جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-02@22:49:39 GMT

فكرة خارج الصندوق للباحثين عن عمل

تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT

فكرة خارج الصندوق للباحثين عن عمل

 

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

لا يزال ملف الباحثين عن عمل أحد أهم الملفات الوطنية الحساسة التي تتطلب تفكيرًا عميقًا، لا يقتصر على الحلول التقليدية التي أثبتت محدوديتها؛ بل على مبادرات مبتكرة قد تبدو لأول وهلة غير مألوفة، لكنها قابلة للتطبيق إذا وُضعت في إطار مؤسسي رصين ومدروس.

ومن هذا المنطلق، أطرح اليوم فكرة قد تكون "خارج الصندوق"، لكنها في نظري تحمل قيمة كبيرة لو طُبقت بأسلوب منهجي وطني: ابتعاث 50 ألف شاب وشابة إلى دولة صناعية صديقة- مثل الصين- لبرنامج تدريبي صناعي وعملي لمدة عام كامل، على أن يعودوا بعدها لتأسيس مشاريع صناعية صغيرة ومتوسطة داخل السلطنة، مدعومة ومحمية ومُراقَبة من الدولة.

لماذا الصين؟ ولماذا الآن؟

الصين ليست مجرد دولة صناعية؛ إنها مدرسة عملية متقدمة في الإنتاج، والإدارة، وسلاسل التوريد، والعمل المتواصل. والأهم من ذلك أنها دولة صديقة للسلطنة ومُحبة للعمل المشترك، ولديها استعداد كبير للتعاون في مشاريع من هذا النوع، خاصة البرامج التي تدمج التدريب بالإنتاج الحقيقي.

إرسال 50 ألف باحث عن عمل ليس هجرة، وليس عملًا دونيًا، وليس تنازلًا عن الكرامة المهنية؛ بل هو استثمار وطني في المعرفة والخبرة. فالصناعة اليوم لا تُبنى في القاعات؛ بل تُبنى داخل المصانع، وبين خطوط الإنتاج، وبمشاركة مجتمعية واسعة.

هيكلة البرنامج المقترح تتضمن:

برنامج حكومي صناعي مشترك؛ حيث يتم توقيع اتفاقية رسمية بين حكومتي البلدين، تضمن حقوق المتدربين، وجودة التدريب، وسلامتهم، ومردودهم المالي. تقسيم المتدربين إلى مسارات تخصصية، مثل الصناعات الغذائية، والصناعات البلاستيكية، وقطع الغيار، والإلكترونيات، والطاقة المتجددة، والسياحة والخدمات المتقدمة، والتقنيات الجديدة (الذكاء الاصطناعي- الطباعة ثلاثية الأبعاد). تدريب إنتاجي؛ أي أن المتدرب يعمل ويتعلم في آن واحد، بحيث يُسهم في الإنتاج الحقيقي داخل المصنع، ويحصل على مردود مالي يغطي جزءًا من التكلفة. مساهمة الحكومة العُمانية، بحيث تتحمل نسبة من تكاليف السكن، والإشراف، والمتابعة، لضمان جودة البرنامج ونجاحه، بينما يعود المردود المالي للمتدرب لتغطية المصاريف الشخصية. الإشراف والمتابعة، يقوده فريق عُماني- وأنا شخصيًا يشرفني أن أكون أحد أعضائه دون مقابل- لضمان الانضباط، والتوجيه، ومراقبة الأداء، وتقديم التقارير الدورية.

ما الذي سيحدث بعد عودتهم إلى عُمان؟

هنا بيت القصيد، وهنا الفكرة الجوهرية التي تجعل المشروع مختلفًا عن أي مشروع سابق؛ حيث إن عودتهم ليست للبحث عن وظيفة حكومية أو خاصة؛ بل يعودون لإنشاء مشاريع صناعية حقيقية في عُمان، وكل متدرب- أو مجموعة متدربين- يحصلون على دعم مالي مناسب كبداية، وأرض صناعية صغيرة، ومعدات إنتاج بسيطة كبداية، وامتياز صناعي مستورد من المصنع الذي تدربوا فيه، وبرنامج مراقبة وتقييم لمدة عامين، وإعفاءات ضريبية وجمركية في السنوات الأولى.

وبهذا تتحول التجربة من مجرد تدريب إلى ولادة 10000 أو 15000 مشروع صناعي صغير ومتوسط، تُدار بأيدٍ عُمانية مدربة ومتمكنة.

أما الفوائد الوطنية العاجلة والمتوسطة والبعيدة، فتتمثل في أولًا: معالجة قضية الباحثين عن عمل جذريًا، ليس بالتوظيف المؤقت؛ بل بالتمكين المهني والإنتاجي. وثانيًا: بناء طبقة صناعية عُمانية جديدة؛ طبقة منتجة، مدربة، تفهم خطوط الإنتاج، وقادرة على تحويل الفكر الصناعي إلى واقع. وثالثًا: تقليل الاعتماد على العمالة الوافدة، عبر تحويل العمالة الوطنية إلى عمود أساسي للإنتاج، وليس إلى مجرد وظائف مكتبية. ورابعًا: نقل المعرفة الصناعية مباشرة من المصدر، وليس عبر نظريات الكتب أو دورات قاعات. وخامسًا: خلق بيئة تنافسية جديدة داخل السوق المحلي؛ إذ ستولد عشرات الصناعات الجديدة، وتُخفض أسعار المنتجات، وتُرفع الجودة. وسادسًا: بناء علاقة استراتيجية أقوى بين عُمان والدول الصديقة، خصوصًا الصين، التي ترحب بمثل هذه المبادرات طويلة المدى.

