بعد عقود من الحظر.. الهند تسمح باستيراد رواية ”آيات شيطانية“ للكاتب سلمان رشدي
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
رفعت الهند الحظر المفروض منذ عقود في البلاد على رواية ”آيات شيطانية“ لسلمان رشدي، بعد مرور أكثر من عامين على عملية الطعن التي استهدفت المؤلف وكادت أن تودي بحياته.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، أغلقت محكمة في نيودلهي إجراءات النظر في التماس قُدم قبل خمس سنوات للطعن في قرار الحكومة آنذاك بحظر استيراد الرواية، والتي أثارت غضب المسلمين في جميع أنحاء العالم بسبب ما يزعم أنه تجديف، بعد أيام فقط من نشرها عام 1988.
في حكم صدر يوم الثلاثاء، وفقًا لوكالة أنباء "برس تراست أوف إنديا" الإخبارية، قالت هيئة المحكمة برئاسة القاضية ريخا بالي إن السلطات فشلت في تقديم إخطار الحظر. وخلص القضاة إلى أنه ”ليس لدينا خيار آخر سوى افتراض عدم وجود مثل هذا الإخطار".
كان مقدم الالتماس، سانديبان خان، قد جادل بأنه لم يتمكن من شراء الكتاب بسبب الإخطار الصادر عن المجلس المركزي للضرائب غير المباشرة والجمارك في 5 تشرين الأول/ أكتوبر 1988، والذي يحظر استيراده إلى الهند، مضيفًا أنه لم يتمكن من تحديد موقع الإخطار.
وقال محامي خان، أوديام موخيرجي، إن حكم المحكمة يعني أنه حتى الآن، لا يوجد ما يمنع أي شخص من استيراد الرواية إلى الهند. وأضاف: ”لا أعرف اذا كان سيتم بيعها في المكتبات. هذا يعتمد على الناشرين أو البائعين“.
وأصدرت دار نشر بنجوين راندوم هاوس الأمريكية بيانًا يوم الجمعة وصفت فيه الحكم بأنه ”تطور جديد مهم“، مضيفة أنها ”تفكر في الخطوات التالية“.
Relatedسلمان رشدي ينشر أولى رواياته منذ تعرضه لهجوم السكين عام 2022شاهد: سلمان رشدي يظهر علناً في نيويورك لأول مرة منذ تعرضه للاعتداءبسبب نشر مذكرات سلمان رشدي.. تأجيل محاكمة المتهم بطعنهإلى جانب الحظر في بلده الأم، أثار كتاب ”آيات شيطانية“ فتوى للإمام الخميني تدعو إلى قتل رشدي، مما أجبر المؤلف على الاختباء في عام 1989. ثم استأنف حياته الطبيعية تدريجيًا، خاصة بعد أن أعلن المسؤولون الإيرانيون في عام 1998 أن الحكومة لا تخطط لتطبيقها.
وفي عام 2022، تعرض للطعن على خشبة المسرح من قبل شاب خلال مهرجان أدبي في غرب نيويورك. نجا رشدي من الهجوم، الذي أصابه بالعمى في إحدى عينيه، وكتب عنه في مذكراته ”السكين“، التي وصلت إلى المرحلة النهائية هذا العام لجائزة الكتاب الوطني.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية سلمان رشدي ينشر أولى رواياته منذ تعرضه لهجوم السكين عام 2022 بسبب نشر مذكرات سلمان رشدي.. تأجيل محاكمة المتهم بطعنه شاهد: سلمان رشدي يظهر علناً في نيويورك لأول مرة منذ تعرضه للاعتداء إيران سلمان رشدي كتب اغتيال الهندالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 دونالد ترامب قطاع غزة فيضانات سيول ضحايا قصف الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 دونالد ترامب قطاع غزة فيضانات سيول ضحايا قصف إيران سلمان رشدي كتب اغتيال الهند الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 دونالد ترامب قطاع غزة فيضانات سيول ضحايا قصف إسرائيل روسيا الحرب في أوكرانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فولوديمير زيلينسكي كوارث طبيعية یعرض الآن Next سلمان رشدی منذ تعرضه
إقرأ أيضاً:
رواية أحلام القعيد سليم للفلسطيني نافز الرفاعي: الخلاص ممكن رمزا وواقعا
انسجم صعود القعيد إلى أعلى الشجرة خطوة خطوة إلى الأعلى مع تقنية البنية الروائية، بما يشمل الأحداث وبناء الشخصيات والتي بذر بذور ملامحها في بداية الرواية، وتابع ذلك بشكل متدرج، حيث يسرد في كل فصل-خطوة صعود، ما يبني به الأحداث والشخصيات ومآلاتها.
