شهد الشارع الرياضى المصرى، خلال هذا الأسبوع، موجة من المشاعر المختلطة التى لم تحمل فى طياتها إلا المرارة والإحباط، لم يكن الأسبوع مجرد سلسلة من الأحداث العادية، بل تحول إلى «الأسبوع الأسود» الذى ربط بين خيبة الأداء الجماعى للمنتخب الوطنى فى كأس العرب وبين الصدمة الفردية المفجعة برحيل البطل.
فى الوقت الذى كانت فيه الجماهير تتطلع إلى أداء يليق بتاريخ منتخب مصر فى بطولة كأس العرب، خاصة فى ظل المنافسة الإقليمية، جاء الأداء الفنى ليجسد حالة من الإحباط حيث تعادلات باهتة، ضعف فى البناء الهجومى، أخطاء دفاعية متكررة، وغياب للروح القتالية المميزة التى اعتادت عليها الكرة المصرية.
لم يكن الأمر متعلقًا بالنتائج وحدها، بل بكيفية تحقيقها، لقد عكس الأداء فى البطولة، حتى الآن، حالة من الضعف التكتيكى والتخبط فى الاختيارات، مما أدى إلى خفوت نجم "الفراعنة" الذين بدوا وكأنهم يلعبون تحت ضغط نفسى هائل مع تحول المنتخب، الذى يُفترض أن يكون مصدر فخر فى التجمعات القارية والإقليمية، إلى موضوع للجدل والنقد الحاد، الأمر الذى زاد من مرارة هذا الأسبوع.
على الصعيد الفنى، عانى منتخب مصر المشارك فى البطولة من مشكلة نقص الانسجام الواضح، وهى نتيجة طبيعية لغياب العمل المشترك الطويل، حيث يضم الفريق مزيجًا من اللاعبين المحليين والمحترفين الذين لم يسبق لمعظمهم خوض مباريات رسمية معًا.
تجلى هذا الضعف فى البناء الهجومى البطيء والافتقار إلى الأفكار الإبداعية فى الثلث الأخير، ما جعل الفريق يعتمد بشكل كبير على الكرات الثابتة أو المهارات الفردية لكسر التكتلات الدفاعية. كما ظهرت مشكلة التمركز الدفاعى فى بعض الأوقات، خاصة فى التحولات السريعة للمنافسين، حيث يترك لاعبو خط الوسط مساحات شاسعة خلفهم، ما شكل ضغطًا إضافيًا على الخط الخلفى وأدى إلى اهتزاز الشباك فى لحظات حاسمة.
أما فيما يتعلق بالجانب البدنى، فرغم أن اللاعبين ظهروا فى بداية المباريات بلياقة جيدة تؤهلهم للسيطرة على وسط الملعب، فإن منحنى الأداء البدنى شهد تراجعًا ملحوظًا فى الفترات المتأخرة من الشوط الثانى وفى الأشواط الإضافية (فى بعض المباريات).
هذا التراجع أثر مباشرة على القدرة على تنفيذ الضغط العالى بكفاءة طوال التسعين دقيقة، كما قلل من سرعة التحول من الدفاع إلى الهجوم، وجعل الفريق عرضة لاستقبال الأهداف فى الدقائق الأخيرة بسبب فقدان التركيز الحركى والبدنى، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى الإجهاد المتراكم للاعبين نتيجة جدول الدورى المضغوط قبل البطولة، مما وضع الجهاز الفنى أمام تحدٍ صعب لإدارة الطاقات فى هذه البطولة المجمعة قصيرة الأمد.
عزيزى القارئ اين مصلحة الكرة المصرية؟!، حينما نجد أن رابطة الأندية تكون سبب فى عدم انضمام بعض لاعبى مصر إلى المنتخب نتيجة عدم تأجيل مباراة بيراميدز وكهرباء اسماعلية، علاوة على غياب الانتماء الوطنى لدى بعض النجوم الذين وضعوا مصلحتهم الشخصية وقيمتهم التسويقية فوق اسم مصر.
وسط هذا الجو الرياضى المثقل بالنتائج المخيبة، تلقت الأوساط الرياضية صدمة أشد ألمًا وحزنًا، هى وفاة اللاعب يوسف محمد، بطل السباحة الواعد من المؤكد أن الرياضة ليست مجرد أهداف ونتائج؛ هى أرواح وجهود وتضحيات.
وفاجعة رحيل شاب رياضى فى ريعان شبابه ومجده المحتمل، تمثل ضربة قاسية للمنظومة بأكملها، إذا كان المنتخب قد خيب آمالنا بسبب ضعفه الفنى، فإن رحيل يوسف قد أصابنا فى صميم إنسانيتنا وذكّرنا بأن الخسارة الحقيقية تكمن فى غياب الأبطال الذين كانوا يحملون راية الوطن فى رياضات فردية تحتاج إلى جلد وصبر استثنائى.
إن غياب بطل مثل يوسف محمد يلقى بظلاله الحزينة على الرياضة المصرية، ويسلط الضوء على قيمة العمل الجاد والتفانى الذى قد يذهب فى لحظة.
