استأجر المخرج الألماني فيم فندرز Wim Wenders خلال مهرجان كان السينمائي سنة 1982، غرفة في فندق «مارتينيز» -الغرفة رقم 666- ووضع فيها كاميرا ثابتة وتركها تعمل وحدها. استضاف كبار المخرجين واحدًا تلو الآخر، يدخلون الغرفة وحدهم، يجلسون أمام الكاميرا، ويجيبون عن سؤال واحد فقط: «هل السينما كما نعرفها اليوم (عام 1982) في طريقها إلى الموت؟»، كان هذا موضوع فيلم فيندرز «غرفة 666».
كان التلفزيون آنذاك قد استحوذ على اهتمام الجماهير. في غالب الظن أن السؤال بدأ من هنا. لكنه اشتبك في إجابات المخرجين المستضافين مع أسئلة أخرى، تتعلق بموت الفنون مثل موت الرواية، كما تحدثوا عن شركات الإنتاج الضخمة وتحكمها في السينما، وسردوا قصصًا عن شغفهم الشخصي بالسينما قبل رغبتهم في مشاركة هذه الأفلام مع المشاهدين.
كانت مشاهدتي للفيلم هذا الأسبوع مربكة. أحسستُ برغبة في الضحك بهستيرية، ثم الشعور بالخوف والخواء. لا بد وأن هذا السؤال اليوم يُعد تافها وإن لم يكن كذلك فهو «كرة» يتقاذفها صنّاع المحتوى عن مصرع الفنون أمام تطبيقات التواصل الاجتماعي، أو فنائها مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي. سيأخذ السؤال تنويعات تشمل التلفزيون نفسه، الوسيط الذي لا يحتفظ بمكانته السابقة. مع ذلك كان الفيلم نفسه والذي يقع في ٤٥ دقيقة ساحرًا، يبدأ من شجرة معمرة في الطريق إلى كان في فرنسا، شجرة يتجاوز عمرها بدايات السينما، شهدت على انطلاقها، شجرة أرز قادمة من لبنان كما يُخبرنا فيندرز نفسه.
أفكرُ في مشاهدتي للسينما، ككاتبة مقالات انطباعية عن الأفلام، شاركتْ في تحكيم مسابقات سينمائية، أنا لا أتذكرُ مشاهدتها في صالة العرض، في الحقيقة أنا لم أشاهد فيلما في السينما منذ كورونا حتى اليوم عدا مرة واحدة دعيتُ فيها لتدشين فيلم عُماني قصير قبل نحو شهرين من كتابتي لهذه المقالة. لعلي استدعي في هذا السياق ما قالته الشاعرة فروغ فرخزاد في إحدى رسائلها، إنها تحب السينما ويؤسفها أنها لا تستطيع في هذه المدينة أن تشاهد فيلمًا جيدًا.
اعتمدتُ منذ البداية على قرصنة الأفلام، ولولا ذلك لما شاهدتُ في حياتي سينما فنية، انتظرتُ مع أصدقائي تحديثات بخصوص جودة النسخ المنشورة والتي تبدأ عادة مع النشر الأول رديئة للغاية. ثم كتبنا عن الأفلام هنا وهناك، أنا نفسي في أول برنامج إذاعي لي على إذاعة سلطنة عُمان قدمتُ برنامجًا عنوانه «انطباعات سينمائية». لكن أين أقف أنا والرفاق من هذا الآن؟ نحن أبناء جيلنا وفترتنا الزمنية، حيث منصات العرض كنتفليكس وأمازون وغيرها أكثر توفرًا وأسهلُ وصولًا. أما المواقع التي اعتدنا عليها ففقدنا معظمها مع شهادات رثاء تتوالى طوال الوقت. كان مؤسفًا أن يغلق موقع الترجمة الأشهر للأفلام «SUBSCENE» قبل سنة من الآن؛ كان هذا الموقع ملاذنا لتحميل الترجمات، بالإضافة لكونه نافذة لمطالعة الأفلام التي يفضلها المترجمون المفضلون لنا، فيوفر لكل منهم مكتبة بترجماتهم، فما إن تجد من تتفق معه في الذائقة حتى تهتدي بما يختار دون أن تعرف شيئًا عن الفيلم.
