الكونغرس الأمريكي يدعو واشنطن للاستعداد لصراعات متزامنة محتملة مع روسيا والصين
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
دعا الكونغرس الأمريكي الولايات المتحدة لأن تكون مستعدة لصراعات متزامنة محتملة مع روسيا والصين، وتعزيز واشنطن لتحالفاتها وتوسيع برامج تحديث الأسلحة النووية وغير النووية.
ورد هذا الرأي في تقرير نشرته لجنة تابعة للكونغرس الأميركي تناول قضايا المفهوم الاستراتيجي للبلاد يوم الخميس، وتألفت اللجنة من مسؤولين كبار سابقين في وزارة الخارجية والبنتاغون والإدارة الوطنية للأمن النووي التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية.
ويقول مؤلفو التقرير متحدثين عن أوروبا وآسيا: "يجب أن تشمل أهداف الاستراتيجية الأمريكية الردع والهزيمة بشكل فعال لكل من طرفي العدوان التقليدي الروسي والصيني في أوروبا وآسيا. وإذا لم يكن لدى الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها ترسانات تقليدية كافية لتحقيق هذا الهدف، فيجب أن تتغير الاستراتيجية الأمريكية نحو تعزيز دور الأسلحة النووية في ردع أو مواجهة الأعمال العدوانية الانتهازية أو المشتركة في معارضة مسارح العمليات العسكرية".
ووفقا للجنة، فإن "التهديدات [من جانب روسيا والصين] كبيرة بحيث يجب على الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها أن يكونوا مستعدين لردع وهزيمة كلا الخصمين في وقت واحد".
ويعتقد الخبراء أن "برنامج تحديث القوات النووية الحالي ضروري للغاية، رغم أنه غير كاف لمواجهة التهديدات الجديدة الصادرة عن روسيا والصين".
ويشيرون إلى أن "برنامج التحديث الحالي يجب توسيعه لضمان استمرار فعالية الاستراتيجية النووية الأمريكية" بسبب روسيا والصين. وبالتالي، توصي اللجنة البنتاغون "بزيادة بناء السفن المزودة بمحطات الطاقة النووية"، وخاصة الغواصات النووية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن "عددا من أعضاء اللجنة يعتبرون أنه لا مفر من زيادة حجم الترسانة النووية الأميركية وعدد وسائل الإطلاق".
وقالت اللجنة: "يجب أن يأخذ حجم وتكوين القوات النووية في الاعتبار إمكانية القيام بعمل عدواني مشترك من قبل روسيا والصين. ولا ينبغي لاستراتيجية الولايات المتحدة بعد الآن أن تتعامل مع القوات النووية الصينية باعتبارها تهديدا "أقل خطورة".. تحتاج الولايات المتحدة إلى استراتيجية نووية يمكنها ردع كلا البلدين في نفس الوقت".
كما يقترح الخبراء "حل مسألة الحاجة إلى نشر أو إقامة قوات نووية أمريكية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ".
ويعتقد الخبراء أنه "يجب على الولايات المتحدة تطوير ونشر أنظمة دفاع جوي وصاروخي متكاملة قادرة على ردع ومواجهة الهجمات من روسيا والصين، فضلا عن رسم القدرات اللازمة لمواجهة التهديد الكوري الشمالي".
وقال التقرير: "تقدر اللجنة أن الولايات المتحدة يجب أن تدرس إمكانية امتلاك إيران أسلحة نووية بين عامي 2027 و2035"، مشددا أيضا على الحاجة إلى توسيع قدرات الأسلحة التقليدية الأمريكية.
وفي وقت سابق، قال نائب مدير إدارة منع الانتشار والحد من الأسلحة في وزارة الخارجية الروسية، قسطنطين فورونتسوف: "يواصل الغرب رفع المخاطر، ويتأرجح بشكل خطير على شفا صراع عسكري مباشر بين القوى النووية".
وأكد فورونتسوف أن روسيا "تشعر بقلق عميق إزاء التصعيد المحتمل نتيجة تنفيذ الولايات المتحدة لخطة نشر الأسلحة التي كانت محظورة سابقا بموجب معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى التي نددت بها واشنطن".
