زهران ممداني… ظاهرة استثنائية
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
د. أحمد بن علي العمري
شاب في الثلاثينات من عمره حيث يبلغ من العمر 34 عاماً، مسلم من أصول أوغندية بمرجعية هندية يتحدث خمس لغات وهي الإنجليزية والعربية والإسبانية والأوغندية والهندية، قلب كل التوقعات وغيَّر كل المفاهيم ومسح الإسلاموفوبيا التي ظلت تسيطر على عقولنا نحن كمسلمين قبل أن تكون أداة بيد أعداء الإسلام.
عندما أعلن ترشحه لعمدة نيويورك أعطته استطلاعات الرأي صفرا من الأصوات… لكن إرادته وطموحه ونظرته ورؤيته كانت أبعد وأشمل مما ينظر إليه الآخرون آمن بنفسه ووثق بها وعرف أين مكامن النيويوركيين فأكل مما يأكلون ولبس ما يلبسون وجلس أين يجلسون وغنى ورقص معهم ليثبت لهم أنه منهم وإليهم وقد قالها حتى باللغة العربية.
مدينة نيويورك التي تشتهر بأنها أهم مدينة عالمية في المال والأعمال والاقتصاد على مستوى العالم قاطبة يأتي شاب يافع من أقصى اليسار وديمقراطي واشتراكي وعندما نقول اشتراكي هنا فالأمر ليس بالفكر الشيوعي، ولكن الاشتراكية الاجتماعية والاشتراك في الهدف والمبتغى ليكون عمدتها.. هذا ربما ينظر له البعض على أنه ضرب من الخيال.
لقد فاز على الديمقراطي العمدة السابق وعلى المرشح الجمهوري وحصل على أعلى نسبة أصوات في تاريخ نيويورك؛ حيث حقق 1.7 مليون من أصل مليونين صوتوا في أعلى نسبة تصويت.
لقد بقي طوال حملته الانتخابية مؤيدا لغزة مؤمنًا بقضيتها العادلة فوقف الجميع ضده ابتداءً من الرئيس ترامب وجميع الجمهوريين حتى الديمقراطيين لم يؤيدوه إلا في اللحظات والأمتار الأخيرة، ومع ذلك فقد أكتسح بكل ما تحمله الكلمة من معنى لأنه لم يفرق بين هذا وذاك ولا بين عرق ودين وآمن بالوسطية والاعتدال لدرجة أن مدير حملته الإعلامية يهودي معتدل وليس صهيوني.
فمن هو زهران ممداني؟
دعونا نتعرف عليه: اسمه الكامل زهران كوامي ممداني، وهو أوغندي هندي مُسلم، ولد في عام 1991م في كمبالا بأوغندا وأنتقل مع والديه إلى نيويورك وهو في السابعة من عمره، وهو ابن الأكاديمي محمود ممداني ووالدته المخرجة السينمائية العالمية ميرا ناير، وحصل على الجنسية الأمريكية في عام 2018.
عمل كمستشار للإسكان ومنع حبس الرهن في كوينز؛ حيث ساعد مالكي المساكن من ذوي الدخل المحدود والمهاجرين هذه التجربة شكلت دوافعه للدخول في المعترك السياسي، وهو أيضاً موسيقي وملحن وقد ساهم في الموسيقى التصويرية لفيلم أمه ملكة كاتوي.
انتماؤه السياسي للحزب الديمقراطي وبالتحديد الديمقراطيين في أمريكا (DSA). تم انتخابه في الجمعية العامة لولاية نيويورك عام 2020م كممثل للدائرة 36 في أستوريا كوينز. وأشتهر بتقديمه تشريعات تقدمية واشتراكية.
أعلن ترشحه لعمادة نيويورك في أكتوبر 2024م وحقق مفاجأة كبيرة بفوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في يونيو 2025م متغلباً على منافسين أقوياء أبرزهم حاكم الولاية السابق الديمقراطي أندرو كومو.
وأخيراً فاز في الانتخابات العامة في نوفمبر 2025م ليكون العمدة المقبل لولاية نيويورك وأول عمدة مسلم أوغندي هندي لهذه المدينة العملاقة.
يركز على قضايا العدالة الاقتصادية والاجتماعية ويدعو إلى بناء وحدات سكنية ميسورة وهو من الداعمين لبرنامج الحافلات العامة المجانية وكذلك يطالب برفع الحد الأدنى للأجور إلى 30 دولاراً في الساعة بحلول عام 2030م وإنشاء متاجر بقالة مملوكة للبلدية لخفض تكاليف الغذاء وبالنسبة للضرائب فهو يخطط لدعم هذا البرنامج من خلال زيادة الضرائب على الشركات والأفراد الذين يجنون أكثر من مليون دولار سنوياً.
