وبحسب مصادر إعلامية، فقد شهدت مديريات الوادي والصحراء في محافظة حضرموت، جرائم وانتهاكات واسعة على يد ميليشيا الانتقالي التي حوّلت المحافظة إلى ساحة مفتوحة للنهب، والاعتداء، والتمييز المناطقي، بحق أبناء المحافظات الشمالية بإيعاز مباشر من أبوظبي.

وفي تقرير تلفزيوني، قالت قناة المهرية، إن ما يسمى الانتقالي بدأ بتشكيل لجان مسلحة تقوم بعمليات مداهمة منظمة لمنازل المواطنين القادمين من المحافظات الشمالية، في خطوة تعتبر مقدمة لعملية تطهير مناطقي شبيهة بما فعلته الميليشيا الانفصالية في عدن خلال السنوات الماضية.

وبحسب التقرير، فإن هذه اللجان تحرك دون أي غطاء قضائي أو قانوني، وهدفها الأول ترهيب السكان ونهب ممتلكاتهم لإفراغ المناطق من أي حضور يناوئ المشروع الإماراتي المحتل في حضرموت.

وتداول ناشطون مقطع فيديو لامرأة من أبناء المحافظات الشمالية في حضرموت، وهي تروي بمرارة ما تعرّضت له أسرتها على يد ميليشيا الانتقالي الإجرامية، حيث كانت شهادتها صادمة ومؤلمة للجميع بعد أن أقدمت العصابة الموالية للاحتلال الإماراتي على نهب الأغنام التي تمثل مصدر رزق وحيد للعائلة، وسرقة البطاريات ومستلزمات المنزل، ومصادرة الهويات الشخصية، ومداهمة المنزل وترك افرادها في حالة رعب وهلع.

المرأة أكدت أن المواطنين لجأوا إلى إخفاء مواشيهم تحت الأشجار وبين الرمال، ومحاولة تمويه أماكنها خوفًا من حملات السرقة التي أصبحت جزءًا من يوميات حضرموت منذ اجتياح ميليشيا الانتقالي للهضبة النفطية.

ومنذ سيطرة الميليشيا التابعة لأبو ظبي على مديريات الوادي بحضرموت قبل أيام فقد شهدت تلك المناطق مداهمة عشرات المنازل ونهب محتويات المدنيين وسحل عناصر من ما يسمى المنطقة العسكرية الأولى وتنفيذ اعتقالات واسعة وابتزاز للتجار، كل ذلك جرى عقب بسط "الانتقالي" سيطرته على الهضبة النفطية بدعم كامل من الاحتلال الإماراتي وبتواطؤ سعودي مكشوف، في مخطط يهدف لإحكام القبضة على الثروة النفطية لحضرموت، وإقصاء كل القوى المناوئة للفكر الانفصالي المدعوم خارجياً.

ما يحدث اليوم في حضرموت يؤكد على وجود مخطط خارجي متكامل لإعادة رسم المحافظة تحت نفوذ أبوظبي، وبناء واقع أمني قائم على الترهيب والنهب وتكميم الأفواه، حيث تستخدم الأخيرة "الانتقالي" كمطرقة لتصفية خصومها المناهضين لها، وكسيف مسلط على رقاب المواطنين، وكمخلب لمدّ أذرعها نحو موارد حضرموت النفطية، فيما تتفرج السعودية من بعيد وكأنها تنتظر نصيبها من الكعكة.

وكانت مصادر محلية قد كشفت في وقت سابق عن قيام "الانتقالي" بتشكيل لجان مسلحة تتحرك تحت غطاء "التفتيش الأمني"، بينما مهامها الحقيقية تتمثل في اقتحام المنازل وتصفية حسابات سياسية ومناطقية، واستهداف أبناء المحافظات الشمالية وكل من يُشتبه بمعارضته ومناهضته للاحتلال.

ولفتت المصادر إلى أن هذه اللجان المزعومة تمتلك قوائم مُعَدّة مسبقًا بالمنازل والمزارع والمحال التي يجب نهبها، في عملية أشبه بـ"جباية قسرية" مفروضة بقوة السلاح، وبالتالي فإن ما يحصل هو إعلان صريح من ميليشيا الاحتلال بإن من يعارض فإن منزله مباح وماله مباح وكرامته مباحة.