كما انسجمت تقنيات السرد مع تقنيات قام بتركيبها (سرير متحرك) لتساعده في الصعود، متابعا ذلك بالاعتماد على ساعديه؛ فقد جعل الروائي هنا تذكارات القعيد سليم، أكانت ألما أو أملا، رافعة، بل محفزة له للصعود، موحيا بدلالة القفز من خلال استعادة القرد الكسلان.
إنه إذن ليس طموح اعتلاء القعيد لشجرة عالية واقعيا، وإن كان ذلك لافتا للنظر، بل هو تتويج لرحلته في الحياة منذ أصيب في حادثة بناء البيت وصار قعيدا، لكن ذلك لا يمنع من التفكير بإيحاءات صعود وطن وشعب.
من فضاء مكاني ميثولوجي آخر، شكّلت "شجرة الجميز" في واحة أريحا مسرح الرواية، في حين تم استدعاء ماضي "سليم" وأسرته، قبل قعوده، وما بعد ذلك، وصولا إلى حادثة تسلق الشجرة التاريخية الكبيرة، في فانتازيا ممكنة الوقوع، بدافع الصعود الرمزي والخلاص الفردي والعام، وصولا إلى تعميق التساؤل الذي واكب الرواية من البداية: أكان لا بد للقعيد سليم تسلق الشجرة؟ ربما من المهم هنا التعرف على شجرة الجميز، والتي كان من الممكن أن تكون كباقي الجميزات في أريحا، لولا أن ارتقى عليها العشار زكا، لمناداة السيد المسيح، بسبب قصر قامته.
فكرة الصعود: لعلّ تسلق شجرة الجميزة يعني الأمل، وإن كان التسلق بحدّ ذاته مؤلما. لذلك فإن تأمل الجميزة وزكا ضرورة لفهم سياق المكان الرمزي التاريخي والواقعي.
وفي هذا السياق يأتي ذكر مؤسسة "جميما" التي تساعد سليم بالذهاب إلى أريحا، حيث يصبح لحديث مروان عن الإنسان العالمي بعدا وجوديا.
ولعل إيراد حكاية المشي على الماء صفحة 99 التي ذكرت عن عظة رجل الدين لشخص عاديّ، حيث يفاجأ رجل الدين بهذا الشخص يلحقه ماشيا على الماء، باتجاه قاربه، ليقول له: "اذهب وصلّ كما كنت دائما".
والشيء بالشيء يذكر، وأعني بذلك تفكير "سليم" باعتلاء "بلوطة إبراهيم" في مدينة الخليل، وهي شجرة بلوط قديمة جدًا في الخليل يعتقد أنها عمرها حوالي 5000 عام، وهي مرتبطة بسيدنا إبراهيم عليه السلام، جبل الجلدة. والشجرة معروفة أيضًا باسم "بلوطة ممرا" أو "بلوطة سيبتا"، وتشير التقاليد إلى أنها كانت مكانًا لنصب خيم سيدنا إبراهيم وقابَل فيه الملائكة الذين بشروه بولادة إسحاق. لكن الذي غيّر رأيه هو أن شجرة الجميز أكثر نعومة.
الحدث: هي رحلة القعيد سليم، وما استطاع إنجازه في الحياة رغم إعاقته، بما يتضمن الإنجاز العملي والاعتماد على النفس لدعم نفسه وعائلته، والإنجاز الرمزي -الواقعي، المتمثل بصعود شجرة ترتفع عشرين مترا.
نحن إزاء شخصيات ركّز عليها الكاتب: سليم، وهو الشخصية الرئيسية، وعواطف، وأمل وسامي، والأب، وشروق، والفوضوي، وإن كان ظهور سليم وعواطف هو الأكثر.
يبدأ سليم حياته ككل الأطفال، تضطره الحياة لمساعدة والده في مهنة البناء، لكن يكون لعدم الدقة في تقوية السقف المصبوب بالباطون أثر في سقوطه على الفتى، الذي يسلم من الموت، لكنه يصاب بشلل ما في الرجلين. (ولعل هنا رمزية ما تتعلق بالبناء). يظهر سليم قارئا، وطموحا لا يستسلم لإصابته، فتراه يعمل كخطاط مبدع، وتراه لا يكتفي بالبقاء في غرفة، بل يصعد إلى سطح البيت، كذلك يبادر إلى ركوب الخيل ليكون فارسا. يطور من وسائل حركته، ثم بسبب حاجة الأسرة للدخل، يفتتح دكانا، حيث يكون قد خطط لحركته داخل الدكان.
