“بسبب عرقهم”.. تقرير يكشف مقتل نحو 15 ألف شخص بمدينة سودانية واحدة
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
أفاد تقرير للأمم المتحدة اطلعت عليه رويترز، الجمعة، بأن ما بين عشرة آلاف و15 ألف شخص قتلوا في مدينة واحدة في منطقة غرب دارفور بالسودان، العام الماضي، في أعمال عنف عرقية نفذتها قوات الدعم السريع شبه العسكرية والميليشيات العربية المتحالفة معها.
وفي التقرير المقدم إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، عزا مراقبو العقوبات المستقلون التابعون للأمم المتحدة عدد القتلى في الجنينة إلى مصادر مخابراتية وقارنوها، مع تقديرات الأمم المتحدة التي تفيد بأن حوالي 12 ألف شخص قتلوا في جميع أنحاء السودان منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ووصف المراقبون أيضا الاتهامات بأن الإمارات قدمت دعما عسكريا لقوات الدعم السريع “عدة مرات في الأسبوع” عبر أمدجراس في شمال تشاد، بأنها “ذات مصداقية”.
واتهم قائد كبير بالجيش السوداني الإمارات في نوفمبر بدعم المجهود الحربي لقوات الدعم السريع.
وقالت الإمارات في رسالة إلى المراقبين إن 122 رحلة جوية أوصلت مساعدات إنسانية إلى أمدجراس لمساعدة السودانيين الفارين من الحرب.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 500 ألف شخص فروا من السودان إلى شرق تشاد، على بعد مئات الكيلومترات جنوبي أمدجراس.
وكتب المراقبون أن الجنينة شهدت، بين أبريل ويونيو، من العام الماضي “أعمال عنف مكثفة”، واتهموا قوات الدعم السريع وحلفائها باستهداف قبيلة المساليت العرقية الأفريقية في هجمات “قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
ونفت قوات الدعم السريع في السابق هذه الاتهامات، وتصر على نفي أي تجاوزات ارتكبها أفرادها، وقالت إن أي من جنودها الذين يتبين تورطهم سيواجه العدالة.
وفي بيان صدر يوم 13 نوفمبر، حمّل متحدث باسم قوات الدعم السريع الجيش السوداني مسؤولية القتال.
وذكر البيان أن قائد الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو، أمر بإجراء تحقيق فيما جرى، وأنه لن يوفر “الحماية لأي فرد يثبت تورطه في أي انتهاكات لحقوق المدنيين الأبرياء”.
وكان حميدتي، قد أدلى بتصريحات مماثلة من قبل. وبعد أعمال العنف السابقة في الجنينة، قائلا إن قوات الدعم السريع ستحقق في الأمر.
وكتب مراقبو العقوبات في تقريرهم السنوي إلى مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا “تم التخطيط والتنسيق والتنفيذ للهجمات من قبل قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها”.
“طلقة في الرأس”
ورصدت رويترز العام الماضي، أعمال العنف الموجهة على أساس عرقي والتي ارتكبت في غرب دارفور.
وفي مئات المقابلات مع رويترز وصف ناجون مشاهد مروعة لإراقة الدماء في الجنينة وعلى الطريق الذي يبلغ طوله 30 كيلومترا من المدينة إلى الحدود مع تشاد، بينما كان الناس يفرون.
وتضمن تقرير المراقبين روايات مماثلة، وقالوا إنه في الفترة ما بين 14 و17 يونيو، فر حوالي 12 ألف شخص من الجنينة سيرا على الأقدام إلى أدري في تشاد.
وكان المساليت يشكلون الأغلبية في الجنينة إلى أن أجبرتهم الهجمات على النزوح الجماعي.
وقال المراقبون “عند الوصول إلى نقاط التفتيش التابعة لقوات الدعم السريع، تم فصل النساء والرجال، وتعرضوا للمضايقة والتفتيش والسرقة والاعتداء الجسدي.
وأطلقت “قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها النار عشوائيا على سيقان مئات الأشخاص لمنعهم من الفرار”.
وجاء في التقرير “تم استهداف الشباب بشكل خاص واستجوابهم بشأن انتمائهم العرقي. وإذا تبين أنهم من المساليت، يتم إعدام العديد منهم بعد إجراءات موجزة برصاصة في الرأس.
وتعرضت النساء للاعتداء الجسدي والجنسي، كما أدى إطلاق النار العشوائي إلى إصابة وقتل النساء والأطفال”.
وتكلم جميع من تحدث للمراقبين عن “العديد من الجثث على طول الطريق، بينها جثث نساء وأطفال وشبان”.
كما أبلغ المراقبون عن أعمال عنف جنسية “واسعة النطاق” مرتبطة بالنزاع ارتكبتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها.
قوة نيران جديدة
وقال المراقبون، إن سيطرة قوات الدعم السريع على معظم أنحاء دارفور اعتمدت على ثلاثة خطوط دعم هي المجتمعات العربية المتحالفة، والشبكات المالية النشطة والمعقدة، وخطوط الإمداد العسكرية الجديدة التي تمر عبر تشاد وليبيا وجنوب السودان.
ولم ترد بعثات الأمم المتحدة في تشاد وليبيا وجنوب السودان على الفور على طلب للتعليق.
