يخطئ من يظن أن العلاقات الوثيقة بين مصر والصين.. والتي أصبحت «علاقة شراكة استراتيجية» منذ عام 2014 مجرد «علاقات تعاون» بين بلدين، ولكنها أعمق وأرقى كثيرًا من ذلك، إذ يجمع بينهما حضارتين عريقتين متزامنتين ضاربتين في أعماق التاريخ لأكثر من 3 آلاف عام قبل الميلاد.. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن مصر في زمن الرئيس جمال عبد الناصر كانت من أوائل الدول التي اعترفت بـ «جمهورية الصين الشعبية» في منتصف الخمسينات من القرن العشرين وأدخلتها إلى أفريقيا والمجتمع الدولي لتتبوأ مكانتها كواحدة من القوى الخمسة العظمى في العالم.

ولذلك، لم يكن غريبًا هذا التطور الاقتصادي المذهل في علاقة البلدين في السنوات الأخيرة، وكان من أبرز مظاهره تلك البيانات الرسمية الصادرة مؤخرًا عن «المنطقة الاقتصادية لقناة السويس»، والتي تشير إلى أن الهيئة نجحت خلال الأعوام الثلاثة والنصف الماضية في جذب استثمارات تُقدّر بنحو 11.6 مليار دولار، (50%) منها استثمارات صينية.

وقد وصل التعاون مع منطقة «تيدا» الصينية داخل المنطقة الاقتصادية إلى أكثر من 200 مشروعًا صناعيًا وخدميًا ولوجيستيًا بإجمالي استثمارات تتجاوز 3 مليارات دولار، كما تجاوز حجم التعاون مع الاستثمارات الصينية في منطقة القنطرة غرب الصناعية نحو 700 مليون دولار.

وخلال العام الجاري فقط، أبرمت الهيئة عشرات العقود مع شركات صينية أكبرها عقد شركة «سايلون» الصينية البالغ قيمته مليار دولار، لتصنيع إطارات السيارات، وكذلك عقد شركة «سي جي إن» لإنشاء مصنع أسمدة فوسفاتية بمدينة «سخنة 360» التي تطورها شركة السويدي للتنمية الصناعية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس باستثمارات تصل إلى مليار دولار.

فيما يظهر بوضوح حرص وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية لجذب مزيد من الاستثمارات الصينية في قطاعات صناعية وتكنولوجية رئيسية، مع الاتجاه إلى توسيع قاعدة الإنتاج المشترك وجذب مزيد من الاستثمارات الصينية بما يدعم التصنيع المحلي ويعزز الصناعات ذات القيمة المضافة ويدعم الصادرات إلى الأسواق الإقليمية والدولية.

وبحسب بيان سابق لـ «الهيئة العامة للاستثمار»، فإنه يوجد أكثر من 2800 شركة صينية في مصر باستثمارات تتجاوز 8 مليارات دولار، وتعمل في مختلف القطاعات. يشمل ذلك مشاريع كبرى مثل منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة ومصانع لإنتاج السيارات.

فيما ساعد على هذا التواجد الاقتصادي الكبير للصين - صاحبة أقوى اقتصاد في العالم- في مصر سهولة الإجراءات والإعفاءات التي تكفلها «المنطقة الاقتصادية لقناة السويس» وموقعها الرابط بين القارات مما جعلها منفذًا لمليارات المستهلكين، وحولها لقبلة المستثمرين الصينيين، كما زاد الإقبال مع التوترات التجارية التي تسببت فيها الرسوم الجمركية الأمريكية.

ومن المظاهر الأخرى الضخمة لهذه العلاقة الاقتصادية المميزة بين البلدين الصديقين، ذلك اللقاء الذي تم منذ عدة أيام بالقاهرة بين: د.رانيا المشاط.. وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، و«تشن هوايو».. رئيس بنك التصدير والاستيراد الصيني «أكسيم بنك»، والذي قام بأول زيارة لمصر وأفريقيا على الإطلاق، مما يعكس أهمية مصر بالنسبة للصينيين كبوابة لإفريقيا.

وخلال الاجتماع، استعرضت الوزيرة «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل»، التي أطلقتها الحكومة كإطار وطني يرسم ملامح السياسات الاقتصادية للدولة حتى 2030م، كما أعربت عن تقديرها للدور المهم الذي لعبه «أكسيم بنك» في تمويل وتنفيذ المرحلتين الأولى والثانية من مشروع القطار الكهربائي الخفيف «إل أر تي»، فضلًا عن المرحلة الثالثة الجاري تنفيذها، والمرحلة الرابعة المزمع تنفيذها بالتعاون مع الجانب الصيني أيضًا، إذ يمثل مشروع القطار الخفيف نموذجًا بارزًا للتعاون المصري- الصيني في النقل الأخضر.

ومن جانبه، قال «هوايو» إن مصر هي أول دولة أفريقية يزورها، وهو ما يعكس مكانتها المتميزة وتقدير البنك لها كشريك استراتيجي محوري للبنك وللصين بشكل عام، مشيرًا إلى أن الشركات الصينية منفتحة على تعزيز التعاون مع الجانب المصري، وترى في السوق المصري بيئة جاذبة وداعمة لنمو استثماراتها.

