استطلاع - عزماء الحضرمية

تتزايد الدعوات لاعتناق الرياضة كأسلوب حياة من قِبل الجهات المعنية والمختصين، وما يثير الحماس هو ظهور مبادرات مجتمعية مبتكرة تستهدف جميع الفئات العمرية، وعلى رأسها فئة كبار السن الذين يشغلون مكانة مهمة في المجتمع العُماني، وتأتي رياضة المسير الجبلي في مقدمة هذه المبادرات؛ إذ تشهد انتشارًا ملحوظًا في عدد من المحافظات، مما يعكس تحولًا صحيًا واجتماعيًا جديدًا، فالمسير الجبلي لا يعد مجرد نشاط بدني، بل هو تجربة جماعية تعيد الإنسان إلى أحضان الطبيعة وتجسد روح العطاء والمشاركة.

في هذا الاستطلاع، سنسلط الضوء على هذه التجربة من ثلاث زوايا رئيسية: آراء المختصين في التربية البدنية والصحة العامة، وجهود المنظمين والمشرفين في توفير بيئة ملائمة لكبار السن، وأصوات المشاركين واستعراض تجربتهم الشخصية وتأثيرها الإيجابي.

الأثر البيولوجي والفسيولوجي

يقول الدكتور خليفة بن مبارك الجديدي أستاذ مساعد بقسم التربية البدنية وعلوم الرياضة بجامعة السلطان قابوس: «إن رياضة المسير الجبلي تحمل فوائد متكاملة لكبار السن على المستويات الاجتماعية والنفسية والبيولوجية. فعلى المستوى الاجتماعي، تمثل هذه الرياضة فرصة كبيرة للاحتكاك بمختلف الفئات العمرية، خاصة وأن كبار السن مع تقدم العمر يميلون إلى نوع من العزلة عن المجتمع، لذا فإن مشاركتهم في مثل هذه الأنشطة تعد مكسبًا اجتماعيًا مهمًا يساهم في تعزيز تواصلهم وانخراطهم في الحياة العامة، أما على الصعيد النفسي، فإن ممارسة رياضة المسير الجبلي تمنح كبار السن حافزًا نفسيًا كبيرًا وتساعدهم على تفريغ الهموم والابتعاد عن مشاعر الوحدة والعزلة، والتقليل من التوتر والقلق الناتج عن ضغوط الحياة أو البقاء الطويل داخل المنزل، مما يسهم في رفع جودة الحياة النفسية لديهم. كما أن هذا النوع من الأنشطة يسهم في رفع مستويات السعادة بفضل زيادة إفراز هرموني الأندورفين والدوبامين في الجسم، مما ينعكس إيجابًا على الصحة النفسية والعقلية».

ويضيف الجديدي: «إن الأثر البيولوجي والفسيولوجي لا يقل أهمية، إذ تشير الدراسات إلى أن كبار السن يفقدون تدريجيًا نحو 15% من قوتهم العضلية بعد تجاوز سن الخامسة والستين، ومن هنا تأتي أهمية ممارسة النشاط البدني المنتظم، وخاصة المسير الجبلي الذي يتميز بتنوع تضاريسه من ارتفاعات وانخفاضات، فهو يشكل تحديًا مفيدًا للعضلات ويجبرها على الانقباض أكثر من المعتاد أثناء المشي وهو ما يؤخر حدوث الضمور العضلي الناتج عن التقدم في العمر، كما تنعكس هذه الرياضة إيجابًا على صحة القلب وتحسين نشاط الدورة الدموية والجهاز العصبي والمناعي، مما يجعلها أداة فعّالة للوقاية من الأمراض المزمنة».

فريق قرية بات الأثرية

وحول تجربة المسير الجبلي لكبار السن يقول خالد بن ناصر الجابري مؤسس فريق قرية بات الأثرية للمسير والمغامرات: «إن فريق قرية بات الأثرية للمسير والمغامرات الذي تأسس في فبراير 2025 بمحافظة الظاهرة، يسعى إلى تعزيز روح المغامرة والاستكشاف لدى أبناء القرية والمجتمع المحلي، وتتركز أهداف الفريق على تطوير المهارات البدنية للأعضاء، وتعزيز التعاون والتواصل بين مختلف الفئات العمرية».