وأشارت إلى أن ميليشيا الانتقالي باتت هي الحاكم الفعلي داخل المحافظة، تفرض قوانينها الخاصة، وتنشئ سجونًا سرية، وتتعامل مع الثروة النفطية كملكية خاصة تدار بتوجيهات مباشرة من الاحتلال الإماراتي، حيث وقد أثبتت الوقائع أن أبو ظبي تدير أكبر عملية سطو منظم على ثروات اليمن، مستخدمة أدواتها للتغطية على جرائمها، فحضرموت بالنسبة للإمارات هي "خزان نفطي مفتوح" وورقة نفوذ في بحر العرب، وطريق لتعزيز حضورها العسكري في المحيط الهندي.

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

إقرأ أيضاً:

كيف ينظر اليمنيون إلى سيطرة الانتقالي الجنوبي على حضرموت والمهرة؟

صنعاء- خلط المجلس الانتقالي الجنوبي، بسيطرته العسكرية على محافظتي حضرموت والمهرة شرق اليمن، الأوراق السياسية داخل مكونات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

ويشارك المجلس في الحكومة ويتولى رئيسه عيدروس الزبيدي ونائباه أبو زرعة المحرمي وفرج البحسني مناصب في مجلس القيادة الرئاسي المكون من رئيس وثمانية نواب، يمثلون أبرز القوى الكبيرة المشاركة بالسلطة والحكومة التي تواجه جماعة أنصار الله (الحوثيين)، المسيطرة على العاصمة صنعاء ومحافظات شمال وغرب البلاد منذ عام 2014.

وزادت سيطرة الانتقالي على حضرموت والمهرة من حدة الاحتقانات بين القوى والأحزاب التي تشكل السلطة الشرعية، والتي تتناقض في أهدافها ومشاريعها وتتنازع على النفوذ والسيطرة والجغرافيا، وتمتلك قوات عسكرية خارج إطار وزارة الدفاع، ودخلت سابقا في مواجهات دامية.

تهديدات غير مسبوقة

في حديث للجزيرة نت، اعتبر عبد العزيز جباري نائب رئيس مجلس النواب اليمني أن مجلس القيادة الرئاسي "لا يمثل الإرادة اليمنية الحقيقية، بل إن ممارساته على الأرض تسهم في تفتيت البلاد وتكريس واقع يتناقض تماما مع سيادتها".

وأكد جباري أن "وحدة اليمن وسلامة أراضيه تتعرض لتهديدات غير مسبوقة"، لافتا إلى "ما حدث في حضرموت من اجتياح عسكري وتهجير مواطنين ينتمون إلى المحافظات الشمالية، وإسقاط المعسكرات التابعة للحكومة الشرعية".

وحذر جباري مما سماه "تنازع النفوذ وتمزيق النسيج الوطني الذي سيقود اليمن إلى مزيد من التشرذم وصراعٍ لا ينتهي، وسيترك جراحا عميقة تهدد استقرار المنطقة بأسرها". ورأى أن على اليمنيين معالجة قضاياهم الداخلية "بعيدا عن تناقضات المواقف الخارجية، وبما يحفظ حقنا في صون وطننا".

#انفصال_سفري!
الجمهورية اليمنية باقية، ولن يستطيع أحد فصل عدن عن صنعاء حتى لو امتلك السلاح وساعدته الظروف!
سيطر المجلس الانتقالي على كافة المحافظات الجنوبية، فهل أعلن انفصال الجنوب؟ طبعًا لا!
ولا يستطيع الإعلان؛ لأن لديه توجيهات فقط بنقل الفوضى من عدن حتى حضرموت والمهرة، وإضعاف… pic.twitter.com/AFKvOTq85a

— أحمد ماهر (@Ahmed_Maher_MA) December 7, 2025

مخاوف كبيرة

وأثار توغل المجلس الانتقالي داخل مؤسسات الحكومة اليمنية تساؤلات عدة، خاصة عقب اتفاق نقل السلطة من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، ونقل صلاحياته الدستورية إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وصلاحيات نائب رئيس الجمهورية إلى الأعضاء السبعة بالمجلس.

إعلان

وجاءت سيطرته على حضرموت لتدق آخر مسمار في نعش مكونات السلطة الشرعية بمجلس القيادة والحكومة اليمنية، ولتضع البلاد وكافة قواها الحزبية والسياسية في واقع خروج محافظات الجنوب والشرق من سيطرة الحكومة.

وثارت بالشارع اليمني مخاوف كبيرة من تكرس الانفصال جغرافيا، خاصة بعد تناقلهم عبر مختلف وسائل الإعلام، على مدى سنوات، مشاهد نزاع علم البلاد الموحد واستبداله بعلم دولة اليمن الجنوبي السابق على كافة مؤسسات الدولة وفي شوارع المدن وبالمنافذ البرية والمطارات والموانئ، وداخل معسكرات الجيش وعلى بزات الجنود والقادة العسكريين والأمنيين.

