في خضم العواصف الثقافية والاجتماعية التي تجتاح العالم العربي، برزت ظاهرة الهجوم على الهوية الإيمانية عبر وسائل ناعمة، لا تقل خطورة عن الاستهداف العسكري، والمعركة مع العدو اليوم أصبحت معركة تستهدف وعي الإنسان، وفطرته،  وقيمه، وهويته، وفي هذا السياق، تتضح صورة مسارين متباينين في العالم العربي، مسار الانفتاح المنفلت، ومسار مشروع قرآني واعٍ مقاوم.

يمانيون /  خاص

 

وفي خضم مؤامرات الهدم الثقافي والإيماني التي يشنها العدو الصهيوأمريكي على اليمن، ظهر المشروع القرآني بقيادة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، كحصن صامد لا ينكسر، هذا المشروع تحول إلى خط دفاع استراتيجي عن الهوية الإيمانية اليمنية وعن قيم الأمة الإسلامية الأصيلة، في مواجهة موجات الحرب الناعمة التي تستهدف تفكيك المجتمع اليمني من الداخل أو الموجهة من الخارج،

 

 مشروع الانحلال والترفيه السعودي

إلى جانب الحرب الناعمة التقليدية، يواجه المشروع القرآني محاولة جارة السوء ’’السعودية’’ ، تصدير الانحلال والترفية إلى اليمن والعالم العربي، من خلال محاولة فرض قيم مادية وفكر مستورد، وهو ما عملت عليه من خلال وسائل إعلامها ومنصاتها الثقافية، حيث تسعى إلى تحويل المجتمعات العربية إلى بيئة مستهلكة ومترفة، تشغل الشباب بالترف والانحلال الأخلاقي، وتبعدهم عن القيم القرآنية.

الترفيه السعودي المنفلت أداة  العدو الصهيوأمريكي لتفكيك المجتمعات

الترفيه السعودي اليوم تجاوز حدود التسلية، ليصبح أداة لتصدير نمط حياة قائم على الانفلات والابتعاد عن الدين والقيم، هذه الظاهرة تحاول التطاول من خلال وسائل خبيثة تبدأ بإضفاء طابع الحداثة على التفكك القيمي،  وتُقدّم الحفلات الصاخبة، والمهرجانات المختلطة، واستيراد أنماط ترفيهية غربية كرمز للتقدم والتحضر، في حين أنها في جوهرها تستهدف تفكيك القيم وإضعاف الهيكل الأخلاقي للمجتمعات.

وكذلك من خلال تسويق السلوكيات المرفوضة دينياً وقيمياً بوصفها نموذجًا للحياة العصرية، من مظاهر الانفتاح المفرط والتطبيع مع الممنوعات الشرعية، وتحويل الحياء والالتزام الديني إلى ما يُنظر إليه على أنه تخلف، كل ذلك يُغرس تدريجيًا في وعي الشباب، بل وسخروا المؤسسة الدينية في المملكة بتفصيل الفتاوى لتبرير الرذائل والمحرمات فأصبح الخمر حلال ، والرقص والانحلال حداثة وتقدم .

كما قدمت المملكة الترفيه كوسيلة للتغلغل الثقافي من خلال المحتوى الإعلامي الهابط، واستغلال القنوات الرقمية، والمشاهير، كلهم يعملون على تصدير هذا النموذج إلى المجتمعات  العربية الأخرى، بما فيها المجتمعات المحافظة، بطريقة سلسة وناعمة تجعل الناس يعتقدون أن هذا هو المسار الطبيعي للتطور.

وفي هذه المرحلة الحساسة، أصبح الترفيه أداة لتعزيز تغلغل العدو الصهيوأمريكي في قلب الهوية العربية والاسلامية وأخطر الوسائل لفرض واقع التطبيع مع كيان العدو الصهيوني .

 

المشروع القرآني في قلب المواجهة

المشروع القرآني وقف بقوة أمام هذه الهجمة الخبيثة ، وكشف هذه المؤامرة ، من خلال تكثيف الوعي القرآني والقيمي وتحصين المجتمع اليمني وتعزيز تمسكه بهويته الإيمانية والقيمية، وبتأكيده على القرآن كمنهج حياة، نجح المشروع في تحويل كل محاولة للترف والانحلال إلى فرصة لتقوية الوعي الإيماني والوحدة الوطنية.

هذا الصراع ليس مجرد صراع ثقافي، بل معركة وجودية بين مشروع القرآن الذي يحمي الهوية الإيمانية والقيم والأخلاق وبين مشروع الانحلال الذي تحاول جارة السوء فرضه على الأمة.

وفي مواجهة الحرب الناعمة، اتخذ المشروع القرآني خطاً عملياً وحازماً ضد كل محاولات التفكيك الفكري، بنشر الوعي، من خلال الدروس والمحاضرات وخطب الجمعة والمحتوى الإعلامي الهادف، وساهم المشروع في بناء جيل واعٍ مدرك لمحاولات الهيمنة الفكرية والثقافية.

