النائب الرسولي في سورية يطلق كلمة من اجل السلام العالمي
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
اطلق المطران حنا جلوف النائب الرسولي في سورية كلمة من أجل السلام العالمي حملت شعار إضاءة على رسالة البابا فرنسيس في "الذكاء الاصطناعي والسلام" قال خلالها: إن تطور التكنولوجيا اليوم إذا ما أدت إلى تحسين نوعية الحياة البشرية جمعاء، بل تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة والصراعات لا يمكن اعتبارها أبدًا تقدمًا حقيقيًا.
يقول قداسته: إن الكتاب المقدس يؤكد على أن الله قد أعطى البشر روحه لكي تكون لهم "مهارة وفهم ومعرفة بجميع االصَّنائع" والذكاء هو تعبير عن الكرامة التي أعطانا إياها الخالق الذي خلقنا على صورته ومثاله، وجعلنا قادرين على أن نجيب على محبته بالحرية والمعرفة. إن العلم والتكنولوجيا يظهران بصورة خاصة هذه الميزة الأساسية العلائقية للذكاء البشري: أنهما منتجان أساسيان استثنائيان لقدرته الابداعية. والمجمع الفاتيكاني الثاني أعاد التأكيد على هذه الحقيقة وأعلن أن الإنسان قد سعى دائمًا لتطوير حياته بعمله وذكائه عندما يجتهد البشر بمساعدة التكنولوجيا، لكي تصبح الأرض مسكنًا يليق بالعائلة البشرية كلها، هم يعملون حسب تدبير الله ويتعاونون مع مشيئة لكي يتمموا الخلق وينشروا السلام بين الشعوب.
كذلك وبقدر مساهمتها في تحسين نظام المجتمع البشري، وفي زيادة الحرية والشركة الأخوية يؤدي العلم والتنكولوجيا إلى تحسين الإنسان وتحويل العالم يقول قداسته: نحن نفرح ونشعر بالامتنان لإنجازات العلم والتكنولوجيا الرائعة والتي بفضلها وُجِدَ علاج لعدد لا يحصى من الشرور التي كانت تصيب البشرية وتسبب آلامًا كبيرة.
في الوقت ذاته يضع التقدم التكنولوجي والعلمي، بين يدي الإنسان مجموعة واسعة من الامكانيات والتي قد تمثل بعضها خطرًا على بقاء الإنسان على قيد الحياة لذلك من الضروري أن نطرح على أنفسنا بعض الأسئلة الملحة. ماهي العواقب للتكولوجيات الرقمية الجديدة؟ وماذا سيكون تأثيرها على حياة الأفراد والمجتمعات وعلى الاستقرار الدولي والسلام؟
اليوم الأدوات الرقمية الجديدة تغير وجه الاتصالات والادارة العامة والتعليم والاستهلاك والعلاقات بين الاشخاص. ويمكن للتقنيات التي تستخدم أن تسمح بالتحكم على عادات الاشخاص العقلية والعلائقية لأغراض تجارية أو سياسية وتحدُّ من ممارستهم الواعية لحرية الاختيار. وهذا الأمر ينطبق أيضًا على أشكال الذكاء الاصطناعي؛ التي لا يوجد لها حتى الآن تعريف موحد في عالم التكنولوجيا والعلم. ولا يمكننا أن نفترض بداهة أن تطوّره سيقدّم مساهمة مفيدة لمستقبل البشرية وللسلام بين الشعوب.
إن التطورات التكنولوجية التي لا تؤدي إلى تحسين نوعية حياة البشرية جمعاء لا يمكن اعتبارها أبدًا تقدمًا حقيقيًا. فعلينا أن ننتبه للتحولات السريعة القائمة وأن نديرها بطريقة تصون حقوق الإنسان الأساسية وتحترم المؤسسات والقوانين التي تعزز التنمية البشرية المتكاملة. وعلى الذكاء الاصطناعي أن يكون في خدمة أفضل الامكانات البشرية لا أن يتنافس معها.
إن الذكاء الاصطناعي القائم، بأشكاله المتعددة بدأ يُدخِلَ تغييرات ملحوظة في نسيج المجتمعات ويُمارس تأثيرًا عميقًا على الثقافات والتصرفات الاجتماعية وبناء السلام. إن قدرة بعض الاجهزة على انتاج نصوص متماسكة ومتناسقة ليس ضمانًا لكي نثق بها. إنها تستطيع أن تُبهر" أي أن تخلق عبارات تبدو للوهلة الأولى معقولة. ولكنها في الواقع لا اساس لها من الصحة أو تشير إلى تحيزات. وهذا الأمر يطرح مشكلة خطيرة عندما يستخدم الذكاء الاصطناعي في حملات التضليل التي تنشر أخبارًا مزيفة وتؤدي إلى عدم ثقة متزايد إزاء وسائل الاعلام. كذلك تشكل السرّية وحيازة البيانات والملكية الفكرية مجالات أخرى تشكل فيها هذه التكنولوجيات مخاطر جسيمة يضاف إليها المزيد من العواقب السلبية المرتبطة باستخدامها بصورة غير سليمة، مثل التمييز والتدخل في العمليات الانتخابية وانتشار مجتمعات تراقب الاشخاص وتتحكم بهم.
