العرب في بريطانيا يوحدون صوتهم لغزة.. كفلوا 300 يتيم وكرّموا صنّاع الأمل
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
أقامت منصة العرب في بريطانيا مؤتمرها السنوي الثالث بحضور نخبوي لافت في المملكة المتحدة، من مختلف الجاليات العربية، وكانت فلسطين والسودان واليمن في صدارة اهتمامات الفعاليات، في أمسية حملت طابعًا إنسانيًا ورسالة تضامن عابرة للحدود والجغرافيا.
واحتضنت العاصمة البريطانية لندن هذا اللقاء الاستثنائي الذي جمع أكثر من 240 شخصية عربية بارزة من مجالات متعددة، شملت العمل الطبي والإعلامي والفني والحقوقي والإنساني، في مشهد جسّد وحدة الهمّ العربي وتلاقي الضمير الجمعي في مواجهة المآسي المتفاقمة في عدد من دول المنطقة.
ولم تكن الفعالية مجرّد مؤتمر اعتيادي، بل مساحة تلاقٍ عزّزت مفهوم المسؤولية الأخلاقية المشتركة، وفتحت بابًا واسعًا لدعم الفئات الأكثر هشاشة، وعلى رأسها الأطفال الأيتام في مناطق النزاع والحروب.
افتتحت الفعاليات بكوكتيلٍ غنائي عربي نابض بالحياة، قادته فرقة فنية عربية قدّمت مقطعًا موسيقيًا من أغنية لكل بلد عربي، في لوحة سمعية بصرية غطّت خارطة الوطن العربي برمّته، من المحيط إلى الخليج.
وتحوّلت القاعة في تلك اللحظات إلى مساحة وجدانية جامعة، حيث تمازجت الألحان واللهجات والإيقاعات في رسالة واحدة مفادها أن ما فرّقته السياسة، يمكن أن توحّده الموسيقى والمشاعر والهوية المشتركة.
وبرز في إدارة وتوجيه دفة الأمسية الإعلامية علا فارس، مقدّمة قناة الجزيرة، التي تولّت تقديم فقرات المؤتمر بكفاءة عالية وحسّ إنساني عميق، مستحضرة في كلماتها ذاكرة رحيل أجيال عربية كاملة من أوطانها الأولى إلى المملكة المتحدة، حيث تحوّلت اليوم إلى أقليات فاعلة ومؤثرة في مجتمعاتها الجديدة، تحمل همّ أوطانها وتعيد صياغة حضورها في المنفى كقوة تغيير إيجابي.
كما شكّلت مداخلة المؤثر السوداني أمجد النور إحدى اللحظات الأكثر تأثيرًا في الأمسية، إذ وجّه خطابًا وجدانيًا حفّز فيه الحضور على المساهمة الفاعلة في مشروع كفالة الأيتام، مستشهدًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنا وكافل اليتيم كهاتين”، وهو ما أسهم بشكل مباشر في ارتفاع وتيرة التبرّعات وتضاعف أعداد المتكفلين، في مشهد عكس تفاعلًا حيًّا بين الكلمة الصادقة والفعل الإنساني.
فلسطين في قلب المشهد.. وصرخة ضمير في وجه حرب الإبادة
تصدّرت القضية الفلسطينية جدول أعمال المؤتمر، في ظل ما تتعرض له غزة من حرب إبادة غير مسبوقة، خلّفت آلاف الضحايا من الأطفال والنساء، ودمّرت البنى التحتية والمرافق الصحية والتعليمية بشكل شبه كامل.
ورفع الحضور أصواتهم مؤكدين أن ما تشهده فلسطين لم يعد قضية شعب واحد، بل قضية إنسانية عالمية استقطبت اهتمام أحرار العالم، مشددين على ضرورة مواصلة الضغط الشعبي والإعلامي والحقوقي من أجل وقف الانتهاكات ودعم الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الحرية والكرامة.
وشهدت الأمسية فعاليات رمزية ورسائل تضامن عبّرت عن الحضور القوي لفلسطين في وجدان الجاليات العربية والمسلمة في أوروبا، وفي ضمير الإنسان الحرّ حول العالم.
300 يتيم في كفالة ضمير حي
وفي ذروة مشهد التضامن، تحوّلت القاعة إلى ساحة سباق إنساني نبيل، حيث أعلن المشاركون تعهّدهم بكفالة نحو 300 طفل يتيم في أكثر الدول العربية تضررًا، وعلى رأسها: فلسطين، السودان، اليمن، الصومال، سوريا ولبنان.
