كيف يمكن اكتشاف الإصابة بمرض ألزهايمر مبكراً؟
تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT
يُعَدّ مرض الزهايمر أكثر أنواع الخرف شيوعاً، وهو اضطراب عصبي تنكّسي يتسم بالتراجع التدريجي في الذاكرة والتفكير والقدرات السلوكية، وغالباً ما يتطور المرض ببطء على مدى سنوات طويلة، بحيث لا تكون أعراضه واضحة في بدايته، إذ قد تختلط بمؤشرات أمراض أخرى مثل الاكتئاب أو القلق أو حتى الشيخوخة الطبيعية.
وتشير التقديرات الصادرة عن "جمعية الزهايمر" في بريطانيا إلى أن نحو 850 ألف شخص هناك مصابون بالخرف، غالبيتهم بمرض الزهايمر، بينما يتجاوز عدد المصابين عالمياً 55 مليون شخص وفق بيانات منظمة الصحة العالمية.
ويحذّر الخبراء من أن عبء الزهايمر يتزايد عالمياً بشكل كبير مع ارتفاع معدلات الشيخوخة، حيث يُتوقع أن يتضاعف عدد المصابين ثلاث مرات تقريباً بحلول عام 2050.
هذا ما يجعل من التشخيص المبكر، والتوعية المجتمعية، وتطوير العلاجات الفعالة، قضايا محورية في الجهود الطبية والبحثية لمواجهة هذا المرض المعقّد.
كيف يمكنك اكتشاف علامات الإصابة بالمرض؟
لا يُعَدّ مرض الزهايمر مجرد نسيان عابر لتفاصيل يومية كأماكن الأشياء أو أسماء بعض الأشخاص، وهي أمور شائعة في سياق الشيخوخة الطبيعية، بل إن الزهايمر يتميز بخلل أعمق وأكثر خطورة في الذاكرة والوظائف المعرفية، حيث يُعَدّ فقدان الذاكرة أحد أبرز علاماته المبكرة وأكثرها وضوحاً.
وتشير دراسات طبية منشورة في "المعهد الوطني الأمريكي للشيخوخة" و"جمعية الزهايمر" إلى أن الزهايمر يؤثر أولاً في الذاكرة قصيرة المدى، فيجد المريض صعوبة في تذكّر ما قام به قبل دقائق، أو يُعيد طرح الأسئلة نفسها مرات متكررة، أو ينسى أحداثاً وقعت مؤخراً.
هذا الاضطراب يتجاوز حدود النسيان المعتاد، إذ يمكن أن يؤدي إلى عجز عن إتمام مهام يومية بسيطة مثل اتباع وصفة للطهي أو استخدام بطاقة مصرفية.
ومع تفاقم المرض، تمتد الأعراض إلى اضطراب اللغة والانتباه والتفكير المنطقي، ثم لاحقاً إلى تراجع القدرة على الاستقلالية في الحياة اليومية.
وتؤكد الأبحاث أن هذه التغيرات مرتبطة بتلف تدريجي في مناطق الدماغ المسؤولة عن التعلم والذاكرة، نتيجة تراكم بروتينات غير طبيعية.
وبينما يُعتبر النسيان الجزئي جزءاً طبيعياً من التقدم في العمر، فإن التمييز بينه وبين العلامات المبكرة لمرض الزهايمر يمثل تحدياً أساسياً للأطباء والأُسَر على حد سواء، ويشكّل مفتاحاً للتشخيص المبكر والتدخل العلاجي المناسب.
قد تكشف المهام اليومية الصغيرة عن العلامات المبكرة لمرض الزهايمر؛ فإعداد كوب من الشاي، وهو نشاط روتيني لا يحتاج عادةً إلى جهد ذهني كبير، يمكن أن يتحول إلى تحدٍ حقيقي.
إذ يجد المصاب نفسه في حيرة من ترتيب الخطوات البسيطة، أو يتوقف في منتصف المهمة غير قادر على تذكّر ما تبقى.
غالباً ما تكون هذه التغييرات بسيطة ولا يمكن ملاحظتها في البداية، لكنها قد تصبح شديدة بما يكفي للتأثير على الحياة اليومية.
وقد يلاحظ الشخص أو أفراد عائلته صعوبات متكررة مثل الارتباك أثناء استخدام الهاتف، أو نسيان تناول الأدوية بانتظام.
ومع مرور الوقت، قد يمتد الأمر إلى مشكلات في الكلام واللغة، مثل صعوبة إيجاد الكلمات المناسبة أثناء الحديث.
من العلامات المبكرة الأخرى لمرض الزهايمر أن يسأل المريض نفسه باستمرار: "لماذا أنا هنا؟"، إذ يشعر بتوتر وارتباك حول المكان الذي يوجد فيه أو السبب الذي أتى به إليه.
هذا الارتباك قد يظهر بوضوح في البيئات غير المألوفة، لكن المقلق أنه قد يمتد حتى إلى المنزل، حيث يمكن أن يصعد الشخص إلى الطابق العلوي أو يدخل غرفة اعتادها لسنوات، ثم يفقد قدرة التعرف عليها.
ويشرح خبراء المعهد الوطني الأمريكي للشيخوخة أن هذا العرَض يرتبط بتراجع قدرة الدماغ على معالجة الإشارات المكانية والزمنية، وهو ما يجعل المصاب يضيع بسهولة أو لا يتذكر كيف وصل إلى موقع معين.
ولا يتوقف الأمر عند المكان فقط، بل يمتد إلى الزمن، إذ قد يواجه المريض صعوبة في معرفة اليوم أو الشهر أو حتى الفصل من السنة.
