من يخبر الراحلين أن قلوبنا في أكفانهم؟
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
لا يموت الحب مهما طال الغياب.. هذه حقيقة كثيرًا ما تصدق في الواقع، رغم أن البعض يؤمن بأن "البعيد عن العين.. بعيد عن القلب"، الحب هي حالة إنسانية لا تموت بسهولة حتى وإن اعتبرنا بأن الموت هو الفقدان الأبدي الذي لا رجوع له إلى الدنيا، أما الحنين للميت فهو كالبركان الخامد في ظاهره، لكن باطنه ثائر ينتظر لحظة الخروج إلى العلن.
أن أشد موجات الألم تأتي عندما نتحدث لميت ونشتكي له من مرارة الفقد، ومن غدر الأحياء والشوق إلى الأموات.. قد يرتعش القلب من شدة الحزن على فراق الأحبة في بدايات الفراق، لكن ألم الذكرى أصعب وأشد من الموت ذاته.. فإذا كان الموت هو الصدمة الأولى التي تفجع القلوب وتدميها، فإن الرحيل يترك الأحبة يصارعون ألم البعاد بقسوة.. في وجود الأحبة، دائمًا ما كنا نشعر بالاطمئنان بقربهم، ولكن ما أن يغيبهم الموت، حتى تتلاشى مساكن الاطمئنان في النفوس.
قد نتصور في بعض المرات بأن الموت هو راحة للمتوفي وألم للأحياء، لكن هذه المقولة لا تصدق في أحيان كثيرة، فالإنسان يتمسك بالحياة وهو يصارع الموت، وعندما يصل إلى مرحلة اليأس يشعر بالخوف من صمت الأنفاس وتوقف ضربات القلب.
النهايات الحزينة تكتب هذه العبارة على قبور الراحلين: "الحياة تنطفئ.. وتنتهي بالموت". أما فراق الأحبة فهو مؤلم للغاية، وصعوبته في أنه يجعل القلوب لا تتشافى بسهولة من أوجاعها، بل يظل الإنسان في صراع طويل مع ألم جارف وحرقة دموع لا تجف.. ودائمًا وأبدًا يظل الرضا بقضاء الله هو خير وسيلة للصبر والتحمل.
من عجائب الأقدار وأقساها، أن طبول الذكرى تظل تقرع في عقولنا وخيالاتنا تسترجع من غاب عن الوجود، ضحكاته وهمساته وحركاته وكل تفاصيل الماضي، ومثلما يقال دائمًا "الذاكرة تسقي الأحداث القديمة بدلو به بقايا قطرات من ماء الحياة حتى لا تموت الذكريات من عقولنا عطشًا".
أطفال صغار لم تتجاوز أعمارهم الحلم.. وأمهات وآباء يترجلون من على ظهر الدنيا، لكن ذكراهم تظل حاضرة في عقول آبائهم وأمهاتهم، فالغياب ليس معناه طمس الأشياء في وحل الضياع من الذاكرة، بل رسوخ الأحداث جزء من حب لا يموت وماضٍ لا يعرف النسيان.. الفقد.. وما أدراك ما الفقد، غياب الأحبة مؤلم للروح وانهيار للجسد، هكذا علمتنا الحياة من أحداثها، سنوات تمضي لكن جرح الماضي لم يندمل بعد، ولم تتشافَ الروح من فقدان من تحب.
عندما يموت الإنسان تزاح من المكان بقاياه القديمة، ملابسه، عصاه، ألعابه، إزاحتها من أجل أن يستطيع الآخرون العيش والتآلف مع النسيان، ولكن هذا الظن لا يصدق أبدًا، فالغائب عن الحياة موجود في داخل القلب، فأقل ما يقال بأن رياحًا شرقية تهب نسماتها بذكريات الماضي، تأتي رائحته من مكانه.. فكيف يمكن أن يعرف الأحبة نسيان أحبتهم؟.
تبقى الصور التي تجمعنا مع من نحب.. الوجع الذي لا ينام أو ينطفئ لهيبه، في كل صورة هناك حكاية أخرى لسكين تنغرس في سوداء القلب، ضحكات من نحب.. تظل تطرق حجرات القلوب قبل أن نسمعها بآذاننا.. فكم أنت مؤلم أيها الفقد!.