كما أقترح خطوات إضافية لإنجاح الفكرة؛ منها: إنشاء "صندوق وطني للصناعة المستقبلية" يمول المشاريع التي سيؤسسها العائدون، وإلزام كل متدرب بتأسيس مشروع خلال 6 أشهر من العودة، ويوقع المتدربون على وثيقة توضح أن الحكومة ليست ملزمة بضمان أي نوع من العمل إنما يؤسِّس نفسه ويضع هذه الحسابات خلال مرحلة اعداده، وربط مشاريع العائدين مع المدن الاقتصادية والمناطق الحرة مثل الدقم وصحار والمزيونة. إلى جانب تحويل المصانع الصينية إلى شركاء في المشاريع العُمانية، من خلال نقل خطوط إنتاج مصغّرة إلى السلطنة، بالتوازي مع إطلاق برنامج إعلامي وطني مواكب للبرنامج لتغيير ثقافة المجتمع تجاه العمل الصناعي والإنتاجي. وإدخال التكنولوجيا الحديثة في المشاريع منذ اليوم الأول كالذكاء الاصطناعي، والروبوتات البسيطة، والطباعة ثلاثية الأبعاد.

إننا نحتاج مثل هذه الفكرة الجريئة لأن العالم يتغير بسرعة، والدول التي سيقودها شبابها لن تكون تلك التي تنتظر الوظائف؛ بل التي تخلق وظائفها بيدها، ولأن التحديات الحالية في سوق العمل لا تُحل بالأساليب القديمة؛ بل برؤى شجاعة تتجاوز حدود المألوف.

إن إرسال 50 ألف شاب وشابة إلى تجربة صناعية عملية في دولة صديقة، وعودتهم لتأسيس مشاريع صناعية جديدة، ليس حلمًا؛ بل مشروع واقعي قابل للتطبيق إذا أُدير بعقلية وطنية واعية، ولأنَّ حبنا لعُمان وخوفنا على مستقبلها يفرضان علينا أن نفكر بجرأة، وأن نعمل بثبات، وأن نفتح أبوابًا جديدة نحو اقتصاد وطني متنوع.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ألونسو: مستوى ريال مدريد مقلق.. ونسعى لكسر سلسلة النتائج السلبية خارج الديار

اعترف تشابي ألونسو، المدير الفني لريال مدريد، بأن مستوى الفريق الحالي يثير القلق داخل صفوف اللاعبين والجهاز الفني، لكنه أكد في الوقت ذاته ثقته في قدرة الفريق على تصحيح المسار واستعادة التوازن خلال الفترة المقبلة.

وكان ريال مدريد قد تعادل قبل يومين مع جيرونا بنتيجة 1-1 خارج ملعبه، وهي نتيجة سمحت لبرشلونة باعتلاء صدارة الدوري الإسباني بفارق نقطة واحدة، وجاء ذلك بعد سلسلة من النتائج المتذبذبة، حيث تجاوز الفريق خسارته أمام ليفربول 0-1 في دوري أبطال أوروبا بفوز صعب على أولمبياكوس اليوناني 4-3، قبل أن يكتفي بثلاثة تعادلات محلية متتالية، ما دفع ألونسو للبحث عن حلول قبل مواجهة أتلتيك بلباو المرتقبة غدًا الأربعاء.

وقال ألونسو خلال المؤتمر الصحفي الخاص بالمباراة: "نتحدث عن كل التفاصيل داخل غرفة الملابس، وما يجب تحسينه. الوضع محل اهتمام من جانب اللاعبين والجهاز الفني على حد سواء".

وأضاف: "نركز أيضًا على كيفية كسر سلسلة عدم الفوز خارج ملعبنا في الدوري. لدينا غدًا فرصة جيدة لتحقيق ذلك، وسنحاول استغلالها".

وأشار المدرب الإسباني، وفقًا لوكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا)، إلى صعوبة اللعب في ملعب سان ماميس، قائلاً:

"الأجواء هناك دائمًا رائعة، وتفرض عليك أن تلعب بطاقة كبيرة وتركيز عالٍ".

واختتم تصريحه قائلاً: "نحن نعرف ما يجب علينا فعله. سنخوض مراننا الأخير ثم نسافر إلى بلباو".

مقالات مشابهة

  • ألونسو: مستوى ريال مدريد مقلق.. ونسعى لكسر سلسلة النتائج السلبية خارج الديار
  • صندوق مكافحة الإدمان يطلق برنامجًا موسعًا للوقاية من المخدرات داخل جامعة الإسكندرية
  • الطرابلسي: الهجرة تستنزف 7.2 مليارات دولار سنويا.. ونسعى لتنفيذ “مشروع وطني للترحيل”
  • ضبط 84 طن دواجن مجمدة بدون فواتير داخل ثلاجة مواد غذائية بالعاشر
  • تدشين 6 مشاريع صناعية كبرى باستثمارات 906 ملايين ريال لتعزيز مسيرة التنمية الاقتصادية المستدامة
  • ترامب يطلق أكبر مشروع وطني للذكاء الاصطناعي لثورة علمية وصناعية جديدة
  • برلماني: المشاركة في الانتخابات البرلمانية واجب وطني أصيل ورسالة قوية
  • تدشين 6 مشاريع صناعية كبيرة بقيمة 906 ملايين ريال
  • المقاومة بكل أشكالها.. فكرة لا تموت وحق مشروع للشعوب