تشهد دول غرب ووسط إفريقيا تحولات استراتيجية كبيرة في مساعيها لتعزيز سيادتها الاقتصادية والسياسية، بعد خطوات حاسمة من النيجر وأفريقيا الوسطى، وسط استمرار عدم الاستقرار في غينيا بيساو.

وأعلنت النيجر، الأحد، طرح مخزونها من اليورانيوم، الذي كانت تديره سابقًا شركة “أورانو” الفرنسية، للبيع في الأسواق الدولية، في خطوة تؤكد توجه النظام العسكري الحاكم نحو تعزيز استقلالية البلاد الاقتصادية.

وأكد رئيس المجلس العسكري، الجنرال عبد الرحمن تشياني، أن للنيجر “الحق المشروع في التصرف بثرواتها الطبيعية وبيعها لمن يرغب، وفق قواعد السوق وباستقلالية تامة”.

ويمثل اليورانيوم المورد الطبيعي الأبرز للنيجر، ويشكل محور صراع منذ انقلاب الجيش على السلطة في 2023، حيث تسعى النيجر للسيطرة على المناجم التي كانت تديرها شركة أورانو المملوكة للحكومة الفرنسية بنسبة 90%.

وألغت النيجر امتيازات الشركة لتشغيل ثلاثة من أكبر المناجم في البلاد، وهي “سومير” و”كوميناك” و”إيمورارين”، والتي تحتوي على احتياطات استراتيجية كبيرة.

وتتجه النيجر لتعزيز التعاون مع روسيا في مجال تعدين اليورانيوم، بينما تسعى فرنسا لاستعادة السيطرة التشغيلية على المناجم عبر تحكيم دولي، وسط مخاوف من تأثير هذه الخطوة على سوق الطاقة النووية العالمي، إذ شكلت النيجر في 2022 نحو ربع واردات الاتحاد الأوروبي من اليورانيوم الطبيعي.

في السياق ذاته، شدد وزير الدفاع في جمهورية أفريقيا الوسطى، كلود رامو بيرو، الاثنين، على رفض بلاده لأي ممارسات تُصنف كاستعمار جديد، مؤكدًا أن “بانغي لا تريد مستقبلا كهذا لأبنائها” وأن البلاد مصممة على حماية سيادتها ومنع أي محاولات لزعزعة استقرارها.

وأضاف أن بلاده قادرة على تجاوز الخلافات السابقة إذا توفّر الاحترام المتبادل والرغبة في دعم ازدهار الدولة.

كما أعلنت جمهورية إفريقيا الوسطى عن طلبها المساعدة من روسيا وبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في البلاد (مينوسكا) لتأمين الانتخابات العامة المقبلة، وفق ما صرح به وزير الدفاع كلود رامو بيرو بمناسبة يوم الجمهورية في الأول من ديسمبر.

وأوضح بيرو في مقابلة مع وكالة “نوفوستي” أن الطلب يشمل المساعدة في تأمين الانتخابات وتنظيمها، بالإضافة إلى الدعم اللوجستي مثل نقل أعضاء اللجان الانتخابية المحلية إلى مواقع عملهم وتوزيع صناديق وأوراق الاقتراع.

وأشار الوزير إلى أن السلطات تستعد بنشاط لإجراء الانتخابات المقررة في 28 ديسمبر، مؤكداً توقع محاولات من بعض المحرضين لعرقلة العملية الانتخابية، لكنه أكد أن الدعم الدولي يجعلهم أقوى في مواجهة هذه التحديات.

وتأتي هذه التصريحات بعد انقلاب عسكري في غينيا بيساو الأسبوع الماضي، أسفر عن اعتقال الرئيس عمرو سيسوكو إمبالو، قبل أن يتم نقله سالمًا إلى السنغال، في خطوة أبرزت هشاشة الأنظمة السياسية في غرب إفريقيا وأكدت الحاجة إلى تعزيز سيادة واستقرار الدول.

وعيّن الجيش الانتقالي اللواء هورتا إنتا رئيسًا مؤقتًا، بينما أعلنت مجموعة غرب أفريقيا الإقليمية “إيكواس” تعليق عضوية غينيا بيساو في انتظار إعادة الوضع إلى المدنيين.

وتمثل الموارد الطبيعية والسيادة السياسية محور التحديات في إفريقيا، حيث تسعى دول مثل النيجر وأفريقيا الوسطى إلى تعزيز استقلاليتها الاقتصادية والسياسية بعد عقود من النفوذ الأوروبي والتدخلات الخارجية.