تدوينات كثيرة تعرضت إلى الفقد وطغيان الألم وشدته حتى أن البعض لا يدرك شدته في "لحظة الفراق الأولى" بسبب هول الصدمة، لذا لا تستغرب إن وجدت البعض صامتًا حائرًا كيف يعبر عن مشاعره وعن صرخاته الداخلية، ولكن الألم يتضح عندما يبدأ الشعور بـ"الفراغ والغياب" في المواقف اليومية، مثل الأعياد، والمناسبات الأخرى.
من أجمل ما قرأت واقتبست هذا القول الذي لم أتوصل إلى كاتبه الحقيقي إلا أن قوله مؤثر للغاية فهو القائل: "رحيل من نحب يوجع.. هم رحلوا عنا لكنهم لم يرحلوا منا.. هم رحلوا عنا لكنهم لم يرحلوا من قلوبنا.. من يخبر الراحلين أن قلوبنا في أكفانهم.. آمنت أن الوداع هو أقسى ظروف الحياة. قيل قديمًا بأن أصعب الشوق يأتي من شوق الحي للميت.. وإن بعد موت من نحب نعلم جيدًا أن لا فراق يوجع ولا ألم يكسر القلب إلا فقد الأحبة رحمهم الله.. فراق الأحبة مؤلم جدًا لا يشعر به إلا من عاناه وأحيانًا تجد عقلك لا يتقبل حقيقة الفراق.. لا يوجد كلام يصف وجع رحيل الأحبة.. بعد موت شخص عزيز ستعلم جيدًا أنه لا فراق يكسر حنايا القلب إلا فقدان الأحبة ستعلم أن بعد رحيلهم لا حزن ينتهي ولا فرح يكتمل".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من نحب
إقرأ أيضاً:
“تمنيت الموت كل لحظة”.. شهادات مروّعة عن جرائم اغتصاب ممنهجة للأسرى
#سواليف
“كنت أصرخ وأتمنى الموت في كل لحظة. تركوني #عارية لساعات طويلة بعد أن اغتصبوني أكثر من مرة، وكانوا يضحكون ويلتقطون الصور”، بكلمات تختزل أقصى درجات #الألم والمهانة، تسرد (ن. أ)، وهي أم #فلسطينية تبلغ من العمر 42 عامًا، تفاصيل ما تعرضت له داخل أحد مراكز #معسكرات #الاعتقال #الإسرائيلية.
شهادة وثقها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ضمن تقرير جديد يكشف عن ممارسة إسرائيلية منظمة وممنهجة للتعذيب الجنسي بحق #المعتقلين #الفلسطينيين، رجالًا ونساءً، في سياق #جريمة_إبادة_جماعية مستمرة ضد سكان قطاع #غزة.
ويؤكد المركز أن الإفادات التي جمعها محاموه وباحثوه من معتقلين أُفرج عنهم مؤخرًا من سجون ومعسكرات الاحتلال، تكشف عن نمط ثابت ومتعمد من الجرائم الجنسية والتعذيب النفسي والجسدي، تشمل الاغتصاب، والتعرية، والتصوير القسري، والاعتداء بالأدوات والكلاب، إضافة إلى الإذلال المتعمد الهادف إلى سحق الكرامة الإنسانية ومحو الهوية الفردية.
مقالات ذات صلةويشدد المركز على أن ما ورد في هذه الشهادات لا يمثل حوادث فردية معزولة، بل يندرج ضمن سياسة #عقاب_جماعي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في ظل استمرار جريمة الإبادة الجماعية بحق أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، بينهم آلاف المعتقلين في سجون ومعسكرات مغلقة أمام الرقابة الدولية، بما في ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
“اغتصبوني أربع مرات وصوروني عارية”
تروي (ن. أ) أن اعتقالها جرى في نوفمبر 2024 أثناء مرورها من حاجز عسكري شمال القطاع، لتتعرض بعدها لأشكال متعددة من التعذيب والعنف الجنسي.
تقول: “في ساعات الفجر سمعت صوت الجنود وهم يصرخون ويقولون ممنوع الصلاة في الصباح وأعتقد أنه كان رابع يوم للاعتقال من غزة. تم نقلي إلى مكان لا أعرفه لأني معصوبة الأعين وطلبوا مني أن أخلع ملابسي وبالفعل قمت بذلك وحينها تم وضعي على طاولة حديد وتم وضع صدري ورأسي على الطاولة ويدي تم تقييدهم في طرف السرير وتم شد قدمي بقوة وتفريقهم بالقوة عن بعض وشعرت بإيلاج عضو ذكري في فتحة الشرج وشعرت بجسم رجل يقوم باغتصابي”.
