القيادة التحويلية تُعزِّز أداء المعلمين
تاريخ النشر: 2nd, November 2025 GMT
أمل بنت سيف الحميدية **
تُعد القيادة التربوية أحد المرتكزات الرئيسة لتطوير المؤسسات التعليمية والارتقاء بجودة التعليم، فهي الأداة التي تضمن توجيه العمل التربوي وتنسيقه بما يحقق الأهداف التعليمية بكفاءة وفعالية. وفي خضم البحث عن أنماط قيادية مؤثرة، برزت القيادة التحويلية بوصفها أحد أكثر الأساليب قدرة على تحفيز العاملين وتنمية كفاءاتهم المهنية وتعزيز بيئة مدرسية محفزة تدفع نحو الإبداع والتميز.
وتبرز أهمية القيادة التحويلية في كونها تتجاوز حدود الإدارة التقليدية القائمة على الأوامر والمكافآت، لتصبح عملية تفاعلية تعتمد على الإلهام والتحفيز والتمكين وبناء الثقة بين القائد والمعلمين. هذا الأسلوب القيادي يُسهم في رفع مستوى الرضا الوظيفي وتحفيز الدافعية الداخلية وتشجيع التعاون والعمل الجماعي، وهي عناصر أساسية لتحسين الأداء الوظيفي للمعلمين وضمان جودة المخرجات التعليمية. كما أنّ تبني القيادة التحويلية يتماشى مع التوجهات الاستراتيجية في العديد من الدول ومنها سلطنة عُمان، التي تسعى من خلال رؤية عُمان 2040 إلى تحقيق تعليم نوعي ومستدام يقوم على أسس الابتكار والتطوير المهني.
وقد نُشرت دراسة بعنوان أثر أنماط القيادة التحويلية في الأداء الوظيفي لمعلمي مدارس الحلقة الثانية بمحافظة مسقط في سلطنة عُمان، في مجلة العلوم التربوية والنفسية (2025) والتي ركزت على وجود تفاوت في تطبيق القيادة التحويلية داخل المدارس وضعف فهم بعض العوامل المؤثرة في فعاليتها. ومن هنا جاءت الحاجة إلى دراسة تحليلية تركز على الكشف عن طبيعة العلاقة بين القيادة التحويلية والأداء الوظيفي لمعلمي الحلقة الثانية في محافظة مسقط، مع الأخذ في الاعتبار العوامل الوسيطة التي قد تعزز أو تحد من هذا التأثير. اعتمدت الدراسة على المنهج التحليلي كإطار بحثي قادر على استقصاء العلاقات بين المتغيرات وفهم تأثيراتها. وقد شملت العينة 210 معلمين ومعلمات من الحلقة الثانية بمدارس محافظة مسقط، تم اختيارهم وفق أسلوب العينة العشوائية الطبقية لضمان تمثيل واقعي للمجتمع الأصلي.
أظهرت النتائج أن مديري المدارس يمارسون أنماط القيادة التحويلية بدرجة مرتفعة جدًا من وجهة نظر المعلمين، وهو ما يعكس وعيًا متزايدًا لدى القيادات التربوية بأهمية هذا النمط القيادي في إدارة المدارس. كما كشفت النتائج عن مستوى عالٍ من الالتزام المهني والتعاون بين أفراد العينة، الأمر الذي يعزز بيئة عمل إيجابية ويدعم جودة الأداء التعليمي. والأهم من ذلك، أوضحت النتائج أن العوامل الوسيطة – وبخاصة الرضا الوظيفي والمرونة المهنية تؤدي دورًا محوريًا في تعزيز العلاقة بين القيادة التحويلية والأداء الوظيفي، مما يعني أن تأثير القيادة لا يتحقق بصورة مباشرة فقط، بل يحتاج إلى بيئة تنظيمية ونفسية داعمة تسهم في ترسيخ أثره.
انتهت الدراسة بعدد من التوصيات التي يمكن أن تُسهم في تطوير السياسات التعليمية، أبرزها تبني القيادة التحويلية كنموذج إداري رسمي في المدارس وتطوير برامج تدريبية متخصصة لرفع مهارات مديري المدارس في هذا المجال. كما أوصت بالتركيز على تهيئة بيئة مدرسية داعمة للمعلمين، تعزز رضاهم الوظيفي وتحفز دافعيتهم الداخلية، إلى جانب توفير المرونة المهنية التي تمكنهم من التكيّف مع التغيرات التربوية المستمرة. كل ذلك في إطار يتسق مع التطلعات الوطنية لرؤية عُمان 2040، والتي تسعى إلى تحقيق تعليم متطور قائم على الإبداع والاستدامة.
