بعد عقدين من الغياب.. العمامة تعود إلى المشهد الأفغاني
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
كابُل- يزدهر عمل الأفغاني عزيز الله خان، وهو صاحب محل لبيع العمائم، بعد سنين من الكساد. ويقول "خلال عقدين ماضيين تراجع سوق العمامة بصورة ملموسة، وكنت عندما أعرضها تبقى في المحل لمدة تصل إلى عام ولا يتم بيعها، حتى اضطررت إلى التوقف عن التجارة بها".
بمجرد أن وصلت طالبان إلى السلطة انتعش سوق العمامة من جديد، حيث زادت نسبة بيع هذه القلنسوة أو غطاء الرأس الخاص بالرجال في أفغانستان بنسبة 50% مقارنة بالماضي وفقا لتجار الأقمشة والملابس، إضافة إلى زيادة بيع الحجاب الأفغاني أو ما يعرف محليا بـ"الشادور"، بعد عودة طالبان إلى السلطة صيف 2021.
يقول أصحاب المحال في العاصمة كابُل إن هناك إقبالا كبيرا على نوعين من العمامة، تحمل إحداهما اسم وزير الداخلية الأفغاني بالوكالة سراج الدين حقاني، والأخرى اسم وزير الدفاع الملا محمد يعقوب نجل مؤسس حركة طالبان الملا محمد عمر، ويتم تسويقهما تحت اسم عمامة "حقاني" وعمامة "مجاهد".
ويتحدث التجار عن إقبال كبير على هذين النوعين بين عناصر طالبان وعامة الشعب، حيث أصبحت العمائم السوداء أكثر شيوعا مقارنة بالألوان الرمادية والبيضاء، حسب أصحاب المحال.
تعد العمامة جزءا أساسيا من زي زعماء القبائل والشيوخ، ويرتديها الشباب في المناسبات الخاصة من الأعياد وحفلات الزفاف والخطبة في جميع أنحاء أفغانستان، وتتميز كل ولاية أو منطقة بشكل العمامة ولونها.
والعمامة الأفغانية عبارة عن قطعة قماش عرضها متر واحد، ويصل طولها من 3 إلى 6 أمتار حسب طريقة ربطها أو لبسها، ويتم لفها بطريقة خاصة تختلف من منطقة إلى أخرى. وكل عرقية في البلاد لها عمامة خاصة تتميز بها عن غيرها من العرقيات.
يقول المؤرخ الأفغاني حبيب الله رفيع للجزيرة نت "إضافة إلى الصبغة الدينية للعمامة، يرجع تاريخها في الثقافة الأفغانية إلى أكثر من 5 قرون، وقد أشار إليها الشعراء الكلاسيكيون مثل خوشال ختك في قصائدهم، وكان يعتبر العمامة ضربا من الوجاهة، حيث يلبسها الزعماء والشيوخ".
وتغيرت حياة سكان المدن الأفغانية في العديد من الجوانب، وأصبحت العمامة مرة أخرى من أكثر السلع مبيعا في السوق رغم تراجعها خلال العقدين الماضيين. ويحافظ الأفغان حتى الآن على عادة تقديم العمامة هدية للضيوف ووجهاء القبائل في مناسبات مختلفة.
وبعد انتشار البنطال والبدلة على حساب الملابس الأفغانية التقليدية، أثّر وصول طالبان إلى السلطة في شكل الملابس، وتمكنت العمامة من فرض نفسها من جديد.
يقول عبد البصير معصوم، وهو صاحب محل لبيع العمائم وسط العاصمة كابل، للجزيرة نت "بعض الشباب في كابل مهتمون أكثر بالعمامة، لكنهم لا يعرفون كيفية ربطها، وهؤلاء لم يفكروا بارتدائها قبل وصول طالبان للسلطة".
ما يلفت النظر، أنه مع استخدام العمامة في أفغانستان منذ قرون، فإنها تستورد من باكستان والصين، ولا توجد مصانع إنتاج للعمائم في أفغانستان، وهناك شركات إنتاج صينية وباكستانية تنتج العمامة للسوق الأفغاني فقط لأن العمامة الأفغانية لا تستخدم خارج أفغانستان.
ويضيف معصوم الذي يعمل منذ 13 عاما في بيع العمامة "أستوردها من السند والبنجاب في باكستان، وهناك نوع خاص يصنع في الصين، نستورده فقط لعرضه في قندهار جنوبي أفغانستان، وأسعار العمامة تتراوح حسب النوعية والجودة".
ويقول تاجر العمائم محمد جان للجزيرة نت "أقوم كل سنة مرتين على الأقل باستيراد العمامة من باكستان ولدي نحو 8 الآلاف عميل على مدار السنة، وعندي 15 نوعا من العمائم، وتتراوح أسعارها من 20 إلى 100 دولار".
