تصاعد التوترات العسكرية في حضرموت وبترومسيلة تعلن إيقاف إنتاج النفط
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
أعلنت شركة بترومسيلة النفطية في حضرموت إيقاف أنشطتها في القطاع (14) بشكل كامل، نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية حول حقول وآبار ومنشآت النفط في الهضبة النفطية بمحافظة حضرموت.
وأكدت الشركة في بيان صادر عنها أن القرار يشمل جميع عمليات الإنتاج والتكرير في منشآت الحقول والآبار التابعة للقطاع. موضحة أن هذا الإجراء جاء حفاظاً على قواعد الأمن والسلامة الأساسية والصناعية، ولحماية أرواح العاملين والمجتمعات المجاورة.
وبينت شركة بترومسيلة أن تعرض المواد النفطية والغازية في الخزانات أو المنشآت لأي حادث بسبب اشتباكات مسلّحة محتملة قد يؤدي إلى خسائر كارثية لا تُحمد عقباها.
وأضافت بترومسيلة أن التوقف شمل أيضاً إمدادات وقود الغاز اللازمة لتشغيل محطتين غازيتين، بالإضافة إلى محطة كهرباء وادي حضرموت الغازية بقدرة 75 ميغاوات، حيث تم تنفيذ عملية إطفاء تدريجي للمنشآت الغازية والكهربائية التابعة للشركة.
يأتي هذا القرار بعد سيطرة قوات قبلية تتبع قوات حماية حضرموت التي يقودها عمرو بن حبريش على منشآت بترومسيلة في الهضبة النفطية خلال الأيام الماضية، في ظل تصاعد التوترات العسكرية داخل المحافظة بين هذه القوات من جهة، والمنطقة العسكرية الثانية مع قوات الدعم الأمني المسنودة بقوات جنوبية من جهة أخرى.
وقال بيان الشركة إن الأولوية الآن تنصب على حماية العاملين والمحيط البيئي والمناطق المجاورة، مؤكدة أن الظروف الأمنية أجبرتها على اتخاذ هذا الإجراء الخارجي عن إرادتها، في ظل ما وصفته بـ"التهديدات الجدية على سلامة المنشآت والموارد".
وعبرت إدارة بترومسيلة عن أسفها لما قد ينتج عن هذا التوقف من تأثير على إمدادات الطاقة والخدمات المرتبطة بها، داعية كل الأطراف المعنية إلى العمل على استعادة الأمن والاستقرار وتمكين تشغيل الحقول بأسرع وقت ممكن، حفاظاً على قطاع الطاقة في حضرموت واستمرار تزويد المواطنين بالوقود والكهرباء.
وتشهد الهضبة النفطية ومحيطها في حضرموت منذ أيام توافد حشود عسكرية وقبلية متصاعدة من الطرفين، إذ تواصل قوات حماية حضرموت ورجال القبائل الدفع بتعزيزات كبيرة نحو مواقع قريبة من منشآت بترومسيلة، فيما دفعت قوات المنطقة العسكرية الثانية بقوات إضافية من المكلا، مسنودة بقوات جنوبية وقوات دعم أمني، ووصلت — وفق مصادر عسكرية — إلى منطقة العيون، في طريقها نحو مواقع استراتيجية من بينها محيط منشآت الشركة.
وتشير المصادر إلى أن هذه التحركات تأتي ضمن عملية عسكرية يعتقد أنها تهدف إلى تغيير خارطة السيطرة في المنطقة، في وقت تعيش فيه المحافظة حالة استنفار بين مختلف الأطراف.
وكانت المنطقة العسكرية الثانية قد أعلنت في بيان سابق بدء تنفيذ عملية عسكرية لاستعادة منشآت شركة المسيلة وإنهاء أي وجود لمسلحين داخلها وتسليمها لقوات حماية المنشآت النفطية التابعة لها.
في المقابل، بثت حسابات تابعة لحلف قبائل حضرموت ونشطاء موالين للشيخ عمرو بن حبريش تسجيلات تُظهر وصول تعزيزات قبلية كبيرة إلى محيط المنشآت النفطية. ووفق مصادر قبلية، وصلت مجاميع مسلحة يقودها الشيخ علي سالم بلجبلي العوبثاني والشيخ صلاح بن قحيز الجابري للانضمام إلى التجمعات المتزايدة، وكان في استقبالهم الشيخ عمرو بن حبريش، وسط استمرار التحشيد القبلي واتساع رقعته خلال الساعات الماضية.
