منير أديب يكتب: أجواء حرب أكتوبر والصراع الإسرائيلي
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
تُخيم أجواء الحرب على العلاقات المصرية الإسرائيلية؛ خاصة وأنّ تل أبيب مازالت تُصر على العملية العسكرية في رفح، بما يُهدد الأمن القومي المصري، فضلًا عن إصرارها على احتلال محور فلادلفيا، وكلها مؤشرات قد تصل إلى الحرب التي لا تُريدها القاهرة ولكنها قد تكون مضطرة إليها.
أعلنت القاهرة أكثر من مرة أنها لن تُفرض في أمنها القومي، وأنها مستعدة لكل الخيارات، وأنها لا تُريد توسيع دائرة الحرب، إلا أنّ سلوك إسرائيل يبدو مختلفًا ومتناقضًا في نفس الوقت، فضلًا على أنّ أمريكا فشلت في ضبط السلوك الإسرائيلي وهو ما يُهدد أمن إسرائيل والمنطقة.
مصر جاهزة لكل السيناريوهات، صحيح أنها تُساعد كثيرًا في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على المدى القرب والبعيد، ولكنها في نفس الوقت لن ترضى بأية حلول على حساب أمنها القومي، فلن يُرضيها نصف حل أو شبه خيار، وهو جادة في تهديداتها.
الخاسر الوحيد من اتساع دائرة الحرب في المنطقة العربية إسرائيل والمصالح الأمريكية؛ فهذه الحرب المتوقعة سوف تؤثر على قوة إسرائيل العسكرية وسوف تخسر وجودها القوي وما حققته من مصادر قوة سواء على المستوى العسكري أو الإستراتيجي؛ هذه المعركة لو حدثت فسوف تكون بين العرب كل العرب وإسرائيل بمن يقف خلفها.
القاهرة تمتلك روادع قوية لإسرائيل إذا فكرت في المساس بالأمن القومي المصري، كما أنّ مصر لا تطمئن لتصريحات إسرائيل التي تُحاول معها تنفيذ خطتها، سواء بتهجير الفلسطينين إلى سيناء أو بتوجيه ضربه عسكرية إلى رفح واحتلال محور صلاح الدين، ولذلك سوف يكون الرد قويًا وغير متخيلًا وفق إجراءات تصعيدية قد تكون المواجهة العسكرية أحد أدواتها.
هناك زيارات كثيرة لقادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، الموساد والشاباك، فضلًا عن اجتماعات دائمة للجان مشتركة بين الطرفين هدفها الحفاظ على معاهدة السلام بين الجانبين، خشية أنّ تمس أو أنّ يتم تجميدها أو الإعتداء عليها من قبل أي من الطرفين، ورغم ذلك تُدرك القاهرة أنّ تل أبيب قد تخترق هذه المعاهدة أو تعتدي على الأمن القومي المصري في أي لحظة، وهو ما تستعد له القاهرة وتضع له كافة السيناريوهات بما يردع إسرائيل لو أقدمت على هذه الخطوة.
إسرائيل تتعامل برعونه شديدة في ظل وجود مكونات متطرفة داخل حكومتها الحالية، وهو ما نتج عنه أحداث 7 أكتوبر الماضي، وقد يُؤدي إلى حرب مع مصر قد تُزيد من وضع تل أبيب الحرج، خاصة وأنها تخوض عدة حروب على عدة جبهات في وقت واحد سواء في الداخل الفلسطيني أو مع حزب الله اللبناني أو مع حركة أنصار الله قي اليمن، ولذلك التصعيد الإسرائيلي مع القاهرة سوف يُقابل بتصعيد عربي مماثل.
وهنا تبدو الإدارة الأمريكية مغيبة عن المشهد تمامًا أو أنها قررت الانحياز بصورة كاملة لإسرائيل في تجاوزاتها مع الدول المجاورة لها، وهو ما سوف تكون له العواقب الوخيمة على أمريكا ومصالحها وعلى الأبن المدلل الذي لا يُدرك مصالحه ويعبث بأمنه.
