الأهم في هذا الإنجاز الاستخباراتي اليمني في انه كشف مدى عمق التعاون بين النظام السعودي و كيان العدو الصهيوني والذي كان موجوداً منذ نشأة هذين الكيانين كصناعة استعمارية لبريطانيا العظمى والغرب الاستعماري كأحد نتائج الحرب العالمية الأولى ولا داعي للتذكير بوعد بالفور واتفاقية سايكس بيكو وإعادة رسم خرائط المنطقة والمشرق العربي خصوصاً في إطار تقاسم الأراضي العربية التي كانت تحتلها الإمبراطورية العثمانية.
لفهم هذا كله نحتاج إلى إعادة قراءة التاريخ خلال الـ100 عام الماضية وهي الفترة الفاصلة بين خرائط سايكس بيكو وزرع الغدة السرطانية إسرائيل كأحد نتائج الحرب العالمية الثانية وإعادة رسم الخرائط تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد أو الكبير والذي لا يعني إلا المزيد من التفتيت، وبالمقابل كانت فلسطين هي المحدد لطبيعة الصراع في المنطقة والذي تمظهر خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات بوجود ثورات وحركات تحرر تستمد قوتها في هذا الصراع من الشعوب وهذا ما كان يجعل الأنظمة العربية الرجعية المتماهية مع المشروع الصهيوني تحاول أن تخفي حقيقة أدوارها الوظيفية في المشروع الاستعماري الصهيوني وتنفيذها للمشاريع التأمرية لغربية عبر افتعال صراعات تحرف المسار عن المعركة الأساسية المتمثلة باستعادة فلسطين وفي نفس الوقت وبأشكال مختلفة تدعم الحروب التي شنها هذا الكيان على هذه الأمة.
وتبدأ نقطة التحولات التراجعية لزرع الوعي الانهزامي في العقل العربي والإسلامي بزيارة الرئيس المصري انور السادات للقدس وخطابة الشهير في الكنيست معلنا الخوضوع والاستسلام.
وبدأت المخططات تأخذ منحى جديد لعب فيها النظام السعودي دوراً أساسياً لتسهيل هذه المخططات وصولاً إلى ما هو حاصل اليوم، بعد أن أُخذت الشعوب العربية إلى مسارات انحرفت بها عن معركة الأمة الحقيقة والأساسية عبر تمويل إشعال نار الفتن والصراعات والحروب العبثية التدميرية المذهبية والطائفية والعرقية والمناطقية وحتى القبلية والعشائرية بينية وعلى مستوى الشعب الواحد وصورتها الفاقعة اليوم تتجلى في سوريا لمصلحة الكيان الصهيوني.
هنا يكمن أهمية الانتصار الأمني والاستخباراتي اليمني الأخير والذي قُدم بالدليل حجم الدور السعودي الصهيوني في تدمير المنطقة والذي لم يتوقف على المشاركة بالحرب العدوانية الإبادية في غزة بهدف تصفية القضية الفلسطينية وإخضاع المنقطة لهيمنة الكيان الصهيوني بل والإسهام في تحقيق إسرائيل الكبرى التي لطالما تحدث عنها المجرم نتنياهو وأكدها ترامب،وبهذا المعنى يكون اليمن قد نزع ورقة التوت عن النظام السعودي والإماراتي إلى حد يصبح الحديث عن تطبيع السعودية من عدمه أمراً لا يعني شيء أمام عمق التحالف بين الكيانين وبقية الأنظمة التي تدور في الفلك الأمريكي الصهيوني وخاصةً الإمارات فإقامة غرف عمليات أمنية استخباراتية مرتبطة بالصهيوني والأمريكي والبريطاني في الرياض وبكل تأكيد في أبوظبي وبعد طوفان الأقصى وحرب الإبادة في غزة أُزلت كل الالتباسات حول انخراط الأنظمة العربية الوظيفية في تحقيق مخططات مشاريع إسرائيل الكبرى والشرق الأوسط الجديد.