إن فوز ممداني يعتبر انتصاراً للتيار التقدمي في الحزب الديمقراطي وقد أثار حماس الناخبين الشباب والمهمشين، وبالطبع تعرض لانتقادات حاده من قبل الجمهوريين؛ حيث وصفه الرئيس ترامب بأنه خطر على أمريكا بسبب توجهاته الاشتراكية.
إن انتخاب ممداني مثل تحولاً كبيرا وغير مسبوق في المشهد السياسي لنيويورك؛ بل وللولايات المتحدة الأمريكية برمتها إنه شخصية فريدة وتاريخية تجمع بين خلفية مهاجرة متنوعة وفكر سياسي تقدمي جذري وقدرة متميزة على التواصل مع جيل جديد من الناخبين وعلى الرغم من أن نيويورك وكان اسمها "نيوامستردام" بلد مهاجرين وبها تمثال الحرية الشهير، وهذا ما أنتجته الحرية، إلّا أن الآراء تغيرت وتقاطعت؛ حيث يراه مؤيدوه رمزاً للأمل والتغيير بينما يرى معارضوه أنه تهديد للنظام الاقتصادي القائم.
حتى الديمقراطيين أنفسهم انقسموا عليه بين مؤيد ومعارض فهناك من يراه اشتراكيا ومن يراه تقدميا وهو يقول عن نفسه إنه ديمقراطي اشتراكي.
وأنا شخصياً أراه ظاهرة استثنائية مهما كانت توجهاته وأينما اتجهت بوصلته ولو آمن به الديمقراطيون وولوه الدفة فلربما لقادهم إلى النجاح وتفادى عثراتهم المتكررة.
كان بالإمكان وعلى ذات النهج والمسار أن يصل إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية لولا أن الدستور يقف بينه وبين المنصب؛ لأنه من مواليد أوغندا وليس الولايات المتحدة الأمريكية، لكنه يمكن أن يصنع الرئيس الأمريكي القادم ويكون له الأمر والشأن.
فبينما نحن نجرم أنفسنا في العالم العربي والإسلامي ونحارب كل ما هو إسلامي وديني إرضاءً للغير، ها هو شاب مسلم يقلب الطاولة رأسًا على عقب ويغير المفاهيم ويسطع بشمس الحقائق. لقد هدد الرجل أن يعتقل نتنياهو إذا زار نيويورك تنفيذا للحكم الدولي الصادر ضده.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين وحقق العدل المطلوب.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عضو بالحزب الديمقراطي: الجمهوريون يسيطرون على مفاصل الحكومة الأمريكية وترامب يتحمّل مسؤولية الإغلاق
قال نعمان أبو عيسى، عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، إن الحزب الجمهوري يسيطر حالياً على ثلاثة فروع من الحكومة الأمريكية، هي: السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، والسلطة التشريعية، وهو ما يجعل الجمهوريين يتحملون، المسؤولية الكاملة عمّا يجري داخل مؤسسات الدولة الأمريكية.
وأوضح أبو عيسى في مداخلة مع الإعلامية هاجر جلال، في برنامج "منتصف النهار"، المذاع على قناة القاهرة الإخبارية، أن الديمقراطيين يمثلون نصف المجتمع الأمريكي، ولهم حضور مؤثر داخل الحكومة، ومن حقهم المطالبة بحقوقهم السياسية والاجتماعية، إلا أن الجمهوريين يتصرفون باعتبارهم "المسيطرين بالكامل" على الحكومة، مطالبين الديمقراطيين بالرضوخ لسياساتهم.
وأضاف أن الرئيس الجمهوري دونالد ترامب يتحمّل المسؤولية المباشرة عن الأزمة السياسية والاقتصادية الحالية، في ظل استمرار الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة.
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي، قال أبو عيسى إن الإغلاق الحكومي ينعكس سلباً على الاقتصاد الأمريكي، مشيراً إلى إلغاء مئات الرحلات الجوية يومياً وتأثر قطاعات حيوية نتيجة توقف أعمال عدد من المؤسسات الفيدرالية.
وحذّر عضو الحزب الديمقراطي من أن استمرار الإغلاق قد يؤدي إلى مزيد من التراجع في النمو والتضخم الاقتصادي، خاصة في ظل غياب البيانات والإحصاءات الدقيقة التي يعتمد عليها مجلس الاحتياطي الفيدرالي في قراراته المتعلقة بسعر الفائدة خلال الشهر المقبل.
https://www.youtube.com/shorts/2CnhKHsT1TE