المسلة:
2025-12-09@12:12:40 GMT

من يربح ومن يخسر في استهداف كورمو؟

تاريخ النشر: 8th, December 2025 GMT

من يربح ومن يخسر في استهداف كورمو؟

8 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة:

محمد حسن الساعدي

يشكل استهداف حقل كورمو النفطي حدثًا بالغ الأهمية في سياق الصراعات الجيوسياسية المعاصرة،فالهجمات على البنى التحتية للطاقة لا تُقرأ فقط في إطارها الأمني المباشر،بل تحمل دلالات سياسية واقتصادية عميقة، وتكشف عن شبكة معقدة من المصالح المتقاطعة بين الدول، الشركات، والقوى غير الحكومية.

يمكن القول أن المستفيدون المحتملون من أستهداف الحقل الغازي هم القوى المهاجمة أو المنفذة والتي تسعى لتحقيق مكاسب سياسية عبر إثبات قدرتها على ضرب أهداف استراتيجية، وأستخدام الحدث كورقة ضغط في المفاوضات أو كوسيلة لإعادة ترتيب ميزان القوى في البلاد، وربما يصل الامر الى المنافسون في سوق الطاقة العالمي، ما يعني أن أي اضطراب في إنتاج كورمو يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز، وكذلك الدول أو الشركات المنافسة تستفيد من زيادة الطلب على منتجاتها لتعويض النقص،والفاعلون السياسيون المعارضون داخليًا، والذين يستغلون الحدث لتقويض شرعية الحكومة أو التشكيك في قدرتها على حماية الموارد الوطنية.

أما الخاسر الاكبر من هذا الاستهداف هي الدولة المالكة للحقل والتي بالتاكيد ستتكبد خسائر اقتصادية نتيجة توقف الإنتاج أو تراجع الاستثمارات الأجنبية، وخسائر سياسية مرتبطة بصورة الدولة كبيئة غير آمنة للاستثمار،والمستهلكون العالميون للطاقة، أذ أن ارتفاع الأسعار ينعكس على الاقتصادات المستوردة، ويزيد من أعباء المواطنين،ما يخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق العالمية،رما يؤثر سلباً على الاستقرار الإقليمي المحيط بالعراق، بالاضافة الى أن الهجوم على حقل الغاز يفتح الباب أمام تصعيد أمني وتدخلات خارجية في البلاد،ويزيد من احتمالات نشوء صراعات جديدة أو تعميق القائم منها.

أما عن الأبعاد الجيوسياسية لهذا الاستهداف فيمكن القول أن التنافس الدولي على الطاقة من قبل القوى الكبرى والتي تراقب مثل هذه الأحداث عن كثب، لأنها تؤثر على توازنات السوق العالمية، وتؤثر سلباً على طبيعة التحالفات الإقليمية في المنطقة، ما يطرح العديد من التساؤلات عن هذا الاستهداف وقدرة هذه التحالفات على حماية البنى التحتية الحيوية، ما قد يدفع هذا الحدث الخطير بعض الدول إلى البحث عن بدائل للطاقة أو تعزيز أمنها الداخلي.

الربح السياسي الآني للقوى المهاجمة غالبًا ما يقابله خسارة اقتصادية وأمنية طويلة الأمد، فهذه الخسائر لا تقتصر على الدولة المستهدفة، بل تمتد لتشمل النظام الدولي بأكمله عبر اضطراب الأسواق،إذ لا يوجد طرف يخرج منتصرًا بالكامل بل الجميع يدفع ثمنًا بدرجات متفاوتة،ما يجعل الاستهداف أداة ضغط أكثر منه وسيلة لتحقيق مكاسب مستدامة.