مصر تستعد لأي حرب وسوف ترد على أي تهديد لأمنها، صحيح لا ترغب في خوض معارك عسكرية، ولكنها إذا كانت مضطرة فلن تتوانى بهدف الدفاع عن أمنها القومي؛ الثقة التي تتمتع بها القيادة السياسية في مصر شعبيًا وقراءتها لحجم التحديات التي تواجهها سوف يكون عنوان المواجهة القادمة المتوقعة مع إسرائيل.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دولة فلسطين حماس أحداث 7 أكتوبر سيناء أبطال حرب أكتوبر 1973 رفح محور فلادلفيا محور صلاح الدين وهو ما
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شعبان يكتب: الحرب الإيرانية - الإسرائيلية.. الأسوأ لم يأتِ بعد
تأكد للكثيرين اليوم، أن الحرب الإيرانية الإسرائيلية ستستمر على الأقل لنحو أسبوعين قادمين، والأرجح أنها ستزيد عن ذلك وقد تستمر قرابة شهرين، بعدما صرّح الرئيس الأمريكي ترامب أنه لن يتخذ قرارًا بضرب إيران أو المشاركة في الحرب على وجه التحديد قبل أسبوعين.
الكثيرون رأوا أن تصريحات ترامب ربما تكون خدعة في إطار تواطؤ أمريكي – إسرائيلي، وأن الولايات المتحدة أو أن ترامب قد يقرر فجأة المشاركة في الحرب، وساعتها لن تكون مجرد هجمات صاروخية وجوية متبادلة، ولكنها ستصبح حربًا شاملة، وستشارك فيها قوات إيرانية وإسرائيلية لم تشترك بعد في الحرب، وأقصد السلاح البحري وسلاح الغواصات والسلاح البري، والفرق الإيرانية الانتحارية، وأسلحة الدمار الشامل الكيماوية والبيولوجية، وهذه تمتلكها إيران مثل عدة دول أخرى تملكها في المنطقة.
القصد أن تصريحات ترامب، وإعلانه صراحة أنه لن يتدخل لوقف الحرب، أو للطلب من إسرائيل إيقاف القصف، هو ضوء أخضر أمريكي له حساباته، خصوصًا وأن الحرب الحالية ليس لها أي مبرر شرعي أو أخلاقي، وليس لدولة الاحتلال، إسرائيل أو غيرها، أن تهاجم إيران هكذا لمجرد أنها لا ترضى ولا توافق على برنامجها الصاروخي والنووي؟.. هذا عدوان وهمجية.
ترامب ينتظر على أمل أن تخطئ طهران، ولو باستهداف قارب أمريكي صغير هنا أو هناك، أو مغامرة من إحدى ميليشياتها وكتائبها في العراق أو اليمن في الاقتراب من المصالح الأمريكية أو أي من القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة، أو إحدى السفارات، لتكون هذه حجته أمام الرأي العام الأمريكي، بأنه يتدخل للدفاع عن مصالح أمريكا وأمنها القومي، لأنها ستكون فضيحة مدوية أن تتورط الولايات المتحدة في الحرب وتدخل هكذا بكل قوتها لمجرد التضامن مع نتنياهو!!
أما النقطة الثانية، فإن الأسوأ في الحرب الإيرانية – الإسرائيلية لم يأتِ بعد، وهو ما يمكن تحديده على النحو التالي:
-إيران قوة كبيرة، وحسابات نتنياهو العدوانية بأن مجرد هجوم جوي شامل على معسكراتها ومقراتها الصاروخية والباليستية سيؤخر برامجها ويعيقها، وأنه يمكن فعل ذلك بسرعة والانصراف مرة ثانية إلى تل أبيب وغلق الصفحة، حساب خاطئ تمامًا، وهذه اللحظة انتظرتها إيران منذ زمن طويل، على الأقل لكي يحقق ملالي طهران وعودهم أمام شعب طهران، في النيل من الشيطان الأصغر "إسرائيل"، والنيل من الشيطان الأكبر "الولايات المتحدة"، وفق المفردات الإيرانية.
