الذكاء الاصطناعي يرسم خرائط باطن الأرض.. تقنية توفر المليارات
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
كثفت شركة "إكسوديغو" Exodigo التي تستخدم الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار، خطواتها لإنجاح مشروعها الرامي لرسم خرائط تحت الأرض، لاستخدامها بواسطة شركات الطاقة والمرافق والنقل والبناء في العالم، بحسب "بلومبيرغ".
ومن شأن الخرائط التي تُرسم تحت الأرض، المساعدة في جعل عملية الحفر التي تنفذها كبريات الشركات في العالم، أكثر كفاءة، وأقل تكلفة، وفق الشركة.
وتقول الشركة إنها، تستخدم أجهزة استشعار لمسح باطن الأرض، وتوظف الذكاء الاصطناعي لجعل البيانات قابلة للاستخدام. وتشير إلى أن خرائطها تساعد على تقليل أعمال الحفر والتنقيب الأولية بنسبة تصل إلى 90%.
وتشير شركة "إكسوديغو" إلى أن "الشركات تنفق أكثر من 100 مليار دولار سنويا على عمليات التنقيب والحفر الاستكشافي، وتقول إن "مشروع الخرائط تحت الأرض سيساعد في تجنبها، كما يقلل الإضرار بالبيئة".
وأعلنت الشركة، الثلاثاء، أنها أغلقت جولة تمويل بقيمة 105 ملايين دولار، بعد مشاركة مستثمرين جدد بها.
وأشارت الشركة الناشئة، التي تأسست في يونيو 2021، إلى أنها مكاتبها الرئيسية في تل أبيب وكاليفورنيا ستستخدم رأس المال لتطوير منتجاتها، وبناء فريقها، والتوسع عالميا.
ويوجد أكثر من 20 مليون ميل من خطوط الأنابيب والكابلات والأسلاك المدفونة في الولايات المتحدة وحدها. وتتكبد الشركات تكاليف تزيد على 30 مليار دولار سنويا، بسبب الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية، وفقا للمجموعة التجارية.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "إكسوديغو"، غيريمي سوارد، البالغ من العمر 32 عاما، إن "هناك مشروعات ضخمة تستغرق ما بين 20 إلى 30 عاما، وتبلغ قيمتها مليارات الدولارات، قيد التنفيذ في كل جزء من العالم، لكنها تعاني من جراء التأخير والميزانيات".
وتأسست الشركة بمجهود من سوارد، والمؤسس المشارك إيدو غونين بعد تقاعده من الجيش الإسرائيلي. ويعمل لديها 120 موظفا، أكثر من 90 منهم في تل أبيب، والبقية في الولايات المتحدة.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
حقوق النشر.. معركة مستعرة بين عمالقة الذكاء الاصطناعي والمبدعين
خلال عطلة نهاية الأسبوع الثانية من الشهر الماضي، أقال الرئيس دونالد ترامب مديرة مكتب حقوق النشر، وذلك بعد يوم واحد فقط من صدور تقرير للمكتب بعنوان: «حقوق النشر والذكاء الاصطناعي – الجزء الثالث: الذكاء الاصطناعي التوليدي».
فقد اعتبر هذا التقرير بمثابة إعلان حرب من قبل «أباطرة التقنية» الذين أنفقوا مبالغ طائلة لدعم وصول ترامب إلى السلطة، وجرى التشكيك في صلاحية استخدام مبدأ «الاستخدام العادل»، وهو السند القانوني الذي تستخدمه شركات مثل «أوبن إيه آي» و«ميتا» وغيرهما لتبرير حقها غير المقيد في «جمع» البيانات من الإنترنت لأغراض تدريب نماذجها. وتصدرت قضية حماية حقوق النشر واجهة التحديات الكبرى التي فرضتها الطفرة السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، لتتحول إلى ساحة صراع محتدم داخل أروقة البرلمان البريطاني، في أعقاب مشاورات حكومية موسعة. ويتركز الخلاف بشكل خاص بين الحكومة التي تهيمن على مجلس العموم، ومجلس اللوردات الذي يتبنى موقفاً مغايراً.
وفي هذا السياق، وجهت البارونة بيبان كيدرون، التي تتزعم حملة الدفاع عن أصحاب حقوق النشر، انتقادات لاذعة للموقف الحكومي قائلة: «تفضل الحكومة التنازل عن حقوق ملكية من اكتسبوها بجهدهم مقابل وعود فضفاضة بالنمو الاقتصادي للأمة، غير أنها تعجز عن تحديد المستفيدين من هذا النمو المزعوم أو حجمه الفعلي. والأمر الوحيد المؤكد لدى جميع الأطراف – الحكومة والمعارضة وشركات الذكاء الاصطناعي، بل وحتى أصحاب الحقوق أنفسهم – هو أن الصناعات الإبداعية لن تكون ضمن المستفيدين من هذه المعادلة».
