موقع النيلين:
2025-12-07@06:09:41 GMT

ثالوث الإنكار لتبرئة الغزاة

تاريخ النشر: 7th, December 2025 GMT

ثالوث الإنكار لتبرئة الغزاة:
من أكثر الأساليب غدرًا لتمكين عنف الجنجويد هو رفض أو إنكار أو التقليل من أهمية الدور الحاسم الذي لعبته قوى خارجية في تمويل وتسليح وتمكين هذه الميليشيا لإدامة حربٍ تُعرف بجرائم مروعة ضد الإنسانية.

لسنواتٍ بعد بدء الصراع، أنكر السياسيون والنشطاء والصحفيون المؤيدون للحرب نفيًا قاطعًا أي تدخل أجنبي، مُصرّين على أن الحرب شأنٌ داخلي بحت.

وكثيرًا ما تعرض المسؤولون والنشطاء الذين تجرأوا على تسليط الضوء على البعد الخارجي للانتقاد والسخرية. ود العطا الغوغائي.
لكن مع مرور الوقت، وثّقت تقاريرٌ موسعةٌ من وسائل الإعلام والمنظمات الدولية تدخل القوى الأجنبية بدقة. ومع تضاؤل فرص ​​​​الإنكار الكامل، تحولت الاستراتيجية من الإنكار الصريح إلى التقليل المنهجي من شأنه. واتخذ هذا التكتيك الجديد أشكالًا عدة:

– القول بأن التدخل الأجنبي في أي حرب أمرٌ “طبيعي”، وبالتالي اعتبار تسليح ميليشيا إبادة جماعية نتيجةً ثانويةً مقبولةً وحتميةً للصراع.

– القول أنها ليست حربًا تُشنّها محض قوى أجنبية . في هذا القول تنازل تكتيكي لا ينفي الدور الخارجي ولكنه يهدف إلى تبريره بالتقليل من دوره في تمكين جرائم الجنجويد، وتدمير البنية التحتية السودانية، وتشريد أكثر من اثني عشر مليون سوداني. وكأن وجود عامل داخلي أو ميليشا سوداني يبرر مدها باحدث الأسلحة وتوفير الحماية الدبلوماسية لها.

– التشتيت: يُصرّ أسوأ تكتيك على سوء إستخدام حجة أن فشلنا الوطني مسؤوليتنا الخاصة ولا داع لإقحام الدور الأجنبي. تدّعي هذه الحجة ضمنا أن التركيز على التدخل الأجنبي ما هو إلا محاولة لتبرئة أنفسنا من الإخفاقات الداخلية – وكأن الاعتراف بأحدهما ينفي الآخر. هنا يتم الإدعاء والإصرار على أن فشلنا الوطني هو مسؤوليتنا الخاصة، وعلينا أن نلوم أنفسنا ونتوقف عن لوم الأجانب، لأن الحرب تعكس تناقضاتنا الداخلية وفشلنا في بناء الدولة والوحدة الوطنية. وبالإشارة إلى الدور الأجنبي، فإننا نُخلي أنفسنا من المسؤولية ونلقي بفشلنا علي شماعة الأجانب. وهذه مغالطة بائسة لان القول بالدور الأجنبي لا يعني منطقيا إنكار وجود عوامل داخلية.

هذا التشتيت مغالطة شائعة. فكثيرًا ما نسمع شخصيات تبدو مستنيرة تُسلّط الضوء على التناقضات الداخلية لصرف الانتباه عن مسؤولية القوى المتدخلة، مُوحيةً بأن ذكر التدخل الأجنبي هو إنكار للمشاكل الداخلية. وهذا خداع. فالاعتراف بالدور الحاسم للجهات الخارجية لا ينفي بأي حال من الأحوال وجود قضايا تاريخية وداخلية خطيرة ووجود مشاكل بنيوية مستعصية ومزمنة. تتجاهل هذه الحجة عمدًا حقيقتين أساسيتين:

أولًا، سؤال التدخل الأجنبي قابل للإجابة عليه نفيا أو إثباتا بمعزل عن أي ظروف داخلية سابقة. هذه الحجة تفتقد النزاهة وتتجاهل حقيقة أن وجود تدخل أجنبي حاسم الأهمية من عدمه هو سؤال واقعي يمكن الإجابة عليه بنعم أو لا بغض النظر عن وجود مشاكل داخلية. ثانيًا، وجود صراع داخلي مستقل لا يمنح أي قوة أجنبية الحق الأخلاقي أو القانوني أو السياسي في تسليح ميليشيا إجرامية كالجنجويد.
كما أن التدخل الأجنبي الخبيث عادة ما يلعب علي تناقضات داخلية حقيقية لتحقيق أهدافه. وهذا أسهل من اللعب على مشاكل غير موجودة أو ضعيفة الأهمية.