ووفقا لمحمد جان، فإن نوعا واحدا من العمائم التي ترتديها قبيلة "كتواز" في ولاية "بكتيكا" جنوب شرقي أفغانستان، يكلف نحو 200 دولار، وتتميز بلونها الأصفر وتُصنع من الحرير الخالص، ويلبسها زعماء القبيلة فقط.
العمامة في السياسة
تتميز كل عرقية في أفغانستان بملابسها الخاصة وتُعرف بها. وفي العقود الأخيرة وأثناء الحروب الأهلية دخلت القبعة الأفغانية أيضا أو ما تسمى محليا بـ "بَكُول" إلى ميدان السياسة، وأصبحت مع العمامة رمزا للساسة الأفغان، حيث اقترنت العمامة بقادة طالبان والقلنسوة التي تصنع من جلد الخروف بالرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي و"بكول" بالقائد الأفغاني السابق أحمد شاه.
يقول الكاتب الأفغاني عبدالجليل باركزاي للجزيرة نت "تمارس العمامة والقلنسوة القندهارية السياسة، وسوقها رائج لأن الناس على دين ملوكهم، وانتهى زمن "بكول" التي نافست العمامة لمدة عقدين ماضيين، وتغلبت العمامة عليها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی أفغانستان للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
قافلة الصمود تعود إلى تونس بعد إحباط محاولتها الوصول لغزة
أعلنت قافلة الصمود البرية لكسر الحصار عن قطاع غزة اليوم الأربعاء بدء مغادرتها ليبيا والعودة إلى تونس بعد إطلاق سراح آخر شخص من أعضاء القافلة الذين تم توقيفهم من قبل سلطات شرق ليبيا.
وقال متحدث القافلة نبيل الشنوفي في اتصال هاتفي مع الأناضول إنهم في طريق العودة من مدينة زليتن الليبية إلى تونس بعد إفراج سلطات شرق ليبيا عن آخر الموقوفين من المشاركين في القافلة.
وأمس الثلاثاء، شددت القافلة في بيان على أنها لن ترجع من ليبيا إلى تونس إلا مع عودة كل الموقوفين من ناشطي القافلة، لافتة إلى أن سلطات شرق ليبيا كانت تحتجز 3 ليبيين لديها.
وأكد الشنوفي أن الليبيين الثلاثة أطلق سراحهم فجر اليوم، وسبق أن أشار مسؤولو القافلة في تصريحات سابقة إلى أن مغادرتهم ليبيا مشروطة بعودة جميع الموقوفين، وقالوا آنذاك إن هذا ما أبلغوا به جميع وسطاء التفاوض، دون إيضاحات.
وقال محمد خفشة -وهو أحد المشاركين بالقافلة- في تصريحات للجزيرة نت إنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى غزة بسبب ما وصفه بالتخاذل، لكنه أكد أن الجميع متفائل بتحقيق بعض الأهداف المرحلية ومتحمس لتنظيم قافلة جديدة بعد الخبرة المكتسبة والزخم الذي حظيت به قافلة الصمود.
وأعلن منظمو القافلة مساء الخميس الماضي أن قوات ليبية أوقفت سيرها عند مدخل سرت بانتظار موافقة بنغازي على المرور.
لكن صباح الأحد الماضي أفادت بأنها قررت العودة إلى آخر نقطة آمنة في مصراتة، للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين الذين أوقفتهم سلطات شرق ليبيا.
ومساء يوم الجمعة الماضي أوقفت وزارة الداخلية في الحكومة المكلفة من البرلمان بالشرق الليبي عددا من المشاركين في القافلة، وذلك على خلفية عدم حملهم جوازات سفر سارية أو أي أوراق ثبوتية، على حد قولها.
إعلانومن تونس، عبرت القافلة إلى ليبيا ووصلت حتى مدينة سرت (450 كلم شرق العاصمة طرابلس)، لكنها تراجعت إلى مدينة مصراتة إثر رفض حكومة الشرق الليبي مرورها نحو معبر مساعد الحدودي.
ومن هذا المعبر كانت القافلة -التي تضم أكثر من 1500 ناشط- تأمل دخول مصر من معبر السلوم والتوجه نحو معبر رفح البري الحدودي مع قطاع غزة، احتجاجا على الحصار وحرب الإبادة الإسرائيلية.
وكانت هذه القافلة تضم قرابة 20 حافلة وزهاء 350 سيارة ضمن تحرك شعبي تضامني لدعم نحو 2.2 مليون فلسطيني محاصرين في غزة.
ومنذ سنوات تتصارع في ليبيا حكومتان، إحداهما معترف بها من الأمم المتحدة وهي حكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس (غرب)، والأخرى كلفها مجلس النواب ومقرها مدينة بنغازي (شرق).
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وتفاقمت أزمة القطاع الإنسانية منذ أن أغلقت إسرائيل المعابر في الثاني من مارس/آذار الماضي، مانعة إدخال الغذاء والدواء والمساعدات والوقود، في حين يصعّد جيشها الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق سكان القطاع.
وخلّفت حرب الإبادة بدعم أميركي نحو 185 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم أطفال.