يظل الناقد حائرًا فى مدخله النقدى وتحليله الفنى للأعمال الأدبية والفنية حول ذلك السؤال الملح الغامض المحير عن ماهية الفن وهل هو محاكاة صماء للواقع أم أنه إعادة صياغة لما ينبغى أن يكون عليه هذا الواقع المؤلم المر، فهناك من يرى أن الفن هو استنساخ فوتوغرافى يتطابق مع مجريات الأحداث الواقعية وملامح الشخصيات وتكوينها الخارجى وبنائها النفسى، وفى ذلك انتقاصٌ من قيمة ومكانة المبدع فلا مجال لنقل واقع كامل له خالق وملامح وأقدار خاصة لا يمكن ذات محاكاته وإدراكه ومعرفة أسبابه، لذا فإن الفن الحقيقى هو ذلك الإبداع الجديد لواقع نعيشه فى قالب يمزج بين الأخيلة والواقعية، بين الانتقاء والاختيار حيث الفن له معطيات الواقع الإنسانى لكن عبر أطر فنية وجمالية إبداعية مغايرة للواقع تعيد رسم وصياغة صور إنسانية ومواقف بشرية وأقدار غامضة بملامح متغيرة ونفوس مركبة، من هنا يبرز ويظهر معنى ومفهوم الإبداع الفنى والأدبي.
ولأننا نعانى من فقر إبداعى وفكرى. لموضوعات جديدة فإن العديد من الكتاب والمنتجين يلجأ إلى قصص وأحداث واقعية تصاغ فى قوالب فنية جديدة ما بين إعادة تقديم فيلم عن سيدة الغناء العربى أم كلثوم بنجوم وإنتاج ضخم وذلك الصراع الدائر حول مطابقة الصورة الفنية للصورة الأصلية الواقعية نجد أن قصة مقتل المذيعة شيماء جمال على يد زوجها القاضى أيمن حجاج قد أثارت فضول ورغبة المنتج محمد العدل فى أن يعيد صياغة هذه القصة لينتج واقعا فنيا ودراميا متطابقا فى الأحداث مغايرا فى المعالجة والعرض توافرت له جميع عناصر النجاح والتشويق والإثارة بالرغم من أن المتلقى يعرف النهاية منذ أول مشهد وأول حلقة ومع هذا تمكن الكاتب محمد رجاء فى تقديم سيناريو محكم،مع المخرج محمد جمال العدل وفريق التمثيل وقد تجاوز حدود الواقع والحكاية إلى عمل فنى له خصائصه من سيناريو إلى حوار وقصة وتصوير وموسيقى وأداء تمثيلى للفنانة زينة فى دور مروة أو المذيعة شيماء والفنان محمد فراج فى دور صلاح أو المستشار أيمن حجاج
الورد يعنى الرومانسية أوالحب الأفلاطونى، والشوكولاتة تعبر عن الرغبة والشهوة وحين يجتمعان فإن الحدوتة تتبلور وتكتمل فى وجدان المشاهد الذى يتلقى درسا من دروس الحب المحرم والخيانة والعقوق والمصالح المتضاربة؛ فهذا المحامى أو المستشار يرفض أهله ويتبرأ من أصله فلا يحضر جنازة والده لإرتباطه بأسرة ثرية دات شأن وجاه وزوجه توفر له الأصل والأسم الراقى والمركز المرموق فى ظل سطوة والدها ومركزه وصلاته؛
يعيش هذا المحامى لنزواته وشبقة للمال والسلطه والجنس فيقع فى براثن مذيعة جميله لديها مشاكل أسرية وآخرى نفسية فهى ضحية عنف ابوى وزوج خائن يطاردها للحصول حضانة الطفلة.. مروة نتاج مناخ يدفعها إلى الزواج سرا من هذا المستشار أو المحامى الملوث الفاسد المريض نفسيا وذلك على حساب أى إعتبارات
أخرى فلا هى تمتلك المهنية والنزاهة الإعلامية ولا هى أم تخاف على إبنتها ولا هى تحافظ على سلامها النفسى وإنما هى ضحية حب مرضى تمكن منها وسلبها اتزانها ودفعها لأن
تدخل فى علاقة شائكة وزواج عرفى مع هذا الرجل وقد ظنت وتوهمت أنه بنفوذه وسلطته قد يقدم لها الأمن والاستقرار والحماية.. وتبدأ الحكاية ما بين الواقع الكاشف للفساد وبين النفس المريضة لكل من المذيعة والمحامى فهذه العلاقة الغريبة تقوم على أركان الشك والخيانة والابتزاز والتهديد.
