قمة العشرين في جنوب إفريقيا تركز على العدالة الاقتصادية وسط تساؤلات حول جدوى وجودها
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
تتجه أنظار العالم إلى مدينة جوهانسبرج يومي 22 و23 نوفمبر؛ حيث تستضيف جنوب إفريقيا قمة مجموعة العشرين في لحظة فارقة تتقاطع فيها التحديات الاقتصادية والبيئية والسياسية، وسط دعوات متزايدة لإصلاح النظام المالي العالمي وتقليص فجوة الثراء المتسعة بين دول الشمال والجنوب.
وتنعقد القمة في وقت تواجه فيه مجموعة العشرين تساؤلات جوهرية حول جدوى وجودها وقدرتها على تحقيق العدالة الاقتصادية بعد أكثر من 15 عاما على تحولها إلى منتدى لقادة العالم عقب الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
ورغم نجاح المجموعة آنذاك في ضخ تريليونات الدولارات لإنقاذ الاقتصاد العالمي وإطلاق مجلس الاستقرار المالي، فإنها أخفقت في معالجة الاختلالات الهيكلية التي عمقت أزمات الديون والفقر وعدم المساواة.
وشدد رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، الذي يتولى رئاسة مجموعة العشرين حاليا، على أن "المجموعة لن تحقق أهدافها ما لم تخفض بشكل عاجل وجوهري معدلات عدم المساواة في العالم"، محذرا من أن اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء يهدد الاستقرار العالمي ويقوّض أسس الديمقراطية والنمو المستدام.
وأوضح رامافوزا في بيان هذا الأسبوع أن الثراء العالمي لايزال "منقسما بحدة"، إذ يستحوذ أغنى 10% من سكان العالم على أكثر من نصف الدخل العالمي و74% من إجمالي الثروة، في حين يعاني واحد من كل 4 أشخاص من انعدام الأمن الغذائي بدرجات متفاوتة، مضيفا "هذه الفوارق الصارخة ليست فقط ظالمة، بل إنها تعيق النمو الشامل وتؤجج النزاعات وتضعف النسيج الاجتماعي للدول".
وفي إطار رئاسة بلاده للمجموعة، شكّل رامافوزا لجنة استثنائية من الخبراء المستقلين برئاسة الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد جوزيف ستيجليتز، لبحث جذور عدم المساواة واقتراح حلول عملية، وأوصت اللجنة بإنشاء "الهيئة الدولية لعدم المساواة"، على غرار الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، تكون مهمتها قياس ورصد مؤشرات التفاوت الاقتصادي وتقديم المشورة للحكومات بشأن السياسات الكفيلة بتقليصه.
وأشار رئيس جنوب إفريقيا إلى أن بلاده بدأت بالفعل تنفيذ سياسات تتماشى مع توصيات التقرير، مثل فرض الضرائب التصاعدية، وتطبيق الحد الأدنى للأجور، وتقديم الرعاية الصحية المدعومة، وإعفاء السلع الغذائية الأساسية من الضرائب، إلى جانب برامج حماية اجتماعية واسعة، مشددا على أن معالجة مسألة الديون السيادية، خصوصا في إفريقيا، تمثل محورا أساسيا في تقليص الفجوة التنموية، مؤكدا في الوقت نفسه أن "فوائد خدمة الديون تخنق الإنفاق العام وتعيق النمو وتوسع الفوارق بين الدول".
ودعا رامافوزا إلى إصلاح شامل للهيكل المالي الدولي، مطالبًا بنوك التنمية متعددة الأطراف بتبني "أجندة لخفض عدم المساواة" بدلا من الاكتفاء بتقديم القروض المشروطة، كما اقترح أن تضع الدول "خططا وطنية لتقليص الفجوة الاقتصادية والاجتماعية" تتضمن أهدافًا واضحة ومؤشرات أداء محددة.
وتأتي قمة جنوب إفريقيا في ظل تزايد الانتقادات الموجهة إلى مجموعة العشرين بشأن شرعيتها وتمثيلها، إذ تضم اقتصادات مسؤولة عن 85% من الناتج العالمي و75% من التجارة، لكنها تستبعد غالبية دول العالم النامية من المشاركة في صنع القرار، بينما تظل موازين القوى فيها منحازة لدول مجموعة السبع والمؤسسات المالية الدولية.
كما تواجه المجموعة اتهامات بالتناقض بين خطابها وممارساتها، إذ بلغت قيمة الدعم المقدم من أعضائها للوقود الأحفوري في عام 2022 نحو 1.4 تريليون دولار، وقفزت إلى 7 تريليونات دولار عند احتساب الأضرار البيئية غير المسعّرة، أي ما يعادل أكثر من 7% من الناتج العالمي.