سافرتُ السنة الماضية لألمانيا، تركتُ «اللاب توب» مفتوحًا بينما اقرأ، لم أكن أعرف أنني لم أغلق تطبيق «تورنت» وهو تطبيق وسيط بمثابة منصة تقوم بتحميل الأفلام المقرصنة، لكن هذه الأفلام ليست في مكان واحد، بل هي في أجهزة من قام بتحميلها. وبعد تحميل الفيلم، تتاح خاصية «البذر» وهي الإبقاء على الفيلم متاحًا لمستخدمين آخرين، كما لو أننا نزرع تربة وراء أخرى. فاتني إغلاق هذه الخاصية. وصل لمكان سكني خلال يومين من هذه الحادثة إنذار غرامة بقيمة (٣٠٠٠ يورو) لرفع فيلمين على الإنترنت. كدتُ أفقد عقلي حينها، لكن هذا ليس أكثر من بداية لممارسات أكثر تشددًا حول ملكية الحقوق الفكرية للأفلام. لم تعد الأفلام متاحة كما كانت في السابق، السينما تموت لا لخيارات الترفيه والفن الأخرى بل لأنها حصرية وغير مشاعية وبعيدة جدًا.
غابت الأسماء التي كانت تدون عن السينما في الخليج، البعض انخرط في أعمال مؤسسية داخل بلدانهم، لتصبح أعمالهم إدارية، تتعلق بالتخطيط لمهرجانات لا يبدو أنها تؤتي ثمارها، فالسينما في وضع سيئ للغاية في الخليج -هكذا على الأقل بعد مشاهدتي لأفلام مهرجان الخليج السينمائي في الرياض قبل سنتين من الآن- يتعامل صنّاع السينما الخليجية مع الأفلام غالبًا بوصفها مشاريع للنشر في منصات البث المشهورة التي أشرتُ إليها. أو باعتبارها طريقة للمرور إلى مهرجانات لا يسمع بها إلا القلة، ولا يصل إليها الشغوفون بالسينما منتظرين نسخة مقرصنة من فيلم أشيد به.
تتجه الكثير من شركات الإنتاج في الخليج والتي بدت واعدة عند إنشائها لإنتاج المحتوى الرقمي للإعلانات التجارية، فهي مربحة وأقل كلفة تشغيلية. وتزداد الرقابة على الأفلام بسبب موظفي أجهزة الرقابة الذين لا علاقة لهم بالسينما، ويقرأون الأعمال بحرفية. قال لي مخرج عُماني إن فيلمه لم يتخط الرقابة لأن فيه إشارات للسحر.
ينتهي فيلم فيندرز بالشجرة نفسها في مشهد إظلام، ذلك بعد أن يظهر هو ليضع أمام الكاميرا شريطا مسجلا في جهاز راديو صغير، للمخرج التركي يِلماز غوني الذي اعتقل بسبب أعماله ولم يتمكن من الوصول للغرفة ٦٦٦.
أريدُ حقًا أن أجمع صنّاع السينما في غرفة صغيرة أمام كاميرا ربما تكون غالبًا كاميرا «الموبايل» وأسألهم: هل ما زالت السينما حية في مكان ما؟
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
ايرادات السينما أمس.. ولنا في الخيال.. حب يتصدر والسلم والثعبان الوصيف
تتنافس عدد من الأفلام بدور العرض السينمائي في هذا الموسم، ونرصد فى التقرير التالي أبرز المعلومات عن حجم إيرادات هذه الأعمال خلال عرضها أمس، الاثنين ، بحسب ما أعلن محمود الدفراوي، مسئول التوزيع بغرفة صناعة السينما.
ولنا في الخيال حب:حقق فيلم ولنا في الخيال حب من بطولة أحمد السعدني ومايان السيد ، ايرادات بلغت 1,267,114 جنيه مصري.