وتضيف: “كنت بالصراخ، حينها تم ضربي على ظهري ورأسي وكنت معصوبة العينين وشعرت بقيام الرجل الذي يغتصبني بقذف السائل المنوي داخل فتحة الشرج. وكنت طول الفترة اصرخ وأتعرض للضرب، وكنت أسمع صوت الكاميرا وأعتقد أنهم كانوا يقومون بتصويري”.
وتتابع في شهادتها للمركز الحقوقي: “استمرت عملية الاغتصاب حوالي 10 دقائق بعدها تم تركي ساعة على نفس الوضعية حيث يدي مقيدتان في طرفي السرير بواسطة كلبش حديد ووجهي على السرير وقدمي على الأرض وكنت بدون ملابس نهائياً”.
وبعد ساعة من الواقعة الأولى تعرضت (ن. أ) للاغتصاب بشكل كامل حيث تم إيلاج العضو الذكري داخل مهبلها، “كنت أتعرض للضرب على رأسي وظهري وأنا أصرخ. كنت أسمع صوت ضحكات الجنود، وصوت الكاميرا وهي تلتقط الصور. استمرت عملية الاغتصاب هذه فترة قصيرة جداً لم يتم خلالها القذف”.
المشهد ذاته تكرر في اليوم التالي، فيما ظلت اليوم الثالث بلا ملابس، تحت تهديدات الجنود بنشر صورها، وتمضي بالقول: “لا يمكن أن أصف ما شعرت به، تمنيت الموت في كل لحظة. بعد اغتصابي، تُركت وحدي بعدها في نفس الغرفة وأنا مقيدة اليدين في السرير بدون ملابس حتى ساعات طويلة، حتى جاءتني الدورة الشهرية وحينها طُلب مني أن أرتدي ملابس ونقلت إلى غرفة أخرى”.
“اغتصبني كلب مدرّب”
وفي واقعة أخرى، يصف (أ. أ) وهو أب فلسطيني يبلغ 35 عامًا، اعتقل من مستشفى الشفاء في مارس 2024، ما جرى معه خلال 19 شهرًا من الاعتقال، قائلاً: “عرّونا بالكامل، ثم أطلقوا الكلاب علينا. أحدها اغتصبني تحت إشراف الجنود الذين كانوا يضحكون ويرشّون غاز الفلفل على وجهي”.
يسرد ما جرى معه بالقول: “نقلت لقسم لا أعلمه داخل #سدي_تيمان، وخلال الأسابيع الأولى من تواجدي هناك تكررت عمليات القمع، وخلال إحداها أخذت أنا ومجموعة من المعتقلين بشكل مهين لمكان بعيد عن الكاميرات وهو عبارة عن ممر بين الأقسام، حيث تم تعريتنا بشكل كامل، ومن ثم جاء الجنود بالكلاب وصعدت علينا، وقامت الكلاب بالتبول فوقي، ومن ثم قام كلب باغتصابي”.
ويضيف: “قام الكلب باغتصابي بشكل مدروس. كان يعلم ماذا يفعل بالضبط وقد أدخل عضوه الذكري في فتحة الشرج لدي، تحت الضرب والتعذيب المتواصل من الجنود بالإضافة لقيامهم برش غاز الفلفل على الوجه. استمرت ممارسة الكلب معي حوالي 3 دقائق متواصلة، فيما استمرت عملية القمع بشكل عام حوالي 3 ساعات”.
ويردف (أ. أ) في شهادته للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: “أصبت بحالة نفسية سيئة جدا ًوشعرت بإهانة كبيرة وفقدت أعصابي لأنني لم أتخيل طول حياتي أن أتعرض لهذه الحادثة. بعدها، تم نقلي لأحد زوايا الممر وقام طبيب بتغريز جرح قطعي بالغ في الرأس نتيجة التعذيب. تم قطب الجرح ب 7 غرز دون بنج، كما أصبت برضوض وشعر في الأطراف وكسر في أضلاع القفص الصدري”.
“أجبروني على لعق العصا بعد أن اغتصبوني بها”
أما (ت. ق) البالغ من العمر (41 عامًا) فاعتُقل أثناء نزوحه في ديسمبر 2023 من مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، وتعرض لتعذيب جنسي استمر على مدى 22 شهرًا.
