تصاعد إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
القدس المحتلة-سانا
تصاعد إرهاب المستوطنين الإسرائيليين بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة المنكوب في السابع من تشرين الأول الماضي، حيث زادت سلطات الاحتلال تسليحهم لارتكاب أبشع الجرائم بهدف توسيع عمليات الاستيطان وتهجير الفلسطينيين.
وأوضح المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الجدار والاستيطان التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في تقريره الأسبوعي أن المستوطنين صعدوا منذ بدء العدوان على القطاع اعتداءاتهم على الضفة الغربية من الاستيلاء على الأراضي وهدم المنازل وتخريب البنى التحتية وتجريف الحقول وشق الطرق الاستيطانية إلى هدم الآبار ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية ولاسيما خلال موسم قطاف الزيتون، إضافة إلى تهجيرهم أهالي 25 قرية خلال العام الماضي، 22 منها تم تهجيرهم بعد السابع من تشرين الأول الماضي.
وأشار التقرير إلى أن المستوطنين كثفوا الأسبوع المنصرم اعتداءاتهم في مدينة الخليل وبلداتها وقراها، حيث اقتحموا حارة جابر في البلدة القديمة وسط المدينة، واعتدوا على الأهالي وداهموا بلدتي دورا ويطا، وأتلفوا محاصيل زراعية ومنعوا الفلسطينيين من الوصول إلى المراعي وإلى مساحات من أراضيهم الزراعية، كما اقتحموا المنازل وخربوا محتوياتها في قرية الجوايا، واستولوا على مساحات من أراضي قرية قويويص، ودمروا المزروعات في قرى الركيز والتوانة والمفقرة وسوسيا بمنطقة مسافر يطا جنوب الخليل، وهدموا 20 منزلاً، وجرفوا 20 دونماً من أراضي بلدة ترقوميا غرب المدينة.
ولفت التقرير إلى أن مدينة بيت لحم تعرضت لاعتداءات عدة، إذ اقتحم مستوطنون مدججون بالسلاح موقعاً أثرياً في بلدة جناته شرق المدينة، وقاموا بتغيير معالمه في محاولة للاستيلاء على مئات الدونمات من الأراضي المحيطة بالموقع، بينما استولوا على مساحات من بلدة تقوع لإقامة بؤرة استيطانية واقتلعوا 250 غرسة زيتون في منطقة خلة النحلة جنوب المدينة.
وذكر التقرير أن المستوطنين اقتحموا بحماية قوات الاحتلال قرى خربة الحمام في طولكرم وفحمة وكفر راعي في جنين واعتدوا على الفلسطينيين ومنعوهم من دخول أراضيهم الزراعية، كما اقتلعوا عدداً من أشجار العنب واللوزيات في قرية سنجل شمال شرق رام الله، وهدموا منازل في أراض زراعية ببلدة قصرة في نابلس.
وبين التقرير أن منطقة الأغوار على امتدادها في شمال ووسط وجنوب الضفة تشهد اعتداءات مستمرة للمستوطنين من أسبوع إلى آخر دون توقف، حيث اعتدوا بحماية قوات الاحتلال على أراضي قرية المليحات غرب مدينة أريحا وقاموا بوضع حواجز حديدية، بهدف الاستيلاء على المزيد من الأراضي في المنطقة الواقعة أول طريق المعرجات غرب أريحا، وذلك في إطار سياسة الاحتلال المستمرة لتوسيع المستوطنات على حساب الأراضي الفلسطينية، كما اعتدوا على رعاة الأغنام في الأغوار الشمالية، وسرقوا 500 رأس من الأبقار.