السلم والثعبان 2:حقق فيلم السلم والثعبان 2 إيرادات وصلت الي 1,219,826 جنيه
يقوم بيطولة الجزء الثاني كل من عمرو يوسف ومعه أسماء جلال، حيث سيجسدان شخصيتي “ملك” و”أحمد” في قصة حب جديدة.
كما يشارك في بطولة العمل عدد كبير من الفنانين، أبرزهم ظافر العابدين، و ماجد المصري، وفدوى عابد.
السادة الأفاضلحقق فيلم “السادة الأفاضل” إيرادات وصلت إلى 454,810 جنيه.
وتدور أحداث الفيلم في قرية مصرية، حول عائلة أبو الفضل التي يفجعها موت الأب، جلال، وسرعان ما يكتشف ابناه طارق، الذي يُجبر على تحمل مسئولية الأسرة، وحجازي الطبيب العائد من القاهرة، أن والدهما لم يكن الرجل البسيط الذي عرفاه.
ويتضح أن جلال كان متورطًا في تجارة الآثار ولديه شبكة معقدة من الأسرار والديون التي تهدد بتمزيق العائلة وتوريطها في صراعات خطيرة.
"السادة الأفاضل” يضم نخبة من النجوم: محمد ممدوح، بيومي فؤاد، طه دسوقي، محمد شاهين، أشرف عبد الباقي، انتصار، علي صبحي، ناهد السباعي، هنادي مهنا، ميشيل ميلاد، إسماعيل فرغلي، حنان سليمان، دنيا ماهر ومن تأليف مصطفى صقر، محمد عز الدين، عبد الرحمن جاويش، وإخراج كريم الشناوي
أوسكارحقق فيلم “أوسكار” إيرادات وصلت إلى 137,826 جنيه.
“أوسكار - عودة الماموث” هو إنتاج بيراميدز للإنتاج الفني ”محمد الشريف" وتريند "محمد طنطاوي"، وفكرة كريم هشام، قصة أحمد حليم، سيناريو وحوار مصطفى عسكر وحامد الشراب، إخراج هشام الرشيدي، وبطولة أحمد صلاح حسني، هنادي مهنا، محمد ثروت، الطفلة ليا سويدان، وأحمد البايض.
قصر الباشاوحقق فيلم "قصر الباشا" إيرادات ليلة أمس ، وصلت إلى 131,155 جنيه.
يشارك في بطولة الفيلم نخبة من النجوم، منهم: أحمد حاتم، حسين فهمي، مايان السيد، صدقي صخر، حمزة العيلي، نبيل عيسى، أحمد فهيم، محمد القس، وسمية رضا التي تظهر لأول مرة في عمل مصري، إلى جانب الفنان الشاب هيثم زيدان.
وتدور أحداث "قصر الباشا" حول جريمة قتل غامضة تقع داخل أحد الفنادق الفاخرة، ما يفتح الباب أمام سلسلة من الأحداث والتحقيقات المشوقة التي تكشف عن أسرار وشخصيات متعددة، في أجواء تجمع بين الغموض والإثارة.
فيها إيه يعنى؟!
تمكن فيلم “فيها إيه يعني؟” من تحقيق إيرادات ليلة أمس وصلت إلى 129,505 جنيه.
وتدور أحداث فيلم "فيها إيه يعنى؟" في إطار كوميدي رومانسي، حيث يناقش فكرة أن الحب يمكن أن يدق الأبواب في أي وقت، وأنه لا توجد سن معينة للحب، من خلال قصة محاسب متقاعد يعيش قصة حب قديمة مع سيدة ربة منزل، ولكن تتغير حياتهما عندما يتقابلان مرة أخرى بعد مرور سنوات، وتتوالى الأحداث.
فيلم "فيها إيه يعني؟" من بطولة ماجد الكدواني، وغادة عادل، وأسماء جلال، ومصطفى غريب، وميمي جمال، وريتال عبد العزيز، وإنتاج ماجيك بينز للمنتج أحمد الجنايني، وسينرجي بلس تامر مرسي، ورشيدي فيلمز، وروزناما، وهو من تأليف مصطفى عباس ومحمد أشرف ووليد المغازي، إخراج عمر رشدي حامد.