ويُنتظر أن تتناول القمة ملفات متعددة تشمل إصلاح النظام المالي الدولي، وتمويل التنمية المستدامة، وتعزيز آليات التكيف مع التغير المناخي، إلى جانب التحديات الجيوسياسية والاقتصادية التي تواجه الدول النامية.
ومن التوقع أن تبحث القمة أيضا مقترحا تقدم به رامافوزا بشأن تمويل "اقتصادات الرعاية" وتعزيز استثمارات البنية التحتية الاجتماعية، وهو ملف جديد يربط بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
وتعقد القمة للمرة الرابعة على التوالي في إحدى دول الجنوب العالمي، إندونيسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، ما يعكس تحولا تدريجيا في أجندة المجموعة باتجاه القضايا التنموية والعدالة الاقتصادية، إلا أن المراقبين يرون أن القيود المفروضة على آلية التوافق داخل المجموعة ونفوذ القوى الكبرى قد تحول دون تبني قرارات حاسمة، لتظل مجموعة العشرين عند مفترق طرق بين شرعيتها وقدرتها على الفعل في عالم يشهد تحولات اقتصادية وجيوسياسية متسارعة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العالم الاقتصادية السياسية مجموعة العشرین جنوب إفریقیا
إقرأ أيضاً:
شبكة بريكس: جنوب إفريقيا تستعين بالتقنيات الذكية لتعزيز مقاومة الكوارث الطبيعية
ذكرت شبكة تلفزيون «بريكس» الدولية اليوم الثلاثاء، أن جنوب إفريقيا تعمل في الوقت الحالي على تعزيز مقاومة الكوارث الطبيعية من خلال الاستعانة بالتقنيات الذكية ودمجها في آليات المقاومة.
وأشارت الشبكة الإخبارية في هذا السياق إلى إعلان بلدية إيثيكويني بجنوب إفريقيا عن خطة طموحة لتحديث شامل لإدارة الكوارث، وأضافت أن هذه الخطة تعتمد على الاستعانة بأحدث التقنيات مثل الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي وأنظمة المعلومات الجغرافية في مجال مكافحة الكوارث.
جاء هذا الإعلان عقب مؤتمر إقليمي استمر 3 أيام، ركز على التقنيات الذكية ودورها في التحول الحضري، وتهدف المبادرات الجديدة إلى إحداث نقلة نوعية في أنظمة الإنذار المبكر، وتسريع الاستجابة لحالات الطوارئ، وتعزيز مرونة المدن في مواجهة التحديات المستقبلية.
وفي هذا السياق، أكدت نائبة العمدة زانديله ميني، التزام البلدية بالتحول نحو حوكمة مدعومة بالبيانات وتنمية حضرية مستدامة، قائلة «هدفنا هو الانتقال من الحوكمة التفاعلية إلى الحوكمة الاستباقية، حيث يتم اتخاذ كل القرارات على البيانات الدقيقة، ويكون لكل مجتمع القدرة على الاستجابة بفعالية».
وتشمل المبادرات الرئيسية استخدام الطائرات بدون طيار في عمليات البحث والإنقاذ وتقييم الأضرار بعد الكوارث، وتوظيف الذكاء الاصطناعي لتوقع المناطق عالية المخاطر، كما سيتم الاستفادة من بيانات أنظمة المعلومات الجغرافية لتحسين تصميم البنية التحتية الحيوية، لا سيما في أنظمة تصريف مياه الأمطار ومشاريع الإسكان، كذلك سيسهم دمج هذه الأدوات المتطورة ضمن إطار إدارة الكوارث في المدينة في تعزيز شبكات الإنذار المبكر بشكل كبير وتسريع عملية اتخاذ القرار خلال حالات الطوارئ الحرجة.
تعتبر هذه المبادرة جزءا لا يتجزأ من خارطة طريق إيثيكويني للتحول إلى «مدينة ذكية»، والتي تهدف إلى تشجيع الابتكار والشمول الرقمي.
اقرأ أيضاًالتنمية المحلية: تنسيق كامل مع الشبكة الوطنية للطوارئ لتذليل أي عقبات في انتخابات النواب 2025
مركز سيطرة الشبكة الوطنية بالبحر الأحمر: لم يتم رصد أي معوقات باليوم الأول للعملية الانتخابية
«الدواء المصرية» تفوز بمنصب نائب رئيس شبكة معامل الاعتماد الإفريقية (NARL)