وذكر التقرير أن سلطات الاحتلال أقرت الأسبوع الماضي مخططين استيطانيين في مدينة القدس المحتلة، الأول هو المخطط المسمى (وادي السيليكون) الذي يمتد على طول طريق وادي الجوز والذي سيخلف آثارا كارثية على المقدسيين، حيث يهدد بالاستيلاء على 2000 دونم وهدم 200 منشأة صناعية في وادي الجوز، أما المخطط الثاني فيهدد بالاستيلاء على 109 دونمات بمنطقة مكتظة بالمقدسيين في واد قرب بلدات العيساوية وعناتا ورأس شحادة شرقي القدس.
وأفاد التقرير بأن قوات الاحتلال فجرت الأسبوع الماضي منزلي شهيدين فلسطينيين في بلدة صور باهر، وهدمت منشأة زراعية في بلدة عناتا وجرفت أراضي في حي وادي الربابة ببلدة سلوان في مدينة القدس، كما هدمت منزلاً ومنشأتين في قرية بيرين جنوب الخليل وبلدة كفل حارس في سلفيت، فيما جرفت 6 دونمات في حي تل الرميدة وسط الخليل واقتلعت 50 شجرة زيتون معمرة، بينما شقت طريقاً استيطانياً للربط بين مستوطنتين مقامتين بين منطقتي الثعلة وأم الخير شرق بلدة يطا جنوب الخليل، وطريقاً آخر بين مستوطنة مقامة على أراضي بلدة نعيم شرق الخليل وقرية بيرين شمال شرق يطا، وثالثاً بين مستوطنة مقامة غرب يطا ومنطقة خلة الفرا في البلدة، كما أغلقت قوات الاحتلال بالسواتر الترابية مداخل عدة قرى في منطقة مسافر يطا.
وأشار التقرير إلى أن قوات الاحتلال استولت على أراض قرب إحدى المستوطنات المقامة شمال طولكرم بهدف توسيعها، ومنعت أصحابها من دخولها وسلمتهم إخطارات بهدم منازلهم المقامة فيها خلال الأيام القادمة، كما استولت على مساحات من منطقة خلايل اللوز جنوب شرق بيت لحم، ومنعت عدداً من المزارعين من الوصول إلى أراضيهم في بلدة نحالين بجنوب المدينة الغربي، واستولت على آليات ومعدات زراعية.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: قوات الاحتلال مساحات من فی بلدة
إقرأ أيضاً:
الحرب تؤزّم الوضع النفسي للفلسطينيين بالصفة الغربية
الضفة الغربية – منذ تحررها من سجون الاحتلال، تعيش الفلسطينية سوزان العويوي قلقا مستمرا يحرمها طمأنينة العيش بسلام، وتضاعف هذا القلق خلال السنتين الأخيرتين اللتين تشهد فيهما البلاد حرب إبادة إسرائيلية تتركز في قطاع غزة وتشمل تصعيدا مستمرا في الضفة الغربية المحتلة.
خلال العامين الماضيين، لم تغادر سوزان مدينتها الخليل جنوبي الضفة الغربية، المدينة المزدحمة بالحواجز العسكرية الإسرائيلية، واقتصر تحركها اليومي على شارعين أو ثلاثة فقط، في محاولة لتجنّب أي احتكاك مع جنود الاحتلال، وحماية نفسها من خطر إعادة الاعتقال أو التعرض للتنكيل على الحواجز.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كيف أفشلت المقاومة أهداف الاحتلال في غزة على مدار عامين؟list 2 of 2الإبادة التي تُغيّر العالمend of listوفي المرة الوحيدة التي قررت فيها الخروج نحو بيت لحم، رغم أن المسافة قصيرة نسبيا، واجهت ما كانت تخشاه، فقد تم توقيفها على حاجز عسكري لأكثر من ساعتين، وعادت إلى ذكرياتها مع الاعتقال السابق، حتى إنها أعدَّت نفسها لاحتمال الاعتقال، واتصلت بعائلتها لتستلم سيارتها قبل أن يصادرها الاحتلال. لكنها نجت هذه المرة.