ويضيف الجابري: «نظم الفريق خلال الفترة الماضية عددًا من الفعاليات مثل مسير العرقي والنطاق العريض، وزراعة أشجار الزيتون في جبل شمس، ورحلات مسير في الجبل الأخضر وصلالة، إضافة إلى تنظيم مسير أسبوعي داخل القرية، ومشاركة أكثر من 700 مشارك من الرجال والنساء في مسير على مستوى محافظة الظاهرة بمناسبة يوم النشاط البدني».

وعن طبيعة هذا النوع من الأنشطة والإجراءات الوقائية المعتمدة، يقول الجابري: «تصمم أنشطة المسير لكبار السن بناء على عدة عوامل تشمل صعوبة المسار ومدة المسير مع مراعاة القدرة البدنية والصحية للمشاركين؛ حيث تكون المسارات سهلة ومصحوبة بفترات راحة منتظمة، مع توفير الدعم اللوجستي والمساندة الطبية اللازمة، كما يضم فريق المسير كوادر مدرّبة على الإسعافات الأولية، ويحرص على توفير مركبات طوارئ بالتعاون مع الجهات الصحية وتحديد نقاط تجمع آمنة عند الضرورة».

ويوضح خالد الجابري عن التحديات التي يواجهونها قائلا: «تتمثل هذه التحديات في نقص الدعم المادي والتشريعات المنظمة لمثل هذه الأنشطة، حيث نحتاج إلى قوانين تسهل تنظيم المسير الجبلي وتوفر الدعم اللازم لاستدامة مثل هذه الأنشطة».

أصوات المشاركين

وحول تجربة المسير الجبلي، يقول أحمد بن سالمين المقبالي أحد المشاركين في المسير: «إن الرياضة ليست جهدًا بدنيًا فقط، بل أسلوب حياة صحي واجتماعي، وأجمل ما في هذه التجربة هو تجمع المشاركين والتواصل الودي الذي يخلق طاقة إيجابية عالية، حيث شعرت بتحسن واضح في صحتي النفسية والجسدية بعد المشاركة، كما أن تنوع الفئات المشاركة من كبار السن والشباب والأطفال منحني الدافع القوي للاستمرار في ممارسة هذا النشاط».

ومن جانبه، يقول سالم بن حميد المقبالي مشارك في أنشطة المسير الجبلي: «إن تشجيع الأصدقاء كان الدافع الأكبر لي لخوض هذه التجربة التي حسنت علاقتي بالرياضة، حيث إن ممارسة مثل هذه الأنشطة الجماعية تمنحني شعورًا بالانتماء والدافع للمواصلة».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المسیر الجبلی لکبار السن کبار السن

إقرأ أيضاً:

دراسة تحذر: تناول كبار السن الطعام بمفردهم يعرضهم لمشاكل صحية خطيرة

كشفت دراسة موسعة أجراها باحثون من جامعة فلندرز في أستراليا أن عادة بسيطة مثل تناول الطعام بمفردك في سن الشيخوخة قد تزيد من خطر سوء التغذية، فقدان الوزن، والوهن. 

تناول كبار السن الطعام مع الآخرين يحمي صحتهم

وشملت الدراسة بيانات أكثر من 80 ألف بالغ فوق سن 65 عامًا في 12 دولة، ووجدت أن الذين يتناولون وجباتهم بمفردهم يميلون إلى اتباع نظام غذائي أقل جودة، يستهلكون كميات أقل من الفاكهة والخضراوات واللحوم، ويكونون أكثر عرضة لمشاكل صحية مرتبطة بالتغذية.

الشتاء فرصة ذهبية لخسارة الوزن .. فما الأسباب و7 نصائح لنتائج أسرع؟مسلسل "ورد وشوكولاتة" يفتح ملف الأذى الزوجي.. أسباب تدفع الزوج لإيذاء زوجته

وأكدت المراجعة المنهجية حول كبار السن أن مشاركة الوجبات تعزز صحة الجسم والعقل، وتحسن المؤشرات الغذائية. 

