أمريكا:العراق المنفذ الاقتصادي والمالي لإيران وقد قرب يوم الحساب
تاريخ النشر: 7th, December 2025 GMT
آخر تحديث: 7 دجنبر 2025 - 1:34 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- التراجع السريع عن قرار تجميد أصول حزب الله والحوثيين من قبل حكومة الإطار أصبح الهامش الذي يتحرك فيه البنك المركزي يبقى هشاً إلى درجة تجعل أي خطوة فنية قابلة للانقلاب خلال ساعات إذا تعارضت مع الحسابات المعقّدة التي تحكم شبكة النفوذ السياسي داخل الدولة، وهو ما أعاد ملف الامتثال إلى نقطة توتر تذكّر بالمرحلة التي سبقت سلسلة العقوبات والقيود التي فرضتها الخزانة الأمريكية في العامين الماضيين.
وجاء التعليق الأمريكي هذه المرة سريعاً وصريحاً، حين عبّر متحدث الخارجية الأمريكية عن “خيبة أمل” واشنطن من تراجع العراق عن تجميد الأصول، وذهب أبعد من مجرد تسجيل اعتراض دبلوماسي عندما ربط القرار بخطر الجماعات المرتبطة بإيران وقدرتها على استخدام أراضي الدول لجمع الأموال والتدريب وشراء السلاح وتنفيذ الهجمات، وهو تصريح لا يكتفي بتوصيف اللحظة، بل يعيد ترتيب السياق كله: فالولايات المتحدة تنظر إلى العراق بوصفه نقطة تماس مركزية في مواجهة نفوذ هذه الجماعات، وأي مرونة يقدمها النظام المالي العراقي تجاهها ستُقرأ فوراً باعتبارها إخلالاً بالتعهدات التي قدمتها بغداد خلال مفاوضات الامتثال الأخيرة.وفي الوقت نفسه، كانت تقارير أجنبية – نقلتها شبكتا “شيفا أرتوز” و”القناة السابعة” الإسرائيليتان تضع التطور العراقي في إطار أوسع، معتبرة أن التراجع عن القرار أثار قلقاً داخل بغداد نفسها، وأن الحكومة العراقية تبدو وكأنها تحاول الحفاظ على خط توازن شديد الضيق بين واشنطن وطهران، في لحظة تتصاعد فيها الضغوط الأمريكية لدفع العراق نحو موقف أكثر صرامة تجاه الجماعات المرتبطة بإيران. ووفق تلك التقارير، فإن بغداد تخشى الدخول في “منظار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب” الذي يضغط لتشديد الخناق الاقتصادي على إيران، وترى في العراق آخر منفذ اقتصادي يمكن لطهران الاستفادة منه تحت العقوبات، في حين امتنعت جماعة الحوثيين وحزب الله عن الإدلاء بأي تعليق بشأن القرار العراقي أو التراجع عنه، ما زاد من الغموض المحيط بالمشهد. دفعت الحكومة إلى إرسال وفود متعاقبة إلى واشنطن لمحاولة تخفيف القيود وتقديم تعهدات رقابية صارمة، لكن هذا المسار الذي كلف الدولة ثمناً سياسياً واقتصادياً ثقيلاً بدا وكأنه يتعرض للانهيار بمجرد أن اصطدم بالاعتراض الداخلي الذي رفض إدراج فصائل مرتبطة بالمحور الإيراني ضمن قوائم الإرهاب.هذا المزيج من الضغوط يضع البنك المركزي أمام معادلة تكاد تكون مستحيلة: فمن جهة يحتاج إلى المحافظة على المسار الفني للامتثال لضمان استمرار تدفق الدولار ومنع انهيار السوق، ومن جهة أخرى يخضع لمنظومة سياسية تنظر إلى كل قرار مالي من زاوية اصطفافه الإقليمي وتأثيره على موقع الفصائل والقوى المرتبطة بمحور إيران. وما يحدث اليوم يكشف مرة أخرى أن الدولة تعمل في مساحة ضيقة تتحكم بها معادلات النفوذ الإقليمي أكثر مما تتحكم بها الحسابات الاقتصادية البحتة، وأن كل خطوة في ملف الامتثال المالي تتحول فوراً إلى اختبار سياسي لا يمكن عزله عن صراع الموازين داخل العراق. وإذا كانت واشنطن قد عبّرت عن اعتراضها بلهجة دبلوماسية محسوبة، فإن المؤسسات الرقابية الأمريكية تمتلك القدرة على اتخاذ إجراءات أكثر قسوة إذا رأت أن تراجع العراق يعكس ضعفاً بنيوياً في التقيد بالتزامات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ووفق القراءة التي تقدمها مصادر اقتصادية مطلعة، فإن إعادة تشديد القيود قد تعني العودة إلى مستوى من الرقابة لم يشهده العراق منذ عام 2003، وقد يصل إلى نقطة تجميد قنوات التحويل تماماً إذا اقتنعت الخزانة بأن النظام المالي العراقي بات غير قادر على حماية نفسه من التدخلات السياسية التي تعدها واشنطن “تهديداً مباشراً للسياسة الدولية في تجفيف موارد الإرهاب”. وفي خلفية هذا المشهد، تتحرك الأسواق العراقية بحساسية مفرطة تجاه أي إشارة تصدر من الخارج. فالتجار والمصارف يتابعون التطورات وكأنهم أمام موجة جديدة من اضطرابات الدولار، والحكومة تسعى إلى تهدئة المخاوف عبر التطمينات، في حين يدرك البنك المركزي أن الخطأ الفني لم يعد خطأ، وأن التراجع الذي جاء لتسكين اعتراض سياسي قد يفتح الباب أمام أزمة مالية يصعب التحكم بتداعياتها إذا قررت واشنطن إعادة ترتيب قواعد اللعبة.