وشدد الدبلوماسي على أن "من المستحيل استبعاد المزيد من التطورات السلبية حول معاهدة الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، التي تم تعليقها بسبب السياسة التدميرية للولايات المتحدة".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الاسلحة النووية الجيش الأمريكي الجيش الروسي الجيش الصيني العلاقات الروسية الأمريكية الكونغرس الأمريكي بكين موسكو واشنطن الولایات المتحدة روسیا والصین یجب أن
إقرأ أيضاً:
العالم وأمريكا.. ترامب والصين
ترجمة - قاسم مكي
الفترة الرئاسية الثانية لدونالد ترامب تُغَيِّر العالم، ومن المرجَّح جدا أن يدوم النظام الاستبدادي الذي يوجِده هو وأعوانُه في الإدارة والمحكمة العليا. لكن حتى إذا لم يستمر سيكون قد غيَّر العالم وذلك ببساطة لأنه حدث، وما حدث مرة يمكن أن يحدث مرة أخرى.
يجب أن يغير هذا النظرة إلى المستقبل، غير أن المستقبل لن يتقرر بواسطة الولايات المتحدة فقط؛ فالصين أيضا قوة عظمى. إذن ما هو الدور الذي قد تلعبه في هذه الحقبة الجديدة؟
دعونا نبدأ أولا بالولايات المتحدة.. لقد اعتادت الديمقراطيات الأخرى على الاعتقاد بأن أمريكا تشاطرها القيم الجوهرية، لكن من الواضح تماما أن«أمريكا ترامب» لا تفعل ذلك، وترامب نفسه تحركه الضغائن وتقوده الصفقات ومتقلِّب الأهواء. هذا وحده يجعل من الصعب التعامل معه، فسياسته الخارجية بحسب سيليا بيلين الباحثة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الدولية ليست سوى «أجندته الداخلية مُصَدّرة إلى الخارج».
تكتب بيلين «ترامب ومعسكر ماغا (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى)، يستخدمان نفس الأساليب الثلاثة في الداخل وهي الإزالة أو التفكيك والتغيير والإخضاع». في الداخل يسعى ترامب ومعسكره إلى القضاء على «الدولة العميقة» وتحويل أمريكا الليبرالية إلى أمريكا قومية، وفي الخارج يسعيان على نحو مماثل إلى القضاء على التحالفات والتعهدات الأمريكية الأخرى وتحويل الحلفاء إلى أتباع.
هذه الأهداف سيئة لمعظم العالم وحمقاء للولايات المتحدة. يستعرض آدم بوزين رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي الآثار التي تترتب عن ذلك في المستقبل في مقال بمجلة فورين افيرز عن «الجغرافيا الاقتصادية الجديدة». يكتب بوزين أن الولايات المتحدة في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية قدمت تأمينا للبلدان الأخرى ضد كل أنواع المخاطر. لكن التكاليف التي تحملتها لم تكن بدون تعويض. فالبلدان الأخرى استثمرت في الولايات المتحدة وفتحت اقتصاداتها للمستثمرين الأمريكيين وأقرضتها المال بتكلفة رخيصة وجعلت الدولار الأمريكي العملة العالمية وحولت الأسواق المالية للولايات المتحدة إلى مركز للتمويل الدولي. لقد كانت تلك صفقة مفيدة للجانبين.
يشكو ترامب من أن الولايات المتحدة «اسْتُغِلَّت»، لكن الحقيقة هي أن اقتصادها ظل الأكثر ثراء وتقدما تقنيا في العالم خلال حقبة نمو عالمي لا مثيل له. فبين عام 1950 وعام 2020 ارتفع متوسط الناتج المحلي الإجمالي العالمي الحقيقي للفرد بنسبة 360%، لذا من الصعب القول إنها «استُغِلَّت».
للأسف قضى ترامب على هذه الصفقة العظيمة. ونحن نرى في مكانها عددا كبيرا من الصفقات الاستغلالية وغير الموثوقة. فبالإضافة إلى فرض رسوم جمركية ضخمة على بلدان اعتقدت أنها صديقة لأمريكا طالب ترامب باستثمار أموال وفقا لتقديراته الخاصة به. وهو ما شكل ضيقا شديدا لشركائه الأجانب. فهذا محض «بلطجة».
ثمة طريقة أخرى لتصور ما حدث.. في العالم القديم الواثق بالولايات المتحدة كان هنالك اعتماد متبادل، لكن بعض البلدان كانت أكثر اعتمادا عليها من بلدان أخرى، وسمح ذلك بتحويل الاعتماد المتبادل إلى «سلاح».