وتبلغ قيمة الكفالة السنوية الواحدة نحو 420 جنيهًا إسترلينيًا، وتشمل دعمًا متكاملًا في مجالات التعليم، والرعاية الصحية، والدعم النفسي والاجتماعي، بإشراف مباشر من منظمة Action for Humanity.
وبرز أبناء الجالية العراقية في الصدارة بعد تكفّلهم بما يقارب نصف عدد الكفالات، تلتهم الجاليات المصرية والمغربية والسورية والفلسطينية، في مشهد تجاوز حدود الانتماءات الوطنية ليترجم معنى التكافل العربي الأوسع.
كما أعلن سبعة من الحضور ـ أفرادًا ومجموعات ـ تكفّلهم بكفالة 20 يتيمًا لكل منهم، في خطوة لاقت تفاعلًا واسعًا وتصفيقًا حارًا من المشاركين.
جوائز تشجيعية.. تكريم لضميرٍ لم يصمت
وفي لفتة تحمل بعدًا رمزيًا عميقًا، شهد المؤتمر توزيع جوائز تشجيعية تكريمية على عدد من الأطباء والفنانين والعاملين في القطاع الصحي والناشطين الإنسانيين، ممن كرّسوا وقتهم وجهدهم للدفاع عن القيم الإنسانية النبيلة.
وجاء هذا التكريم تقديرًا لدورهم في خدمة المجتمعات المتضررة، ودعمهم المتواصل للقضية الفلسطينية، سواء عبر التوعية، أو العمل الطبي التطوعي، أو التضامن الفني والإعلامي، أو الوقوف في الصفوف الأولى لمواجهة الظلم والانتهاكات.
وأكد منظمو المؤتمر أن هذه الجوائز ليست مجرد تكريم رمزي، بل رسالة واضحة مفادها أن الصوت الإنساني الذي لا يساوم على الحق والعدل، يستحق أن يُحتفى به ويُقدَّر.
الفائزون بجوائز "الشخصية العربية لعام 2025"
ـ شذى التوي ـ جائزة الشخصية العربية لعام 2025 في مجال الإبداع الثقافي والفني
ـ الدكتورة نور غضبان ـ جائزة الشخصية العربية لعام 2025 في مجال التميّز العلمي والأكاديمي
ـ الممرضة أفراح مفلحي ـ جائزة الشخصية العربية لعام 2025 في مجال خدمة المجتمع والعمل الإنساني
ـ خالد عبد الله ـ جائزة الشخصية العربية لعام 2025 في المجال الفني
ـ ضياء الفلكي ـ جائزة الشخصية العربية لعام 2025 في العمل المؤسسي المجتمعي
ـ نور نوريس ـ جائزة الشخصية العربية المتميزة
ـ الدكتور محمد طاهر ـ جائزة الشخصية العربية لعام 2025
وأكد منظمو المؤتمر أن هذه الجوائز تأتي احتفاءً بنماذج عربية صنعت فرقًا حقيقيًا، وأسهمت ـ كلٌّ في مجاله ـ في تعزيز قيم العدل والرحمة والحرية والكرامة الإنسانية.
لجنة تحكيم جائزة "الشخصية العربية المتميزة لعام 2025"
وأعلنت منصة العرب في بريطانيا عن أسماء أعضاء لجنة تحكيم جائزة “الشخصية العربية المتميزة لعام 2025”، وهم: البروفيسور الدكتور قصي الأحمدي ـ الملحق الثقافي العراقي في بريطانيا، صباح المختار ـ اتحاد المحامين العرب في بريطانيا، منى آدم، سميرة ملوكي، عبد الرحمن الجابري، تحرير وسواس، الدكتور سامر جاموس، كاتيا يوسف.
وأكد منظمو المؤتمر أن تشكيل هذه اللجنة جاء لضمان أعلى معايير النزاهة والشفافية والتنوّع في اختيار المكرّمين، بما يعكس القيمة الحقيقية للجائزة ورسالتها الإنسانية والمجتمعية.
العرب في بريطانيا.. من الجالية إلى القوة الناعمة
وحمل المؤتمر في طياته رسالة تتجاوز حدود الأمسية ذاتها، إذ عكس صورة مشرقة للعرب في بريطانيا، باعتبارهم قوة إيجابية فاعلة في المجتمع، قادرة على إحداث أثر أخلاقي وإنساني ملموس.