المذيعة تسجل فيديوهات جنسية لزوجها وتحصل على مستندات تثبت فساده وإجرامه وسوء استغلاله للسلطة، وعلى الجانب الآخر فهذا المحامى يضربها بعنف حتى الإجهاض والنزيف ويعاملها كما العاهرة برخص وقسوة ومع هذا تستمر العلاقة المرضية بينهما، كلاهما متشبه فى الظروف والنشأة وكلاهما لديه انحراف سلوكى ونفسى جمعت بينهما مصالح تشابه فكانت تلك العلاقة التى جسدها الصراع والحوار فى محاولة لكشف أغوار النفس البشرية وفك رموز السلوك الإنسانى وقد ضل وحاد عن الطريق .. فالمحامى يقتنص ويسرق لحظات المتعة والشهوة، كما يقتنص المال والسلطة والمذيعة تبتزّ وتهدد من أجل الشهرة والنجومية والظهور …
وأيا كانت دوافع هذه الجريمة ومن الجانى ومن الضحية؟ فإن المسلسل نجح فى جذب انتباه المشاهد، وكذلك الغوص مع الشخصيات فى حوارات درامية نفسية مركزة تحل شفرات ذلك السلوك المنحرف للشخصيات من خلال مشاهد متتابعة مشوقة ومثيرة محفزة للفكر والوجدان، وشكلت الموسيقى مع الإضاءة صور الصراع الداخلى والخارجى للشخصيات، صفاء الطوخى مبدعة فى ارتداء شخصية أم شيماء خارجيا وسلوكيا وكذلك تمكنت مريم الخشت من أداء دور الزوجة الراقية فى رقة ونعومة، أما زينة فهى بطلة الحدوتة والمسلسل بعد أن استعادت مكانتها فى الساحة الفنية عائدة بقوة وتمكن وإحساس يتأرجح بين قمة الجبل وصفحة السفح ويغوص فى أعماق البحر ليخرج بؤبؤ المشاعر المتضاربة ما بين الحب والمرض والضعف الأنثوى؛ اما محمد فراج فإنه أبدع فى توظيف ملامح الوجه ونظرات العين ونبرات الصوت وتعبيرات النفس لينقل للمشاهد تضارب المشاعر ما بين الخوف والعنف والفساد والضعف والحب ويجسده على شاشات العرض الواقعى.. المسلسل قدم أروع رسالة فنية وعبرة إنسانية لزوج خائن وفاسد، وإعلامية مستغلة ضعيفة وزوجة متعالية قاسية وأسر مفككة.. مسلسل يستحق المشاهدة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ورد وشوكولاتة ما بین
إقرأ أيضاً:
منتدى الدوحة يستعرض حال سوريا بين قسوة الواقع وآمال المستقبل
الدوحة- بين واقع مليء بالتحديات والعقبات، ورؤى تستشرف آمال المستقبل، استعرض خبراء ومسؤولون سوريون ودوليون الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في سوريا بعد 14 عاما من الحرب والمعاناة.