وكما يجادل كل من هنري فاريل وابراهام نيومان، فعلت الولايات المتحدة ذلك دون قيود. وفي إطار ما اعتُبر علاقة طويلة الأمد ومفيدة ومفضلة للطرفين سُمِح بهذا التسليح وخصوصا استخدام العقوبات وإن كان ذلك على مضض. لكن ترامب يحوِّل الاعتماد المتبادل إلى قبضة خانقة، وهذا شيء مختلف جدا.
إلى ذلك، يمكن للآخرين ممارسة هذه اللعبة أيضا. في الواقع الصين تفعل ذلك. قدَّم اقتصاديان أوروبيان هما مورينو بيرتولدي وماركو بوتي هذه الفكرة بطريقة صارخة في ورقة تدرس الكيفية التي وقَع فيها الاتحاد الأوروبي في كمَّاشة (بين فَكَّي) قوة عظمى ريعية وأخرى استتباعية.
الصين هي هذه القوة العظمى الأخيرة. إنها توجِد تبعية. فهي بإغراقها الأسواق بسلعها تفاقم الاختلالات في تجارة العالم واقتصاده الكلي. واستغلالها لقواعد منظمة التجارة العالمية في دعم الصناعات الوليدة يقوِّض الثقة في النظام التجاري المرتكز على قواعد والذي تزعم أنها تؤيده.
كما أنها بتحويلها المواد النادرة إلى سلاح وتحكّمها في سلسلة توريد الطاقة النظيفة تُضعِف دعمَ السياسات التي تهدف إلى معالجة التغير المناخي خصوصا في الاتحاد الأوروبي. مع ذلك الصين شريك موثوق وعقلاني بقدر أكبر من الولايات المتحدة اليوم. فهي لا تنكر حقائق التغير المناخي.
من المستحيل لباقي العالم تجاهل هاتين القوتين العظميين الاستغلاليتين بما أنهما تنتجان معا 43% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عند أسعار السوق (أو 34% بتعادل القوة الشرائية). لكن من الضروري إيجاد طريقة ما للتحكم في تأثيرهما العالمي.
يجب أن يكون التحوُّط جزءا من الرد. ويلزم أن تكون الولايات المتحدة الضحية الأولى لذلك. فهي إلى حد بعيد تملك التحالفات الأكثر قيمة، لكن النظام الذي يدمر بكل سرور أصولَه الوطنية الرئيسية (جامعاته العظيمة وتفوقه العلمي وانفتاحه على المهاجرين النوابغ وحتى حكم القانون) لن يشعر بالقلق من ذلك.
إلى ذلك، يعتقد ترامب أن الحلفاء يمكن تحويلهم إلى اتباع. وهذا لا يناقض تصرفاتهم. فبريطانيا اختارت أن تكون تابعا. وكان ذلك للمفارقة نتيجةَ بحثِ «البريكْسِت» عمَّا يعزز السيادة الوطنية. لكن لا تبدو اليابان وكوريا الجنوبية ولا حتى بلدان الاتحاد الأوروبي مختلفة عنها إطلاقا، حتى الآن.
نعم من المستبعد أن يستمر هذا، كما آمل. سيبحث الحلفاء السابقون وأيضا البلدان الأخرى عن بدائل. وهذا سيعزز نفوذ الصين. في الواقع دفعت الولايات المتحدة الهند والبرازيل سلفا إلى التقارب مع بكين. وعلى شي جين بينج أن يشكر ترامب على أخطائه الفاضحة التي يرتكبها كل يوم.
في كل الاحتمالات، إذن ستحاول هذه البلدان ضرب إحدى القوتين العظميين بالأخرى، ستتصرف الهند والبرازيل بهذه الطريقة والآخرون كذلك.
التبعية وضرب قوة عظمى بأخرى يتركان خيارا ثالثا. فالعالم الذي ندخل فيه سيكون أكثر فقرا واضطرابا وخطورة من عالمنا قبل تبني الولايات المتحدة شعار «ماغا». وعلى البلدان الأخرى أن تتحلَّى بالجرأة اللازمة لكي تَتَّبِع معا مسارا أكثر استقلالا بما في ذلك في إدارة السلع والخدمات العامة التي يتقاسمها العالم كالصحة والمناخ وحتى الأمن.
هل يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتصدَّر هذا المسار؟ ربما يبدو هذا الآن ضربا من الخيال. لكن أشياء أكثر غرابة حدثت من قبل.
مارتن وولف كبير معلقي الاقتصاد بصحيفة الفاينانشال تايمز.