وأكد عدد من المشاركين أن هذه الفعاليات تعيد تعريف حضور الجاليات العربية في أوروبا، ليس فقط كجاليات مهاجرة، بل كجسور محبة وتأثير ودفاع عن الحق والكرامة الإنسانية.
منصة العرب في بريطانيا في سنتها الثالثة
وتعرّف منصة العرب في بريطانيا (AUK) ، التي يترأسها الإعلامي البريطاني من أصول فلسطينية عدنان حميدان، نفسها بأنها فضاء تفاعلي يجمع الجاليات العربية في المملكة المتحدة، منذ تأسيسها قبل ثلاث سنوات، بهدف تعزيز الهوية العربية والتضامن الإنساني والثقافي والاجتماعي بين أبنائها، وإظهار دورهم الإيجابي في المجتمع البريطاني.
وتسعى المنصة إلى أن تكون جسراً يربط بين العرب في المنفى ووطنهم الأم، من خلال المبادرات الإنسانية، والفعاليات الثقافية والفنية، والدورات التدريبية والورش المجتمعية، إضافة إلى دعم المشاريع الخيرية والحقوقية التي تستهدف الأكثر هشاشة في الوطن العربي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العرب بريطانيا الفعالية بريطانيا تقرير عرب فعالية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجالیات العربیة
إقرأ أيضاً:
هذا ما سيكتشفه بابا الأمل في لبنان
في الزمن الميلادي قرّر أن يأتي. في غمرة الانتظار قرّر أن يطّل. في ساحة اليأس والإحباط أراد أن يحطّ. في زحمة الأزمات شاء أن يسير. في وسط التقلبات لم يتردّد في أن يغامر. في النفق المظلم شدّ الهمّة حاملًا المشعل. في حقل من الألغام لم يهب المخاطر. في غمرة الليل المضطرب قرّر أن يبّشر بالنهار الطالع. في الأوقات الصعبة يحلّ ضيفًا، لا كسائر الضيوف.هو البابا الرابع الذي يزور هذا البلد الصغير، شاغل العالم بمشاكله وهمومه. البابا لاوون الرابع عشر، كأسلافه من البابوات، يتطلع إلى لبنان بغير العين التي يتطلع بها إليه الآخرون.
يتطلع إليه كمساحة رجاء وسط الخراب، كجمرٍ لا يزال يتقد تحت ركام الانقسامات، كحكاية قديمة لم تكتمل فصولها بعد. يرى في لبنان ليس ما آل إليه، بل ما يمكن أن يكون عليه. يسمع صوته المتعب، لكنه يصغي أيضًا إلى همس الحياة فيه؛ إلى تلك القدرة العجيبة التي يمتلكها اللبنانيون على القيام بعد كل سقطة، وعلى التشبّث ببارقة أمل مهما خفت نورها.
يأتي البابا لاوون الرابع عشر لا ليزور حجارةً أو مراكز رسمية، بل ليزور القلوب التي أنهكتها السياسة، والبيوت التي أثقلتها الأيام، والعائلات التي دفنت أحلامًا وأبقت أخرى معلّقة. يأتي ليقول للبنانيين إن العالم لم يتعب منهم، وإن السماء لا تزال تراهن عليهم. يأتي ليعيد ترتيب نبض هذا البلد الذي اختلط فيه الألم بالإيمان، والضياع بالبحث الحثيث عن خلاص.
هو يعرف أن لبنان ليس مجرد رقعة جغرافية، بل وعد. والوعد لا يموت. يعرف أن اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، ليسوا شعوبًا متنازعة بقدر ما هم عائلة كبيرة اختلفت كثيرًا، لكنها لم تتوقف يومًا عن البحث عمّا يجمعها. ولذلك، حين يهبط ضيف الزمن الميلادي على هذه الأرض، يهبط وكأنه يعود إلى بيتٍ يعرفه، إلى فسيفساء من الوجوه والاختلافات تعبّر بصخبها وصمتها عن جوهر هذا الشرق.
