ما حكم اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين؟.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين؟
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي عن السؤال قائلة: إن اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين والاعتماد عليهم في جلب الخير أو دفع الشر نهى عنه الشرع؛ فعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ، وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ» رواه البزار بإسناد حسن.
وأشارت الى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل إتيانَ هؤلاء وتصديقَهم مانعًا من قبول العمل فقال: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدَّقَهُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» رواه مسلم عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
حكم السحر في الشرع الشريف
حكم السحر في الشرع الشريف أنه من كبائر الذنوب ووصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الكبائر السبع بالموبقة، أي: التي تهلك فاعلها وتدخله نار جهنم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ سيدنا النبي في حديثه الشريف أكد على أن السحر من الكبائر والموبقات.
السحر في الإسلام
السحر في الإسلام الله عليه وسلّم وصف ربنا عز وجل الشياطين التي تعلم الناس السحر بالكفر قال تعالى وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، أعمال السحر من أخطر الذنوب وأكبرها.
حكم من عمل سحر لشخص
حكم من عمل سحر لشخص اختلف الفقهاء في حكم الساحر المسلم والذمي أي المسيحي، فذهب مالك إلى أن المسلم إذا سحر بنفسه بكلام يكون كُفرًاوشبهه بالنزنديق والزاني ولاتقل توبته ويقتل ولا توبة له ولأن الله تعالى سمى السحر كفرًا بقوله: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ البقرة: 102. واتفق العلماء على أن تعلم السحر وتعليمه وممارسته حرام، قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه"المغني" "...فإن تعلُم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم" وقال الإمام النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " وأما تعلمه – أي السحر - وتعليمه فحرام ".
حكم السحر كفر وشرك أكبر
ورد حديث عن سيدنا عمر بن الخطاب أنه قال فيه اقتلوا كل سحر فقتل على أمره 3 من السحره وحكم السحر كفر وشرك أكبر قد استَدل بقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا البقرة: 103 من ذهب إلى تكفير الساحر، كما هو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل، وقيل: بل لا يكفر، ولكنْ حدُّه ضربُ عنقه و أخبرنا سفيان - هو ابن عيينة - عن عمرو بن دينار أنه سمع بجلة بن عبدة يقول: كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أنِ اقتُلوا كل ساحر وساحرة، قال: فقتلْنا ثلاث سواحر وقال الشافعي - رحمه الله تعالى لا يُقتَل ساحرُ أهل الكتاب إلا أن يَقْتُل بسحره فيُقتَل السحر يؤثر مرضاً، أو حب أو كره أو نزيف أو غضب وهو موجود تعرفه عامة الناس، لكن الآية التي يطرب لها المؤمنون إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَنٌ )[ سورة الحجر الآية : 42 ].
ظلم الناس بالسحر
ظلم الناس بالسحر اتفاق بين الساحر والشيطان على أن يقوم الساحر بفعل الكفر والشرك، وكل ما هو محرم، مقابل أن يساعده الشيطان، وأن يعينه في كل ما يطلبه منه الساحر، وكلما ازداد الساحر كفراً بالله، وعبادة الشيطان، كلما ازداد الشيطان له طاعة، أما الكرامة فلا تكون إلا للولي، وأما المعجزة فلا تكون إلا للنبي، ويجمع بينهما الخارق للعادة حكم السحر في الشريعة الإسلامية السحر من أخطر الذنوب وأعظمها قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى ويجاب عن قول النبي صلى الله عليه وسلم النُّشْرة من عمل الشيطان بأنه إشارة إلى أصلها، فمن قصد بها خيرًا، كان خيرًا، وإلا فهو شر.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السحر حكم السحر صلى الله علیه رحمه الله من عمل ما حکم
إقرأ أيضاً:
فلسفة السِحر؟!