إن استهداف حقل كورمو يوضح أن معادلة “من يربح ومن يخسر” في الصراعات المعاصرة معقدة للغاية، فبينما قد تحقق بعض الأطراف مكاسب سياسية أو اقتصادية قصيرة المدى، فإن الخسائر طويلة الأمد تطال الجميع، من الدولة المستهدفة إلى المستهلك العالمي، مرورًا بالاستقرار الإقليمي والدولي ومن هنا يصبح مثل هذا الحدث مؤشرًا على هشاشة النظام الطاقوي العالمي، وعلى ضرورة إعادة التفكير في آليات حماية البنى التحتية الحيوية ضمن إطار تعاون دولي أوسع.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

العراق: انفجار التناقضات بين ثراء النخب وواقع البطالة والفقر

9 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة: ينظر مراقبون الى المفارقة العراقية الثقيلة، حين تتدفق الإيرادات النفطية بمليارات الدولارات سنويًا بينما تبقى الخزائن شبه خاوية، في مشهد يختصر اختلال المعادلة بين وفرة المورد وضياع الجدوى.
ومن جانب آخر يواصل الفقر والبطالة توسع دوائرهما في مدن الجنوب والوسط، حيث تتراكم طوابير الباحثين عن عمل أمام الدوائر الحكومية، وتتعالى في مواقع التواصل تدوينات تعبّر عن اليأس من غياب الفرص رغم ما يصفه ناشطون بأنه اقتصاد ريعي هو الأكبر في المنطقة.

ويشير مراقبون إلى أن الامتيازات الفلكية التي يحصل عليها السياسيون تمثل أحد أكثر مظاهر الاحتقان الشعبي تداولًا، إذ تتناقل منصات التواصل أرقامًا عن رواتب ومخصصات تستفز الرأي العام، وتضع الفجوة بين الدولة والمجتمع في إطار أكثر حدة.

وبالانتقال إلى البنية السياسية يبرز توصيف المنصب بوصفه صفقة تجارية، حيث تتحول المواقع التشريعية والتنفيذية إلى مغنمٍ يتقاسمه الفاعلون السياسيون وفق توازنات نفوذ لا وفق معايير الكفاءة، فيما يهيمن منطق توزيع الغنائم على مفاصل صنع القرار.

وتتعمق الأزمة حين يتحول الانتماء السياسي إلى سلعة، كما يردد مدونون ساخرون من مشهد تبدل الولاءات بحسب العروض، في ظاهرة تُضعف العقد الاجتماعي وتضرب ثقة المواطن بالمؤسسات.

ومن جانب ثالث يتسع نطاق الفساد المالي والسياسي عبر شبكات تداخلت فيها المصالح الحزبية مع الموارد الحكومية، بينما يتصرف بعض النواب والوزراء كما لو أن الثراء السريع هدف معلن، في غياب منظومة رقابية قادرة على ردع هذا السلوك.

وتُظهر مقارنات دولية أن الدول المتحضرة التي يندر فيها الفساد تستند إلى قوانين شفافة ورأي عام فاعل يحاسب ويراقب، إضافة إلى نظم صارمة تجعل التجاوز السياسي أو الإداري مغامرة خاسرة.

ومن جهة أخرى تكشف خبرات تلك الدول أن قوة القانون واستقلال القضاء وشفافية المؤسسات هي الركائز التي تحصّن الدولة من الانهيار الأخلاقي والمالي، وتخلق بيئة سياسية تنافسية تقوم على الخدمة لا على تقاسم النفوذ.

ويخلص محللون إلى أن السياسة في العراق انزلقت خلال العقدين الماضيين نحو مسار أقرب إلى التجارة، حيث تُقاس قيمة المواقع بقدرتها على توليد النفوذ والثروة، بينما ينتظر الشارع إصلاحًا يعيد الاعتبار لوظيفة الدولة بوصفها مؤسسة عامة لا بوابة امتياز خاص.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الإطار يحكم خياراته.. السعي لرئيس حكومة أقل طموحاً حزبياً
  • غارات على جنوب لبنان والجيش الاسرائيلي يعلن استهداف مواقع لحزب الله
  • "اقتصادية الدولة" تناقش "التنظيم الصناعي الخليجي"
  • حبس وغرامات .. قانون حماية الآثار يشدد القبضة على العابثين بالتراث
  • العراق: انفجار التناقضات بين ثراء النخب وواقع البطالة والفقر
  • المالكي وطالباني يناقشان ملف المناصب الرئاسية الثلاثة
  • تصفية ودمج وتحويل 20 هيئة اقتصادية بمصر.. تخفيف أعباء أم تمهيد للبيع؟
  • "اقتصادية الدولة" تناقش مشروع تعديل قانون الجمارك الخليجي
  • هشام الركابي يبعث رسالة طمأنة: المالكي لا ينخرط في صفقات الكواليس ويواجه الحملات بموقف علني مسؤول