إن عالمنا واسع جدًا أو متنوع ومعقد لكي نعرفه معرفة كاملة ونصنفه. وبالتالي فإن العقل البشري لن يتمكن أبدًا من أن يُسنفذ غناه ولا يمكننا التنبوء بكل شيء، كما لا يمكننا أيضًا أن نحسب كل شيء، لأن الواقع في النهاية، هو أسمى من الفكرة، ومهما كانت قدرتنا الحسابية هائلة سيكون هناك دائمًا بقايا يتعذر الوصول إليها وتفلت من أي محاولة للقياس. كذلك فإن كمية البيانات الكبيرة التي يملكها الذكاء الاصطناعي لا تشكل بحدّ ذاتها ضمانة للحيادية وهي تخاطر دائمًا بتشويهها وتعيد تكرار أشكال الظلم والأحكام المسبقة في البيئات التي تنشأ فيها. يمكن للآلات الذكية أن تؤدي المهام الموكلة اليها بكفاءة كبيرة، ولكن الإنسان الذي يملك عالمه الخاص من القيم هو الذي سيستمر في تحديد وتفعيل الهدف والمعنى لعملياتها.
إن استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب يشكل سببًا خطيرًا للقلق الاخلاقي فلا يمكن لأنظمة الاسلحة المستقلة أن تكون أبدًا بأيدي أشخاص مسؤولين أخلاقيًا: ولا يمكن اختزال هذه القدرة إلى برمجة آله ما. الآلة تبقى آلة على الرغم من كونها ذكية ولهذا السبب من الضروري أن نضمن رقابة بشرية ملائمة ومعنوية ومتماسكة لأنظمة الأسلحة. لا يمكننا أن نتجاهل حتى إمكانية وقوع أسلحة متطورة في الأيدي الخاطئة. إن العالم لا يحتاج إلى تقنيات جديدة تساهم في التطوير غير العادل لسوق الأسلحة وتجارتها ولكن يحتاج إلى قلب الإنسان الذي يمهد دروب السلام.
ومن منظور أكثر إيجابية، إذا استخدم الذكاء الاصطناعي لتعزيز التنمية البشرية المتكاملة، فسيتمكن من أن يدخل ابتكارات مهمة في الزراعة والتعليم والثقافة وتحسين مستوى معيشة أمم وشعوب بأكملها ونمو الأخوة الإنسانية والصداقة الاجتماعية.
إن تطوير تكنولوجيا تحترم وتخدم الكرامة البشرية له أثار واضحة على المؤسسات التربوية وعالم الثقافة لذا يجب تعزيزها بالفكر النقدي والقدرة على التمييز.
قداسة البابا يحث المجتمع الدولي على العمل معًا من أجل تَبَنيّ معاهدة دولية ملزمة تنظم تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي بأشكاله المتعددة. لا ينبغي أن يكون الهدف من التنظم هو منع الممارسات السيئة فحسب بل ينبغي أن يكون أيضًا تشجيع الممارسات الجيدة وتحفيز الأساليب الجديدة والإبداعية وتسهيل المبادرات الشخصية والجماعية. ومن الضروري تحديد القيم البشرية التي يجب أن تكون أساس التزام المجتمعات في صياغة واعتماد وتطبيق الأطر التشريعية اللازمة.
وختم رسالته بالصلاة لهذا العام الجديد بألا يزيد التطور السريع لأشكال الذكاء الاجتماعي بعدم المساواة والظلم الكثيرة الموجودة في العالم بل أن يساهم في وضع حد للحروب والصراعات والألم التي تعاني منها العائلة البشرية لن يعيش العالم بالتضامن والعدل والسلام.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی لا یمکننا لا یمکن
إقرأ أيضاً:
دراسة.. أدوات الذكاء الاصطناعي توحد أساليب الكتابة
صراحة نيوز ـ أظهرت دراسة جديدة أن استخدام أدوات الكتابة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي قد يُؤدي إلى توحيد أنماط الكتابة عالميًا دون قصد، مما يدفع المستخدمين من الثقافات غير الغربية إلى تبنّي أسلوب كتابي أقرب إلى الأمريكي. ففي دراسة قارنت بين مستخدمين من الهند والولايات المتحدة، تبين أن اقتراحات الذكاء الاصطناعي غالبًا ما تروّج لمواضيع وأنماط كتابة غربية، مما يؤدي إلى تهميش التعبيرات الثقافية الهندية.
