الجزيرة:
2025-11-12@11:45:43 GMT

فيزيائيون: أثبتنا أن الكون ليس محاكاة حاسوبية

تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT

فيزيائيون: أثبتنا أن الكون ليس محاكاة حاسوبية

منذ عقود، تثير فكرة "المحاكاة الكونية" جدلا واسعا بين العلماء والفلاسفة. وفقا لهذه الفرضية، قد لا يكون واقعنا أكثر من برنامج ضخم، وكل ما نراه ونختبره، كل شيء من الذرات إلى المجرات ما هو إلا أكواد رقمية داخل حاسوب كوني عملاق.

لكن دراسة جديدة من جامعة كولومبيا البريطانية-فرع أوكاناغان تطرح اعتراضا علميا قويا يقول إن الكون لا يمكن أن يكون مجرد محاكاة رقمية، لأن الواقع نفسه يحتوي على جوانب لا يمكن لأي حاسوب أن يحسبها أو يمثلها بدقة.

الفيلسوف نيك بوستروم من جامعة أكسفورد (مواقع التواصل الاجتماعي)فرضية المحاكاة

كان أشهر من اقترح فرضية المحاكاة هو أستاذ الفلسفة من جامعة أوكسفورد نيك بوستروم قبل نحو 20 سنة، وقال إن هناك واحدا من 3 احتمالات لمستقبل الحضارات مثل حضارتنا البشرية في هذا الكون:

الاحتمال الأول: أنها ستضطرب يوما ما أثناء تقدمها التكنولوجي، ربما بسبب أننا لن نتحمل كل هذا التقدم وقررنا أن نتحارب، ومن ثم ستنهار الحضارة على ذاتها. الاحتمال الثاني: أنها ستتجاوز تلك المشكلات المعقدة وتصل خلال مئات الآلاف من السنين إلى نقطة تمتلك فيها قدرات حاسوبية هائلة تُمكّنها من صنع محاكاة لأجدادها، لكنها لا تُقدم على ذلك. الاحتمال الثالث: أن تصل الحضارة إلى نقطة متقدمة جدا تقنيا وتقرر أن تصنع محاكاة بالفعل.

لكن هناك ملاحظة مهمة في هذا السياق، فإذا رغبت حضارة ما في بناء محاكاة فإنه من المحتمل أنها ستمتلك القدرة التقنية لصناعة آلاف أو ملايين بل مليارات الصور من المحاكَيات، بالضبط كما نتمكن الآن من تكرار الخوارزميات والبرامج الحاسوبية بأي عدد نريده، وهذا يعني أن الاحتمال الإحصائي الأكبر بفارق كبير إذن هو أننا في صورتنا الحالية نعيش داخل محاكاة.

الحاسوب يمكنه رسم مجرة على الشاشة لكنه لا يستطيع إنشاء مجرة تدور فعلا في الفضاء (ناسا)الكون الهولوغرامي

في الفيزياء توجد فرضيات ترجح بنية شبيهة، منها الكون الهولوغرامي، وكان أول من اقترح هذا المبدأ هو الفيزيائي الهولندي جيرارت هوفت في تسعينيات القرن الفائت، بعد ذلك طور الفيزيائي البريطاني ليونارد ساسكيند هذا المبدأ عبر إدخاله في نظرية الأوتار.

إعلان

في كتابه "حرب الثقوب السوداء". يقول ساسكيند "إن العالم الثلاثي الأبعاد، بالتجربة اليومية العادية، بما يحتوي من المجرات والنجوم والكواكب والمنازل والصخور والأشخاص، هو صورة ثلاثية الأبعاد، وهي صورة للواقع مشفرة على سطح بعيد ثنائي الأبعاد".

المبدأ الهولوغرامي يفترض أن الكون الثلاثي الأبعاد يمكن قراءته في بعدين فقط، قد يبدو الأمر سخيفا للوهلة الأولى، ولكن عندما يفترض الفيزيائيون أن هذا المبدأ صحيح في حساباتهم، فإن جميع أنواع المشاكل الفيزيائية الكبيرة المتعلقة بطبيعة الثقوب السوداء والتوفيق بين نظريتي الجاذبية وميكانيكا الكم تصبح أسهل بكثير في الحل، بحيث يبدو أن قوانين الفيزياء أصلا تكون أكثر منطقية عندما تكتب في بعدين فقط بدلا من ثلاثة.

الوعي لا يمكن محاكاته (غيتي)عدم الاكتمال

لكن بحسب الدراسة الجديدة، التي نشرت في دورية "جورنال أوف هولوغرافي أبليكيشنز إن فيزكس"، فإن الفيزيائي مير فيزال مع زملائه استخدم مفاهيم من الرياضيات المنطقية وخاصة مبرهنة كورت غودل.

هذه المبرهنة التي تعد من أعمدة فلسفة الرياضيات تقول ببساطة إنه في أي نظام رياضي هناك حقائق صحيحة لا يمكن إثباتها داخل هذا النظام نفسه، يعني ذلك أن هناك حدودا لما يمكن للمنطق أو الخوارزميات أن تبرهنه.

وإذا نقلنا هذه الفكرة إلى الفيزياء، فهذا يعني أن الكون لا يمكن أن يكون خاضعا بالكامل لقواعد رياضية أو برمجية مغلقة، لأن هناك ظواهر تتجاوز قدرة الحساب البحت على تمثيلها.

بمعنى آخر، فالحقيقة أوسع من الرياضيات، والواقع أعمق من أي "كود" رقمي يمكن كتابته.

