اتصالات رئاسية وزيارتان لعبد العاطي ورشاد.. ماذا بعد المحاولات المصرية لاحتواء التهديدات الإسرائيلية للبنان؟
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
وسط تصاعد التهديدات الإسرائيلية واحتمالات اندلاع مواجهة واسعة في لبنان، برزت مصر كوسيط محوري يسعى لاحتواء الأزمة عبر تحركات دبلوماسية مكثفة، شملت اتصالات على أعلى مستوى وزيارات رسمية لبيروت، بهدف دعم السيادة اللبنانية، وخفض التصعيد، ودفع مسار تهدئة مستدامة تُجنّب المنطقة شبح الحرب.
تصاعدت التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم واسع على لبنان، مع تلويح وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، بأن عدم تسليم حزب الله سلاحه سيقود لعمل عسكري قوي، وسط اتهامات للجيش اللبناني بالتقاعس عن نزع سلاح الحزب، ومطالب لبنانية بوقف الهجمات الإسرائيلية على الجنوب والانسحاب من خمس نقاط محتلة، ما أبرز الدور المصري الساعي لنزع فتيل الأزمة.
في هذا السياق، جاءت زيارة وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، لبيروت، عقب مكالمة مطوّلة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره اللبناني جوزيف عون، تناولت الجهود لنزع فتيل التوتر ودعم المبادرة اللبنانية في عيد الاستقلال الـ82، مع تأكيد استعداد الجيش اللبناني لتسلّم النقاط الخمس وتأكيد الرئيس السيسي دعم مصر الكامل للمبادرة.
تزامنت الزيارة مع مرور عام على وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان في 27 نوفمبر 2024، وحظيت باهتمام لبناني ودولي واسع، حيث التقى عبد العاطي الرؤساء جوزيف عون ونواف سلام ونبيه بري ومسئولين آخرين. وأكد لدى وصوله أن مصر تخشى من احتمالات التصعيد، وتحرص على أمن لبنان واستقراره، ولن تتوقف عن بذل الجهود لتجنب ويلات الحرب.
وشدد عبد العاطي على اهتمام مصر بمؤسسات الدولة اللبنانية، خصوصاً المؤسسة العسكرية، باعتبارها عماد الاستقرار ووحدة الأراضي، مؤكدا احترام مصر للقرار الوطني اللبناني بجميع مكوناته. ودعا الأطراف اللبنانية لتحمل مسؤولياتها الوطنية، وحصر السلاح في يد الدولة، والعمل على خفض التوتر واحترام سيادة لبنان، مشيراً إلى ضرورة تفعيل الحلول السياسية لاحتواء الأزمة.
ونقل عبد العاطي رسالة من الرئيس السيسي إلى نظيره اللبناني، تضمنت التأكيد على تقديم مصر كل أشكال الدعم، وتسخير علاقاتها الإقليمية والدولية لدعم التهدئة وتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، والعمل على منع أي تصعيد محتمل. وتأتي هذه الجهود استكمالاً للتحركات المصرية الهادفة إلى الحفاظ على الاستقرار في لبنان وتعزيز قدرة مؤسساته الوطنية.
وقد سبقت زيارة عبد العاطي، زيارة أخرى لرئيس المخابرات المصرية حسن رشاد إلى لبنان في 27 أكتوبر، حيث التقى الرئيس جوزيف عون وناقش توسيع اتفاق شرم الشيخ ليشمل الجبهة اللبنانية.
وأكد اللواء حسن رشاد، خلال الزيارة، استعداد مصر لدعم الاستقرار في جنوب لبنان وإنهاء الاضطراب الأمني، مطلقاً مبادرة لتثبيت وقف النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من النقاط الخمس المحتلة.
جاءت زيارة، رشاد، بعد لقائه رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس بأسبوع، ما دفع محللين للتأكيد بأن تسلسل الزيارتين يعكس محاولة مصرية لصياغة حل متدرّج يُعالج الإشكاليات على الجبهة الجنوبية اللبنانية، بهدف الوصول إلى تهدئة مستدامة. وأكد السفير المصري في بيروت علاء موسى وجود تنسيق أمني وسياسي وثيق لمواجهة التصعيد الإسرائيلي.
عقب زيارة، رشاد، انعقدت اللجنة العليا المصرية اللبنانية لأول مرة منذ ست سنوات في الثاني من نوفمبر، وتم خلالها توقيع 15 اتفاقية تعاون في مجالات التجارة والاستثمار والأمن الغذائي والطاقة المتجددة والصناعة والبترول وإعادة الإعمار، وجاء ذلك خلال زيارة رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام للقاهرة ولقائه نظيره المصري مصطفى مدبولي لتعزيز الشراكة الثنائية.
وأكد مدبولي أثناء الاجتماعات حرص البلدين على دورية انعقاد اللجنة العليا وتنفيذ الاتفاقات الموقعة، مشيراً إلى الزخم الكبير الذي تشهده العلاقات الثنائية على مستوى القيادة والوزراء. واستعرض لقاءاته مع الجانب اللبناني، ومنها لقاؤه الأخير مع نواف سلام في مدينة العلمين، معلناً عزمه زيارة بيروت في ديسمبر على رأس وفد وزاري رفيع لتعميق التعاون.
وجدد مدبولي دعم مصر الكامل لاستقرار لبنان، مؤكدا ضرورة دعم الجهود السياسية والاقتصادية لتحقيق نهضة شاملة، واستعداد القاهرة لتلبية أي احتياجات لبنانية.