يقول: “أدخل أحد الجنود عصا خشبية في فتحة الشرج بعنف، وبعد حوالي دقيقة قام برفعها، ومن ثم أدخلها مرة أخرى بقوة أكبر. كنت أصرخ بصوت عالٍ، وبعد دقيقة قام برفعها وأجبرني على فتح فمي وقام بوضع العصى بداخله لأقوم بلعقها. فقدت وعيي من شدة القهر. نزفت لساعات، ولم يُسمح لي بالعلاج إلا بعد تدخل ضابطة أعطتني أفرهول أبيض لي ارتديته“.
ويضيف: “حينها بسيلان دم من فتحة الشرج، وطلبت من الضابطة التوجه للحمام (…) هناك، تم رفع العصبة عن عيني، وبالفعل خلال مسحي لمنطقة فتحة الشرج كان هناك دماء تسيل، وبعد انتهائي من هذه العملية وتوقف الدم، قمت بارتداء الأفرهول الأبيض مرة أخرى، فور خروجي، أعادوا تعصيب عيناي، وتم ربط يدي بأربطة بلاستيكية من الخلف”.
بعد ذلك احتجز (ت. ق) في غرفة احتُجزت فيها مع عدد من المعتقلين لمدة تقارب ثماني ساعات، “وخلال هذه المدة كان الجنود يتناوبون علينا من حين لآخر بالضرب المبرح والإهانات”.
“اغتصبوني بزجاجة أمام الآخرين”
أم الشاب (م. أ)، فيروي في شهادته للمركز الحقوقي أنه مرتين، كانت الأخير هذا العام قرب مركز للمساعدات في غزة، حيث تعرض مع معتقلين آخرين لاغتصاب متكرر بزجاجات.
يقول في تفاصيل الواقعة: “أمرني الجنود أن أجلس على ركبي أنا و6 معتقلين واغتصبونا بوضع زجاجة في فتحة الشرج، حيث كانوا يدخلونها ويخرجونها. حصلت معي الحادثة 4 مرات، وكان الإدخال والإخراج حوالي 10 مرات، كنت أصرخ أنا والموجودين معي”.
ويوضح أنه في الأربع مرات التي حصلت معه هذه الحادثة كان وحده ومرتين، وثالثة برفقة 6 معتقلين، ورابعة مع 12 معتقلاً، “كنت أري ما يفعلون في الأشخاص كما يفعلون بي وعرفت أنها زجاجة. أيضا كان وراؤنا كلب وكأن الكلب هو من يغتصبنا، انتهكوا كرامتنا وحطموا نفسيتنا وأملنا في الحياة”.
التعذيب كأداة إبادة جماعية
يستند تقرير المركز إلى أكثر من 100 شهادة موثقة لمعتقلين أفرج عنهم، ويؤكد أن المعاملة التي تعرضوا لها تتجاوز حدود التعذيب بموجب القانون الدولي، لترتقي إلى أفعال مندرجة ضمن جريمة الإبادة الجماعية، استنادًا إلى مادتين أساسيتين من اتفاقية منع جريمة الإبادة لعام 1948، هما التسبب في أذى جسدي أو نفسي خطير لأفراد المجموعة، وفرض ظروف معيشية تستهدف التدمير المادي الكلي أو الجزئي للجماعة.
ويحذر المركز الحقوقي من أن آلاف المعتقلين الفلسطينيين يواجهون خطر الموت المحتم بعد إقرار لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي في 3 نوفمبر 2025 مشروع قانون يتيح تطبيق عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين.
ويشير إلى أن العديد من الاعترافات المنتزعة من المعتقلين تمت تحت التعذيب والتهديد بالاغتصاب، مما يعني أن تنفيذ الإعدامات المحتملة قد يشكل مجزرة جماعية قانونية.
ويطالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الأمم المتحدة والدول الأطراف في اتفاقيتي مناهضة التعذيب ومنع الإبادة، بالتحرك الفوري لوقف الانتهاكات، والضغط على سلطات الاحتلال للإفراج عن جميع المعتقلين الفلسطينيين المحتجزين تعسفًا، والكشف عن مصير المخفيين قسرًا.
كما يشدد على ضرورة تمكين اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الوصول غير المقيد إلى جميع مراكز الاحتجاز، وتوفير حماية ورعاية نفسية وطبية عاجلة للضحايا والناجين من التعذيب، وضمان سرية هوياتهم.
كما أكد المركز الحقوقي التزامه بمواصلة توثيق هذه الجرائم وجمع الأدلة والشهادات لتقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية وآليات الأمم المتحدة المختصة، لضمان إنصاف الضحايا ومحاسبة المسؤولين، ومنع الإفلات من العقاب.