أنيسة الهوتية
نعيش في كونٍ تُدبِّره إرادةٌ واحدة فقط، وهي إرادةُ خالقه؛ إذ لا يقع فيه من خيرٍ أو شر إلّا بإذن الله سبحانه وتعالى، حتى السِحر الذي يصيب الإنسان بضررٍ لا يعمل إلا بإذن الله.. من باب الامتحان للطرفين، الطرف المُعتدي يملي الله له كيده، والطرف المعتدى عليه يختبر الله قوة إيمانه وثباته.
قال الله تعالى في سورة البقرة الآية 102: (وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ). وهذه الآية هي دليل فلسفي على سبب وجود السحر كفتنة لبني آدم؛ حيث تتخلل بـ"فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ" بعد ذكر المَلَكين هاروت وماروت، ثم تُختم بتوضيح الفلسفة العظيمة والحكمة الإلهية في مسألة الإذن.
فلا شرَّ يتحرك في هذا العالم إلّا ضمن نطاق حكمة الله، ولا سهمَ يصيب المؤمن إلّا وقد سُجِّل في كتاب الله؛ فالله- جلّ جلاله- لم يخلق الشر عبثًا، ولم يُمكّن الساحر إلّا ليفتنه به. أما المصاب بالسحر فإنِّه يقاد رغمًا عنه في مسار التطهير من ذنوب قد اقترفها في حق نفسه، أو توجيه إلى طريق ليتقرب به إلى الله بعد أن ابتعد… وإن لم يكن هذا وذاك، وهو إنسان متقرب من الله تعالى، ويتعالى عن الذنوب وكبائر الآثام فإذن هنيئاً له لأنه الآن في بشارة لحصوله على ترقية خاصة إلى منصب أعلى عند الله سبحانه وتعالى.
أمَّا الساحر ومن سعى لعمل السحر في الناس فإنه قد اختار بإرادته أن يسلُك طريق الشيطان، فيترك الله له حرية الفعل، ثم يأذن بوقوع أثره على من شاء من عباده اختبارًا لهم، لحكمةٍ لا يعلمها إلا الله سبحانه. وقد قال سبحانه وتعالى في سورة التغابن الآية11: "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ".
وكُل ابتلاءٍ يحمل في طيّاته طريقًا إلى الهداية، أو تطهيرًا من ذنبٍ قد سبق، أو ترقية له من الله سبحانه. والمؤمن الحق لا يتوه عن الآية 76 في سورة النساء: "إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا".
من هنا يجب أن نفهم التحصين الحقيقي ليس في قراءة المعوِّذات، واقامة الصلاة في وقتها فقط؛ بل في الصلة الصادقة بالله والإيمان به وحده مع كل ذلك. والمؤمن الذي يملأ وقته بذكر الله، ويستغيث به دائمًا، شكورٌ في السراء، صبورٌ في الضراء، هو في حصنٍ منيع لا تنفذ إليه الشياطين.
أما من يلجأ إلى الصلاة والعبادة وتلاوة القرآن وقراءة الأذكار خشية أن يمسه الشيطان أو الجن أو السحر دون الطاعة لله والتقرب منه سبحانه؛ فهو على مدخل خطوة واحدة من الشرك بالله، لأنه بذلك يعترف في خوالجه بقوة السحر، والجن، والشياطين، والذي وإن اجتمعت شياطين الإنس والجن في الكون كله في كفة لا تساوي قوتهم حبة خردل أمام قوة الله سبحانه وتعالى؛ فإنه هو الخالق، سبحانه وتعالى عمَّا يصفون، وهل يقوى مخلوق على شيء أمام الخالق؟!
والإذن الإلهي ليس ضعفًا أمام الشر؛ بل سلطانٌ على كل شيء. ومن أيقن بذلك عاش مطمئنًا، يعلم أن ما كُتب له لن يُخطئه، وأن الله أرحم به من نفسه. بدلالة الآية 51 من سورة التوبة: "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ۚ هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ".
هكذا يخرج المؤمن من إدراكه للسحر لا خائفًا؛ بل مُستسلِمًا لله، مُعتزًا بحمايته، مُطمئنًا إلى عدله، واثقًا أن الخير الذي يريده الله له قد يأتيه حتى على أجنحة الشر بشكل آخر تمامًا.
رابط مختصر