاجلة ما يمنع تلك التدخلات؛ فهي المسؤولة عن حماية السيادة الوطنية وعن ضمان السلم الأهلي والعدالة الاجتماعية وعن حرية المواطن وكرامته.
ورغم القول بكونية حقوق الإنسان ورغم الحديث عن كون العالم صار قرية صغيرة لـ"إنسان" واحد متعدد الشخوص، فإن العقلاء لا يُصدّقون أولئك الداعمين للإجرام الصهيوني حين يحدثونهم عن الحقوق والحرية والديمقراطية، وأن نفس أولئك العقلاء لا يرون الولاء للوطن كامنا في الولاء للسلطة سواء كانت عادلة أو متسلطة.
2- لماذا ظهر المشيشي في قناة الجزيرة؟
قد يبدو السؤال غريبا، ولكنه طُرِح فعلا على ألسنة من يعتبرون الجزيرة منحازة لتيار سياسي معين، ومن يقولون إن ذاك التيار مدعوم من تركيا ومن قطر، بل ويرون أن الأمريكان كانوا مساندين لـ"ربيع عربي" أوصل الإسلام السياسي إلى الحكم ديمقراطيا في كل من تونس وليبيا ومصر، ويتوجسون من عودة ذاك الدعم بهدف إعادته إلى السلطة.
لا يخفى على أيّ متابع كون قناة الجزيرة نشأت "ناجحة"، وكانت بمثابة "الطفرة" في عالم عربي حكمته قنوات الأنظمة المتخلفة بخطاب إعلامي بارد وثقيل وممجوج. اشتغلت قناة الجزيرة من البداية بحرفية عالية، وانتدبت إعلاميين وفنيين ذوي كفاءة وذوي ظهور مبهر صورة وصوتا وحضورا ذهنيا، بل ودراية بطرائق "السيطرة" لا على المشاهد فحسب بل وعلى الضيف حين يكون أحيانا ذا مراس صعب.
مثّلت القناة منذ نشأتها صُداعا لأغلب الحكام العرب؛ حتى وصفها الرئيس المصري الراحل حسني مبارك بـ"علبة كبريت"، لم يكن فيها ممنوعات بمعايير النظام العربي الرسمي، فقد كانت منبرا للمعارضين من يساريين وإسلاميين ومثقفين حتى اعتُبِرت "مُنتجة" الربيع العربي.
تلك الفكرة حول قناة الجزيرة هي التي تجعل البعض "يتوجس" مما قد تكون بصدد التمهيد له من تحولات سياسية قادمة في بلادنا، وتجعل البعض الآخر من معارضي السلطة، وبعد إطلالة المشيشي المفاجئة على القناة ولمدة خمس ساعات كاملة، وبعد عودة منذر الزنايدي لمخاطبة التونسيين عبر صفحته الخاصة، وقبلهما "دعوة" النائبين الأمريكيين؛ "يأمل" في أن تكون تلك "بشائر" عودة المسار الديمقراطي بكل ما يترتب عنه، ودون تساؤل عما إذا كان التاريخ قد تخلى عن قوانينه.
x.com/bahriarfaoui1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الجزيرة تونس الانقلاب انقلاب تونس الجزيرة ديمقراطية قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المسار الدیمقراطی قناة الجزیرة
إقرأ أيضاً:
كيف ولماذا؟ المنصات تتساءل عن منح فيفا ترامب جائزة للسلام
تفاعل مغردون مع منح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جائزته الجديدة للسلام إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في أول إصدار لهذه الجائزة على الإطلاق، وسط تساؤلات واسعة عن توقيت استحداثها ومعايير منحها.
وأقيم حفل التكريم في مركز جون كينيدي للفنون بواشنطن قبل إجراء القرعة النهائية لكأس العالم 2026، حيث قدّم رئيس فيفا جياني إنفانتينو الجائزة لترامب "تقديراً لإجراءاته الاستثنائية في تعزيز السلام والوحدة في العالم".
وتتكون الجائزة من منحوتة لفنانَين أذربيجانيَين سبق وأن عرضا أعمالهما في مقر الأمم المتحدة، إضافة إلى ميدالية تذكارية وشهادة.
ووصف ترامب التكريم بأنه "أحد أعظم التكريمات في حياتي"، مؤكداً أن "العالم أصبح أكثر أماناً الآن".
وربطت وسائل إعلام أميركية الجائزة بالعلاقة الوثيقة بين إنفانتينو وترامب، إذ كان رئيس فيفا من أبرز المؤيدين لمنح الرئيس الأميركي جائزة نوبل للسلام التي لم يحصل عليها حتى الآن.
آلية الاختيار
وفي سياق متصل، حذّرت منظمات حقوقية من الإضرار بسمعة ونزاهة كرة القدم، وأشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أنها تواصلت مع فيفا لفهم آلية اختيار الجائزة، لكنها لم تتلق إجابة، ما يعني بحسب المنظمة "أنه لا توجد آلية، ولا مرشحون آخرون، ولا عملية تحكيم".
وتباينت ردود فعل المغردين -وفقا لحلقة (2025/12/7) من برنامج "شبكات"- بين مؤيدين يرون أن ترامب يستحق التكريم لجهوده في إنهاء الصراعات، ومنتقدين يعتبرون الجائزة "مفصّلة" خصيصاً للرئيس الأميركي، في حين تساءل آخرون عن معنى السلام في ظل استمرار الحروب والقتل.
وكتب المغرد محمد مشيداً بسياسات ترامب:
السياسة أضحت أخطبوط، الرئيس ترامب يحصد أول جائزة من فيفا للسلام، هو بحق يقوم بالأمور، لكن على طريقته الصاخبة
ومن جهة أخرى، سخر المغرد خالد من توقيت استحداث الجائزة:
بعد فشله في الحصول على جائزة نوبل للسلام، فيفا تستحدث جائزة سلام لأول مرة وتمنح أولى نسخها للرئيس الأميركي دونالد ترامب تعويضا له
ومن ناحيته عبّر المغرد فادي عن غضبه وغرد:
عن أي سلام تتحدثون ونحن ما زلنا نُقتل ولم نحصل على حياتنا بعد
أما المغرد حسني فحذّر من تداعيات إقحام السياسة في الرياضة وكتب:
من أهم قوانين فيفا فصل السياسة عن كرة القدم، وإقحام السياسة وتدخل رؤساء الدول ورؤساء الوزراء يفتح الباب لدخول السياسة في قرارات فيفا والتحكم بها