اتوجة بسؤال إلى وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية المصرية ماذا فعلتم فى ملف الطب الرياضى؟!، هل يعقل أن طفل يظل تحت الماء ١٠ دقائق غريق وعقب خروجه لا يجد الإنعاش الرئوي؟
نداء إلى فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية أطلب من سيادتكم التدخل السريع والعاجل لإنهاء أزمة وفاة لاعبى مصر فى الملاعب نتيجة الفشل المتكرر فى ملف الطب الرياضى والذى أصبح كابوسًا وفيروسًا ينتشر بسرعة وسط منتخباتنا الوطنية، سيادة الرئيس أتمنى أن يتم تكليف كلية الطب العسكرى وإدارة الخدمات الطبية بالقوات المسلحة لإدارة ملف الطب الرياضى فى مصر ووضعهم لخطط عاجلة لتطويره.
سؤال: لماذا لم تخرج وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية المصرية للرأى العام وتوضح الحقيقة؟.. للأسف بيانات صحفية عبارة عن كلام إنشاء وسد خانة.
لقد ربط هذا الأسبوع بين ألمين ألم الهزيمة المعنوية فى كرة القدم، وألم الخسارة البشرية فى السباحة، وكلاهما يطرح السؤال: هل المنظومة الرياضية المصرية تسير فى الاتجاه الصحيح؟ نتمنى أن ينجح هذا الألم المشترك فى إيقاظ المسئولين ليعملوا على تصحيح المسار، إكرامًا لتاريخ كرتنا وحزنًا على غياب أبطالنا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ماذا بعد عادل يوسف الأسبوع الأسود كأس العرب
إقرأ أيضاً:
للزمالك.. رب يحميه!
يروق لجماهير الأهلى العريضة أن تطلق شعارات مرحة على شاكلة اعظم نادى فى مجرة درب التبانة والكون الفسيح. هذا الشطط الظريف مفهوم دوافعه الحماسية بسبب انجازاته القارية الأخيرة التى هى منطقية بل وعادية إذا قورنت بالدعم الهائل من عقود رعاية سخية وفّرتها له دون غيره مؤسسات حكومية فساعدته للوصول لمنصات التتويج عبر الاستحواذ والاحتكار لمعظم المواهب المتاحة التى تبحث بطبيعة الحال عن تأمين مستقبلها المادى ما زاد من قوة الفريق وفى نفس الوقت اضعاف المنافسين المباشرين فى ظل خلل جسيم لنظام احترافى مشوه بدأ بفكرة طموحة من الجوهرى الذى كان هدفه تطوير اللعبة لكنه دون قصد تسبب فى اتساع الفجوة المالية واختلال مبدأ تكافؤ الفرص ما أصاب المنافسة فى مقتل وجعل المسابقة الأعرق عربيًا وأفريقيًا ضعيفة ومملة لتنصرف عنها الجماهير المصرية قبل العربية بسبب سيطرة القطب الواحد. والمصادفة العجيبة تزامن ذلك مع سقوط الاتحاد السوفيتى وتغير النظام العالمى إلى هيمنة القطب الواحد، لقد أثبتت التجارب المريرة فشل نظام الحزب الواحد سياسيًا فما بالك بنظام النادى الواحد رياضيًا وهذا خطر لو تعلمون عظيم.
هذا الوضع الغريب جعل الأهلوية يتمادون بتشبيه ناديهم بناد أوروبى مكانه الطبيعى دورى الأبطال! هذه الصورة الذهنية المثالية الخيالية لا تمت للواقع المصرى بصلة الذى يمثله الزمالك بصدق. ذلك النادى المضطرب والمتناقض مثل الصنايعى البسيط الموهوب لكنه مزاجى ومتمرد فثمة أوجه شبه وتشابه فكما مصر مستهدفة وتحاك المؤامرات ضدها ليل نهار كذلك الزمالك الذى تعرض لزلزال مدمر إثر حلّ مجالسه المنتخبة لمدة عقد كامل وتعيين لجان مؤقتة زادت الطين بلة، بالإضافة إلى استهداف ممنهج إعلاميًا ومن الإنصاف عدم إلقاء اللوم على الآخرين فقط وإعفاء الإدارات المتعاقبة فمنذ بداية الألفية الجديدة والزمالك مرتع لكل من هب ودب فقد ابتلى بالمدعين ومرضى الشهرة الذين أوردوه المهالك وأغرقوه بالديون فعجز عن الوفاء بالتزاماته المالية ليصبح ضيفًا رئيسًا فى أروقة الفيفا ليحطم الرقم القياسى فى عدد القضايا وايقاف القيد لكن ثمة شعاع نور ظهر فى نهاية النفق المظلم يشى ببصيص أمل لحل جذرى لأزمة الديون المتراكمة ببدء العمل فى بناء الفرع الجديد لكن صدر قرار مفاجئ بسحب الأرض هذا التطور الصادم عليه علامات استفهام كثيرة تثير الشك والريب لا سيما بعد تقديم الزمالك المستندات اللازمة التى تثبت صحة موقفه، ومع ذلك تعاطى الجهات المختصة يكتنفه التلكؤ والغموض، لقد أصبح انقاذ الزمالك من كبوته الطويلة فرض عين لأنه عمود رئيسى فى قوة مصر الناعمة فشخصية وإرث مدرسة الفن والهندسة جعلته النادى المفضل للطبقة الوسطى التى انجبت عبدالوهاب وأحمد زويل ومجدى يعقوب.
أنا على يقين إذا علم الرئيس السيسى بدقة حجم غضب وامتعاض عشرات ملايين الزملكاوية حول العالم سيتدخل فورًا ولن يخذلهم وسيوجه بإعادة الحق لأصحابه لأن عودة الزمالك لسابق عهده بمثابة بعث جديد للرياضة ولا أبالغ اذا قلت إنها مسألة أمن قومى.