ولكي يكون الكون محاكاة، يجب أن يكون كل شيء فيه قابلا للحوسبة، أي يمكن ترميزه بخطوات محدودة تنفذها آلة)، لكن الفيزيائيين. وبحسب الدراسة، وجدوا أن بعض خصائص الكون، مثل مفاهيم الزمكان الكمي، والطبيعة اللانهائية لبعض المعادلات، وأساسيات الوعي، لا يمكن تمثيلها حسابيا بالكامل.

كما تشير الدراسة إلى أن الوعي البشري نفسه يبدو غير خاضع للقوانين الخوارزمية الصارمة، وذلك يجعل من المستحيل لمحاكاة أن تولد تجربة وعي "حقيقية"، من هذا المنطلق فالعلماء يقولون إن الآلة يمكنها تقليد الذكاء، لكنها لا "تفهم" كما نفهم نحن.

العالم الأفلاطوني

الدراسة تستدعي ما يسميه العلماء "العالم الأفلاطوني"، أي عالم المعاني والمثل المجردة الذي يفوق حدود الزمان والمكان. بحسب هذا التصور، فإن قوانين الطبيعة ليست مجرد تعليمات حسابية، بل "حقائق رياضية" موجودة في مستوى ميتافيزيقي أعلى. هذا يجعل الكون واقعا رياضيا حقيقيا، لا نموذجا مقلدا على خوادم رقمية.

وبكلمات مبسطة، فالحاسوب يمكنه محاكاة قوانين الجاذبية، لكن لا يمكنه "أن يكون" جاذبية حقيقية، كذلك يمكنه رسم مجرة على الشاشة، لكنه لا يستطيع إنشاء مجرة تدور فعلا في الفضاء.

ومن ثم تقدم الدراسة رؤية فلسفية وعلمية جديدة تقول إن الكون ليس مجرد "آلة ضخمة"، بل هو نظام واقعي لا يمكن محاكاته كليا، لأنه يتضمن طبقات من المعنى واللانظام والوعي لا تُختزل في أصفار وآحاد.

من هذه الوجهة، فنحن لا نعيش في لعبة رقمية، بل في كون حقيقي مذهل لا يمكن نسخه، وهو كون ما زال حتى بعد قرون من البحث أكبر من معادلاتنا وأغنى من أي محاكاة.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات أن یکون لا یمکن

إقرأ أيضاً:

«توظيف الطباعة ثلاثية الأبعاد في تصميم الحلي الزجاجية».. رسالة دكتوراة استثنائية تدمج التكنولوجيا بالفن

نال الباحث وليد فاروق، رئيس تحرير موقع عيار 24، درجة دكتوراة الفلسفة في الفنون التطبيقية عن رسالته الاستثنائية التي حملت عنوان «تفعيل الطباعة ثلاثية الأبعاد في تصميم وتشكيل الحلي الزجاجية».

وهنأ أعضاء لجنة التحكيم الدكتور وليد فاروق بعد حصوله على درجة الدكتوراة، بعد تحقيقه إنجازاً علمياً جديداً يضاف إلى سجل إنجازاته المهنية والإبداعية، مؤكدين أن الرسالة تحمل بصمة مختلفة وإضافة ثرية متخصصة.

دمج التكنولوجيا بالفن يحصد دكتوراة جديدة

وحللت الرسالة أحدث التوجهات في مجال توظيف التكنولوجيا الرقمية داخل سياق الفنون التطبيقية.

وركز البحث بشكل خاص على إمكانيات تصميم وصناعة الحلي الزجاجية عبر الاعتماد المباشر على تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد.

ويسهم هذا التطبيق العملي المتقدم بشكل كبير في إثراء وتطوير المجالين الفني والصناعي على حد سواء ويفتح آفاقاً تصميمية لم تكن متاحة سابقا.

وأشاد أعضاء لجنة التحكيم بالمستوى العلمي الرفيع للرسالة، مثمنين الابتكارات الجديدة والأساليب التصميمية المعاصرة التي قدمها الدكتور فاروق والتي تمزج بذكاء واضح بين الأصالة الفنية والتكنولوجيا الحديثة.

ويؤكدهذا الإنجاز أهمية البحث العلمي في دفع عجلة التطور الإبداعي والصناعي.

اقرأ أيضاًرئيس جامعة أسيوط يشارك في مناقشة رسالة دكتوراة حول «إصابة الكلى الحادة بعد جراحة القلب»

مناقشة رسالة دكتوراة بعلوم جنوب الوادي حول تدفق الموائع النانوية غير النيوتونية

رسالة دكتوراة توصي بإحياء التراث الصوفى وإبراز رموزه لبناء شخصية الفرد

مقالات مشابهة

  • نيبينزيا: هناك أمور حول التسوية في أوكرانيا قد لا يكون ترامب على علم بها
  • جامعيات يشاركن في برنامج محاكاة لـ «الصحة العالمية»
  • ميدو: كنت أتمنى أن يكون هناك تحرك سريع في أرض أكتوبر
  • «توظيف الطباعة ثلاثية الأبعاد في تصميم الحلي الزجاجية».. رسالة دكتوراة استثنائية تدمج التكنولوجيا بالفن
  • العقار.. تقاليد البناء أم حداثة العمران؟!
  • تبعد 32 مليون سنة ضوئية.. رصد مجرة "الشبح" من نفود المعيزيلة جنوب رفحاء
  • رصد مجرة “الشبح” من نفود المعيزيلة جنوب رفحاء
  • عمرو أديب: إزاي الزمالك هيكمل كدة ويجب أن يكون هناك عدالة كروية وشوية منافسة
  • إسرائيل: لن يكون هناك قوات تركية ضمن قوة الاستقرار الدولية في غزة