مكبّلة
منذ تلك الحادثة، لم تكرر سوزان التجربة، وأصبحت حياتها اليومية أشبه بالعيش في سجن مفتوح يقيّد حركتها ويضاعف شعورها بالخوف والقلق.
تقول سوزان للجزيرة نت "انعكس ذلك على حياتي الاجتماعية، فأصبحت الحركة ضيقة جدا، لا أستطيع زيارة أقاربي أو الأصدقاء كما كنت أفعل سابقا، لأن ذلك يضعني في توتر دائم".
وتضيف أنّه منذ بدء الحرب على غزة، ومع تصاعد الاعتقالات واستهداف الأسرى السابقين والاقتحامات اليومية للمدن والبلدات، لم تعرف طعم النوم ليلا؛ فأصبحت تعيش في ترقب دائم للأخبار والاقتحامات، مما جعل التوتر والخوف جزءا من حياتها اليومية.
وتشرح أن التوتر المستمر أثّر مباشرة على صحتها الجسدية، إذ أصيبت بأمراض عديدة نتيجة الضغوط النفسية، مثل القلق الدائم والذئبة الحمراء (مرض مناعي يتأثر بالحالة النفسية) ومشاكل في القولون، مؤكدة أنها تبذل جهدا كبيرا للسيطرة على هذه الأعراض حتى لا تتطور أو تتضاعف.
لا تختلف ظروف مريم شواهنة، من طولكرم شمالي الضفة الغربية، زوجة الأسير في سجون الاحتلال حمزة الصافي، عن حال سوزان كثيرا، فمنذ اعتقال زوجها في الأيام الأولى من الحرب، تعيش مريم حالة دائمة من الخوف والقلق، حيث اقتحم جنود الاحتلال منزلها بطريقة عنيفة، و"انتزعوا منه الدفء والأمان والعامود الذي كان يستند عليه هذا البيت الصغير"، كما تقول.
إعلانوتروي مريم معاناتها وهي تذرف دموعها "عندما يقتحم غريب بيتك ويسلب منه أمانه واستقراره، هذا شعور لا يُسترد طالما الأسير خلف القضبان، ويبقى عالقا في قلب العائلة وأطفالها".
منذ اعتقال زوجها، تعيش مريم تحت وطأة تهديدات متكررة وضغوط نفسية متواصلة من قبل قوات الاحتلال، وتواجه الحياة بمفردها مع طفلين، أكبرهما لا تتجاوز الخامسة من عمرها.
وتقول للجزيرة نت "آخر تهديد كان قبل شهر تقريبا خلال اقتحام المنزل وإخضاعنا لتحقيق ميداني من ضابط المنطقة. أشعر أن التهديدات هدم لإرادة الإنسان، وكأنهم لم يكتفوا باعتقال الأسير وتفكيك العائلة، بل يريدون حرماننا من محاولة استعادة حياتنا الطبيعية".
هذه الملاحقة المستمرة تجعل مريم وعائلتها في حالة قلق وترقب دائم، مما يؤثر على إحساسها بالأمان وقدرتها على ممارسة حياتها اليومية، ويجعلها تحاول جاهدة إخفاء قلقها عن طفليها للحفاظ على توازنهما العاطفي.
قوات الاحتلال تنفذ حملة مداهمات واسعة في الضفة الغربية#حرب_غزة pic.twitter.com/hlI23waWD8
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 5, 2025
وضع مأزومتقول الطبيبة النفسية سماح جبر إن الوضع النفسي في الضفة الغربية المحتلة أصبح حالة مأزومة ومستمرة، فنسبة كبيرة يعانون من التوتر المزمن، ويواجه المواطنون ضغطا يوميا يشمل انتشار الحواجز العسكرية ومحدودية الحركة، ونزوحا في مخيمات شمال الضفة، والقلق من الاقتحامات، والخوف الدائم من الاعتقال أو القتل.
