الموت يفجع الديوان الملكي السعودي
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
اعلن الديوان الملكي السعودي اليوم وفاة الأمير منصور بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود.
حيث صدر البيان التالي :
صدر عن الديوان الملكي اليوم البيان التالي :
"بيان من الديوان الملكي "
انتقل إلى رحمة الله تعالى صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود ، وسيصلى عليه - إن شاء الله - اليوم السبت الموافق 18 / 10 / 1445 هـ بعد صلاة العصر في جامع الإمام تركي بن عبدالله في مدينة الرياض.
تغمده الله بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه وأسكنه فسيح جناته ، إنا لله وإنا إليه راجعون
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
من ميدان معارك حرب الكرامة يكتب: إلى الأمير عبد القادر منعم منصور
من ميدان معارك حرب الكرامة يكتب :
إلى الأمير عبد القادر منعم منصور ..
في القرن السابع عشر حدث أن كان جدنا الشيخ أب علي ود أُمحُمد الإديغم زعيم قبيلة الشكرية، في إحدى جولاته بأطراف البطانة، فوجد قوما مكتوفي الأيدي وفي حالٍ لا تسر ، فقد كانوا أسرى لدى عصابة ما ، فأشار لأحد الشباب وكان إبن زعيم في قومه ، فسأله : إت ود منو ؟؟ فرد الشاب : أنا ود أب جوادا صاهل .. وقدحاً ساهل .. ومراحاً باهل .. وديوانا ماهل .. لكن وقْعَتـْنا فَسْلة ..
فقال له الزعيم أب علي : ماك مشهاد فَسِل .. لكن فِسْلت الأيام ..
ومع أن بين سائل اليوم وسائل الأمس بُعد المشرقين، لكن حال أسير اليوم هو هو حال أسير الأمس، فكلاهما يعاني فسالة الأيام، ومن فسالة الأيام أن يكون الزعيم الأمير ابن الأمير ابن الأمير أسيرا بيد الساقطين من كتب التاريخ، والتاريخ هنا هو الذي كتبه آل منعم منصور ضمن ما كتبه شرفاء السودانيين على مر العهود، وقد كتب آل منصور بأيديهم فعلا مشرفاً وبأفواههم قولاً خالداً ، مثلوا أهلهم خير تمثيل وقادوهم بالرشد وجميل المعاشرة، سادوهم بالحكمة وكريم المباشرة، تقدموهم بحسن الخلق ووافر العدل وبديع الأدب ولين الجانب ..
وبالأمس القريب عندما هبط المحتلين الأنذال بمدينة رفاعة عاصمة الشكرية التاريخية أستحضر الناظر علي محمد أحمد أبوسن سيرة جده ال :
يوم ضربة كرن والناس حفايا يرحو
ثابتين هو وتواوا حالفين شبر ما يزحوا
فأقسم أن لا يبارحها إلا بعز النصر أو نصر الشهادة، فكان عز النصر بأن تحررت رفاعة بأبنائها، وأستقبل ود حلمي القائد البرهان بهتافه الشهير (الرجال يصنعون المواقف) وأستقبل جموع قبيلته بهتاف (أبشروا)، فلم يُحدّث أحدا عن كيف تعايش في أسره الجبري مع أمراضه المزمنة وسوء الحال في المدينة التي صارت مدينة أشباح، ولا عن إبن أخيه الذي قُـتل أمام ناظريه، ولا عن إستفزاز الأوباش اليومي له طوال شهور الأسر البغيضة ، ترك كل ذلك وراء ظهره وأقبل عليهم أشد عزيمة وإصراراً على أن ما عليه هؤلاء هو الباطل وأن الوطن هو الحق الذي لا يُعلى عليه ..
هذه هي أخلاق الزعماء وأبناء الزعماء ، والأمير عبد القادر الذي يستعرض صوره مرافيد الأرض وقوم الشتات اليوم هو من الجبال التي لا تهزها المحن ولا يختبرها بؤس الأيام وفسالها ، فهؤلاء يعلمون تمام العلم أن إن هي إلا ميتة واحدة والطموح أن تكون ميتة شرف وعز وكرامة، فالتاريخ يكتب اليوم، فالرجل الشريف يحمي شخصيته والرجل الوضيع يحمي وضعيته ، ولا أكثر وضاعة ممن ارتمى في حضن الغازي ومن رضخ خوفا وطمعا ومن باع جبناً وإرتعاداً وفرقاً .
والتاريخ يحكي أن من بيوت دار حمر الثلاث الكبيرة أنطلق الوعي والوطنية وعمت بشائر الإنتاج والتنمية، وقد مثلت قبائل العساكرة والدقاقيم والغريسية وبقية بطون الحمر واسطة خير وأمن وسلام بين مجتمعات إقليم كردفان، فهي مواطن الإكرام ، موفورة القيم، عميقة الجذور، ومن جذورها الراسخة ذلك الأمير المُمَثل بشخصيته وهو محاطٌ بالمرض وتقدم السن، الأمير عبد القادر منعم منصور الذي تولى نظارة عموم دار حمر في العام ١٩٨٥ خلفا لأخيه منصور منعم منصور والذي ورث النظارة عن أبيه منعم منصور الذي ولد بمدينة أب زبد وعين ناظرا لعموم دار حمر في العام ١٩٢٦ وقد أشتهر الناظر منعم منصور بالزهد والحزم والعدل فقد كان حافظا للقرآن وبني مسجدا من حر ماله بمدينة النهود في العام ١٩٤٥، وقد سلك الناظر منعم منصور طريق آبائه من لدن الشيخ إسماعيل قراض القش والشيخ إبراهيم بك المليح والشيخ منعم ود الشيخ سالم تريشو العسكري، ويعد الشيخ سالم تريشو الأب الروحي لقبيلة الحمر والذي جاء بأهله من العساكرة والدقاقيم لمنطقة كردفان وذهب للبحث عن مصادر المياه وتوفي بالقرب من المزروب وخلفه إبنه منعم على القبيلة ..