كما ربط المشروع القرآني الإيمان بالمقاومة، مما جعل الوعي القرآني سلاحًا لا يُقهر ضد مؤامرات العدو لاستهداف الهوية والقيم، بحيث أصبح الدفاع عن الدين والدفاع عن الوطن خطان متوازيان لمعركة واحدة.

كما أسهم المشروع القرآني على حماية المجتمع اليمني، بمبادرات تعليمية وثقافية وتأسيس النشء والشباب بثقافة القرآن، وصاغ المشروع حصوناً فكرية تحمي اليمنيين من الانحلال الأخلاقي والاستلاب القيمي.

في كلمه له بمناسبة جمعة رجب في العام 2017، أي بعد أن شن العدوان الغاشم عدوانه العسكري على اليمن بعامين فقط ، أكد السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، على أن اليمن يواجه عدوانا غير مسبوق يستهدف أبناء الشعب اليمني في مختلف المجالات ومن أخطر الأساليب التي يستخدمها العدو الحرب الناعمة، وقال : (( يجب أن نسعى في هذا البلد ونحن نواجه العدوان في معركته العسكرية إلى التصدي ضمن هذه الحرب الناعمة لكل أشكال الاستهداف وأن يتحرك جنود هذا الميدان في واجبهم وفي مسؤوليتهم، العلماء، المثقفون، المتنورون، الواعون، الأكاديميون، في المدارس في الجماعات، الناشطون الإعلاميون، الجميع جنود هذا الميدان عليهم ألا يكونوا أقل استبسالا وأضعف صبرا من جنود الميدان العسكري))

معتبراً الحرب الناعمة أنها لا تقل خطورة عن الطائرات، والصواريخ والقنابل الذكية والراجمات الصاروخية والمدفعية الحديثة التي تعمل بالليزر فجميعها وسائل فتك وتدمير لكن على الجميع أن يتحركوا بشكل كبير في مواجه الحرب الثقافية والفكرية والإعلامية لتحالف العدوان،

 

ختاماً

المشروع القرآني بقيادة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي لم يكن خيارًا، بل واجبًا وجوديًا، مشروعًا حقيقيًا لحماية اليمن والهويّة الإيمانية من محاولات الاحتلال الثقافي والفكري، هو مشروع صمود ومقاومة استراتيجية، جعل من القرآن سلاحًا وقوة لا يستهان بها في مواجهة الحرب الناعمة، وحصنًا للهوية اليمنية الأصيلة.

أي محاولة لتشويه هذا المشروع أو التقليل من شأنه هي محاولة مباشرة لضرب صرح اليمن الإيماني والثقافي، ولن تمر دون أن يقف المشروع في وجهها بكل قوة وحزم.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المشروع القرآنی الحرب الناعمة مشروع القرآن مشروع ا من خلال

إقرأ أيضاً:

عمرة الجديدة… مدينةٌ للناس لا للمضاربات

#عمرة_الجديدة… مدينةٌ للناس لا للمضاربات

المهندس #معاذ_الشناق – مختص في مجال التخطيط العمراني والبنية التحتية
تقدّم الحكومة اليوم مشروع “مدينة عمرة” كأحد أكبر المشاريع العمرانية المقترحة في العقود الأخيرة، وهو مشروع يمكن أن يشكّل نقطة تحول في مشهد السكن والتنمية في الأردن إذا أُدير بعقلية تخطيطية مسؤولة تُقدّم المواطن على المضارب، والتنمية على المصالح الضيقة.
الفرصة كبيرة، لكن النجاح ليس مضمونًا إلا إذا بُني المشروع على أسس واضحة تُلزم كل الجهات بضبط إيقاع العمل ومنع تكرار أخطاء مشاريع سابقة، حيث تسرّبت إليها المضاربات، وفُتحت فيها أبواب التفاف على الهدف الأساسي: خدمة المواطن محدود ومتوسط الدخل.

مدينة عمرة يجب أن تولد وهي تحمل فلسفة واضحة: سكنٌ كريم، خدماتٌ حقيقية، وعدالة في التوزيع والتملك. فالمواطن الأردني أنهكته كلفة السكن وارتفاع الأسعار، وأرهقته مشاريع تُعلن في الإعلام على أنها مخصصة للناس، ثم يجدها مساحات ذهبية للمستثمرين أو أصحاب النفوذ. لذلك فإن أهم خطوة هي أن تُعلن الحكومة—من اليوم الأول—أن هذه المدينة ليست ساحة مفتوحة للمصالح الخاصة، بل مشروع عام له ضوابط صارمة لا تتغيّر بتغيّر الأشخاص.