-الأسوأ لم يأتِ بعد لأن الولايات المتحدة لم تشارك، صحيح أنها تتدخل للمساعدة دفاعيًا عن تل أبيب، وهذا مُعلَن، لكن صواريخها وغواصاتها وحاملات الطائرات والمدمرات الأمريكية لم تشارك، وهذه حكاية لوحدها، لأن لحظة أن تدخل أمريكا الحرب، فإن الصراع سيخرج عن نطاق القصف والقصف المتبادل إلى اجتياح حقيقي وتكسير عظام طهران، ودك مقراتها البرية والباليستية والصاروخية ومفاعلاتها النووية ومقدراتها ومؤسساتها الحكومية والمصرفية وغيرها وغيرها..
-وبدورها لن تسكت إيران، وسيكون في الإمكان التحرك ناحية القواعد الأمريكية الموجودة في قطر وسوريا والعراق وغيرها.
-الأسوأ لم يأتِ بعد لأن حكومة نتنياهو العدوانية لم تقصف مفاعلاً نوويًا إيرانيًا، إنها تقوم بالتعطيل وضرب المنشآت السطحية واغتيال علماء إيران، لكن قصف مفاعلات نووية إيرانية، على غرار فوردو، وبداخله كميات كبيرة من اليورانيوم المُخصّب بالفعل، سيؤدي حتمًا إلى كارثة إشعاعية على غرار تشيرنوبل في روسيا عام 1986، وربما أكبر.
-الأسوأ لم يأتِ بعد لأن إيران، التي استطاعت صواريخها أن تخترق مقلاع داوود والقبة الحديدية وحيتس 1 وحيتس 2، قد تحمل فيما هو قادم، حال دخول الولايات المتحدة الحرب، قذائف كيماوية أو بيولوجية أو حتى أسلحة نووية تكتيكية صغيرة، وساعتها سيكون يوم القيامة في تل أبيب وفي دول جوارها، خصوصًا وأن مساحة إسرائيل لا تزيد عن 22 ألف كيلومتر، وهو رقم ضئيل جدًا مقارنة بمساحة إيران التي تبلغ 75 مرة ضعفها وتصل لنحو مليون و600 ألف كيلو متر مربع.
-صمت دول الخليج، والصمت الإسلامي المريع تجاه استمرار العدوان، سيشجع الاحتلال، وسيشجع ترامب على المضي في الحرب، وكما أوضحنا فالتداعيات لن تقف عند حدود طهران أو حتى إزاحة النظام السياسي الديني الحاكم فيها، وإن كان هذا مستبعدًا في اللحظة
وتحت الحرب والغارات الجوية والقصف.
-المأمول مبادرة عربية إسلامية حقيقية وتحرك مباشر عبر مجلس الأمن وغيره، حتى لا تتدحرج كرة النار وتكبر الحرب وتخرج عن المسار الحالي لها.
وختامًا.. لا أُحبّذ من يزايدون وينتظرون تدخلاً روسيًا أو صينيًا دفاعًا عن إيران، فهذا لن يحدث، وأي دولة لن تُغامر بالوقوف أمام راعي البقر الأمريكي، لا الصين ولا روسيا، وهم يعلمون تمامًا خطورة ذلك، لكن قد نتوقع تكثيف المساعدات العسكرية لطهران خلال الفترة القادمة، وتزويدها بأسلحة روسية أو صينية أكثر تطورًا، وهو ما يصب الزيت على النار، وعلى طريقة ما تفعله الولايات المتحدة في مساعداتها العسكرية المُعلَنة لتل أبيب.
كما أرى أنه ليس اليوم وقت الكلام عن سياسة إيران وعداواتها وأطماعها في الدول العربية، ونحن أكثر المتضررين من ذلك في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة، فهذا ليس وقته الآن، والأهم وقف الحرب وحصر أضرارها، ووضع حد للعدوان الإسرائيلي، وإقرار استراتيجية دفاعية عربية، حان الآن وقتها لضمان التصدي لأي مغامرة إسرائيلية قد تكون لاحقة على مغامرة ضرب إيران نحو أي عاصمة عربية مستقبلًا.