وكتب المراقبون “الشبكات المالية المعقدة التي أنشأتها قوات الدعم السريع قبل وأثناء الحرب مكنتها من الحصول على الأسلحة ودفع الرواتب وتمويل الحملات الإعلامية والضغط وشراء دعم الجماعات السياسية والمسلحة الأخرى”، مضيفين أن قوات الدعم السريع استخدمت عائدات من أعمالها في مجال الذهب قبل الحرب لإنشاء شبكة تضم ما يصل إلى 50 شركة في العديد من القطاعات.
وقال المراقبون إنه منذ بدء الحرب “تم تهريب معظم الذهب الذي كان يصدر في السابق إلى الإمارات العربية المتحدة إلى مصر”.
وخلص التقرير إلى أن قوة النيران الجديدة التي حصلت عليها قوات الدعم السريع “كان لها تأثير هائل على توازن القوى، سواء في دارفور أو مناطق أخرى من السودان”.
وحققت قوات الدعم السريع في الآونة الأخيرة مكاسب عسكرية، إذ سيطرت على ود مدني، إحدى أكبر المدن في السودان، وعززت قبضتها على منطقة غرب دارفور.
وفي ديسمبر، قررت الولايات المتحدة رسميا أن طرفي الصراع في السودان ارتكبا جرائم حرب، وأن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت أيضا جرائم ضد الإنسانية وتطهيرا عرقيا.
وتركت الحرب ما يقرب من نصف سكان السودان البالغ عددهم 49 مليون نسمة في حاجة إلى المساعدة، في حين فر أكثر من 7.5 مليون شخص من منازلهم، مما جعل من السودان أكبر أزمة نزوح على مستوى العالم. كما أن الجوع ينتشر.
وقال مراقبو العقوبات لمجلس الأمن، إن “الإفراط في مسارات الوساطة والمواقف الراسخة للأطراف المتحاربة والمصالح الإقليمية المتنافسة يعني أن جهود السلام هذه لم توقف الحرب بعد أو تحقق تسوية سياسية أو تعالج الأزمة الإنسانية”.
الحرة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع والمیلیشیات المتحالفة معها فی الجنینة ألف شخص
إقرأ أيضاً:
تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك
البلاد (الخرطوم)
مع دخول الحرب السودانية عامها الثالث، تتزايد حدة المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق عدة من البلاد، حيث تحولت ولايات كردفان الثلاث وشمال دارفور والصحراء الممتدة بين الولاية الشمالية وإقليم دارفور إلى أبرز ساحات القتال المفتوحة.
وتصاعدت المواجهات مؤخراً في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان، حيث شهدت معارك عنيفة خلال الأيام الماضية. وأعلن الجيش السوداني، أنه تمكن من صد هجوم كبير شنّته قوات الدعم السريع، وفق ما أكده المتحدث الرسمي باسم الجيش، العميد نبيل عبد الله. في المقابل، ذكرت قوات الدعم السريع أنها تمكنت من السيطرة على اللواء 189 في المنطقة، وأنها باتت قريبة من إحكام سيطرتها على الفرقة 22 التابعة للجيش داخل المدينة.
وفي جنوب كردفان، اتسعت رقعة القتال لتشمل هجمات نفذتها الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، المتحالفة مع قوات الدعم السريع، فقد أعلن الجيش- في وقت سابق- أنه تصدى لهجوم استهدف منطقة “الدشول” يوم الثلاثاء الماضي، غير أن الحركة الشعبية عادت لتؤكد أنها سيطرت على المنطقة الحيوية؛ ما أدى إلى قطع الطريق الاستراتيجي الذي يربط بين مدينتي كادوقلي والدلنج في الولاية.
وفي تطور لافت، أثار الظهور العلني الأخير لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، خلال كلمة ألقاها أمام حشد من جنوده الأحد الماضي، العديد من التساؤلات حول أهداف وتوقيت هذه الخطوة. وخلال خطابه، أطلق حميدتي تهديدات مباشرة بإغلاق خطوط النفط التي تعبر السودان، بما فيها الخطوط التي تنقل نفط دولة جنوب السودان عبر الأراضي السودانية، مشيراً إلى أن قواته تعمل على “تحييد الطائرات المسيرة” التي يعتمد عليها الجيش بشكل كبير.
وأكد حميدتي أن خطط قواته تشمل التوجه نحو الولاية الشمالية وولاية نهر النيل؛ بهدف توسيع نطاق السيطرة على الصحراء الممتدة بين دارفور والولاية الشمالية، لا سيما بعد سيطرة قواته على منطقة “المثلث الحدودية” التي تمثل موقعاً إستراتيجياً في النزاع الدائر.
ومنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، دخل السودان في واحدة من أسوأ أزماته الإنسانية على الإطلاق. فقد أسفرت المواجهات عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 13 مليون شخص ما بين نازحين ولاجئين داخل وخارج البلاد.
وأدت الحرب إلى انهيار واسع في البنية التحتية والخدمات الأساسية، كما تسبب القتال العنيف في انزلاق العديد من المناطق نحو المجاعة، وسط تحذيرات دولية من تفاقم الوضع الإنساني ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي ينهي هذا النزاع الدامي.