وفي نفس الوقت تقدم اليمن المثال في أن الصراع مع هذا التحالف الشيطاني يمكن الانتصار فيه بقوة الإيمان والإرادة والحق الذي أمامه لا تشكل الإمكانيات والقدرات المالية والاقتصادية والعسكرية والاستخباراتية التي فارقاً وقد أثبت أن التوكل على الله مع العمل الجهادي الصادق قادر على هزيمة كل طغاة هذا العالم والحرب العدوانية على اليمن والممتدة إلى عقد من الزمن ودور اليمن في إسناد غزة والانتصار لقضية هذه الأمة لم توهن ولم تضعف هذا الشعب بل زادته ثباتاً على الحق والعدل لهزم حاملات طائرات وأساطيل أمريكا وتحالفاتها الدولة والإقليمية أصبح اليمن ينظر إليه كفاعل في أي معادلة استراتيجية لرسم مصير هذه الأمة والعالم وعلى الآخرين في محور المقاومة أن يصطفوا مع اليمن ويرتقوا بوحدة الساحات إلى مستوى اصطفاف الأعداء، والنصر الأمني والاستخباراتي اليمني يحمل هذه الرسالة، والتردد والرهانات على المفاوضات والتفاهمات المباشرة وغير المباشرة مع الأمريكي والصهيوني والسعودي أثبتت على امتداد هذا الصراع أنها خاسرة وأن الأعداء يقرؤونها كنقطة ضعف، واتفاق خفض التصعيد مع النظام السعودي لا يخرج عن هذا السياق، فالسلام طريقة معروف وواضح، والمؤمِنُ لا يُلْدَغُ من جُحْرٍ مَرَّتيْنِ فكيف إذا كان مراتٍ ومرات.. المرحلة خطيرة ومواجهتها توجب المزيد من الوعي واليقظة وما النصر إلا من عند الله.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
إقرأ أيضاً:
ورقة بحثية: الذكاء الاصطناعي تحوّل لحليف استراتيجي للرواية الفلسطينية بعد حرب غزة
غزة - صفا
كشف المركز الفلسطيني للدراسات السياسية في ورقة بحثية جديدة بعنوان "الذكاء الاصطناعي والسرد الرقمي: الفرص المتاحة للرواية الفلسطينية"، عن الدور المتزايد لتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي في تشكيل السرد الفلسطيني خلال الحرب الأخيرة على غزة وبعدها.
وأوضحت الورقة الصادرة يوم الثلاثاء، أن الذكاء الاصطناعي لم يعد أداة تقنية فقط، بل تحول إلى سلاح ناعم في معركة الوعي والرواية، إذ استخدم الاحتلال الإسرائيلي تقنيات تحليل المحتوى والبيانات الرقمية لفهم مدى تأثير الرواية الفلسطينية على الجمهور المحلي والدولي.
وحسب الورقة، فإن الفلسطينيون استخدموا الأدوات نفسها للتحقق من الصور والفيديوهات، كشف التضليل، وتوثيق آثار الحرب ميدانيًا وبصريًا.
وأشارت الورقة إلى أن التحيز في خوارزميات المنصات العالمية، وانتشار الحسابات الوهمية والتزييف الرقمي، شكّلت أبرز التحديات أمام السرد الفلسطيني، في ظل ضعف البنية الرقمية المحلية وغياب منصات فلسطينية مستقلة قادرة على حماية البيانات وضمان استمرارية النشر.
وفي المقابل، أبرزت الورقة فرصًا جديدة لتعزيز الرواية الفلسطينية الرقمية، من خلال، إنشاء منصات رقمية فلسطينية مستقلة وتطوير أدوات ذكاء اصطناعي متخصصة في كشف التضليل والتحقق الرقمي.
ولفتت لتدريب الكوادر الإعلامية على التحليل البياني والمحتوى متعدد اللغات، وتوحيد السرد الفلسطيني ضمن استراتيجية إعلامية وطنية.
وأكدت الدراسة أن الذكاء الاصطناعي يشكل اليوم ركيزة استراتيجية لحماية الرواية الفلسطينية واستدامتها في الفضاء الرقمي العالمي.
ودعت إلى الاستثمار في البنية الرقمية المحلية والبحث العلمي، وتوظيف التقنيات الحديثة في خدمة الوعي الوطني والرواية الفلسطينية العادلة.