الوطن.. حين يتحول الانتماء إلى إنجاز
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
خالد بن حمد الرواحي
في كل عامٍ نحتفل بالوطن، لكن الاحتفاء الحقيقي لا يكون في يومٍ واحد؛ بل في كل لحظةٍ نؤدي فيها عملًا بإتقان، أو نمنع فسادًا بصمت، أو نزرع قيمةً في قلبٍ صغير؛ فالوطن لا يعيش في الأناشيد وحدها؛ بل في الضمائر التي تبقى يقِظةً في كل موقفٍ ومسؤولية، تذكّرنا بأن حب الوطن لا يُقاس بما نقول؛ بل بما نصنع.
الانتماء ليس شعارًا يُرفع؛ بل وعدٌ يُنفَّذ كل صباحٍ حين نختار أن نكون جزءًا من البناء لا من العثرات. فالأوطان لا تكبر بالكلمات؛ بل بالوعي، وبالقدرة على تحويل الحب إلى فعلٍ، والانتماء إلى إنجازٍ يليق بها.
ومن هذا المنطلق؛ فالوطن ليس فكرةً تُعلَّق في الخطب، ولا لوحةً تُزيَّن في الاحتفالات؛ بل علاقةٌ تُختبر في تفاصيل الحياة اليومية، تتجلى في صدق الموظف حين يُنجز معاملته بإخلاص، وفي أمانة المعلم وهو يصنع جيلًا يعرف قدر وطنه، وفي العامل الذي يزرع جهده في الأرض كما يزرع محبته في القلب. فالمواطنة ليست بطاقةَ هويةٍ؛ بل سلوكٌ يتكرر بصمتٍ كل يوم. ومن خلال هذا الصمت النبيل، تنمو أوطانٌ لا تحتاج إلى ضجيجٍ كي تثبت وجودها.
وهكذا، لا يمنح الوطن مكانته بالولادة؛ بل بالولاء الصادق والعمل الأمين؛ فهو لا يُكرِّم من يرفع شعاره فقط؛ بل من يضيف إليه معنى جديدًا كل يوم. وكم من موظفٍ بسيطٍ حمل في إخلاصه ما لم تحمله خطبٌ طويلة، وكم من مسؤولٍ صامتٍ صنع أثرًا أبقى من أي تصريح؛ فالوطن لا يُقاس بما يأخذه الناس منه؛ بل بما يمنحونه له من ضميرٍ نقيٍّ، واستقامةٍ راسخة، وشغفٍ صادقٍ بالخير.
ولأن حب الوطن لا يُختبر في المواقف الكبيرة وحدها، فإنه يسكن في التفاصيل الصغيرة التي لا يراها أحد: في احترام النظام حين لا يكون هناك رقيب، وفي المحافظة على المرافق العامة وكأنها بيتك، وفي الكلمة الصادقة التي تُقال دفاعًا عن المصلحة العامة، لا تملقًا لموقعٍ أو شخص. فالوطن يُبنى حين يتحول الإحساس بالانتماء إلى سلوكٍ يوميٍّ صادق، وحين يصبح الوفاء عادةً لا مناسبة.
والوطن في جوهره ليس حدودًا على الخريطة؛ بل ذاكرةً تسكن القلب؛ هو في صوت الأذان عند الفجر، وفي لهجة الجدّ وهو يروي حكاية الأمس، وفي وجه الطفل الذي يحلم بغدٍ أفضل. إنه تلك الملامح التي نحملها دون أن نشعر، وتلك التفاصيل التي تُذكّرنا دائمًا بأننا ننتمي إلى أرضٍ لا تكتمل بدوننا، فبقاؤنا فيها مسؤولية، وغيابُنا عنها فراغٌ في روحها.
وفي يوم الوطن، لا نحتفل فقط بما أنجزناه؛ بل بما لا نزال قادرين على تحقيقه. فكل جيلٍ يحمل دوره في كتابة فصول هذه الحكاية الجميلة التي اسمها عُمان. والوطن لا ينتظر خطاباتٍ جديدة؛ بل أعمالًا تُكمل ما بدأه الآباء وتفتح الآفاق أمام الأبناء. وحين يتحول حب الوطن إلى طاقةِ عملٍ ومسؤوليةٍ وإتقان، نكون قد أوفينا له وعده. فالأوطان لا تُصان بالكلمات؛ بل بالضمائر التي تبقى يقِظةً حتى حين يغفو العالم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لازم يتحول للجنة تأديب.. خالد أبو بكر يفتح النار على ياسر جلال (تفاصيل)
دخل الإعلامي خالد أبو بكر على خط أزمة الفنان ياسر جلال، بعد تصريحاته الأخيرة بشأن دعم الجيش الجزائري لمصر بعد حرب ١٩٦٧، وذلك خلال تقديم حلقة برنامجه “آخر النهار”.
قال خالد أبو بكر: “أقدر وأحب الفنان ياسر جلال، لكنه حين يتحدث عن التاريخ المصري، خصوصا بصفته عضوًا في مجلس الشيوخ، يجب التأكد من دقة الرواية، فهي تمس تاريخ وطن كامل”.
وأضاف “أبو بكر”: “أنا آسف دي مصر، هذا اختبار أول لرئيس مجلس الشيوخ.. ويجب إحالة ياسر جلال للجنة التأديب حال عدم صحة تصريحاته”.
تعرض النائب ياسر جلال لهجوم عنيف بعد تصريحاته الأخيرة عن دعم جيش الجزائر لمصر، حيث اتهمه الجمهور بتضليل الحقائق وتاريخ مصر الوطني والضحك على عقول الكثيرين لمجاملة الجزائر.
رد ياسر جلال على هجوم منتقديه، مؤكدًا على صحة تصريحاته بقوله: "محدش يقدر يزايد على دور مصر في مساعدتها لأشقائها على مر التاريخ".
وأضاف: “أنا قلت نصا ان الجزائر بعد حرب ٦٧ بعتت قوات صعقة لحماية القوات المصرية في ميدان التحرير لان كان في إشاعة ان في ناس هتعمل أعمال تخريب في الوقت ده في وسط البلد”.
وتابع: "دور مصر في خدمة أشقائها العرب معروف وأدوار أشقائنا العرب في خدمة مصر معروف أيضًا، الرئيس عبد الفتاح السيسي كان يتباهى بمساعدة الأشقاء العرب لمصر”.
وواصل: “محدش يقدر ينكر إن الجزائر أرسلوا قوات رمزية لمصر بعد حرب ٦٧ ، كل واحد يقول اللي هو عايزه الأدوار معروفة والمقامات محفوظة وياريت محدش يلتفت للتعليقات السلبية والمضللة للحقيقة”.
واختتم: “كل التحية والتقدير لشعب الجزائر، وكلنا نتذكر دور الرئيس هواري بو مدين في دعمه لمصر ودور الرئيس السيسي في دعم الثورة الجزائرية”.