وفي جلسة بعنوان "توقعات سوريا للمستقبل: التعامل مع حقائق ما بعد انتهاء النزاع" ناقش منتدى الدوحة في قطر أبرز القضايا والأزمات التي تواجه سوريا اليوم، على خلفية تداعيات الحرب والظروف القاسية التي انعكست سلبا على مؤسسات الدولة، بالتزامن مع استطلاعات للرأي تبرز ثقة المواطن السوري في الرئيس والحكومة الجديدة.
استفتاء شعبيتحدث مدير مؤسسة "الباروميتر العربي" مايكل روبنز، عن استطلاع رأي أجري لأول مرة في سوريا منذ 2011، وذلك لاستطلاع الآراء حول مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وقال "قمنا بإجراء الاستطلاعات وجها لوجه ومن باب إلى باب، وحرصنا على توفير الخصوصية للمستجيبين، وذهبنا للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في سوريا، بمزيج من المناطق الريفية والحضرية، وقسمناها بطريقة تضمن تمثيلا علميا لكل السكان، بحيث يمكن القول إن النتائج تعكس آراء السوريين بهامش خطأ 3%"، موضحا أن الاستطلاع شمل السوريين المقيمين في منازلهم، وكذلك السوريين في المخيمات المعترف بها.
وكان من أهم النتائج تدهور الوضع الاقتصادي بشكل عميق، حيث إن 6% فقط قالوا إنهم قادرون على تلبية احتياجاتهم الأساسية، في حين أن 73% قالوا إن الطعام نفد منهم خلال 30 يوما الأخيرة قبل أن يتمكنوا من شراء المزيد، حيث أصبح التضخم والفقر والبطالة هي أبرز التحديات أمام السوريين اليوم.
وعلى الصعيد الاجتماعي، قال روبنز إن "78% أكدوا أن التعصب والانقسام المجتمعي يمثلان مشكلة حقيقية، وهناك إدراك واسع لأهمية العدالة الانتقالية، ومراجعة ما حدث خلال السنوات الماضية من أجل توحيد البلاد".
إعلانوأضاف أن السوريين أظهروا رغبة واضحة في الديمقراطية والتمثيل الشامل، حيث إن الناس يثقون بالحكومة الحالية ويعتبرونها أكثر استجابة، لكنهم يرون الحاجة إلى بناء مؤسسات تضمن استمرار ذلك مستقبلا.
وفيما يتعلق بالدعم الخارجي، أوضح أن السوريين منفتحون جدا على المساعدة الدولية، مضيفا أنه "لدى السوريين آراء إيجابية تجاه دول مثل قطر والسعودية وتركيا والاتحاد الأوروبي، ويرون أن هناك فرصة لتعاون دولي واسع لمساعدتهم في الانتقال".
تكامل حكومي ومجتمعي
من ناحيتها، قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية هند قبوات، إن "ما نراه في الاستطلاع هو واقع سوريا اليوم، وعندما استلمت المسؤولية كنت أعلم أن الوضع صعب، لكن كان أسوأ مما توقعت، فالفساد والحرب وغيرها من العوامل أوصلت البلاد إلى هذا الوضع".
وأوضحت قبوات أن الحكومة بدأت برنامج تحويلات نقدية يستهدف 5 ملايين من أكثر الفئات ضعفا، كما تم إنشاء منصات للتوظيف وبرامج للتدريب المهني لتهيئة المواطنين لسوق العمل، ويتم الآن العمل على إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية عبر لجنة حكومية تضم عدة وزارات، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني.
وأكدت أنه لا يمكن تحقيق أي تقدم دون تماسك اجتماعي، مشددة على أن الحوار بين الحكومة والمجتمع المدني أساسي، وأن المجتمع المدني اليوم يلعب دورا كبيرا.
وتحدث مايكل روبنز عن النتائج المتعلقة بالحكم والديمقراطية والثقة، قائلا إن "أبرز ما لفت نظرنا هو وجود درجة ملحوظة من التفاؤل، حيث إن 80% يثقون بالرئيس، و70% يثقون بالحكومة، مشيرا إلى وجود تفاوت كبير بين المحافظات السورية؛ فالمعارضة تبدو أكبر في اللاذقية وطرطوس والسويداء، حيث تنخفض نسب الثقة إلى الثلاثينات".