كما شهدت المنطقة توافداً واسعاً لقبائل من مختلف مناطق حضرموت، ما يعكس مستوى التعبئة والاصطفاف القبلي على خلفية الأزمة المتصاعدة.
ورغم الدعوات التي أطلقها محافظ حضرموت الجديد سالم الخنبشي لتهدئة الأوضاع ونزع فتيل التوتر لتجنيب المحافظة أي صدامات أو إراقة دماء، تواصل الأطراف المعنية الدفع بتعزيزاتها دون استجابة واضحة لتلك الدعوات.
وقالت مصادر مطلعة إن الرسائل المتبادلة بين الأطراف خلال الساعات الماضية تُظهر تمسك كل طرف بمواقفه دون تغيير، في ظل مخاوف من اتساع رقعة التوتر إذا لم تُتخذ خطوات تهدئة عاجلة. وتخشى المصادر من أن يؤدي استمرار التحشيد إلى مواجهات محتملة، خصوصاً في المناطق الحيوية والقطاعات النفطية التي تشهد تركزاً للقوى المتقابلة.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: فی حضرموت
إقرأ أيضاً:
حضرموت على صفيح ساخن.. ما الذي يحدث حول حقول النفط؟
تشهد محافظة حضرموت جنوب شرق اليمن توترا عسكريا بعد اشتباكات، أمس الأحد، بين قوات حلف قبائل حضرموت والمجلس الانتقالي، قرب منشأة نفطية إستراتيجية، وهو ما ينذر بتشظ جديد للبلاد ودخولها في طور آخر من الحرب الأهلية المستمرة منذ عقد والمدفوعة بنزعات استقلالية وأجندة إقليمية.
ويتنازع المحافظة الغنية بالنفط 3 أطراف رئيسية، الأول الحكومة الشرعية في عدن المتمسكة بوحدة اليمن، والثاني المجلس الانتقالي، الساعي إلى الانفصال والذي يرى في حضرموت جزءا لا يتجزأ من مشروع دولة "الجنوب العربي". والثالث حلف قبائل حضرموت، الذي يدفع باتجاه حكم ذاتي وإدارة محلية بعيدة عن تدخلات الحكومة المركزية والمجلس الانتقالي الجنوبي على حد سواء.
ما الذي يحدثدفع المجلس الانتقالي في اليمن بألوية ووحدات عسكرية تحت مسمى قوات "الدعم الأمني"، بقيادة العميد صالح علي بن الشيخ أبو بكر المعروف باسم "أبو علي الحضرمي"، وذلك في "محاولة للسيطرة على المحافظة ومكامن النفط" كما يقول زعيم حلف قبائل حضرموت ووكيل أول محافظة حضرموت عمرو بن حبريش.
يأتي هذا التحرك العسكري بعد قيام قوات "حماية حضرموت" المدعومة من حلف القبائل، بتأمين منشآت حقول نفط المسيلة، استباقا لسيطرة قوات "الدعم الأمني" عليها.
ويقول تحالف قبائل حضرموت إن هناك مشروعا للسيطرة على نفط حضرموت يشمل حقول الإنتاج وخطوط النقل وموانئ التصدير، وإن السيطرة على ميناء الضبة ومحاولة الوصول إلى شركة بترومسيلة تعد جزءا من هذا المشروع.
وأكد حلف قبائل حضرموت في بيان عقب اجتماع موسع له أن أي تمركز لما سماها "قوات خارجية" على أرض حضرموت يُعدّ "احتلالا" وسيجري التعامل معه بالقوة، واتخاذ خطوات وصفها بأنها "حاسمة" لمواجهة ما قال إنها تحركات خطرة تقوم بها قوى وافدة من خارج المحافظة.
من جانبه، قال المركز الإعلامي للمنطقة العسكرية الثانية التابع للمجلس الانتقالي إنه دفع مساء الأحد بعدد من الألوية العسكرية لدعم وإسناد القوة المتواجدة في المنشآت النفطية بقطاع المسيلة.
إعلانلكنه اتهم القوات التابعة لعمرو بن حبريش "باقتحام المنشأة النفطية والاعتداء على القوات الحضرمية المكلّفة بحمايتها"، مؤكّدا أنه "لن يسمح بذلك وسيضرب بيد من حديد".
