عُمان.. مواقف سيخلدها التاريخ
تاريخ النشر: 2nd, November 2025 GMT
عباس المسكري
لم تكن مواقف سلطنة عُمان يومًا رهينة الضغوط أو الأهواء السياسية، بل ظلت ثابتة على مبدأ الحق والحياد الإيجابي، تنظر إلى القضايا الإقليمية بعين العدل لا بعين الانحياز، ومن هذا الثبات، وُلدت حملات التشويه التي تُثار بين حينٍ وآخر على منصات التواصل، كلما وقفت عُمان موقفًا متزنًا يرفض الانجرار خلف الصراع ويُقدّم صوت الحكمة على ضجيج الاصطفافات.
للأسف، فإن هذه الحملات الموجهة لا تصدر من أعداءٍ ظاهرين؛ بل من بعض الدول الشقيقة التي تأوي مرتزقة الإعلام وأصحاب الأقلام المأجورة، ممن يسعون لتشويه المواقف العُمانية الأصيلة، وهؤلاء يهاجمون كل من يخرج عن خطّ الولاءات العمياء، ظانّين أن صوت الحق يمكن أن يُخرس بالصخب، أو أن الموقف النزيه يمكن أن يُشوَّه بعباراتٍ زائفة، غير أن وعي الشعوب وصدق الموقف العُماني يجعلان من تلك المحاولات فقاعاتٍ سرعان ما تتبدد أمام حقيقة ثابتة، أن عُمان لا تبيع مواقفها، ولا تساوم على مبادئها.
حين اشتعلت نار الحرب في اليمن، رفضت سلطنة عُمان أن تكون جزءًا من النزاع المسلح، واختارت طريق السلام والحوار، وفتحت السلطنة أبوابها لكل الأطراف، وسعت لإيجاد حل سياسي يوقف نزيف الدم ويصون وحدة اليمن واستقراره، ولم تغلق مسقط بابها في وجه أحد، بل تحولت إلى مساحة آمنة للقاء الخصوم، في وقتٍ كانت فيه لغة السلاح هي السائدة، وهذا الموقف العُماني نابع من إيمانها بأن الأمن الإقليمي لا يتحقق بالحروب، بل بالمصالحات والاحترام المتبادل بين الشعوب.
وفي الأزمة السورية، حافظت سلطنة عُمان على موقفها الثابت الداعي إلى الحل السياسي بعيدًا عن التدخلات الخارجية، ولم تنحز إلى طرفٍ على حساب آخر؛ بل دعت منذ البداية إلى وقف نزيف الدم والحفاظ على وحدة سوريا أرضًا وشعبًا، كما أبقت على علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، إدراكًا منها أن الحوار لا يتم إلا عبر قنوات التواصل المباشر، وهو ما جعلها جسرًا مهمًا بين النظام السوري والعالم العربي في مراحل لاحقة.
عندما فُرض الحصار على دولة قطر عام 2017، اختارت سلطنة عُمان موقفًا إنسانيًا وأخلاقيًا قبل أن يكون سياسيًا. ولم تشارك في الحصار؛ بل سعت لتخفيف آثاره عبر تسهيل حركة التجارة والنقل، وفتحت أجواءها وموانئها لتكون متنفسًا للأشقاء في قطر، وفي الوقت نفسه، لم تغلق الباب أمام أي طرف من أطراف الأزمة؛ بل استمرت في الدعوة إلى المصالحة الخليجية الشاملة، إيمانًا منها بأنَّ وحدة البيت الخليجي هي صمام الأمان للمنطقة بأسرها.
وفي كل جولة من جولات العدوان على غزة، كان الموقف العُماني واضحًا وصريحًا، رفضٌ للعدوان، وتأكيدٌ على الحق الفلسطيني الكامل في إقامة دولته المستقلة. وقد عبّرت السلطنة مرارًا عن دعمها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ونددت بسياسات الاحتلال التي تتنافى مع القيم الإنسانية والقانون الدولي، ولم تكتفِ بالمواقف الرسمية، بل حملت مواقفها طابعًا إنسانيًا وشعبيًا عبّر عنه المواطن العُماني في مواقفه التضامنية المتواصلة مع القضية الفلسطينية.
وفيما يخص ما يجري في السودان اليوم، حافظت سلطنة عُمان على ذات النهج الراسخ، فدعت منذ اندلاع الأزمة إلى تغليب لغة الحوار ووقف العنف، ودعمت الجهود العربية والإفريقية الرامية لإيجاد حل سلمي، ولم تتورط السلطنة في دعم طرف ضد آخر، بل تمسكت بدورها كوسيط محايد يسعى لتقريب وجهات النظر وحقن الدماء، وهو موقف يعكس أصالة السياسة العُمانية التي ترى في السلام مبدًا لا تكتيكًا.
وهكذا، تبرز سلطنة عُمان في محيطٍ مضطرب كصوتٍ عاقلٍ ثابت لا يتغير بتغير الرياح، وقد يهاجمها البعض لأنها لا ترفع شعار الولاء الأعمى، لكن التاريخ يشهد أن الحياد العُماني كان دائمًا في صفّ الحق والإنسان، وكما قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُمْ لَلْحَقِّ لَكَارِهُونَ﴾، فإن كراهية البعض لمواقف الحق لا تنال من صلابته، بل تزيده رسوخًا وإشراقًا، وستبقى عُمان على نهجها القويم مهما تعالت أصوات النشاز ضدها، فلن يزيدها ذلك إلا إصرارًا على قول الحق، وثباتًا على طريق السلام والعدل الذي اختارته بإرادةٍ صادقةٍ وقيادةٍ حكيمة، فلقد تعاطت السلطنة مع كل الأزمات التي مرّت بها المنطقة بالحكمة المعهودة التي جُبل عليها سلاطينها جيلًا بعد جيل، فكانت مواقفها دومًا ميزان العقل والرزانة في زمن الاضطراب، والتاريخ شاهد على ذلك، بل سيخلّد تلك المواقف المشرّفة التي أكّدت أن صوت عُمان هو صوت الحكمة والاتزان مهما تغيّرت الظروف وتبدّلت المواقف.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سكرتير عام البحيرة يُتابع الانضباط والالتزام بخطوط السير بمجمع مواقف دمنهور وأبو حمص
قام اللواء حسن موافي، السكرتير العام لمحافظة البحيرة، بجولة تفقدية اليوم الأحد، بمجمع مواقف دمنهور وأبو حمص، لمتابعة انتظام حركة السيارات داخل المواقف والتأكد من توافرها بكافة الخطوط لتلبية احتياجات المواطنين، خاصة في أوقات الذروة.
وخلال الجولة، وجّه السكرتير العام برفع جميع الإشغالات داخل المواقف ومحيطها فورًا، وإزالة أي مظاهر عشوائية تعيق حركة السير، مشددًا على ضرورة التزام السائقين بخطوط السير المقررة، وتوفير بيئة آمنة ومنظمة للمواطنين، بما يسهم في تحسين مستوى الخدمات والارتقاء بالمظهر الحضاري.
يأتي ذلك تنفيذًا لتوجيهات الدكتورة جاكلين عازر، محافظ البحيرة، بشأن تكثيف الجولات الميدانية على مختلف القطاعات الخدمية والاطمئنان على انتظام العمل بها.
وتؤكد محافظة البحيرة استمرار المتابعة الميدانية لجميع المرافق الحيوية أولًا بأول، والتعامل الفوري مع أي ملاحظات أو شكاوى، في إطار الحرص على تقديم خدمات أفضل للمواطنين.