جريدة الرؤية العمانية:
2025-11-02@23:00:56 GMT

لماذا لا تُجبرنا الشمس على التحضُّر؟

تاريخ النشر: 2nd, November 2025 GMT

لماذا لا تُجبرنا الشمس على التحضُّر؟

 

 

 

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

في التاريخ الإنساني الطويل، لا تتكوّن الحضارات من فراغ، بل هي نتاجٌ لتفاعلٍ عميق بين الإنسان وبيئته؛ فمن ثلوج الشمال إلى رمال الجنوب، ومن مطرٍ غزيرٍ يروي الأرض إلى شمسٍ حارقةٍ تُلهبها، تنشأ الفروق بين الشعوب في الفكر والسلوك والنظام. والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم: إذا كان البرد القارس والمطر قد أجبر أممًا على التحضّر والتنظيم والصناعة، فلماذا لم تُجبرنا الشمس والقيظ على التحضّر نحن أيضًا؟

البيئة ليست مجرد مناخٍ، بل هي مدرسة قاسية تصنع العقول والسلوك.

في الشمال، حيث يطول الشتاء وتشتد الرياح، تعلم الإنسان أن يستعدّ للمواسم، وأن يُخطّط لكل خطوة، وأن يُنظّم وقته ليعيش. المطر هناك لا يرحم من يتأخر، والثلج لا ينتظر من يتكاسل. فكانت النتيجة أن تشكّلت حضارة تقدّس الوقت وتُؤمن بالنظام، لأن فوضى ساعةٍ واحدة قد تعني موتًا أو مجاعة.

أما في بيئتنا العربية، فقد أعطتنا الشمس دفئها وكرمها، ولكنها أيضًا أغرتنا بالراحة. فالطبيعة التي لا تفرض الخطر، لا تفرض النظام. وعندما يكون الطعام متاحًا طوال العام، والمأوى لا يحتاج جهدًا كبيرًا، يصبح الإنسان أقل حاجة إلى التوقيت والدقة والتخطيط، فيميل إلى العفوية والتلقائية. وهكذا وُلد الفارق الأول بيننا وبين من سكنوا البرد والضباب.

دعونا نأخذ مثالًا بسيطًا لكنه بالغ الدلالة: مواقف الحافلات ومحطات القطارات. في أوروبا وآسيا، محطة القطار ليست مجرد مكان للانتظار، بل منظومة حياة؛ فيها الانضباط، والدقة، والنظافة، والتجارة، والخدمة. كل دقيقة محسوبة، وكل تفصيل محسوب.

أما في كثير من بلداننا العربية؛ فالمشهد مختلف. نرى مشاريع ضخمة وقرارات رسمية وإنفاقًا كبيرًا، لكن حين تصل إلى الميدان، لا تجد مظلة تحميك من الشمس، ولا جدولًا يوضح التوقيت، ولا احترامًا للمواعيد. والنتيجة أننا نملك المؤسسات بلا روح، والقرارات بلا تطبيق. فهل الخلل في المال؟ أم في الفكر؟ أم في ثقافة العلاقة بين المواطن والنظام العام؟

في الحقيقة، ليست المسألة مناخًا بقدر ما هي استجابة إنسانية. فاليابان، مثلًا، عانت الزلازل والمطر والعواصف، لكنها قررت أن تُسخّر الطبيعة لصالحها، فبنت أعظم حضارات الانضباط والتقنية. ودول الخليج كذلك، تمتلك صحراء قاسية وشمسًا حارقة، لكنها حينما قررت أن تزرع وتبني وتنظّم، غيّرت وجه الصحراء.

إذن، ليست الشمس ولا القيظ هما المانع، بل طريقة تعاملنا معهما. نحن نعيش في بيئة تمنحنا كل مقومات الإبداع لو أحسنّا قراءتها؛ الصحراء ليست عائقًا، بل يمكن أن تكون معملًا مفتوحًا للطاقة الشمسية والسياحة والفكر الحر. لكن المشكلة أن بعض الإدارات لا تزال تفكر بعقلية المكتب المغلق لا بعقلية الإنسان الذي يعيش في الشمس.

التحضّر ليس في البنايات، بل في طريقة التفكير. ليس في إنشاء مديريات جديدة، بل في إحياء روح العمل داخل المديريات القائمة. ليس في عدد الحافلات المكيفة، بل في وجود موقف بسيط يحترم الإنسان. فلو كان لكل مسؤول مقياس واضح للنتيجة لا للوظيفة، لما وجدنا مباني كبيرة بلا خدمة، وموازنات بلا أثر، ومشاريع تبدأ ولا تكتمل.