أما عواطف التي سماها بالعائدة، والتي استعاد من خلالها زمنا سابقا لما كان بينهما، وما كان من زمن قبل إصابته، حيث يعاني هو ما عانى من حرية الحركة الجسدية، في حين تستلب إرادتها، ويتم تزويجها من دون اختيارها.
وهي التي يختارها لتسهيل وصوله من بيت لحم إلى أريحا لصعود شجرة "الجميز". وهي التي ظهرت داعمة له، ولعلّ جرها لسريره الخاص به (كمعوق جسديا) له معنى داعم. وهي التي ارتبط بها من قبل، لكنها سافرت، ثم عادت لاستئناف الارتباط رغم ما حدث له من إعاقة.
وكان لعواطف العائدة، أثر في استعادته لقصة الحب أيام المدرسة، وقد وفق الكاتب في التعبير الأدبي عنها، من خلال التعرضّ لرسائل الحب، لكن مصير عواطف يتحدد في مرحلة بأهلها حين زوجوها لشخص قام بخداعها في رحلة الاغتراب، فتصاب بآلام تدفعها على الهرب من تلك البلاد البعيدة لتعود إلى الوطن وليتهمها زوجها بالسرقة.
يستعيدان معا سليم وعواطف العلاقة من جديد بجدية الارتباط.
أما أخته أمل، فيكون داعمها، اختار لها مصيرا آخر، حين زوجه أخواته. تلتحق بمعهد المعلمات وتصير معلمة تعلم الكفيفات. تكمل أمل بتشجيع أخيها سليم تعليمها الجامعي، حيث تظهر المستويات الاجتماعية، ويكون لاندماجها الثقافي أثر في اندماجها في مجتمع الجامعة المتعدد.
تظهر في محيط شخصية أمل شخصية شروق. أما الأخ سامي، فيؤدي سوء الأحوال إلى انهياره وذهابه إلى مستشفى الأمراض العصبية. ولعل إيراد الكاتب على لسان أحدهم "بأن المجانين أكثر عقلا" محاولة للإيحاء بأثر التحولات الصادمة في المجتمع، وكان يمكن تقبّل ذلك لو تم التعمق بها.
أما الأب الذي يرتبط ظهوره بعدم الجدية، فلعله الشخصية التي احتاجت من الكاتب استكمال بناء شخصيته، في الوقت الذي أضاف الكاتب شيئا يخص بتعددية مشاعر الابن تجاه أبيه، ما بين الاستنكار والشكوى والحنان.
أما حكاية اليساري وزوجته وتبني المولودة لظروف حماية الأمّ، فيمكن أن نعدّها قصة داخل النص العام، ولكن سنتكلف في البحث عن علاقتها بالبناء العام.
الشكل والمضمون: وعودة إلى تقنية السرد، فمن أمثلة السرد المتدرج، سرده عن تصوير شخصية سليم، في فصول متعددة: 3، 7، 9، 10... ما يذكرنا بروايته الثانية "امرأة عائدة من الموت" التي صدرت عام 2011. وهذا ينطبق على باقي الشخصيات خاصة شخصية عواطف. ومن المفيد التذكير بأن سلك سلوك السرد من خلال سرد الآن ثم استدعاء الماضي.
استخدم الكاتب ضمير المتكلم السارد، وزاوج في الفقرة الواحدة، بل في العبارة الواحدة ما بين ضميري المتكلم والغائب، أحداث حيوية سردية، محاولة لحضور الأصوات المتعددة، التي لم تحضر فعلا.
نختتم مقالنا بأن اختيار الشكل الفني للرواية، كان استجابة لمضمون الإرادة التي تتقدم دوما إلى الأمام (والأعلى)، حيث تتداعى الذكريات للصاعد، فيتذكر ما كان من أحداث لتصير وقودا يدفعه للاستمرار بالفعل، وهنا فإن اختيار تقنية السرد لاءمت المضمون النفسي للقعيد سليم، الذي خرج سالما من كل هذه العواصف محققا خلاصه الرمزي لخلاص شعبه من خلال تأمل خلاص الشخصيات داخل الرواية، خصوصا خلاص عواطف النفسي والاجتماعي.
*صدرت الرواية عن مكتبة كل شيء في حيفا 2025، ووقعت في 150 صفحة من القطع المتوسط.