وأشار إلى رفض مصر أي وجود إسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية، وتأييدها الخطوات الرامية لتثبيت الاستقرار. كما شدد على استعداد الشركات المصرية للمساهمة في البنية التحتية فور استتباب الأوضاع جنوب البلاد.
وأوضح مدبولي إدراك مصر لاحتياجات لبنان في ملف الطاقة، مؤكداً النية لزيادة التعاون في هذا القطاع الحيوي، مشيرا إلى أن التبادل التجاري بين البلدين بلغ مليار دولار العام الماضي، مع إمكانات كبيرة لمضاعفته. وأكد أن تعزيز التجارة والاستثمارات المشتركة يمثل أولوية. مشيرا إلى فرص واعدة في قطاع الأدوية ودوره في دعم الاقتصادين المصري واللبناني.
ومؤخراً التقى وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي نظيره المصري بدر عبد العاطي على هامش المنتدى الإقليمي العاشر للاتحاد من أجل المتوسط، واستعرضا العلاقات الثنائية. وأكد المتحدث الرسمي تميم خلاف اعتزاز مصر بعمق الروابط مع لبنان وحرصها على دعم مؤسسات الدولة، والبناء على الزخم الإيجابي الناتج عن اجتماعات اللجنة العليا لتعزيز التعاون المشترك.
نوّه عبد العاطي خلال اللقاء بزيارته الأخيرة إلى بيروت والتواصل المكثف مع مختلف القوى اللبنانية، مؤكداً أن الجهد المصري ينطلق من ثوابت دعم وحدة لبنان وسيادته واستقراره وتعزيز مؤسساته الوطنية.
واختُتم اللقاء بالتأكيد على استمرار التنسيق بين القاهرة وبيروت والعمل المشترك للحفاظ على استقرار المنطقة ودعم القضايا العربية في ظل المتغيرات الراهنة.
أما على مستوى الجهود الميدانية، أكد العميد نقولا ثابت، قائد قطاع جنوب الليطاني، تنفيذ الجيش اللبناني أكثر من 30 ألف مهمة، وانتشاره في 200 مركز حدودي دون اعتراض من الأهالي، موضحا أنه تم معالجة 177 نفقاً ضمن خطة «درع الوطن» وإغلاق 11 معبرا على الليطاني وضبط 566 راجمة صواريخ، في إطار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
في المقابل، نفذ الجيش الإسرائيلي خرقاً للخط الأخضر في بلدة رميش بمساحة تقارب ألفيْ متر مربع، وأقام جدارين أسمنتيين في بلدة يارون داخل الأراضي اللبنانية، ما دفع بيروت لتقديم شكوى رسمية إلى مجلس الأمن، وتأتي هذه الخروقات في وقت يسعى فيه لبنان لتثبيت وقف النار ومنع أي محاولة لفرض واقع جديد على الحدود.
اقرأ أيضاًرئيس لبنان: أبلغوا العالم بأننا لن نموت ولن نرحل ولن نيأس ولن نستسلم
قصف مدفعي إسرائيلي على جنوب لبنان تزامنا مع زيارة البابا ليو الرابع عشر
مصر تعود للتموضع.. قراءة في الحراك المصري المكثف داخل بيروت ودلالاته الإقليمية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إسرائيل التهديدات الإسرائيلية للبنان لبنان عبد العاطی
إقرأ أيضاً:
بابا الفاتيكان يشيد بالشعب اللبناني..ماذا قال؟
أكد بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر في كلمة ألقاها بالقصر الجمهوري في بعبدا، أن اللبنانيين شعب لا يستسلم أمام الصعاب، ويعرف كيف يولد من جديد، مشيراً إلى أن صمودهم يمثل علامة مميزة لا يمكن الاستغناء عنها.
وأضاف البابا أن السلام في لبنان ليس مجرد أمنية، بل هو دعوة وعطية وورشة عمل مستمرة، مؤكداً أن الالتزام بالسلام والحفاظ على الحياة من أساسيات المستقبل.
وأشار إلى أن لبنان قادر على تطوير مجتمع مدني نابض بالحياة، موضحاً أن البلاد عانت كثيراً من النزاعات، وأن تضميد الجروح يستغرق أجيالاً، كما شدد على أن صناعة السلام تتطلب العمل الدؤوب رغم الظروف المعقدة والصراعات المستمرة.
وأوضح البابا أن المصالحة الدائمة لا يمكن أن تتحقق إلا بالهدف الموحد والحوار المشترك، وأنه لا يمكن الانفتاح على المستقبل إلا إذا غلب الخير على الشر، مؤكداً أن الجراح القديمة تتطلب معالجة فورية وإلا فإن السير في طريق السلام يصبح صعباً.
وأكد أن السلام يعني القدرة على العيش معاً جنباً إلى جنب وتجاوز الحواجز والحدود، وأنه يجب على لبنان ضمان ألا يشعر الشباب بأنهم مجبرون على مغادرة وطنهم، من خلال تعزيز الروابط التاريخية والجغرافية وبناء السلام في الحياة اليومية.
واختتم البابا كلمته بالقول: "قبل اتخاذ أي خطوة، يجب توضيح كل شيء وحل كل سوء تفاهم، لكن المواجهة المتبادلة، حتى في حالة الاختلاف، هي الطريق الذي يؤدي إلى المصالحة الحقيقية الكبرى، حيث نجد أنفسنا معاً منغرسين في خطة أعدها الله لنصير فيها عائلة."
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن