الهوس بالأرقام دفع الكثير من الناس إلى تصديق أي معلومة تكون مقرونة برقم أيا كان مصدرها، بل إن المعلومات المقرونة بالأرقام غالبا ما تكون ذات مصداقية أكبر من المعلومات التي لا تحتوي على أرقام أو إحصاءات، وهذا ما شجع كثير من المؤسسات البحثية ومراكز الدراسات إلى انتهاج فلسفة أن «لغة الأرقام لا تكذب» وأن الإحصاءات والأرقام تتحدث عن نفسها بدون الحاجة إلى المزيد من الشرح والتفصيل، فالرقم هو الفيصل في كل المعادلات.
في عصر البيانات الضخمة زادت الحاجة إلى الأرقام والبيانات والمعلومات كمرجعية أساسية للقياس وبناء القرارات في كل مناحي الحياة خصوصا في النواحي التجارية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، وأصبح اتخاذ القرارات مرتبطا ارتباطا وثيقا بالمعلومات والأرقام التي يتم جمعها تلقائيا من الجمهور المستخدم للتقنية من دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر لجمع البيانات والمعلومات، وإنما يتم تجميع تلك الأرقام والبيانات في خوادم ضخمة تقوم بتحليل البيانات بصورة تلقائية قد تصدق في بعض الأحيان وقد تكذب في التحليلات والقرارات التي تبنى على تلك البيانات.
كما تحدثت سلفا عن الهوس في استخدام الأرقام حين بدأت الحكومات والشركات وصناع القرار في بناء قراراتهم بناء على توصيات الأرقام التي تنتجها مراكز البحوث ومعاهد استطلاعات الرأي المختلفة، غير أن هذا الهوس امتد إلى الإنسان العادي الذي أصبح متيما بالأرقام ولغتها ويقيس كل صغيرة وكبيرة في يومه بما تمليه عليه لغة الأرقام، فمثلا يقاس أثر تدوينة إلكترونية بعدد أرقام الإعجاب التي حازت عليها من دون ملاحظة أثرها المرتجى على المجتمع، ويقاس عدد الخطوات والسعرات الحرارية المحروقة للدلالة على المشي مع إغفال أهمية الحركة في حياة الإنسان وعدد الزوار لموقع معين مع إغفال ما يحتوي عليه ذلك الموقع من معلومات وبيانات قد تكون مفيدة أو ضارة للفرد والمجتمع.
الخشية من أن تتسبب الأرقام والبيانات لا سيما التي تتحكم فيها الآلة بدل من البشر في تفاقم أزمة الأرقام المضللة والكاذبة عند اتخاذ القرارات المصيرية التي يترتب عليها حياة كثير من البشر لأن هنالك الكثير من المعايير التي لا يمكن قياسها بالأرقام بل هي بحاجة إلى النظر إليها من كافة الجوانب الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية.
عبدالله الشعيلي رئيس تحرير جريدة «عمان» أوبزيرفر
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
«المالية» تستعرض إجراءات إعداد البيانات المالية
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةنظمت وزارة المالية ملتقى البيانات المالية 2025 في أبوظبي، وذلك في خطوة تعكس التزامها بالارتقاء بمنظومة الإدارة المالية الحكومية وتكريس الشفافية وفق أرقى الممارسات العالمية.
ويهدف الملتقى إلى مناقشة إعداد البيانات المالية للجهات الاتحادية عن السنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2025، مع التركيز على تطبيق المعايير المحاسبية الدولية الحديثة للقطاع العام، وأبرز التحديثات في التعميم المالي، لإعداد البيانات المالية، إلى جانب تعزيز التعاون بين الجهات الاتحادية والمؤسسات الأكاديمية، من خلال مشاركة طلبة من تخصصات المحاسبة والمالية من الجامعات الحكومية والخاصة، وذلك لإطلاعهم على أفضل الممارسات في إعداد البيانات المالية.
حضر الملتقى يونس حاجي الخوري وكيل وزارة المالية، ومريم محمد الأميري، الوكيل المساعد لقطاع الإدارة المالية الحكومية في وزارة المالية، وعدد من الوكلاء المساعدين، والمدراء الماليين والمختصين في المجال المالي من الجهات الاتحادية، إلى جانب مشاركة جهاز الإمارات للمحاسبة، وعدد من طلبة تخصصات المحاسبة والمالية من الجامعات الحكومية والخاصة.
وقالت مريم محمد الأميري: يعكس تنظيم الملتقى رؤية وزارة المالية في بناء بيئة مالية اتحادية تقوم على أسس الحوكمة والشفافية وتواكب أفضل الممارسات الدولية، وتأتي مناقشة المستجدات المحاسبية والتحديثات المالية انسجاماً مع توجهات الدولة نحو تعزيز الكفاءة المالية وتحقيق أعلى مستويات الدقة في التقارير، بما يسهم في ترسيخ مكانة الإمارات كنموذج عالمي رائد في الإدارة المالية الحكومية.
وأضافت: إشراك خريجي تخصّصات المحاسبة والمالية من الجامعات الحكومية والخاصة في الدولة في هذا الملتقى يجسّد إيماننا بأهمية الاستثمار في العنصر البشري، وتمكين الكفاءات الوطنية من الاطلاع على أفضل التجارب والممارسات العملية. ويشكّل ذلك جسراً حيوياً بين التعليم الأكاديمي والتطبيق العملي، بما يدعم تطوير الكوادر المؤهلة لقيادة مستقبل القطاع المالي الحكومي والخاص.
وتابعت: وزارة المالية ماضية في جهودها لتبني أفضل الممارسات العالمية في الإدارة المالية الحكومية، وبناء القدرات المالية والمحاسبية من خلال طرح برامج تدريبية متخصّصة لضمان استدامة واستمرارية التعليم والتطوير.
وشهد الملتقى جلسات حوارية وتفاعلية تم تصميمها لتغطي مختلف الجوانب المرتبطة بإعداد البيانات المالية، حيث بدأ بجلسة «بودكاست» افتتاحية مع مريم الأميري، في نقاش معمّق حول تطور المالية العامة في الحكومة الاتحادية بما يشمل التحول المحاسبي والرقمي والتطوير المستمر للأنظمة المالية الاتحادية بما يضمن دقة إعداد البيانات المالية.
وأعقب ذلك جلسة متخصصة لنقل المعرفة، تناولت بالتحليل المعايير المحاسبية الدولية الجديدة (IPSAS 41,42,43 و44) التي تُطبق خلال العام الجاري، حيث ركزت على متطلبات الالتزام بتلك المعايير، والانعكاسات المباشرة لها على إعداد التقارير المالية الاتحادية. كما تم خلال الجلسة استعراض تجارب عملية ونماذج تطبيقية حول أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.
كما تضمّنت فعاليات الملتقى، عرضاً تفصيلياً للتعميم المالي رقم (5) لسنة 2025 بشأن تعليمات إعداد مشروع الحساب الختامي للجهات الاتحادية (البيانات المالية)، كما جرى خلال الملتقى إطلاع طلبة الجامعات على إجراءات إعداد البيانات المالية وفقاً لأفضل الممارسات.