رائد أعمال ومستثمر

اقرأ أيضاًتحذيرات حكومية تعمق القلق في سوق روبوتات الصين مع تراجع موجة الحماس الاستثماري

بحضور مئات الباحثين والطلاب.. الجامعة المصرية الصينية تحتفل باليوم العالمي لنظم المعلومات الجغرافية

الصين تحذر اليابان: «سنسحق أي محاولات أجنبية للتدخل في شؤون تايوان»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الصين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس جمال عبد الناصر جمهورية الصين الشعبية العلاقات المصرية الصينية الرئيس جمال عبد الناصر استثمارات صينية السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية العلاقات الاقتصادية المصرية الصينية

إقرأ أيضاً:

تركيا وعُمان تستهدفان تحقيق 5 مليارات دولار في التجارة

تركيا – حددت تركيا وسلطنة عمان هدفا جديدا للتبادل التجاري بينهما بنحو 5 مليارات دولار على المدى المتوسط.

جاء ذلك خلال منتدى الأعمال التركي العماني الذي نظمته هيئة العلاقات الاقتصادية الخارجية “DEİK”، في إطار القمة العالمية للحلال ومعرض “حلال إكسبو 2025” بإسطنبول.

وأكد المشاركون في المنتدى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين، البالغ 1.3 مليار دولار العام الماضي، سيرتفع إلى 5 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة، وأن البلدين سيتعاونان في مشاريع تجارية جديدة.

وقال رئيس مجلس الأعمال التركي العماني يونس إته، إن المجلس الذي تأسس عام 2016، اتخذ مبادرات مهمة لزيادة حجم التجارة الثنائية، مشيرا إلى أن السنوات العشر الماضية شهدت فترة تعاون مثمرة للغاية بين البلدين.

وأضاف أن منتدى الأعمال التركي العماني ومعرض أومنيكس، المقرر عقدهما في سلطنة عمان بين 2 و4 فبراير/ شباط المقبل، سيمهد الطريق لشراكات جديدة في قطاعات حيوية مثل الطاقة والدفاع والرعاية الصحية والسياحة والأغذية والبحرية والخدمات اللوجستية.

بدوره، أكد رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان سالم عبد الله الرواس، أن العلاقات القائمة على الثقة المتبادلة بين البلدين تشهد تطورا سريعا، وأن كل لقاء يعزز الأرضية التجارية المشتركة.

وأوضح أن المنتدى الذي سيعقد أوائل فبراير المقبل سينقل العلاقات إلى مستوى أعلى، مضيفا أنه ناقش موضوع عمل بنك تركي في سلطنة عمان خلال المحادثات (في إسطنبول)، وأنهم يريدون رؤية تقدم في هذا المجال.

وذكر الرواس أن حجم التبادل التجاري بين البلدين سيصل إلى 820 مليون دولار بنهاية عام 2024، مضيفا: “هدفنا على المدى المتوسط ​​هو الوصول إلى 5 مليارات دولار”.

من جانبه، أكد حقي بارودجي نائب المدير العام للاتفاقيات الدولية والاتحاد الأوروبي بوزارة التجارة التركية، أن العلاقات بين أنقرة ومسقط اكتسبت زخما جديدا مع الزيارات المتبادلة على مستوى القادة بين البلدين.

وأوضح أن حجم التجارة بين البلدين بلغ نحو 300 مليون دولار في 2017، ليرتفع إلى 1.3 مليار دولار العام الماضي.

وأضاف أن صادرات تركيا إلى عُمان من يناير/ كانون الثاني إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بلغت 422 مليون دولار، بينما بلغت الواردات من عُمان 899 مليون دولار.

وأعلن أن الاجتماع الثالث عشر للجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين سيعقد بأنقرة في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، مشيرا إلى أنه ستتم مناقشة مجالات جديدة للتعاون على المستوى الوزاري.

ومساء الجمعة، اختتمت في إسطنبول النسخة الحادية عشر لـ”قمة الحلال العالمية”، فيما تستمر فعاليات معرض “حلال إكسبو 2025” الدولي للتجارة حتى الأحد.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • الخارجية: تعاون مصري ألماني مكثف لتعميق العلاقات الاقتصادية
  • شركة المدن الصناعية الأردنية وصندوق الإيداع المغربي يبحثان تعزيز الشراكة الاستثمارية
  • لوتير.. القوة الاقتصادية الجديدة التي تبني الصداقات وتحقق الأمان المالي
  • توأمة صناعية أردنية-سورية لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتبادل التجاري
  • السودان ومصر.. من الألفة إلى الشراكة الاستراتيجية
  • كيف حوّل شكري نعمان أمن الحوبان إلى شركة جباية داخل مصنع “كميكو”؟ومن هي الشبكة التي تحميه من التغيير ؟
  • الجامعة المصرية الصينية تحتفل باليوم  العالمي لنظم المعلومات الجغرافية
  • بحضور مئات الباحثين والطلاب.. الجامعة المصرية الصينية تحتفل باليوم العالمي لنظم المعلومات الجغرافية
  • تركيا وعُمان تستهدفان تحقيق 5 مليارات دولار في التجارة