بينما لاحظت معظم الدراسات انخفاض جودة الطعام والتنوع عند تناول الطعام بمفردهم، تشير الأدلة إلى أن البيئة الاجتماعية للوجبات تلعب دورًا أساسيًا في الوقاية من سوء التغذية.

وقالت كايتلين وايمان، الباحثة الرئيسية: "الطعام أكثر من مجرد تغذية.. مشاركة الوجبة نشاط اجتماعي مهم يؤثر على الشهية وتنوع الأطعمة والرفاهية العامة".

تناول كبار السن الطعام مع الآخرين يحمي صحتهمتعزيز فرص تناول الطعام مع الآخرين

وأوصى فريق البحث بتوفير فرص اجتماعية لتناول الطعام، سواء مع العائلة، الأصدقاء، أو عبر البرامج المجتمعية. وتشمل المبادرات المقترحة:

ـ مجموعات الوجبات المشتركة لكبار السن.

ـ برامج الأجيال المشتركة بين الشباب وكبار السن.

تناول كبار السن الطعام مع الآخرين يحمي صحتهم

ـ الشراكات مع المقاهي لتوفير بيئة اجتماعية للوجبات.

وأكدت الدكتورة أليسون ياكسلي أهمية دمج التقييم الاجتماعي والتغذوي في الرعاية الروتينية، مشيرة إلى أن الأسئلة البسيطة حول عادات الأكل تساعد في تحديد كبار السن الأكثر عرضة لمخاطر التغذية.

تناول كبار السن الطعام مع الآخرين يحمي صحتهمالشيخوخة والصحة النفسية والجسدية

وأظهرت دراسة كندية شملت أكثر من 51 ألف بالغ أن الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية المتينة أساسية لتحقيق شيخوخة صحية ومرضية.

وحتى وجود علاقة وثيقة واحدة أو اثنتين يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا، فيما تعزز الأنشطة الجماعية أو التطوعية الثقة بالنفس والشعور بالانتماء.

تناول كبار السن الطعام مع الآخرين يحمي صحتهمالإجراءات الموصى بها

ويوصي الخبراء بدمج الأنشطة الاجتماعية، البرامج التعليمية، فرص التطوع، ممارسة الرياضة، اتباع نظام غذائي متوازن، والحصول على الراحة الكافية في الحياة اليومية لكبار السن، لتحسين جودة الحياة وتقليل مخاطر العزلة والتغذية السيئة.

وتشير الأدلة إلى أن تناول الطعام مع الآخرين والتواصل الاجتماعي والمشاركة المجتمعية من العوامل الأساسية للوقاية من سوء التغذية وفقدان الوزن، ولتحسين الصحة النفسية والجسدية لكبار السن. 

فالرفاهية في مرحلة الشيخوخة تعتمد ليس فقط على العوامل البيولوجية، بل على الخيارات اليومية والقدرة على التفاعل الاجتماعي.

طباعة شارك كبار السن التغذية في الشيخوخة تناول الطعام مع الآخرين مخاطر العزلة فقدان الشهية في كبار السن الصحة النفسية البرامج المجتمعية لكبار السن

مقالات مشابهة

  • أحمد فوزي: اكتشفنا وجود لاعبين كبار السن في صفوف منتخب الناشئين
  • أوقاف شمال سيناء تنظّم ندوات تثقيفية بالمدارس حول «توقير كبار السن وإكرامهم»
  • أوقاف الفيوم تنظّم ندوة دعوية حول "احترام كبار السن"
  • رئيس قسم الصدر بالقصر العيني لكبار السن: تلقوا لقاح الإنفلونزا الموسمي
  • ولي عهد رأس الخيمة يشارك في المسير الجبلي على قمة جبل جيس احتفالاً بعيد الاتحاد ال 54
  • الأوقاف: توقير كبار السن من شيم المروءة وكمال الرجولة
  • دراسة تحذر: تناول كبار السن الطعام بمفردهم يعرضهم لمشاكل صحية خطيرة
  • وحدة شئون المرأة وذوي الإعاقة وحقوق الإنسان تنظم دورة تدريبية للتعامل مع كبار السن
  • دورة تدريبية للتعامل مع كبار السن بالنيابة الإدارية