ما خلفية الصراعتحظى حضرموت بأهمية إستراتيجية بالغة، إذ تمثل 36% من مساحة البلاد، وتضم موانئ رئيسية كميناءي المكلا والشحر، إضافة إلى ميناء الضبة النفطي، وتنتج نحو 80% من نفط اليمن، فضلا عن امتلاكها أكبر احتياطي نفطي ما يجعلها بوابة اقتصادية وسياسية يتنافس الجميع للسيطرة عليها.
وفي مقابل تلك الأهمية يقول أبناء حضرموت إن ثروات المنطقة لا تنعكس على المحافظة وأهلها إذ يعانون من تردي الخدمات وغياب الحلول الحكومية، كما أنهم لا يحظون بتمثيل حقيقي في إدارة محافظتهم ومواردها النفطية.
ورغم أن حضرموت بقيت بعيدة عن المواجهات المباشرة بين الحكومة الشرعية والحوثيين خلال سنوات الحرب، فإنها عانت من تداعيات الصراع وبسط النفوذ المحلي والإقليمي.
فالحكومة الشرعية في عدن تتمسك بوحدة اليمن، في حين يسعى المجلس الانتقالي لبسط سيطرته على حضرموت في إطار مشروعه الانفصالي عن اليمن، أما الضلع الثالث في المثلث الذي يتنازع حكم حضرموت فهو حلف قبائل حضرموت، الذي يدفع باتجاه حكم ذاتي وإدارة محلية بعيدة عن تدخلات الحكومة المركزية والمجلس الانتقالي الجنوبي على حد سواء.
هذا المزيج من المطالب، الحكم الذاتي من جهة، والانفصال من جهة ثانية جعل حضرموت ساحة صراع نفوذ داخلي وإقليمي، بين قوى محلية (قبائل، نخب محلية) وقوى مدعومة من جهات خارجية.
ما هو حلف قبائل حضرموتحلف قبائل حضرموت هو تشكيل قبلي تعود جذوره إلى عام 2013 كإطار شعبي وقبلي يسعى إلى نيل الحقوق وتحقيق شراكة عادلة في السلطة والثروة، وعرف عنه مناهضته للمجلس الانتقالي الجنوبي.
يسعى الحلف إلى تطبيق الحكم الذاتي في المحافظة، وبات يملك قوة عسكرية في عدد من مديريات حضرموت مترامية الأطراف ولا تخضع لوزارة الدفاع اليمنية. ويتبنى الحلف خطابا يدعو لتمكين سكان حضرموت من إدارة شؤون محافظتهم بعيدا عن الوصاية المركزية.
ويقول مراقبون ومحللون سياسيون إن حضرموت، أكبر محافظات اليمن مساحة وأغناها بالنفط، تشهد تداخلا معقدا بين القوى العسكرية المحلية والإقليمية، وسط تنافس متصاعد على النفوذ وتطورات عسكرية على الأرض تنذر بإضافة المزيد من الانقسامات في البلاد التي تعاني من ويلات الحرب منذ أكثر من عقد.
وتخضع محافظة حضرموت لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا ويدعمها تحالف تقوده السعودية تدخّل في البلاد في مارس/آذار 2015 بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء.
ما موقف الحكومة الشرعيةلم يصدر أي تعليق وزاري من الحكومة اليمنية حتى الآن، كما لم تتخذ الحكومة الشرعية أي إجراء لتخفيف حدة الاحتقان في محافظة تنعم باستقرار نسبي، خاصة مع لهجة الخطاب الحادة والتهديدات والحشد العسكري من جميع الأطراف.
وحذر عضو مجلس القيادة الرئاسي باليمن فرج البحسني من أن حضرموت تمر بمرحلة وصفها بأنها "الأخطر منذ عقود"، داعيا إلى وقف التصعيد الذي قد يدفع المحافظة نحو صراع داخلي "لا رابح فيه".
وقال البحسني، وهو محافظ سابق لحضرموت، في بيان إن المحافظة تساق نحو "انقسامات لا تخدم إلا أعداءها"، محذرا من أي محاولات لاستعراض القوة وذلك بعد بيان أصدرته السلطة المحلية بقيادة المحافظ المعزول مبخوت بن ماضي وتضمن تحذيرات من خطوات قد تدفع نحو "الفوضى".
إعلانويرى تقرير صادر عن مركز سياسات اليمن أن غياب الدولة المركزية وسّع من مساحة النفوذ القبلي، وعزز الانقسامات المحلية، مما يهدد بتحول المحافظة إلى ساحة صراع جديدة، ما لم يتم احتواء التوترات المتصاعدة.