وأوضح أنه رغم الاختلافات، فإن هناك مشتركات واسعة، فالأغلبية ترى أن "الانتقال السياسي يسير بشكل جيد، لكن نجاحه مرهون بمعالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية العميقة".
وعطفا على ما أظهره الاستطلاع، عادت وزيرة الشؤون الاجتماعية السورية لتؤكد أن "الثقة مسؤولية، ويجب أن نثبت للسوريين أننا خدام لهم ولسنا قادة فوقهم، ونحتاج إلى الشفافية والمساءلة والإنصات، ونعمل على تغيير القوانين من خلال مشاركة الناس وليس عبر لجان مغلقة، وعندما يشعر المواطنون بملكية القرار، سنبني مستقبلا جديدا".
من جانبه أكد رئيس هيئة التخطيط والإحصاء السورية أنس سليم أن "نتائج الاستطلاع بشأن عدم المساواة ليست مفاجئة، فالحرب دمرت البنية الاقتصادية وأضعفت القدرة الإنتاجية في عدة مناطق، وهو ما خلق فجوات كبيرة بين المحافظات وبين الريف والمدينة".
وقال للجزيرة نت إن الحكومة تعمل الآن على إستراتيجية تنمية متوازنة، تقوم على 3 ركائز وهي:
إعادة توزيع الاستثمارات نحو المناطق الأكثر تضررا، خصوصا في الشمال والشرق وأرياف المحافظات. والتركيز على القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعات الغذائية والطاقة المتجددة، لأنها الأكثر قدرة على خلق فرص العمل. وبناء شبكات أمان اجتماعي قوية، تشمل الدعم النقدي المباشر، والتحويلات، والبرامج التدريبية. إعلانوأوضح أنه تم العمل خلال الفترة الماضية على توفير إحصاءات وبيانات دقيقة، تسهم في وضع رؤية واضحة أمام الحكومة للتعامل بدقة مع مشكلات الواقع السوري، مشيرا إلى أنه تم إعطاء أولوية لإصلاح النظام الضريبي ليكون أكثر عدالة، بما يقلل من الفجوة بين الفئات الاجتماعية.
من ناحيته، أكد طارق تلاحمة رئيس مكتب دمشق للمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، أن الأمم المتحدة تعتبر أن سوريا دخلت في مرحلة جديدة فعلا، لكنها لا تزال بحاجة إلى خطوات كبيرة لترسيخ الثقة بين السوريين.
ووضح أن هناك 3 عناصر أساسية يرون أنها ضرورية لنجاح المرحلة الانتقالية، تتمثل في:
فتح المجال السياسي بشكل أوسع لتمثيل كل الأطياف والمناطق. التقدم في مسار العدالة الانتقالية بطريقة تحقق المساءلة ولا تعرقل المصالحة. تهيئة بيئة آمنة تضمن حرية التعبير والتنظيم والمشاركة.وأوضح أن الأمم المتحدة تشجّع الحكومة على مواصلة الحوار مع المجتمع المدني، وعلى العمل مع كل الشركاء لضمان أن الانتخابات المقبلة تكون جامعة وتمثل كل السوريين، معربا عن تقديره للشركاء الدوليين الذين يدعمون العملية السياسية عبر الدبلوماسية والتمويل والمساندة الفنية.
وفي ختام الجلسة أكد المجتمعون على أن سوريا تقف على عتبة مرحلة جديدة، مليئة بالأمل، لكنها أيضا مليئة بالتحديات، مشيرين إلى أن التقدم ممكن -كما تظهر الأرقام- لكن الطريق طويل، ويتطلب إصلاحات اقتصادية وهيكلية، فضلا عن حوار سياسي جامع، وعدالة انتقالية حقيقية، وشراكات دولية مسؤولة.