ربما آن الأوان أن نعيد تعريف علاقتنا بالشمس؛ فهي ليست عدوَّنا، بل أستاذتنا. علمتنا الصبر، والانتظار، والجلد. وكل ذلك يمكن أن يكون أساسًا للتحضّر الحقيقي لو استثمرناه في الانضباط والإنتاج. حين نحترم الوقت كما نحترم الراحة، وحين نخطط كما نحلم، سنصنع حضارة جديدة تُوازي ما صنعه المطر والثلج في الشمال.

كنت أتمنى وبعدما تم تسيير حافلات جميلة في مسقط العامرة برحمة الله أن يساير ذلك مواقف مظللة جميلة أيضًا، وكنت أتمنى أن أرى قائمة وتوقيتات وانضباط وصرامة.

لست أعلم من يسير هذه الحافلات لكني متأكد أن هنالك مسؤولين ومكاتب مكيفة ورواتب عالية ومدير بمزايا فليته يكلف نفسه ويجلس في مكان انتظار المستخدمين لهذه الحافلات ليتأكد أن المزايا التي يأخذها مستحقة ويسعد بما يأخذ ويعظم الفائدة ليستفيد غيره وليشغل أهل وطنه لا قد يكون ما يأخذ من الخسائر المالية وهو تحت المكيف.

آن الأوان للشخصنة في كل شيء لأن التعميم لم يجلب شيئًا.

عُمان هيثم المُعظم تستحق التميز والأفضل.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نشوى الشريف : البرلمان يجب أن يكون صوتاً يحمى حقوق المواطن

 

حقوق العمال وتمكين الشباب ودعم السياحة خطتى القادمة لدعم التنمية المستدامة فى الدورة البرلمانية المقبلة
 