وهكذا يتضح أن المشكلة لم تعد مرتبطة بقرار نُشر ثم سُحب، بل بالسياق الكامل الذي أنتج هذا الارتباك، وبالتوازن الهش بين الداخل والخارج، وبالدور الذي باتت تلعبه الضغوط السياسية في تشكيل مصير النظام المالي العراقي. ومع استعداد واشنطن لإعادة تقييم خطواتها المقبلة، يبدو أن الأسابيع القادمة ستكون اختباراً حقيقياً لمدى قدرة الدولة العراقية على حماية موقعها في النظام المالي الدولي، دون أن تخسر في المقابل توازناتها الداخلية التي أصبحت جزءاً من شبكة معقدة يحكمها النفوذ الإقليمي والتقاطع الدائم بين السياسة والاقتصاد والأمن.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: النظام المالی
إقرأ أيضاً:
أمريكا أولا .. وثيقة ترامب تعيد صياغة العالم وتستبعد أوروبا والشرق الأوسط
للمرة الأولى منذ عودته إلى البيت الأبيض، كشفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن وثيقة "مبادئ الأمن القومي" التي تحدد رؤيته الاستراتيجية للعالم تحت شعار "أمريكا أولًا". وتتضمن الوثيقة تحولا حادا في سياسة واشنطن الخارجية، بدءا من تقليص التدخل في الشرق الأوسط وإسرائيل والخليج، وصولًا إلى السعي لإعادة بناء العلاقات مع روسيا.
وتتوقع تقارير إعلامية أن تُثير الوثيقة غضبًا بين حلفاء الولايات المتحدة، وبينهم إسرائيل، نظرًا لما تحمله من انتقادات واضحة للسياسات الدولية السابقة، وتراجعًا عن نهج الرئيس السابق جو بايدن الذي ركّز على دعم التحالفات ومواجهة موسكو.
تركيز أقل على الشرق الأوسط.. وود أكبر لروسيا
ورغم الانخراط المباشر للرئيس ترامب في ملفات غزة وإيران ولبنان وسوريا واليمن، وزيارته المطوّلة لدول الخليج، تشير الوثيقة إلى نية واشنطن تحويل اهتمامها بعيدًا عن المنطقة، في ظل تراجع اعتمادها على النفط العربي.
وتنتقد الوثيقة بشدة محاولات الإدارات الأمريكية السابقة فرض نماذج سياسية على دول الشرق الأوسط، معتبرة ذلك "تجربة خاطئة".
وتشدد على ضرورة تشجيع الإصلاحات عندما تنمو بشكل طبيعي دون فرض أمريكي خارجي.
وفي المقابل، تعلن الاستراتيجية بوضوح رغبة الإدارة في تحسين العلاقات مع موسكو، وتؤكد أن إنهاء الحرب في أوكرانيا يمثل مصلحة أمريكية أساسية لضمان الاستقرار الاستراتيجي.
"محو حضاري".. انتقادات لاذعة لأوروبا
أحد أكثر أجزاء الوثيقة إثارة للجدل هو وصفها لأوروبا بأنها "ضعيفة ومهددة بالاندثار"، نتيجة سياسات الهجرة، وتراجع معدلات الولادة، وتقييد حرية التعبير، و"فقدان الهوية الوطنية".
وتذهب الوثيقة إلى حد القول إن القارة قد تصبح "غير قابلة للتمييز خلال عشرين عاما"، ما يثير الشكوك حول قدرتها على البقاء كحليف موثوق.
كما تُشيد الإدارة بصعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، معتبرة نفوذها "سببًا للتفاؤل"، وداعية إلى تعزيز نفوذ التيارات الرافضة للهجرة ومناهِضة لتشريعات المناخ.
الصين وتايوان.. وإعادة التوازن
وتُحدد الوثيقة أيضا نهجا أكثر تشددا تجاه الصين، إذ تسعى الإدارة إلى منع اندلاع حرب حول تايوان، مع مطالبة الحلفاء الإقليميين ببذل جهود أكبر لمواجهة الضغط الصيني. وتؤكد أن الجيش الأمريكي "لا ينبغي أن يتحمل المهمة وحده".
انتقادات داخل الكونغرس
ووصف عضو الكونغرس الديمقراطي جيسون كرو الاستراتيجية بأنها "كارثية" على مكانة الولايات المتحدة، محذرًا من أن الانسحاب من التحالفات سيجعل العالم، والأمريكيين أنفسهم، أكثر عرضة للخطر.