وبذلك يمكن القول إن القيادة التحويلية تمثل خيارًا استراتيجيًا لا غنى عنه إذا ما أرادت المؤسسات التعليمية تحقيق جودة شاملة في أدائها. فهي ليست مجرد ممارسة إدارية، بل نهج متكامل يستند إلى الإلهام والتحفيز، ويضع المعلم في قلب العملية التعليمية باعتباره المحرك الأساسي لنجاحها. وتشير نتائج هذه الدراسة إلى أن دعم القيادة التحويلية وتعزيز العوامل الوسيطة المرتبطة بها يعد مدخلاً فعالاً لرفع كفاءة المعلمين وتحسين جودة التعليم في سلطنة عُمان. ولا يقتصر أثر ذلك على الجانب المهني فحسب، بل ينعكس مباشرة على حياة المعلمين من خلال شعورهم بالرضا والدافعية، وعلى الطلاب عبر توفير بيئة تعليمية محفزة تُنمّي قدراتهم وتدفعهم إلى الإبداع والتميز. وهو ما يجعل من الاستثمار في هذا النمط القيادي استثمارًا في مستقبل التعليم والمجتمع معًا.
** باحثة تربوية
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«تمكين المجتمع» ومؤسسة الإمارات تطوران البيئة التعليمية في مدرسة بالشارقة
دبي (الاتحاد)
نظَّمت وزارة تمكين المجتمع ومؤسسة الإمارات عبر منصة متطوعين.إمارات، وبالتعاون مع عدد من الجهات المحلية في إمارة الشارقة، أولى فعالياتهما التطوعية في المدرسة الأهلية الخيرية بمنطقة سمنان في الشارقة، تحت عنوان «مدارس بلمسة مجتمعية»، والتي تأتي ضمن مبادرة «7 فرص تطوعية في 7 إمارات»، وهي واحدة من المبادرات الـ8 التي تم الإعلان عنها مؤخراً ضمن منظومة التطوع والمشاركة المجتمعية.
شهدت الفعالية حضور ومشاركة عائشة يوسف، وكيل وزارة تمكين المجتمع، وأحمد طالب الشامسي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات، وعدد من القيادات وروّاد العمل الاجتماعي والإعلاميين وصنّاع المحتوى.
وتدعم فعالية «مدارس بلمسة مجتمعية» الارتقاء بالبيئة المدرسية وتحويلها إلى مساحات حيوية، من خلال مشاركة أكثر من 300 متطوع من المهندسين والمعلمين والفنانين المتخصصين بالزراعة والبيئة، في تطوير المدرسة الأهلية الخيرية، من خلال أعمال الطلاء، والزراعة، وتصميم الأعمال الفنية على الجدران، لتصبح المدرسة بيئة تعليمية جذابة، محفّزة وداعمة لجودة الحياة التعليمية للطلبة، وقد عزّزت الفعالية الأثر مجتمعياً عبر ترسيخ روابط التلاحم والعطاء المجتمعي، الذي انعكس من خلال مشاركة أولياء الأمور والمتطوعين في إعادة رسم وتصميم البيئة التعليمية وجعلها ذات ملامح أكثر إيجابية.
وبدأ تنفيذ مبادرة «7 فرص تطوعية في 7 إمارات» مع نهاية أكتوبر وتستمر لغاية ديسمبر المقبل من العام الحالي، والتي من خلالها ستدعم تعزيز الهوية الوطنية وروح الانتماء والمسؤولية المجتمعية المشتركة، وتوفير بيئة خصبة قادرة على إبراز القدرات الكامنة والمحفزة للإبداع، وذلك بالشراكة مع القطاعين الحكومي والخاص وقطاع مؤسسات النفع العام.
تشمل أنشطة المبادرة تنظيم «ساعات حوارية لطلبة الجامعات» بالتعاون مع عدد من الجامعات الحكومية في إمارة أبوظبي، وهي «كليات التقنية العليا، جامعة زايد، جامعة الإمارات العربية المتحدة»، التي تهدف إلى تمكين الطلبة الجامعيين من خلال اللقاء المباشر مع نخبة من القادة والخبراء المتطوعين في جلسات حوارية فردية، تُركز على تقديم التوجيه المهني، ونقل الخبرات العملية، وتعزيز وعيهم بمساراتهم المستقبلية.
وتتنوع الفرص التطوعية لتشمل: الاحتفاء بيوم العَلَم الإماراتي، عبر تنظيم جلسة فنية مع أصحاب الهمم في إمارة دبي بشاطئ كايت بيتش، حيث ستحتضن إبداعات الموهوبين وتعرض أعمالهم ضمن معرض فني مصاحب للفعالية، بالإضافة إلى فعالية إجراء فحوص طبية مجانية للأيدي العاملة، بالتعاون مع مدينة خليفة الطبية في إمارة عجمان، حيث تترجم هذه الفعالية قيم الإمارات الأصيلة من خلال كونها عاصمة إنسانية عالمية تهتم بكل فرد يعيش على أرضها.
تعاون
تعاون عدد من المتطوعين مع الصيادين المحليين في ميناء الصيادين بإمارة رأس الخيمة، لإصلاح قوارب الصيد وتنظيف السواحل البحرية، في تجربة مميزة لحماية التراث البحري وإحياء وصون الحرف المهنية والتقليدية للأجداد، وتجميل «ممشى البيت المتوحد» الذي يعتبر وجهة مميزة للعائلات والزوار في إمارة أم القيوين، من خلال طلاء الجدران، وتنظيف الحواجز حول المساحات الخضراء.