تغيّر في المزاج
لا تقتصر العلامات المبكرة لمرض الزهايمر على فقدان الذاكرة أو الارتباك المكاني، بل تمتد لتشمل تغيرات ملحوظة في المزاج والسلوك، ويصبح الشخص أكثر عرضة للشعور بالضيق أو الاستياء من مواقف بسيطة، ويميل إلى الإحباط بسرعة، أو حتى يفقد شيئاً من ثقته بنفسه.
ويشير خبراء جمعية الزهايمر إلى أن هذه التغيرات تعود إلى تأثير المرض على مناطق الدماغ المرتبطة بالتحكم العاطفي، وهو ما يفسر ظهور حالات من القلق والاهتياج، إلى جانب فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية التي كانت مألوفة ومحببة من قبل.
ومع الوقت قد يصبح المريض أقل مرونة وأكثر تردداً في تجربة أشياء جديدة
معظم الناس يعرفون أن هناك خطأ ما
تقول كاثرين سميث، من جمعية الزهايمر، إن الخرف "ليس جزءاً طبيعياً من الشيخوخة، إنه مرض في الدماغ"، ولا يؤثر فقط على كبار السن فأكثر من 40 ألف شخص تحت سن 65 يعانون من الخرف في بريطانيا.
وتوضح أن تجربة الجميع مختلفة ولا يوجد نوعان من الخرف متشابهان، لكن معظم الناس يدركون متى يكون هناك خطأ ما، ولن يحصلوا على الدعم الذي يحتاجونه ما لم يذهبوا إلى الطبيب.
وتقول كاثرين سميث :"من الممكن العيش بشكل جيد مع الخرف لسنوات عديدة والتشخيص لا يغير طبيعة الشخص على الفور".
لكنها تدرك أن وصمة تشخيص مرض الزهايمر تعني أن الكثير من الناس يشعرون بالعزلة ويُساء فهمهم إذا كشفوا عنها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الزهايمر مرض الزهايمر المرض الاكتئاب القلق الشيخوخة الشيخوخة الطبيعية العلاجات المعهد الوطني العلامات المبکرة جمعیة الزهایمر لمرض الزهایمر مرض الزهایمر
إقرأ أيضاً:
علماء يرصدون علامات ألزهايمر في أدمغة دلافين نافقة.. ما علاقة البكتيريا الزرقاء؟
كشفت دراسة جديدة عن إصابة دلافين جنحت على شواطئ فلوريدا بتلف دماغي مشابه لمرض ألزهايمر، ما أثار مخاوف علمية من تأثير السموم البحرية على النظم البيئية في المحيطات وصحة الإنسان أيضًا.
أجرى باحثون من فلوريدا ووايومنغ وجامعة ميامي دراسة نُشرت في مجلة Communications Biology التابعة لمجموعة Nature بتاريخ 30 أيلول/سبتمبر 2025، بعنوان: "توقيعات مرض ألزهايمر في نسخ الجينات الدماغية لدى دلافين المصبات".
حلّل الفريق أدمغة عشرين دلفينًا من نوع الأنف القنيني جنحت في بحيرة الهند شرق فلوريدا، واكتشفوا وجود سموم عصبية تنتجها البكتيريا الزرقاء، وهي كائنات مجهرية تزدهر في المياه الدافئة الغنية بالمغذيات.
وخلال مواسم ازدهار هذه البكتيريا، ارتفعت مستويات السموم في أجسام الدلافين إلى ما يزيد على 2900 مرة مقارنة بالمواسم الأخرى.
وأظهرت التحاليل وجود لويحات بيتا-أميلويد وتشابكات بروتين تاو، وهي علامات مميزة لمرض ألزهايمر لدى البشر، إضافة إلى بروتين TDP-43 المرتبط بأشكال أكثر حدة من المرض.
Related دراسة: طفرة جينية في الخلايا المناعية للدماغ قد تكون السبب وراء الإصابة بمرض ألزهايمرشاهد: آلاف النشطاء يحتشدون أمام السفارة اليابانية في مانيلا للاحتجاج على قتل الدلافين اختراق علمي ياباني: نسخة معدّلة من فيتامين K قد تمهّد لعلاج الزهايمر وباركنسون السموم تتسلل من الماء إلى الدماغتوضح الدراسة أن البكتيريا الزرقاء تنتج مواد سامة مثل BMAA و2,4-DAB، تتراكم في السلسلة الغذائية البحرية حتى تصل إلى الكائنات الكبرى مثل الدلافين.
ويرجح الباحثون أن التعرض المتكرر لهذه السموم يسبب تلفًا عصبيًا يؤدي إلى فقدان الدلافين قدرتها على التوجيه، فتضل طريقها نحو الشاطئ بدلًا من العودة إلى أعماق البحر.
يقول الدكتور ديفيد ديفيس من كلية ميلر للطب في جامعة ميامي: "تُعد الدلافين مؤشرات بيئية على التلوث السام، وما يصيبها قد يكون إنذارًا مبكرًا للبشر. فالتعرض للبكتيريا الزرقاء يبدو عامل خطر متزايدًا للإصابة بألزهايمر".
وفي عام 2024، سجّلت مقاطعة ميامي-ديد أعلى معدل انتشار لمرض ألزهايمر في الولايات المتحدة، ما يعزز مخاوف العلماء من علاقة محتملة بين تلوث المياه والاضطرابات العصبية.
ويضيف الدكتور بول آلان كوكس من مختبرات كيمياء الدماغ في وايومنغ: "بين سكان غوام، أدى التعرض الطويل لسموم البكتيريا الزرقاء إلى أمراض عصبية شبيهة بألزهايمر، ويبدو أن ما يحدث للدلافين اليوم قد يكون التحذير القادم للبشر".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة الصحة مرض ألزهايمر دراسة
Loader Search
ابحث مفاتيح اليوم