من جانبه، قال مختار الرحبي مستشار وزير الإعلام للجزيرة نت، إن سيطرة قوات الانتقالي على حضرموت تأتي في إطار محاولة استكمال السيطرة على أهم المناطق الإستراتيجية في جنوب اليمن. ويعتقد أن سيطرته على محافظات جنوب البلاد وشرقها بمثابة "إعلان حرب على اليمنيين، كونها تقوض كيان الدولة سياسيا ومجتمعيا، وتشكل خطرا على الجيران".

ورأى الرحبي أن تحركات الانتقالي العسكرية "جعلت الرئيس رشاد العليمي يغادر غاضبا من عدن". وكان الرئيس قد غادر العاصمة، مساء الجمعة الماضية، متوجها إلى السعودية، لإجراء مشاورات مع الفاعلين الإقليميين والدوليين، بشأن تطورات الأحداث في المحافظات الشرقية.

وبحسب وكالة سبأ للأنباء الحكومية، أكد العليمي "مسؤولية الدولة وحدها عن حماية مؤسساتها الوطنية، وصون مصالح المواطنين، والحفاظ على وحدة القرار السيادي".

انزلاق جديد

وشدد العليمي على "رفض أي إجراءات أحادية من شأنها منازعة الحكومة والسلطات المحلية صلاحياتها الحصرية، والإضرار بالأمن والاستقرار، وتعميق المعاناة الإنسانية، أو تقويض فرص التعافي الاقتصادي، والثقة المتنامية مع المجتمع الدولي".

وطالب بالتسريع بإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، وتمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم المحلية، ووجّه بتشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، والأضرار التي طالت المواطنين والممتلكات العامة والخاصة في حضرموت ومدينة سيئون.

ومساء أمس الأحد، التقى العليمي في الرياض سفراء فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، وأبلغهم "رفضه المطلق لأي إجراءات أحادية من شأنها تقويض المركز القانوني للدولة اليمنية، أو الإضرار بالمصلحة العامة، وخلق واقع مواز خارج إطار المرجعيات الوطنية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض".

وأكد أهمية عودة أي قوات مستقدمة من خارج حضرموت والمهرة إلى ثكناتها بموجب توجيهاته باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية، ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وأشار إلى أن "التحركات العسكرية الأحادية تمثل تحديا مباشرا لجهود التهدئة".

من جهته، يرى القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام عادل الشجاع أن "ما جرى في حضرموت والمهرة تفكيك لما تبقى من رمزية الدولة باليمن". وأوضح للجزيرة نت، أن سيطرة المجلس الانتقالي على حضرموت الإستراتيجية تعيد رسم خريطة النفوذ في البلاد.

وقال إن "الانتقالي كان يتحرك وفقا لتوجيهات مسبقة وتمت تهيئة الأرض لتحركاته العسكرية بهدف تقويض أي أمل في أن يعود اليمن دولة موحدة قادرة على الحكم والاهتمام بالمصالح العامة بشكل شامل".

إعلان

ووفق الشجاع، يُعد "ما جرى في حضرموت انزلاقا جديدا نحو الفوضى أو صراعات محلية، خاصة وأن تغيير موازين القوى غالبا ما يولّد احتكاكات قبلها أو بعدها بين القبائل، والفصائل، وكل الفاعلين المحليين". ولا يستبعد أن ينتج عن سيطرة الانتقالي على شرق اليمن وجنوبه "مشروعات انفصالية بأبعاد جيو-سياسية، على حساب وحدته وسيادته، وهو ما سيقود إلى صراع مستقبلي".

مقالات مشابهة

  • كيف قادت سيطرة الانتقالي على حضرموت والمهرة الحكومة اليمنية لمغادرة عدن؟
  • المجلس الانتقالي يفرض سيطرته الكاملة على أهم الحقول النفطية بمحافظة شبوة.. عاجل
  • كيف ينظر اليمنيون إلى سيطرة الانتقالي الجنوبي على حضرموت والمهرة؟
  • قوات الانتقالي تعترض موكب محافظ حضرموت وتمنعه من دخول الوادي والصحراء
  • حضرموت.. خريطة التشكيلات العسكرية والثروة وصراع النفوذ
  • عيد الجلاء وحتمية زوال المحتل وأدواته
  • حضرموت تفضح المخطط السعودي-الإماراتي لفرض التقسيم
  • محافظ المهرة يدعو لتوحيد الجهود لمواجهة مخططات الاحتلال السعودي الإماراتي
  • المؤسسة الوطنية للنفط تطلق مشروع السيطرة على حرائق الآبار وتعزيز معايير السلامة في الحقول النفطية