ببساطة، نعم البنية السياسية السودانية تعاني من مشاكل حقيقية مزمنة لا علاقة لها بالأجنبي لكن الحقيقة الأخرى هي أن التدخل الأجنبي غير مشروع ومع ذلك ظل يستثمر في مشاكلنا الداخلية منذ عام ١٩٥٦ وبلا توقف بمختلف الطرق، أهمها اللعب على قضايا الأقليات وتطلعاتها المشروعة والإستعداد الدائم لتمويل أي حركة مسلحة بهدف إضعاف الدولة السودانية لا بهدف مساعدة الأقليات. هذا التدخل الخارجي لعب دورا لا يمكن التقليل من أهميته في إفشال بناء الدولة السودانية. وهذا القول لا ينفي قصور النخب التي قادت السياسة والثقافة السياسية وساهمت في تسميم الجسد الوطني بعدم احترامها لحقوق أقليات أو جهات أو باستعداد المعارضة لكل نظام في الإستثمار بالترويج لخطاب تفكيكي يحاصر النظام بتبني سرديات تستعدي الغرب عليه تحت غطاء حقوق الإنسان أو حقوق الأقليات.
التركيز علي العوامل الداخلية للفشل مطلوب تماما بهدف معالجتها والمضي إلي الأمام ولكن حين يتم إشهار كرت التناقضات الداخلية كوسيلة لتشتيت الحوار والتقليل من أهمية التدخل الخارجي يصبح نوعا من التواطؤ مع أعداء الشعب السوداني الذين حاصروه منذ ميلاد دولة ستة وخمسين بالفوضى والإفقار والتمرد والميليشيات المسلحة وتشويه سمعة الدولة السودانية بسرديات مبتذلة يساهم في إنتاجها كادر سوداني تم تربيته علي يد خطاب الهيمنة الليبرالية عبر منظمات لا حصر لها دمرت العقل السياسي السوداني لصالح كليشيهات محفوظة من إنجيل الأنجوة الليبرالي وساهم فيه أيضا يسار سطحي نسي تراثه الثري عن الطبقة والإمبريالية.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/12/06 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة العاقل من اتعظ بغيره!2025/12/06 مقترحات لبناء سودان جديد2025/12/06 إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس…)2025/12/06 في البدء كانت الكلمة2025/12/05 المستوطنون الجدد… مخطط خطير يهدد ديمغرافية السودان وهويته2025/12/05 حرب مفروضة وهُدنة مرفوضة!2025/12/05

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: التدخل الأجنبی

إقرأ أيضاً:

قطر تطلق مبادرة عاجلة لدعم ضحايا الفيضانات في سريلانكا وفيتنام

أطلق صندوق قطر للتنمية مشروعين إغاثيين عاجلين لدعم نحو 28 ألفا و500 شخص من متضرري الفيضانات والانهيارات الأرضية في فيتنام وسريلانكا، بالشراكة مع قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري.

وقالت وزيرة الدولة للتعاون الدولي مريم بنت علي بن ناصر المسند، إن "هذه التدخلات الإغاثية تكرس التزام دولة قطر الراسخ بالوقوف إلى جانب الشعوب التي تواجه أزمات إنسانية متفاقمة، لا سيما تلك الناجمة عن الكوارث المناخية".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2قطر الخيرية تطلق مشروعا طارئا لمكافحة المجاعة في اليمنlist 2 of 2الإغاثة الإنسانية التركية تقدم مساعدات لضحايا الفيضانات في إندونيسياend of list

وأضافت "دعمنا اليوم لكل من فيتنام وسريلانكا هو امتداد لنهج يرتكز على تعزيز التضامن الدولي، وتخفيف المعاناة الإنسانية، وتمكين المجتمعات من استعادة استقرارها وبناء قدراتها من جديد، مؤكدة أن قطر ستواصل العمل مع شركائها لضمان تقديم استجابة فعّالة تُلبّي الاحتياجات العاجلة وتضع الأسس لتعافٍ مستدام.

وبحسب صندوق قطر للتنمية فإن التدخل الإنساني في فيتنام والمنفذ بالتعاون مع الهلال الأحمر القطري إلى دعم جهود التعافي المبكر في المجتمعات الأكثر تضررًا، وذلك من خلال تقديم منح نقدية متعددة الأغراض للأسر المتضررة، وتوفير بذور وخضروات مقاومة للفيضانات، والمستلزمات والأدوات الزراعية اللازمة لإعادة تأهيل الأراضي المتضررة.

كما يتضمن المشروع تقديم دعم مباشر للمزارعين والصيادين للمساهمة في إعادة بناء مصادر دخلهم، مع إمكانية تنفيذ أنشطة "النقد مقابل العمل" لإصلاح البنى الزراعية والمجتمعية المتضررة. ومن المقرر أن يستفيد من هذا التدخل نحو 4 آلاف أسرة، أي ما يعادل 16 ألف فرد.

أما في سريلانكا، فسيوفر التدخل الإغاثي المنفّذ بالشراكة مع قطر الخيرية مساعدات إنسانية عاجلة للأسر التي فقدت مساكنها وممتلكاتها جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية.

ويتضمن المشروع توزيع 2500 حقيبة إغاثية شاملة تحتوي على المواد الغذائية والملابس ومستلزمات النظافة والأدوات المنزلية الأساسية، بالإضافة إلى توفير معدات للبحث والإنقاذ لدعم السلطات المحلية في الاستجابة للطوارئ. ويستهدف هذا التدخل 12 ألفا و500 فرد خلال فترة تنفيذ تمتد ثلاثة أشهر.

إعلان

مقالات مشابهة

  • أزمة جديدة في الزمالك بسبب الرباعي الأجنبي
  • النظام الضريبي في سلطنة عُمان مواتٍ وجاذب للاستثمار الأجنبي
  • أهالي شارع الجبانة الغانمية ببرج البرلس يستغيثون من مياه الصرف
  • محمد الفيومي: مصر ثاني أكبر دولة متلقية للاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد الأوروبي
  • انتحار ضابط إسرائيلي بسبب مشاكل نفسية
  • عجز في النقد الأجنبي وتراجع إيرادات النفط
  • قطر تطلق مبادرة عاجلة لدعم ضحايا الفيضانات في سريلانكا وفيتنام
  • الذكاء الاصطناعي يحسن رصد مشاكل القلب عند الأجنة
  • د.حماد عبدالله يكتب: " تحــدث " كـــى أراك