واليورانيوم في النيجر يعد المورد الاستراتيجي الأهم، ويشكل مركز اهتمام فرنسا وأوروبا منذ عقود، ما جعل إعادة السيطرة على المناجم بعد الانقلاب العسكري في 2023 خطوة محورية لاستقلال القرار الوطني.

أما الانقلابات المتكررة في غرب إفريقيا، كما حدث في غينيا بيساو، فهي تذكير بأن الاستقرار السياسي ما يزال هشًا، وأن الدول بحاجة إلى سياسات تحمي سيادتها وتمنع التدخلات الخارجية في مواردها ومؤسساتها الوطنية.

هذه التحولات تأتي في وقت يراقب فيه العالم تحركات القارة عن قرب، خصوصًا في قطاع الطاقة والمعادن النادرة، ما يجعل أي قرار بشأن الموارد أو الانقلابات العسكرية له انعكاسات إقليمية ودولية كبيرة.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الدول الإفريقية القارة الإفريقية النيجر جمهورية إفريقيا الوسطى دول القارة الإفريقية غينيا غينيا بيساو فرنسا فرنسا والنيجر غینیا بیساو

إقرأ أيضاً:

ماكرون يتصل برئيس مدغشقر الانتقالي ويعرض دعم فرنسا

أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت أول اتصال هاتفي مع العقيد مايكل راندريانيرينا، الرئيس الانتقالي لمدغشقر، عارضا دعم باريس لمسار الانتقال السياسي الذي تشهده الجزيرة عقب الانقلاب العسكري في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق بيان صادر عن الإليزيه.

وأوضح البيان أن ماكرون شدد خلال المحادثة على أهمية العلاقات الثنائية، ورحب بإعلان السلطات الجديدة إطلاق مشاورات وطنية والشروع في إصلاحات، خصوصا في مجال مكافحة الفساد، إلى جانب تنظيم انتخابات "في آجال معقولة".

كما دعا إلى إشراك الشباب وممثلي المجتمع المدني في العملية، مؤكدا استعداد فرنسا لتقديم الدعم بالتنسيق مع شركائها الدوليين.

وأضاف الإليزيه أن باريس ستوفر تمويلات جديدة لمواجهة أزمة انعدام الأمن الغذائي في جنوب البلاد، وإرسال أطباء إلى العاصمة أنتاناناريفو، إضافة إلى دعم مشاريع للتنمية الحضرية، معلنا تخصيص مساعدات مالية مباشرة لتعزيز الأمن الغذائي.

وكان ماكرون قد أكد الأسبوع الماضي أن بلاده "مستعدة لمواكبة المرحلة الانتقالية بروح من الانفتاح".

الرئيس المدغشقري السابق أندري راجولينا (يسار) كان يحظى بدعم كبير من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (غيتي إيميجز)انتقال على وقع أزمة

وتولى العقيد راندريانيرينا رئاسة البلاد في 17 أكتوبر/تشرين الأول بعد أن أطاحت وحدته العسكرية بالرئيس السابق أندري راجولينا الذي فر خارج البلاد، إثر احتجاجات شعبية بدأت في سبتمبر/أيلول وانضمت إليها المؤسسة العسكرية.

بيد أن الانقلاب أعاد إلى الواجهة مشاعر الغضب تجاه فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، خاصة بعد أن تولت باريس عملية إخراج الرئيس المخلوع، وهو ما أثار استياء واسعا بين قطاعات من شعب مدغشقر.

وتواجه القيادة الجديدة تحديات جسيمة أبرزها معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية واستعادة الثقة الشعبية، وسط ترقب داخلي وخارجي لمسار الانتقال السياسي في الجزيرة الفقيرة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • العسكر في غينيا بيساو يمنعون المظاهرات قبيل زيارة إيكواس
  • ماكرون يتصل برئيس مدغشقر الانتقالي ويعرض دعم فرنسا
  • غينيا بيساو.. حكومة انتقالية وسط جدل الانقلاب
  • وزير دفاع أفريقيا الوسطى: نرفض الاستعمار الجديد ونحمي سيادة البلاد
  • النيجر تطرح مخزونها من اليورانيوم للبيع وتتحدى فرنسا
  • انقلاب الغموض والتناقض.. خدعة غينيا بيساو تغضب زعماء أفريقيا
  • رئيس غينيا بيساو المخلوع يصل إلى جمهورية الكونغو
  • البابا في لبنان.. حدث روحي يفتح الباب لأسئلة سياسية
  • انقلاب الـ24 ساعة العسكري في غينيا بيساو.. هزة سياسية تعطل مشروع الغاز الإقليمي