تحمل نشوى الشريف عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عن حزب الوفد والمرشحة ضمن القائمة الوطنية من أجل فى سباق انتخابات مجلس النواب 2025، رؤية متكاملة وبرنامجا طموحا يهدف إلى إحداث نقلة نوعية فى التشريع والرقابة.
وترفع نشوى الشريف شعاراً جامعاً: «حقوق العامل.. تمكين الشباب.. سياحة مستدامة.. إنجازات ملموسة»، حيث أكدت أن البرلمان يجب أن يكون صوتاً فاعلاً يحمى حقوق المواطن ويحفز التنمية، وأن التنمية الشاملة لا تتحقق إلا من خلال التكامل بين ملفات (العمال، الشباب، السياحة، التعليم، والصحة). 
فى هذا الحوار، نتعمق فى تفاصيل أجندة نشوى الشريف التشريعية ورؤيتها لتحقيق تأثير مستدام على حياة المواطنين.
- برنامجى يقوم على رؤية وأهداف حقيقية تعتمد على أن يكون البرلمان صوتا حقيقيا معبرا عن المواطن ملبيا لحقوقه، هدفى هو إحداث تأثير حقيقى ومستدام، وتكون الأولوية القصوى لتحقيق العدالة الاجتماعية وتقديم الخدمات الأساسية، فلا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية المرجوة دون ضمان أن يعيش المواطن حياة كريمة بحقوق محفوظة ومجتمع متكافل. 
فى هذا الإطار أركز أيضا على الدفع بتشريعات تضمن تطوير برامج الدعم النقدى المشروط لرفع كفاءة وصولها للمستحقين فعلياً، وتوسيع مظلة التأمين الصحى لتشمل جميع المحافظات، مع العمل على تحسين البنية التحتية الصحية وتطوير وحدات الرعاية الأولية، كما أضع تعزيز حماية حقوق ذوى الهمم وتفعيل التشريعات المتعلقة بهم فى مقدمة العمل الرقابى والتشريعى.
- فى ملف العمل، هدفنا هو ضمان كرامة العامل باعتباره المحرك الحقيقى للنمو، وتحويل سوق العمل إلى بيئة عادلة ومستدامة، ومن ثم نسعى لاستهداف عمالة المقاول وتسوية المؤهلات كجزء من الأجندة التشريعية، كما نستهدف أيضا تطوير منظومة متابعة ذكية لتسوية المؤهلات عبر قاعدة بيانات تضمن الشفافية وسرعة الإنجاز، وتقديم تشريعات تمنح حوافز تشجيعية للشركات والقطاع الخاص التى تطبق أفضل معايير العمل العادل لضمان بيئة إنتاجية ومستدامة.
الأهم من ذلك هو إنشاء منصة للتدريب والتطوير المهنى الرقمى تربط العمال مباشرة بالمهارات المطلوبة فى سوق العمل لتعزيز احترافيتهم، وذلك بمعايير عادلة وسياسات مرنة تحقق التوازن والإنصاف.
- لا شك أن تنظيم العلاقة بين مقدمى الخدمة المنزلية والأسر يضمن كرامة العاملين والعاملات فى هذا القطاع الحيوى، ويوفر لهم مظلة من الحماية القانونية والاجتماعية، فضلاً عن تنظيم عمل مكاتب تشغيل العمالة المنزلية وفقاً لضوابط واضحة ومحددة، وهو ما أسعى إليه من خلال قانون جديد يضمن حقوق هذه الفئة ويحميها من الاستغلال أو الممارسات غير المنضبطة، ويوازن بين حقوق العامل واحتياجات الأسرة، ويستند إلى أحكام الدستور المصرى والاتفاقيات الدولية المعنية بالعمل اللائق وحقوق الإنسان، بما يسهم فى خلق بيئة عمل إنسانية وآمنة للعاملين فى هذا القطاع.
وهو مشروع القانون الذى تقدمت به خلال الدورة السابقة، وسيكون على رأس أولويات فى الدورة المقبلة لاستكماله وإنجازه.
- تمكين الشباب يعنى دمجهم فى الحياة العامة وصنع القرار، وتمكينهم اقتصادياً واجتماعياً، وهذا يترجم برلمانياً عبر الدعوة لتعديلات تشريعية أو مقترحات تخصصية تدعم المبادرات الشبابية وريادة الأعمال من خلال حاضنات أعمال وبرامج تمويل صغيرة. 
وعبر الدور الرقابى سنسعى لاستكمال جهود تطوير مراكز الشباب، خاصة فى المناطق المحرومة والحدودية، والتى بدأتها فى الدورة البرلمانية السابقة، كما أعتزم طرح آليات لتوسيع فرص المشاركة السياسية للشباب فى الأحزاب والهياكل المحلية، وتوفير مساحات للإبداع الرياضى والثقافى وربطه بالمشروعات الوطنية.
- الربط يكمن فى الاقتصاد المنتج. فى محور التنمية الاقتصادية، ندعم تشجيع الاستثمار، ودفع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأيضاً ربط التعليم الفنى والتقنى بسوق العمل لتعزيز التوظيف. 
وفى محور السياحة، الذى يحمل شعار: "سياحة مزدهرة.. تراث حى.. مستقبل واعد"، فإن تعزيز السياحة كـمحرك اقتصادى وثقافي يتم عبر تشريعات تسرع من تطوير المواقع الأثرية الكبرى وتحسين البنية التحتية السياحية، وتدعم تشجيع السياحة البيئية والثقافية التى توفر فرص عمل للشباب، مع دعم المبدعين فى الفنون الرقمية المتعلقة بالتراث».
- أنا أؤمن بأن دعم الابتكار هو مفتاح اقتصاد المستقبل، ولدى بعض الآليات التى تشمل الدفع بتشريعات تدعم المبادرات التكنولوجية والابتكار الرقمى بشكل مباشر. وبالنسبة لتمكين المرأة اقتصادياً، لا يقتصر الأمر على التشريعات العامة، بل نطالب بتصميم برامج تمويل وتدريب متخصصة تضمن للمرأة القدرة على تأسيس وإدارة مشروعاتها الصغيرة والمتوسطة والمساهمة الفاعلة فى سوق العمل.
- قولاً واحداً.. هذا البرنامج، يتطلب تكامل كل الملفات الحيوية، وبالتالى يتطلب تضافر جهود كافة القوى الوطنية تحت قبة البرلمان، وحزب الوفد، كجزء من القائمة الوطنية ومن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، يعمل وفق نهج مؤسسى يؤمن بالشراكة والحوار، لذا أسعى لتفعيل برامج الشراكة بين النقابات وأرباب العمل، وسنعمل على التعاون مع جميع النواب لضمان أن تكون التشريعات المستقبلية معبرة عن الإرادة الوطنية الجامعة ومحققة لصالح الوطن والمواطن.

مقالات مشابهة

  • سيلان الأنف.. متى يكون علامة على اختلال الهرمونات؟
  • نشوى الشريف : البرلمان يجب أن يكون صوتاً يحمى حقوق المواطن
  • فضل قراءة القرآن بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس
  • لماذا قد يكون سريرك أخطر مكان في الشتاء؟
  • "الأزهر للفتوى": نظرة الإسلام إلى الآثار ليست تحريمًا بل دعوة إلى التأمل
  • الفموي وطرق علاج نوبات الهربس
  • تنفيذ حملة لتنظيم فرز النقل من الحوبان إلى مدينة تعز
  • شيخ أزهري: زيارة الآثار ليست حرامًا.. والإسلام دين حضارة لا يهدم التاريخ
  • وكيل الأزهر: الشعوب إذا لم تتسلح بالعلم والمعرفة فلن يكون لها أثر في العالم