وتضيف سماح، التي شغلت رئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية سابقا، أن هذا الواقع خلق حالة من الإرهاق النفسي الجماعي حتى لدى من حاولوا التكيف مع الصدمات السابقة، إذ تراجعت قدراتهم على التحمل وظهرت لديهم أعراض مثل التعب العاطفي وصعوبات النوم والتركيز.
وتشير إلى أن تقارير منظمة الصحة العالمية والمنظمات الإنسانية تؤكد ارتفاعا كبيرا في الاحتياجات النفسية وخدمات الدعم بعد الحرب.
وتشير الطبيبة سماح إلى الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع الفلسطيني وهي الأطفال والنساء والمسنون، كونهم الأكثر تعرضا للعنف المباشر والضغوط المستمرة، مما يجعلهم أكثر عرضة لخطر الاكتئاب والقلق، وتؤدي إلى عزلة واضطرابات جسدية ونفسية متفاقمة.
وتشدد على أن المعاناة لم تقتصر على هذه الفئات، إذ سجلت العيادات النفسية تزايدا في أعراض القلق والاكتئاب واضطرابات النوم حتى بين طلاب الجامعات والعاملين الصحيين.
وبشأن الإحصاءات -توضح سماح جبر- أن المعطيات الرسمية المباشرة بخصوص الضفة الغربية فقط خلال سنتين بعد أكتوبر/تشرين الأول 2023 محدودة، وبسبب غياب مسح وطني شامل فمن الصعب تحديد نسب دقيقة للمعاناة النفسية بالضفة، رغم أن تقارير منظمة الصحة العالمية وأبحاثا محلية تشير لارتفاع واضح في معدلات الاضطرابات النفسية في مختلف المناطق، حتى وإن لم تُنشر بعد أرقام وطنية موحدة.
وتختم بالتأكيد أنّ الوضع النفسي في الضفة مأزوم ومتزايد مع أسى وقلق واكتئاب واضحين، داعية إلى توسيع خدمات الصحة النفسية الجماعية، وتدريب المزيد من العاملين، وتفعيل برامج مخصّصة للأطفال والأمهات والشباب.
إعلان دعم نفسيمن جهته، يؤكد تقرير عن آخر مستجدات الحالة الإنسانية، أعدته منظمة "أطباء بلا حدود" في الضفة الغربية المحتلة ونشرته خلال سبتمبر/أيلول الماضي، أن "الانهيار الاقتصادي يتجلى بشكل متزايد في صورة ضائقة نفسية"، مشيرا إلى أن نحو واحد من كل 4 مرضى راجع عيادات الصحة النفسية (22%) في جنين وطولكرم، أفادوا بأن "فقدان الدخل كان السبب الرئيسي لمراجعتهم مكاتب الاستشارات النفسية الأولية".
وحسب الموقع الإلكتروني للمنظمة، فإن فريقها للصحة النفسية والمرضى يتأثرون بالقيود المشددة على الحركة، مشيرة إلى تقديم 174 جلسة دعم نفسي عن بُعد خلال يونيو/حزيران الماضي، مقارنة بمتوسط 37 جلسة شهرية خلال الأشهر السابقة من العام نفسه، أي بزيادة قدرها 370%.
ووفقا لنتائج استطلاع للمنظمة شمل 95 مريضا اختيروا عشوائيا من بين المستفيدين من خدمات الصحة النفسية بمحافظة الخليل في مايو/أيار الماضي، أفاد 31% بأنهم أوقفوا عند حواجز عسكرية، مما أثر بشكل مباشر على وقت الوصول إلى غرفة الاستشارات التابعة لها.
وبينما بلغ متوسط وقت الوصول لدى المرضى الذين تم توقيفهم 60 دقيقة، أفاد 15% من المشاركين بتعرضهم للعنف على يد الجنود أو المستوطنين في أثناء تنقلهم. وتشير معطيات المنظمة لعام 2024 إلى تقديمها 36 ألفا و700 استشارة صحة نفسية فردية.