من دائرة البيت والأسرة إلى دائرة الدولة: كيف تُقاس أهلية المسؤول؟
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
يمانيون| بقلم.د. حمود الأهنومي
إنَّ اعتمادَ الكفاءة الأخلاقية والسلوكية بوصفها المعيار الأول في اختيار المسؤولين قيادات ومدراء ومنحهم الثقة، هو منطلق قرآني أصيل وأساس حكمة إدارية عالمية. يقول الله تعالى: (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا)، فسلامة الإنسان في تدبيره لأعزِّ الناس إليه (نفسه وأهله) هي الاختبار الأسبق لصلاح ضميره، واستقامته، وجدارته بتحمُّل الأمانات الكبرى.
وأكَّد الإمام علي عليه السلام هذا المنطق التصاعدي في عهده إلى الأشتر النخعي حين أوضح له معايير اختيار كتابه، فقال: «وَلا يَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِي الأُمُورِ، فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ يَكُونُ بِقَدْرِ غَيْرِهِ أَجْهَلَ». فاليقظة الأخلاقية الذاتية، ومعرفة حدود النفس وقدراتها، هي الأساس الذي تُبنى عليه قدرةُ القائد والمدير على تقييم الآخرين وتوظيفهم بحكمة، ووضع كلِّ فرد في موقعه المناسب.
وهذه القاعدة النابعة من الوحي والفكر الإسلامي ليست شأناً دينياً فحسب، بل تُثبتها النظريات الإدارية والنفسية الحديثة، وعلى رأسها نظرية الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence)، التي ترى أنَّ نجاح القائد وفاعليته تتحددان بقدرته على إدارة ذاته وعلاقاته، عبر فضائل عملية كـ (الصدق، والانضباط الذاتي، وضبط الانفعالات، والتعاطف، والرؤية الواضحة لتبعات القرار). كما تبرز أهمية الكفاءة الاجتماعية المتمثلة في (التواصل الفعّال، وبناء الثقة، واستيعاب طبيعة البشر، وإدارة الفرق العملية).
ولذلك، فإنَّ إدراج «الكفاءة الأخلاقية والسلوكية» – بمكوناتها الذاتية والاجتماعية – كمعيار أساس موازٍ للكفاءة الفنية والخبرة العملية، ليس ترفاً فكرياً، بل هو ضرورة شرعية وعلمية لمنع المفارقة الخطيرة بين “القدرة على الإنجاز” و”الصلاحية للأمانة”، وهو الضامن الرئيس لبناء مؤسسات رصينة، تحظى بثقة الجمهور، وتقاوم آفات الفساد من منبتها.
وتطبيقاً لهذا المبدأ: فإنَّ من ثبتت قدرته الفنية ولكن ظهر – عبر مواقف متكررة وسلوك ثابت – عجزه عن إدارة شؤون بيته وأسرته إدارةً مستقرةً أخلاقياً وتربوياً وعلائقياً، أو انكشفت فيه انحرافات سلوكية في دائرته الخاصة، فإنَّ الأحوطَ والأصوبَ أن يُستفاد من مهارته في مواقع فنية استشارية أو تنفيذية بحتة لا تخوّله سلطةً على رقاب الناس أو إدارةً لمقدّراتهم. فالقدرة الفنية تُوظَّف، وأمّا الثقة فلا تُمنح إلا لمن اجتاز امتحان الأمانة في أصغر الدوائر وأشدّها قربًا إليه.
إن هذه الرؤية التكاملية تهدف إلى حماية المصلحة العامة، وترشيد الطاقات البشرية، وبناء نموذج قيادي يجمع بين العلم والأخلاق، والكفاءة والاستقامة، وهو ما تطمح إليه كل أمة تسعى إلى مستقبل زاهر وقوي ورشيد.
والله من وراء القصد..
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
وزير الأمن الأمريكية تكشف مفاجأة بخصوص منفذ هجوم البيت الأبيض..
قالت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية كريستي نويم إن السلطات الأمريكية تعتقد أن المهاجر الأفغاني المتهم بنصب كمين لفردين من الحرس الوطني في واشنطن العاصمة لم يتطرّف فكريا إلا بعد وصوله الولايات المتحدة.
وأضافت خلال مقابلة مع شبكة "أن. بي. سي"، أن السلطات تعتقد أن رحمن الله لاكانوال، المشتبه بإطلاقه النار، كان يعيش بالفعل في ولاية واشنطن عندما صار متطرّفا.
وأشارت إلى أن المحققين يسعون للحصول على مزيد من المعلومات من أفراد عائلته وغيرهم.
والأربعاء الماضي، أعلنت السلطات اعتقال لاكانوال (29 عاما) هو المشتبه به في إطلاق النار الذي على بعد عدة بنايات من البيت الأبيض، والذي أسفر عن مقتل امرأة من الحرس الوطني وإصابة آخر بجروح خطيرة.
وعقب الحادثة تحدثت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى نقص عمليات التدقيق في الأفغان وغيرهم من الأجانب خلال فترة ولاية الرئيس السابق جو بايدن، على الرغم من أن لاكانوال مُنح حق اللجوء في عهد ترامب.
وقال ترامب للصحافيين في وقت سابق، إن إدارته قد توقف قبول طلبات اللجوء إلى الولايات المتحدة لفترة طويلة.
وأضاف للصحافيين على متن طائرة الرئاسة "لا يوجد حدّ زمني، ولكن قد يستغرق الأمر وقتا طويلا. لدينا ما يكفي من المشاكل. لا نريد هؤلاء الأشخاص".
ودخل لاكانوال الولايات المتحدة في عام 2021 في إطار عملية الإجلاء الجماعي التي نفذتها إدارة بايدن للأفغان الذين ساعدوا القوات الأمريكية خلال الحرب التي استمرت عقدين في أفغانستان مع استيلاء حركة طالبان على السلطة.
ومنحته إدارة ترامب حق اللجوء في نيسان/ أبريل الماضي، وفقا لملف حكومي.
وسبق أن ذكرت وكالة رويترز، أن برقية صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية كشفت أن إدارة الرئيس دونالد ترامب أمرت دبلوماسييها في أنحاء العالم بالتوقف عن إصدار تأشيرات للمواطنين الأفغان، مما يعني فعليا تعليق برنامج الهجرة الخاص بالأفغان الذين ساعدوا الولايات المتحدة خلال احتلالها لبلدهم والذي استمر 20 عاما.
وجاء في البرقية -التي أُرسلت الجمعة إلى جميع البعثات الدبلوماسية الأمريكية أن تعليمات صدرت للموظفين القنصليين برفض أي طلبات من المواطنين الأفغان لاستصدار تأشيرات هجرة أو غير ذلك من أنواع التأشيرات بأثر فوري، بما يشمل المتقدمين للحصول على تأشيرات هجرة خاصة.
وأشارت البرقية، إلى أن خطوة وقف دراسة التأشيرات للمواطنين الأفغان تهدف إلى "التأكد من هوية مقدم الطلب وأهليته للحصول على تأشيرة بموجب القانون الأمريكي" بعد هجوم البيت الأبيض.
وقالت مجموعة متطوعة (تساعد في دعم حلفاء الولايات المتحدة من الأفغان) إن هذه البرقية تأتي في إطار جهود إدارة ترامب لمنع جميع الأفغان من الوصول إلى الولايات المتحدة.
وقال شون فان ديفر رئيس منظمة "أفغان إيفاك" في رسالة بالبريد الإلكتروني "لا شك أن هذه هي النتيجة التي كانوا يسعون إليها منذ أشهر" بحسب رويترز.