وقد اضطر المستخدمون الهنود إلى إجراء تعديلات كثيرة في النصوص التي قدمتها أدوات الذكاء الاصطناعي؛ مما قلّل الفائدة الإنتاجية المرجوة. ودعا الباحثون مطوري تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى إعطاء أولوية للحساسية الثقافية للحفاظ على تنوع أساليب الكتابة عالميًا.
تفاصيل الدراسة
كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة كورنيل (Cornell University) أن أدوات الكتابة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي قد تكون غير فعالة بالنسبة لمليارات المستخدمين في العديد من بلدان العالم؛ لأنها تكتب بطريقة موحدة تجعلهم يبدون كأنهم أمريكيون.
وأظهرت الدراسة أنه عند استخدام الهنود والأمريكيين لمساعد كتابة بالذكاء الاصطناعي، أصبح أسلوب كتابتهم أكثر تشابهًا، لكن هذا التشابه جاء على حساب الأسلوب الهندي الخاص.
ومع أن المساعد ساعد كلا المجموعتين في الكتابة بنحو أسرع من قبل، فإن المستخدمين الهنود تحسنت إنتاجيتهم بنحو أقل بسبب اضطرارهم المتكرر إلى تصحيح الاقتراحات التي قدمها الذكاء الاصطناعي.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، الأستاذ المساعد في علوم المعلومات Aditya Vashistha: “هذه من أولى الدراسات – إن لم تكن الأولى – التي تُظهر أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة يمكن أن يؤدي إلى تنميط ثقافي وتوحيد لغوي”.
وأضاف: “يبدأ الناس بالكتابة بالطريقة نفسها عند استخدام هذه الأدوات، وهذا ليس ما نريده، فمن أجمل الأمور في هذا العالم التنوع الثقافي الذي نملكه”.
إن أدوات مثل ChatGPT وغيرها من أدوات الذكاء الاصطناعي التي تعمل بنماذج لغوية ضخمة، تطورها شركات تقنية أمريكية، لكنها تُستخدم على نطاق عالمي واسع، إذ يستخدمها نحو 85% من سكان العالم الذين يعيشون في دول الجنوب العالمي.
ولمعرفة تأثير هذه الأدوات في الثقافات غير الغربية، اختار الباحثون 118 مشاركًا نصفهم من الهند والنصف الآخر من الولايات المتحدة، وطلبوا منهم الكتابة حول مواضيع ثقافية.
أنجز المشاركون نصف المهام الكتابية دون مساعدة، ولإكمال النصف الآخر من المهام استخدموا مساعد كتابة بالذكاء الاصطناعي يقدم اقتراحات لإكمال النص بنحو تلقائي. وتتبع الباحثون ضغطات المفاتيح ورصدوا قبول أو رفض كل اقتراح.
أظهرت مقارنة عينات الكتابة أن المستخدمين الهنود كانوا أكثر ميلًا لقبول الاقتراحات التي قدمها مساعد الذكاء الاصطناعي، فقد احتفظوا بنسبة 25% من الاقتراحات مقارنة بنسبة 19% فقط من الأمريكيين. ومع ذلك، كان الهنود أكثر عرضة لتعديل الاقتراحات لتناسب الموضوع وأسلوبهم الخاص في الكتابة؛ مما قلل من فاعلية تلك الاقتراحات.
فعلى سبيل المثال: عند الكتابة عن الطعام أو العطلة المفضلة، كان الذكاء الاصطناعي يقترح دومًا خيارات متعلقة بالثقافة الأمريكية مثل: “البيتزا” وعطلة “عيد الميلاد”. وعندما حاول أحد المشاركين الهنود كتابة اسم “Shah Rukh Khan”، وهو اسم ممثل هندي الشهير، واقتصر على كتابة الحرف “S”، كان الذكاء الاصطناعي يقترح أسماء لمشاهير من أمريكا مثل “Shaquille O’Neil” أو “Scarlett Johansson”.
وقال “Dhruv Agarwal“، أحد مؤلفي الدراسة: “عندما يستخدم الهنود اقتراحات الذكاء الاصطناعي، يبدأون بتقليد أساليب الكتابة الأمريكية إلى درجة أنهم يصفون مهرجاناتهم وأطعمتهم وتقاليدهم الثقافية من منظور غربي”.
ويرى الباحثون أن هذه الحاجة المستمرة من المستخدمين الهنود لمقاومة الاقتراحات الغربية دليل على ما وصفوه بـ “الاستعمار الرقمي” للذكاء الاصطناعي. فبطمس الثقافة الهندية وقيمها، يعرض الذكاء الاصطناعي الثقافة الغربية على أنها متفوقة؛ مما قد يؤثر في ما يكتبه الناس، وفي طريقة تفكيرهم أيضًا.
وأضاف “Dhruv Agarwal“: “مع أن هذه التقنيات تُضيف قيمة كبيرة إلى حياة الناس، فإن نجاحها في الأسواق العالمية، يتطلب من شركات التكنولوجيا أن تركز في الجوانب الثقافية، وليس الجوانب اللغوية فقط”.