وقبيلة الحمر التي تنتسب للشيخ محمد الأحمر تعد من أكبر القبائل التي سكنت إقليم كردفان، ولها صلات طيبة وجوار آمن مع شركائها في الأرض والدم من قبائل الكبابيش والشنابلة ودار حامد والمجانين وبني جرار وغيرهم ، وعلى طول امتداد الدار من مدينة الخوى الى غبيش ومن ود بندة الى أم لبانة، بما فيها النهود، عيال بخيت، صقع الجمل وغيرها، كلها لا صوت يعلو فيها على صوت الحكمة والعقل، ولا كبير فيها على منعم منصور وآله، حتى في هذا (الزمن الفَسِل) زمن صعود اللقطاء، ويظل اسم منعم منصور من الأسماء التي لا يدانيها أحد في الوطنية والولاء، فهو إسم شامخ لا يصرعه باطل الدجال ولا ترهبه خيله الملتاثة ولا تفزعه صيحات جند الكِراية والمحلسة .
فالأمير عبد القادر الذي فاز لخمس مرات في انتخابات البرلمان القومي يعرف قومه جيدا ويخبر معدنهم ويعرف أنهم إن خرجوا اليوم من دارهم فهم عائدون لا محالة عن قريب، وأن الدار وإن غاب عنها بنيها فهي حرة بهم بلا شك ولا ريب، فبعض معالم الدار تمثل لقبيلة الحمر الكثير، فهم يستمدون شموخهم من جبال حيدوب والنهيدات، وأم رقتي، وجبال كاجا، والعفاريت، ولكل منهم ذكرٌ وذكرى فيها وفي كل زاوية من الدار لديهم قبرُ عظيمٍ أو أثرُ شريف، وبين كل تبلدية وأخرى يسترجعون ذكريات الآباء والأجداد، فأرضهم المعطاء التي ينمو في قيزانها الغبيش والصميمة والهبيل والدروت ، وفي جُرّابتها الهشاب والكداد والبابنوس، والحميض، وفي قردودها الدخن والذرة وغيرها، والتي ظلوا ينعمون فيها مئات السنين ما بين قوز وجُرّابة وقردود، تحيطهم بخيرها وثمرها الوفير ويحيطونها بالحماية والرعاية والإنتماء الأصيل، فكل آريت وكل قرية وكل مشيخة في دار حمر يربطها وثاق المَحَنّة وآصرة القربى والمصير المشترك، ولذا فلن تكون النهود ولا مدن الدار لقمة سائغة للإحتلال الغاشم ..
الوالد الأمير ..
إن حال مواطني النهود من أهل الدار اليوم يشبه تماما حال الهمباتي تيراب حين قال :
هانونا النجوس حرمونا قول لي بتول
الله يحرمن كان حرمونا من دار منعم المنصور
ولا أشد مضاضة من فراق الدار ورؤية زعيمها أسيرا بيد هؤلاء النجوس، لكنها أيامٌ يأخذ فيها الباطل (عرضته)، وهو حال الدنيا الذي عبر عنه شعراء البطانة بقولهم :
يوم فارشين بطاطين والعجاج مالينا
ويوم واقفين تصويرة لأم خداد تعاين فينا
وقولهم :
يوماً غبش ويوم مسوحنا الفتنة
ويوم سايقين قران سدر القضارف بِتنا
البينة بترد وبنخاصم الباهتنا
نتستر على عروضنا ونقضي وكِتنا
وأيام الباطل ثقيلة ثقل أهله، وفيها تكون المحن الجسام على قدر تحمل المبتلين وطاقتهم، ولأن بقدر المحبة يكون الإبتلاء فإن الرازحون اليوم في قيد الإبتلاء هم الموطؤون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون، هم الراعون لعيال الله، الباذلين الخير والمحبة، (فراجين كربة الضايق) الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الناس والسعي في قضاء حاجاتهم ..
الوالد الأمير ..
سيتحدث التاريخ غدا عن ماذا قلت ل(فلنقايات) اللقطاء من خونة الدار، ومن الذين باعوا ما لا يباع، ومن أهدروا شرف الدار وتاجروا بتاريخها وخانوا أمانتها ، وسيشيع الناس باللعنات من كان سببا في سقوط عاصمة الدار، ومن فرط في ذلك التاريخ الوضئ، وسيأتي جيل من أهل الدار وشبابها شعارهم : من مات مات على هدى ومن عاش عاش على ثبات، وستكون الدار حرة على أيديهم وسَيُدَك باطل المليشيا وينهار صنمها ويتبدد سرابها الذي حسبه الراجفون ماء، والعاقبة للمتقين ..
حفظ الله الوالد الأمير رمز الشموخ والكرامة والعزة، وحفظ الدار وأهلها، وأبرم لبلادنا أمر رشد تُعز فيه قواتنا المسلحة وأنصارها ومسانديها ، ويُذَل فيه خنازير المليشيا وسدنتها وجناحها السياسي الخائن ..
يوسف عمارة أبوسن
4 مايو 2025