ويجب أن تقوم فلسفة المدينة على تخطيط عمراني حديث، يراعي احتياجات الناس لا رغبات السوق فقط: طرق مخدومة، نقل عام فاعل، بنية تحتية ذكية، مساحات خضراء، مدارس، مرافق صحية، ووحدات سكنية تتناسب مع رواتب موظفي القطاعين العام والخاص، دون قوالب إسمنتية تُكرّر أخطاء مدن التوسع العشوائي. فالمشاريع العمرانية الناجحة لا تُبنى بالمباني وحدها، بل تُبنى بنظام حياة متكامل يحفظ كرامة الإنسان ويتيح له مسكنًا، وفرصة، ومستقبلًا.

مقالات ذات صلة وصفيُّ التَّلِّ…أيقونة الاردنيين..! 2025/11/29

ولتعزيز جودة هذا المشروع وضمان شموليته، من الضروري إشراك جميع القطاعات المهنية المعنية. فوجود نقابة المهندسين، ونقابة الجيولوجيين، ونقابة المقاولين، إلى جانب المؤسسات المهنية الأخرى، ليس ترفًا، بل ضرورة لضمان جودة التخطيط والتنفيذ. كما أن إشراك القطاع الأكاديمي—من جامعات وكليات متخصصة في التخطيط الحضري والهندسة والجيولوجيا—يمنح المشروع رؤية علمية محايدة بعيدة عن الضغوط، ويضمن أن تكون المدينة قائمة على أسس حديثة ومدروسة.
بهذا النهج، يتحول المشروع من مبادرة حكومية إلى مشروع وطني تشاركي تُسهم فيه الخبرات المحلية بكامل طاقتها.

والأهم من ذلك كله أن يُصان المشروع من الداخل قبل الخارج. على الحكومة أن تضع نظامًا تشريعيًا واضحًا يمنع تضارب المصالح، ويمنع كل مسؤول أو موظف أو جهة مطلعة على تفاصيل المدينة من التملك أو المتاجرة ضمن نطاقها خلال فترة عمله. هذا ليس تشكيكًا بأحد، بل حماية للمشروع، ودرعًا يمنع أي استغلال، ويعيد الثقة التي تضررت في تجارب سابقة. فالمدينة إن فقدت عدالتها في بداياتها، لن تستعيدها لاحقًا مهما كانت المخططات جذابة.

ولكي تكون عمرة مدينة حقيقية للناس، يجب أيضًا أن تُراعى فيها العدالة السكانية والاجتماعية:
الفئات محدودة ومتوسطة الدخل أولًا، الشباب المقبلون على الزواج، الموظفون الباحثون عن استقرار، والعاملون الذين أعاقتهم الأسعار عن التملك.
أما المستثمرون الكبار، فدورهم يجب أن يكون في البنية التحتية والخدمات، لا في الاستحواذ على الأراضي أو المضاربة عليها.

مدينة عمرة ليست مجرد مبانٍ؛ بل اختبار لإرادة الدولة في كسر نمط قديم من المشاريع التي بدأت بالناس وانتهت إلى غيرهم.
هي فرصة لإثبات أن التخطيط الحضري يمكن أن يكون عادلًا، وأن التنمية يمكن أن تُصاغ بحيث ترفع الجميع لا فئة محددة.

إذا صانتها الحكومة من يومها الأول، وجعلت بوصلتها المواطن، وحددت خطوطًا حمراء ضد الفساد والتجاوزات، وأشركت النقابات المهنية والجامعات في صياغة رؤية المدينة، فستكون عمرة مدينة نموذجية تُعيد الأمل لشباب الأردن.
أما إن تُركت بلا ضوابط ولا شراكات، فإنها ستكرر أخطاء الماضي، وسيضيع الهدف النبيل بين الأسماء اللامعة والمصالح الخفية.

مقالات مشابهة

  • المسلماني يكشف أسباب تراجع القوة الناعمة المصرية خلال العقود الأخيرة -(فيديو)
  • مشروع سكة حديد السلام الإسرائيلي الإماراتي
  • مؤسسة البصر الخيرية تجري كشف النظر لاكثر من اثنين وسبعين الف تلميذ بنهر النيل ضمن مشروع الصحة المدرسية
  • اختتام مشروع تعزيز فرص النجاح للطلبة الأردنيين والسوريين
  • عمرة الجديدة… مدينةٌ للناس لا للمضاربات
  • طبية وغذائية.. مركز الملك سلمان يقدم مساعدات متنوعة في اليمن
  • لأول مرة| فوز معهد البحوث الفلكية في مشروع ممول من Horizon Europe
  • «نچم للتطوير العقاري» تطلق مشروع «VELN» باستثمارات تتجاوز 1.6 مليار جنيه بالقاهرة الجديدة
  • البحوث الفلكية يعلن تحقيقه أول فوز في مشروع ممول من Horizon Europe