سيقول البابا الكثير في العلن، لكن ما ستسمعه القلوب هو الأهمّ. سيخبر اللبنانيين بأن الخوف ليس قدرًا، وأن الوحدة ليست حلمًا مستحيلًا، وأن السلام يبدأ عندما يقدم الإنسان على خطوة صغيرة نحو الآخر. وسيذكّرهم بأن يسوع لم يولد يومًا في القصور، بل في مذودٍ متواضع وسط فوضى العالم، تمامًا كما يصرّ على أن يجدد حضوره اليوم وسط فوضاهم.
يأتي البابا لاوون الرابع عشر وليس معه عصا عجائبية، بل يأتي ليضع يده على كتف شعب متعب، ويقول له ببساطة الأب: ما زال بإمكانكم أن تكونوا نورًا، وما زال لبنان يستحق الحياة.
سيصل البابا، وسيجد الطرقات ممهدة ومفروشة بالزفت. ستُقدَّم له الورود، وستُطلق المدفعية 21 طلقة، وستتنافس الوجوه على الابتسام، وتتنافس الكلمات على اللياقة، ويُضبط البرنامج البروتوكولي بدقة الساعة، لكن ما سيكتشفه البابا أبعد بكثير من كل ذلك وأعمق.
سيكتشف أن خلف الطرقات المزّفتة حديثًا طرقات أخرى لم يصل إليها الإسفلت يومًا، تمشي عليها أقدام ناسٍ يتصبّرون، ويكملون يومهم كأن شيئًا لا يقدر أن يهزمهم. سيكتشف أن خلف باقات الورود أوجاعًا مزمنة، كثيفة كالأشواك، لكنها لم تمنع الناس من التمسك بالرجاء ومن تزيين نوافذهم بالضوء.
وسيكتشف أن خلف الطلقات الـ 21 صمتًا ثقيلًا في بيوت كثيرة، صمتًا يضجّ بالأسئلة الوجودية، وبالصلوات التي تُرفَع بصوت مكسور، وبالقلوب التي تتأرجح بين الخوف والشجاعة.
سيكتشف البابا أن البروتوكول مهما كان متقنًا لا يقدر أن يخفي الحقيقة، وهي أن هذا الشعب يبتسم على رغم أنه متعب، ويحتفل على رغم أنه مكسور، ويستقبل على رغم أنه مهموم. سيكتشف أن الحفاوة ليست واجبًا رسميًا، بل عادة لبنانية متجذّرة، تنبت حتى فوق الإسمنت المتشقق.
وسيكتشف أيضًا أن اللبنانيين، على اختلافهم، يملكون قدرة مذهلة على فتح دروب صغيرة نحو بعضهم البعض حين تشتد عليهم العتمة. سيكتشف أن الألم وحده لا يختصر هذا البلد، وأن ما يجمع ناسه ليس فقط تاريخًا مشتركًا، بل رغبة مكبوتة بأن يعيشوا بكرامة وسلام.
سيستمع البابا إلى الكلمات التي ستقال له، لكنه سيقرأ أيضًا ما لا يُقال. سيقرأ غصّات الأمهات اللواتي ينتظرن أبناءً على حدودٍ لا تهدأ، وحسرات الشباب الذين يهاجرون لأنهم تعبوا من انتظار وطن يشبههم. سيقرأ في عيون الشيوخ الذين خبِروا الحروب كلها وما زالوا يزرعون في حدائقهم شجرة زيتون كأن السلام آتٍ غدًا.
وسيكتشف البابا، كما اكتشف أسلافه، أن لبنان ليس بلدًا يذهب إليه المرء ليعاين الأزمات وحسب، بل ليشهد على صمود شعب يعيش على تخوم المعجزة. سيكتشف أن في هذا البلد جروحًا كثيرة، لكن فيه أيضًا نبضًا لا ينطفئ، وكرامة لا تُشترى، وإيمانًا ينبت فوق الرماد.
وسيكتشف أخيرًا أن الزيارة ليست مجرد حدث، بل مرآة يرى فيها اللبنانيون أنفسهم كما هم: متعبون، لكن غير مهزومين، ممزقون، لكن لا يتخلّون عن بعضهم البعض. واقفون على الحافة، لكن بعيون شاخصة إلى بشارة الميلاد. فالنور ينتصر مهما طال الليل.
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة أبي المنى: لبنان بحاجة الى بارقة الأمل المتمثّلة بزيارة البابا Lebanon 24 أبي المنى: لبنان بحاجة الى بارقة الأمل المتمثّلة بزيارة البابا