وعليه، إذا رغبت شركات التكنولوجيا في استثمار إبداعات الآخرين، فيتعين عليها دفع المقابل العادل، وهذا ما يفسر اعتراف الدول المتقدمة بحقوق النشر وتبنيها آليات لحمايتها. وتطرح الملكية الفكرية بشكل عام وحقوق النشر على وجه الخصوص إشكاليات معقدة، يأتي في مقدمتها مسألة المدة الزمنية المناسبة لهذه الحماية، فبموجب القانون البريطاني تتمتع المصنفات الإبداعية من كتب وموسيقى وأفلام بحماية تمتد لـ 70 عاماً بعد وفاة مبدعيها، وهي فترة وإن بدت اعتباطية، إلا أنها تمثل إطاراً قانونياً ملزماً لا جدال فيه.
وتبرز إشكالية أخرى تتعلق بآليات إنفاذ هذه الحقوق، حيث تؤكد البارونة كيدرون أن من حق المبدعين معرفة متى يتم استخدام ممتلكاتهم الفكرية، خصوصاً أن عمليات انتهاك حقوق النشر باتت تتم اليوم بصورة مجهولة الهوية، مما يحول دون قدرة أصحاب الحقوق على حمايتها. وبذلك يغدو محور القضية الرئيسية هو الشفافية.
وتدعي حكومة كير ستارمر انفتاحها على مختلف الخيارات، بل إنها لم تستبعد خيار «انهب ما تشاء». ويمكن تفسير هذا الموقف باعتبارات عدة، منها تجنب إثارة غضب الإدارة الأمريكية – الحليف المشكوك في ولائه أصلاً – بفرض متطلبات الشفافية، نظراً لهيمنة شركات التكنولوجيا على القرار السياسي هناك، أو ربما اعتقاداً بأن العوائد الاقتصادية من مغازلة صناعة الذكاء الاصطناعي ستفوق الأضرار التي ستلحق بالصناعات الإبداعية المحلية، أو حتى تشككاً في إمكانية تطبيق متطلبات الشفافية على أرض الواقع.
ورغم وجاهة هذه التبريرات، إلا أن هناك اعتبارات موازية لا يمكن تجاهلها، فوفقاً لتقديرات الحكومة نفسها، «ساهمت الصناعات الإبداعية بنحو 126 مليار جنيه استرليني كقيمة مضافة للاقتصاد (أي ما يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي) ووفرت 2.4 مليون فرصة عمل في عام 2022». ومن غير المعلوم حتى الآن ما إذا كانت القيمة المضافة لصناعة الذكاء الاصطناعي ستصل يوماً إلى هذا الحجم في المملكة المتحدة.
يضاف إلى ذلك أن الصناعات الإبداعية تمثل جوهر التميز البريطاني، بل وذروة الإنجاز الإنساني، مما يجعل فكرة التنازل عن مخرجاتها مجاناً أمراً مستهجناً ومرفوضاً. وقد تجاوزنا حتماً مرحلة منح هذه الصناعة «حسن الظن»، فشعارها المعلن «تحرك بسرعة وحطم القواعد» تمت ترجمته حرفياً على أرض الواقع، حيث دمرت بالفعل الكثير، بما في ذلك، على الأرجح، الصحة النفسية لكثير من الشباب، ناهيك عما اختبرته شخصياً عندما استخدمت تقنية «التزييف العميق» لاستنساخ هويتي، مما أدى إلى فقدان السيطرة على انتشار عمليات الاحتيال المالي.
ومن المفارقات التاريخية المثيرة أن الولايات المتحدة نفسها لم تعترف بحقوق النشر الدولية في تشريعاتها المحلية طوال معظم فترات القرن التاسع عشر، الأمر الذي دفع الكاتب البريطاني الشهير أنتوني ترولوب للاحتجاج بشدة على سرقة حقوق نشر مؤلفاته، حيث كتب قائلاً: «يدعون بلا خجل أو مواربة بأنهم يستمتعون بالاستيلاء على ممتلكات الآخرين، وأنهم سيواصلون فعل ذلك طالما يمكنهم الإفلات من العقاب، غير أن هذه الحجة، وفقاً لتقديري، لا تصدر عن عامة الناس، بل عن وحوش، وعن أولئك السياسيين الذين نجحت هذه الوحوش في ربطهم بمصالحها التجارية». وقد تغيرت طبيعة هذه الوحوش اليوم، لكن الدافع ظل هو ذاته.
وتصر البارونة كيدرون على وجود فرصة حقيقية لبناء علاقة صحية ومثمرة بين عمالقة التكنولوجيا والصناعات الإبداعية، لكنها تستدرك قائلة: «هذا الزواج القسري، بشروط تشبه العبودية، ليس هو الإطار المنشود لتلك العلاقة» – وهو رأي أتفق معه تماماً.
صحيفة البيان
إنضم لقناة النيلين على واتساب